أكبر عملية خروج لـ«داعش» من جيبها الأخير شرق سوريا

«قسد» تتحدث عن وجود أنفاق كثيرة أخّرت الحملة

خروج عناصر من تنظيم «داعش» هرباً من معارك الباغوز شرق سوريا وتسليم أنفسهم للتحالف أول من أمس (أ.ف.ب)
خروج عناصر من تنظيم «داعش» هرباً من معارك الباغوز شرق سوريا وتسليم أنفسهم للتحالف أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أكبر عملية خروج لـ«داعش» من جيبها الأخير شرق سوريا

خروج عناصر من تنظيم «داعش» هرباً من معارك الباغوز شرق سوريا وتسليم أنفسهم للتحالف أول من أمس (أ.ف.ب)
خروج عناصر من تنظيم «داعش» هرباً من معارك الباغوز شرق سوريا وتسليم أنفسهم للتحالف أول من أمس (أ.ف.ب)

سلم نحو 240 من مسلحي «داعش» المحاصرين في آخر جيب للتنظيم شرق الفرات في سوريا أنفسهم لقوات التحالف وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وتم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إخراجهم من المنطقة مساء أول من أمس، في وقت يدافع فيه من تبقى من التنظيم بشراسة عن جيبه الأخير في شرق سوريا، عبر تحصنه في أنفاق وشنّ هجمات انتحارية، بعدما تقلصت مساحة سيطرته إلى كيلومتر مربع.
ونقل المرصد في ساعة مبكرة من صباح، أمس (الخميس)، عن مصادر موثوقة أن رتلاً مؤلفاً من سبع شاحنات خرج من المنطقة، وأن «الشاحنات كانت تحمل ما يقارب 240 شخصاً من عناصر تنظيم (داعش)، غالبيتهم من جنسيات أجنبية، ممن سلموا أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي». ووصف المرصد العملية بأنها «تُعد أكبر عملية خروج لعناصر التنظيم باتفاق أو استسلام».
ويدافع التنظيم بشراسة عن جيبه الأخير في شرق سوريا، عبر تحصُّنه في أنفاق وشنّ هجمات انتحارية، بعدما تقلصت مساحة سيطرته إلى كيلومتر مربع، في مواجهة هجوم تشنّه قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المرصد أن منطقة سيطرة التنظيم أصبحت مئات الأمتار فقط بالقرب من الضفاف الشرقية لنهر الفرات، ليقترب التنظيم بذلك من فقد سيطرته بشكل شبه كامل في منطقة شرق الفرات. ويتبقى له بذلك خلايا نشطة في عدد من المحافظات السورية بالإضافة للجيب الأكبر والأخير للتنظيم الموجود في البادية السورية بشمال مدينة السخنة وصولاً إلى داخل الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور.
وأفاد المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور عدنان عفرين لوكالة الصحافة الفرنسية، عن «اشتباكات عنيفة ومعارك طاحنة» لافتاً إلى «مقاومة لا يستهان بها» من قبل مقاتلي التنظيم. وبات مقاتلو التنظيم، وبينهم أجانب، وفق عفرين، محاصَرين حالياً داخل «كيلومتر مربع من المنازل بالإضافة إلى مخيم جنوب الباغوز».
وترجح قوات سوريا الديمقراطية وجود ألف مقاتل بين رجال ونساء داخل هذه البقعة، من دون توفُّر معلومات عن عدد المدنيين، بحسب عفرين. وتتقدم هذه القوات ببطء داخل بلدة الباغوز المحاذية للحدود العراقية. وتحدث عفرين عن وجود «أنفاق كثيرة، لهذا السبب تأخرت الحملة»، لافتاً إلى أن «هناك كثيراً من الانتحاريين الذين يقتحمون مناطق قواتنا على متن سيارات ودراجات مفخخة».
وتعرضت قوات سوريا الديمقراطية الثلاثاء لهجومين نفذتهما انتحاريتان فجّرتا نفسيهما، وفق المصدر ذاته. وغالباً ما يعتمد التنظيم على الهجمات الانتحارية والمفخخات لإعاقة تقدم خصومه وإيقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية في كل مرة يحاصر فيها داخل معاقله.
ودفعت العمليات العسكرية أكثر من 39 ألف شخص إلى الخروج من مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول)، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات المتطرفين، بينهم أكثر من 3400 مشتبه بانتمائهم إلى التنظيم تم توقيفهم، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال ديفيد يوبنك من منظمة «فري بورما راينجرز» الطبية الأميركية، إنه شاهد بين ستين إلى سبعين مدنياً يخرجون، أمس (الخميس)، من آخر نقاط التنظيم، في حصيلة هي الأدنى منذ ديسمبر. ويتم نقل المدنيين وكذلك زوجات وأطفال عناصر «داعش» إلى مخيمات للنازحين في شمال البلاد، بعد التدقيق في هوياتهم وجمع معلومات أولية في منطقة فرز قرب بلدة الباغوز.
وتتطلب مرحلة التدقيق أحياناً أن يبيتوا ليلة أو أكثر في العراء في أرض صحراوية قاحلة قبل نقلهم شمالاً.
وقالت فاطمة التي وصلت، أول من أمس (الأربعاء)، ضمن 300 امرأة وطفل، غالبيتهم عراقيون، إلى نقاط قوات سوريا الديمقراطية: «بكى الأطفال طوال الليل من البرد. إنها الليلة الثانية التي ننام فيها في البرية». إلى جانبها، يلهو أولاد وهم حفاة الأقدام، يمضغ أحدهم ملعقة بلاستيكية وآخرون الحصى والتراب بينما يبكي أولئك الأصغر سناً. وبعد عملية الفرز، تنقل قوات سوريا الديمقراطية المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة.
ومنعت هذه القوات منذ أيام الصحافيين من الوصول إلى خطوط الجبهة الأمامية بعد إصابة صحافي إيطالي بجروح. وقال عفرين إن «غالبية قادة» التنظيم في الجيب الأخير هم أجانب بينما «يدير قياديون عراقيون المعارك».
وفي الأسابيع الأخيرة، خرج عدد من الأجانب من نقاط سيطرة التنظيم أبرزهم الألماني مارتن ليمكي والفرنسي كانتان لوبران، غير أن مصير زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي قيل مرات عدة إنه قُتل، لا يزال مجهولاً. ويعود التسجيل الأخير المنسوب إليه إلى أغسطس (آب) 2018.
وفي وقت يبدو فيه التحالف الدولي حذراً بشأن الجدول الزمني، يؤكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستمرار أن الإعلان الرسمي، خصوصاً الرمزي، عن انتهاء «داعش» سيحصل في الأيام المقبلة. ويمهد إعلان الانتصار الطريق أمام ترمب لتنفيذ قراره الذي أعلنه في ديسمبر، بسحب جميع قواته من سوريا، البالغ عددهم نحو ألفي جندي.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.