تنظيم مُعارض في الجزائر يطلق «مقاومة سلمية» ضد «الولاية الخامسة»

احتمال تجاوز «اليمين الدستورية» تمهيداً لفوز بوتفليقة بالاقتراع الرئاسي

تنظيم مُعارض في الجزائر يطلق «مقاومة سلمية» ضد «الولاية الخامسة»
TT

تنظيم مُعارض في الجزائر يطلق «مقاومة سلمية» ضد «الولاية الخامسة»

تنظيم مُعارض في الجزائر يطلق «مقاومة سلمية» ضد «الولاية الخامسة»

بينما دعا تنظيم جزائري معارض إلى مظاهرات في 24 من الشهر الحالي؛ تعبيراً عن رفض ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، صرح أحد أبرز الموالين للرئيس بأنه «ليس (بوتفليقة) مجبراً على أن يقرأ القسم الدستوري»، الذي يتضمن فقرة طويلة، يرجح متتبعون أن حالة الرئيس الصحية تمنعه من قراءتها كاملة، في حال فوزه في انتخابات 18 أبريل (نيسان) المقبل.
وقال سفيان جيلالي، رئيس «حركة مواطنة»، وهو تنظيم معارض يضم أحزاباً وشخصيات سياسية وصحافيين ومحامين وأطباء، أمس للصحافة: إن الحركة «رفضت من البداية السيناريو الأسوأ (ترشح بوتفليقة لولاية خامسة)، وفعلت ما بوسعها لمنع حدوثه؛ لكونه غير دستوري، وقد تحول إلى حقيقة. إن ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية جديدة يغتصب الضمائر، ويسبب جرحاً في الشعور الوطني العام».
وأوضح جيلالي، أن التنظيم المعارض «عازم على إطلاق مقاومة سلمية للولاية الخامسة المفروضة على الجزائريين، وستواصل نضالها بعد التاريخ المصيري في 18 أبريل»، في إشارة إلى أنه سيستمر في معارضة الرئيس، بعد فوزه شبه المؤكد بفترة حكم جديدة.
وأضاف جيلالي موضحاً: «نعتقد أن الإصرار على جعل رئاسيات أبريل 2019 عملية شكلية، من أجل ضمان الاستمرارية، أمر شديد الخطورة؛ لأنه يحكم على الجزائريين باليأس، ويغذي الانقسام داخل الوطن. كما يشجع الشباب على مواصلة الهجرة السرية، ويضعف الدولة داخلياً وأمام الأمم. إن الحكم مدى الحياة هو حرمان الجزائريين من سيادتهم».
ولقي ترشح الرئيس بوتفليقة رفضاً من غالبية أحزاب المعارضة، على اختلاف توجهاتها. لكنه يحظى في المقابل بتأييد واسع لأكبر الأحزاب في البرلمان، وهي أربعة تسمى بـ«أحزاب التحالف الرئاسي».
في غضون ذلك، التقى عبد المالك سلال، مدير حملة الرئيس، بقادة أكبر التنظيمات التي تملك قدرة على التعبئة خلال الفترات الانتخابية، ومنها «منظمة المجاهدين». وأعلن عن لقاء بينه وبين زعيم النقابة المركزية عبد المجيد سيدي السعيد، الذي يعول عليه في دفع ملايين العمال إلى التصويت لصالح بوتفليقة.
من جهته، قال المحامي المعروف فاروق قسنطيني، الذي ترأس هيئة حقوقية تابعة للرئاسة مدة 15 سنة، لصحيفة إلكترونية أمس: إن الدستور «لا يلزم الرئيس الفائز بقراءة النص الكامل للقسم؛ إذ يكفي أن يقول: أقسم بالله العظيم، على أن يقرأ النص الكامل رئيس المحكمة العليا». وزاد موضحاً: «لما انتخب الرئيس اليمين زروال عام 1995، أتذكر أن رئيس المحكمة العليا هو من قرأ النص. أما الرئيس المنتخب فقد رفع يده فقط لأداء اليمين... والقضاة والمحامون وضباط الشرطة والدرك، وغيرهم، يؤدون القسم ويقولون أقسم بالله ولا يقرأون النص كاملاً». يشار إلى أن قسنطيني، كان أعلن نهاية 2017، أن بوتفليقة أبلغه في لقاء خاص بينهما أنه يعتزم تمديد حكمه.
ويطرح تساؤل كبير في البلاد، حالياً، حول مدى قدرة الرئيس على التنقل إلى «المجلس الدستوري» لتسليم رئيسه ملف ترشحه. وهذه الخطوة أنجزها بصعوبة عشية رئاسية 2014 وهو على كرسي متحرك. ومنذ 5 سنوات، زادت حالته الصحية سوءاً. وأثناء امتحان «اليمين الدستورية»، ردد كلماتها بصعوبة بالغة وراء الرئيس الأول للمحكمة العليا سليمان بودي. وجهزت الرئاسة خطاباً طويلاً له لقراءته، لما تسلم الولاية الرابعة عام 2014، لكن قرأ منه فقط بضع كلمات وبصعوبة شديدة.
ويجري في المحيط القريب للرئيس حديث عن احتمال تجاوز هذا الإجراء الدستوري؛ تجنباً لحرج سيقع فيه رئيس الجمهورية أمام ملايين المواطنين في الداخل والخارج، سيتابعونه وهو يضع يده على المصحف الشريف، ويقسم على احترام الدين الإسلامي والدفاع عن الدستور، والسهر على استمرارية الدولة، وتوفير الشروط اللازمة للسير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري، والسعي من أجل تدعيم المسار الديمقراطي، مع احترام حرية اختيار الشعب، ومؤسسات الجمهورية وقوانينها، والحريات والحقوق الأساسية للإنسان والمواطن.
في سياق ذلك، أعلنت خمس منظمات شعبية جزائرية، أمس، دعمها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي أعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة، حسبما أعلنت عنه وكالة الصحافة الألمانية أمس. وقالت منظمات «الاتحاد الوطني للفلاحين»، و«الاتحاد الوطني للنساء»، و«الوطنية لأبناء الشهداء»، و«الوطنية لأبناء المجاهدين»، و«الكشافة الإسلامية الجزائرية، في بيان صحافي: إنه «من الضروري استمرار الرئيس في منصبه من أجل استكمال برنامج التنمية الذي انطلق فيه منذ 20 سنة الماضية».
واعتبرت أن «الرئيس استجاب لنداء الشعب الذي ندعوه للمشاركة بقوة في الاستحقاق المزمع تنظيمه يوم 18 أبريل المقبل».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.