تعد جمهورية السالفادور أصغر دول أميركا الوسطى مساحةً، إلا أنها أكثرها اكتظاظاً بالسكان. إذ في حين لا تزيد مساحتها عن الـ21 ألف كلم مربع إلا قليلاً، يقدر تعداد سكانها بنحو 6.5 ملايين نسمة.
تحيط بهذه الجمهورية، التي يعني اسمها باللغة الإسبانية جمهورية «المخلّص» (أي المسيح)، من الشمال الغربي غواتيمالا، ومن الشمال الشرقي هندوراس، وتطل جنوباً على المحيط الهادي، ومن ثم فهي الدولة الوحيدة في أميركا الوسطى التي لا شاطئ لها على المحيط الأطلسي.
عاصمة الجمهورية مدينة سان سالفادور، وهي في الوقت ذاته كبرى مدنها من حيث عدد السكان. وبما يخصّ التركيبة السكانية، فإن الخلاسيين، أي المتحدرين من أصول مشتركة بين السكان الأصليين (الهنود الحمر) والوافدين الجدد، ومعظمهم من المستعمرين الإسبان، يشكلون غالبية ساحقة تربو على 86 في المائة من مجموع السكان، يليهم البيض (وجلّهم من الأوروبيين) بأكثر بقليل من 12.5 في المائة، وبعدهم السكان الأصليون بـ0.23 في المائة، ثم الأفارقة السود بـ0.13 في المائة.أما بالنسبة للثروات الطبيعية والموارد الاقتصادية، فإن السالفادور تعتمد اليوم بصورة كبيرة على قطاع الخدمات الذي يغطي أكثر من 64 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، يليه القطاع الصناعي بنحو 24.7 في المائة، في حين لا يشكل القطاع الزراعي إلا نحو 11 في المائة. تجدر الإشارة إلى أن الزلازل والاضطرابات المدنية والسياسية أسهمت في تعطيل العافية الاقتصادية للبلاد. أما عن أهم المنتجات الزراعية للبلاد تاريخياً فكانت نبتة النيلة، يليها البن، وحالياً من صادراتها الزراعية الأبرز البن وقصب السكر.
- رحلة مع التاريخ
عبر القرون سكن أرض السالفادور أقوام من شعوب أميركا الوسطى الأصليين من أبرزهم الكوزكاتليك واللينكا والمايا. وفي مطلع القرن الميلادي الـ16 احتلت إسبانيا هذه البلاد وما حولها في أميركا الوسطى وجزر البحر الكاريبي، وبالتالي ضمت أراضيها إلى كيان «إسبانيا الجديدة»، وكانت تُحكَم من مدينة مكسيكو سيتي (عاصمة المكسيك الحالية)، مع العلم أن الكيان المكسيكي الواقع - مثل «إسبانيا الجديدة» - تحت سلطة نيابة ملك ما كان له أي دور فعلي مؤثر في تسيير شؤون باقي كيانات أميركا الوسطى التي أضحت مستعمرات بحلول عام 1524.
بعد ذلك، تحديداً عام 1609 أصبحت أرض السالفادور ومحيطها تعرف بـ«قبطانية غواتيمالا» حتى استقلال هذه الكيان عن التاج الإسباني عام 1821، وعندها صارت السالفادور الحالية جزءاً من «الإمبراطورية المكسيكية الأولى». ولم تلبث عام 1823 أن انفصلت لتغدو جزءاً من «جمهورية أميركا الوسطى الفيدرالية». غير أن هذه الجمهورية حُلّت في عام 1841، ونتيجة حلّها أبصرت دولة السالفادور النور، مع أنها دخلت لفترة في اتحاد لم يعمّر طويلاً (1895 - 1898) مع جارتيها هندوراس ونيكاراغوا حمل اسم «جمهورية أميركا الوسطى العظمى».
- القرن الـ19 والـ20
شهدت السالفادور بين أواخر القرن الـ19 ومنتصف القرن الـ20 أزمات واضطرابات اقتصادية وسياسية وأمنية هزت استقرارها. كذلك أدت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية السيئة إلى تزايد الاحتقان الشعبي، ومعه الراديكالية يساراً ويميناً. وهذا ما وفر تربة خصبة لاندلاع حرب أهلية استمرت بين 1979 و1992، طرفاها السلطات العسكرية اليمينية المدعومة من الولايات المتحدة وتحالف ثوري يساري تدعمه كوبا. وانتهت تلك الحرب بتوقيع «اتفاق سلام شابولتيبيك» في المكسيك يوم 16 يناير (كانون الثاني) 1992، ويومذاك مثل الحكومة الرئيس ألفريدو كريستياني، ومثل الثوار الذين كانت تمثلهم «جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني» خمسة قادة بينهم القائد اليساري التاريخي شفيق حنظل وحليفه سالفادور سانشيز سيرين، الرئيس الحالي الذي سيسلم الحكم للرئيس الجديد نجيب أبو كيلة في يونيو (حزيران) المقبل.