مسؤولون فلسطينيون يثمنون المنحة السعودية بـ 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة

مستشار رئيس الحكومة يؤكد أن المعونة هي الأكثر والأسرع من بين الدول.. والسفير باسم الآغا: المملكة أولتنا الاهتمام من كافة النواحي

جندي مصري على نقطة حراسة على الحدود المصرية الفلسطينية وتبدو مظاهر الدمار في رفح (أ.ف.ب)
جندي مصري على نقطة حراسة على الحدود المصرية الفلسطينية وتبدو مظاهر الدمار في رفح (أ.ف.ب)
TT

مسؤولون فلسطينيون يثمنون المنحة السعودية بـ 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة

جندي مصري على نقطة حراسة على الحدود المصرية الفلسطينية وتبدو مظاهر الدمار في رفح (أ.ف.ب)
جندي مصري على نقطة حراسة على الحدود المصرية الفلسطينية وتبدو مظاهر الدمار في رفح (أ.ف.ب)

أكد باسم الآغا السفير الفلسطيني لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تعد القضية الفلسطينية هي قضيتها الأولى، وتوليها جل اهتمامها من كل النواحي اللوجيستية والمعنوية والمادية، والتي كان آخرها ما أعلنه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، أول من أمس بدعم إعادة إعمار قطاع غزة بنحو 500 مليون دولار.
وأضاف الآغا، أن مواقف المملكة ثابتة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز «رحمه الله» وسار أبناؤه على هذا النهج، في عدم المساومة بحق الفلسطينيين، في كل المواقف، وهو ما أكده الأمير سعود الفيصل في كلمته أمام وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، من تعبير حقيقي لمشاعر خادم الحرمين والشعب السعودي النبيل، والشعب العربي والمخلصين في كل أرجاء العالم.
وكان الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، قال في كلمة خلال اجتماع اللجنة التنفيذية الاستثنائي الموسع على مستوى وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد برئاسته في جدة أول من أمس «إن الصندوق السعودي للتنمية مستمر في تخصيص التزام المملكة ببرنامج إعادة الإعمار في قطاع غزة، وسيجري العمل بالتنسيق مع المانحين الآخرين لتمويل إعادة إعمار المنشآت والمساكن المتضررة جراء العدوان الغاشم بمبلغ 500 مليون دولار».
وأشار الفيصل إلى أنه قد صدرت أخيرا توجيهات خادم الحرمين الشريفين بتخصيص مبلغ 300 مليون ريال سعودي لوزارة الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر الفلسطيني، لمواجهة أعباء الخدمات الإسعافية ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، «وهي الآن في مرحلة الإنجاز، حيث جرى إيصال ما يمكن إيصاله من أدوية ومستلزمات طبية، وجار العمل على استكمال ما تبقى».
وقال السفير الفلسطيني، إن عملية إعمار قطاع غزة يمر بمراحل من خلال المانحين الذين يقومون بدراسة الوضع والأولويات وتحديد المبالغ اللازمة في بناء المنازل والبنية التحتية، والدعم السعودي سيساعد كثيرا المانحين في تحديد الأولويات، موضحا أن الدعم المقدم لوزارة الصحة هو 100 مليون ريال، وذلك لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية وتعويض النقص جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما تبلغ قيمة الدعم للهلال الأحمر 200 مليون ريال، الذي فقد الكثير من المركبات المجهزة والتي كانت تقوم بدور حيوي في نقل المصابين.
ولفت الآغا، إلى أن المملكة تفي بالتزامتها شهريا وفي المواعيد المحددة بكل احترام وأخلاق دون منة ولا أذى، ومن ذلك مساهمتها الشهرية في دعم ميزانية السلطة الفلسطينية، والتي تحول في مواعدها دون تأخر، وهذا دليل على أن مواقف المملكة ثابتة حيال القضية الفلسطينية، وهي مسجلة في ذاكرة كل فلسطيني.
واستشهد السفير الفلسطيني على الدعم الدائم من قبل الحكومة السعودية، بواقعة محاول تعطيل إرسال فريق من قبل مجلس حقوق الإنسان إلى غزة في 2009 للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية، وذلك بسبب انتظار المجلس للاعتماد المالية من الدول الداعمة للمجلس، إلا أن مندوب المملكة في المجلس، وبتعليمات من الأمير سعود الفيصل، تكفلت بدفع المبلغ على أن لا تتأخر اللجنة أو تتعطل في متابعة أعمالها والوقف على الجرائم الإسرائيلية.
واستطرد الآغا، أن إسرائيل أضاعت الكثير من فرص السلام، والتي من أهمها المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتي أصبحت فيما بعد مبادرة عربية، لافتا أن كلمة الأمير سعود الفيصل، هي صرخة صادقة لإحياء الضمير العالمي لما يجري في قطاع غزة، وعدم الكيل بمكيالين بين القاتل والمقتول.
من جانبه قال الدكتور جواد ناجي، مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني: «إن الحملة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، كانت الأكثر والأسرع في تقديم يد العون للشعب الفلسطيني، تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، مشيراً إلى أن المنحة التي قدمتها السعودية بنحو 300 مليون ريال على دفعتين، بدأنا بتقديم الطلبات الخيام وسيارات الإسعاف، من البنك الإسلامي للتنمية، وكذلك ترميم محطات الكهرباء وتحلية المياه التي جرى تدميرها».
وأوضح الدكتور ناجي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز، بالوقوف مع الشعب الفلسطيني، كان لها الأثر الكبير لدى أهالي غزة، عبر تدخله السريع وتمكين الشعب الفلسطيني لمواجهة الأثار الناجمة عن العدوان. وأضاف أن «السعودية، هي الدولة الأكثر والأسرع من بين الدول، في تقديم العون والمساعدة، للشعب الفلسطيني، ولم تقف المملكة عند هذا الحد، بل أعلنت عبر الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، بمساهمة المملكة بنحو 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة».
وأشار مستشار رئيس الوزراء لشؤون الصناديق العربية والإسلامية إلى أن المملكة، لها مواقف قوية، وما كان كلمات الأمير الفيصل خلال الاجتماع الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي أول من أمس، خير دليل، إذ قال «إن السعودية، لا يمكن أن تترك الشعب الفلسطيني وحيداً في مواجهة هذه الآثار والعدوان الآثم».
وذكر الدكتور ناجي، أن السعودية بدأت بإرسال المواد الطبية بشكل سريع، حيث وصلت على ثلاث دفعات إلى غزة حتى الآن، سواء كانت من الضفة الغربية، وأخرى من عن طريق الأشقاء في مصر بالتنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأضاف: «لمسنا من الأشقاء السعوديين، ضرورة البدء في شراء ما يتعلق بالمواد اللازمة لإعادة ترميم شبكات الكهرباء في غزة التي دمرها العدوان الإسرائيلي، أو شبكة تحلية المياه التي أيضا دمرت، وكذلك الإسراع في إقامة وحدات تحلية مياه جديدة، خصوصا وأن شعب غزة يعانون خلال الوقت الحالي، من أزمة بالمياه». وأكد مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني، أنه جرى اجتماعات مع البنك الإسلامي للتنمية، أمس، وعرضنا عليهم الكثير من الطلبات، قدر ثمنها بين 17 و20 مليون دولار من إجمالي المنحة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، وضمنها سيارات الإسعاف، وعدد كبير من الخيام، بحيث يعاني أكثر من نصف مليون فلسطيني، شردوا من مساكنهم، ولا بد من توفير أماكن بديلة، وتهيئتها بالمستلزمات.
يذكر أن خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجه منتصف الشهر الماضي، بتقديم 200 مليون ريال للهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، وقال الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف، وزير المالية في حينها، إن التوجيه تضمن تخصيص هذا المبلغ لتأمين الاحتياجات العاجلة من الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج ضحايا الاعتداءات والقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، التي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، ولم يسلم منها حتى ذوو الاحتياجات الخاصة.
وبعد أسبوعين، تبرع أيضا، الملك عبد الله بن عبد العزيز، بتقديم 100 مليون ريال، إلى وزارة الصحة الفلسطينية، وقال عادل بن محمد فقيه، وزير الصحة، إن التوجيه الصادر عن خادم الحرمين الشريفين، يقضي بتخصيص هذا المبلغ «لمواجهة أعباء نقص الأدوية والمستلزمات الطبية العاجلة لعلاج الجرحى والمصابين في ظل الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».
من جانبه، قال القيادي في حركة فتح وعضو اللجنة المركزية للحركة، جمال محيسن، إن المملكة السعودية منذ انطلاق الثورة المعاصرة وهي الداعم رقم واحد ومواقفها تاريخيا متزنة ولا توجد أي مواقف متقلبة لها. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «السعودية من خلال الموقع الذي تشغله تابعت تجميع الأمة حول موقف واحد.. الموقف السعودي الآن داعم لوقف كل المخططات التي تهدف إلى تقسيم المنطقة والذي كان يستهدفنا جميعا».
وتابع محيسن، وهو مساعد للرئيس الفلسطيني محمود عباس: «نشكر الموقف السعودي المتقدم والمهم لدعم القضية الفلسطينية ودعم أهالي غزة.. إنه يأتي في إطار معروف وقديم ومستمر».
وأردف: «يجب أن يكون الموقف كما عبر عنه الأمير الفيصل مرتبط دائما بإنهاء الاحتلال وليس بحل جزئي يتم كل عام أو عامين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.