الأكراد في كركوك يتطلعون لاستعادة منصب المحافظ

TT

الأكراد في كركوك يتطلعون لاستعادة منصب المحافظ

يتطلع الأكراد في محافظة كركوك منذ أشهر لاستعادة منصب المحافظ بعد خسارتهم له عقب عمليات فرض القانون التي قامت بها القوات الاتحادية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وأفضت إلى هروب المحافظ الكردي السابق نجم الدين كريم على خلفية مذكرة قبض بحقه لتأييده الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، ليحل محله نائبه العربي راكان سعيد الجبوري منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
وفيما يرى العرب أن المحافظ الحالي راكان سعيد قادر على إدارة المحافظة إلى حين إجراء انتخابات مجالس المحافظات، يعتبر التركمان أن منصب المحافظ «استحقاق طبيعي» للمكون التركماني.
وفي ضوء حالة «التناحر» القائمة بين مكونات كركوك، يتوقع أن تصطدم التطلعات الكردية بجدار الممانعة العالي الذي بناه المكونان العربي والتركماني حول منصب المحافظ وعدم القبول بإسناده إلى شخصية كردية من جديد.
وكانت مسألة استعادة منصب المحافظ في كركوك على أجندة الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي في أربيل، بين الحزبين الكرديين الرئيسين «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، واتفق خلاله على عقد جلسة لبرلمان الإقليم، وأخرى لمجلس محافظة كركوك في 18 فبراير (شباط) الحالي. وقد أكد ذلك أمس، المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي بيرة، عندما كشف في مؤتمر صحافي أهم ما تضمنه الاتفاق الثنائي مع الحزب «الديمقراطي» الكردستاني. وقال بيرة في مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماع للمكتب السياسي لحزبه في السليمانية، إن «الاجتماع ناقش مسودة الاتفاق الثنائي التي تتضمن إدارة قضايا المالية والاقتصادية والتجارية في إقليم كردستان بشكل يخدم شعب كردستان».
وفيما تردد عن ترشيح حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني 4 شخصيات لشغل منصب محافظ كركوك، نفى عضو الاتحاد روند ملا محمود ذلك، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم طرح أي مرشح بشكل رسمي حتى الآن، وهذه أخبار تطلقها بعض الجهات لأهداف معينة». وكشف محمود عن «اجتماعات ستبدأ خلال هذا الأسبوع بين القوى الكردية من جهة وبقية المكونات في كركوك من التركمان والعرب من جهة أخرى لحسم موضوع منصب المحافظ». ويتفهم محمود المطالبات العربية والتركمانية بشأن المنصب، لكنه يرى أن «المنصب حق ثابت لحزب الاتحاد باعتباره الكتلة الأكبر في مجلس المحافظة، لكن ذلك لا يمنع من التفاوض مع بقية المكونات حول الموضوع».
لكن النائب التركماني السابق أكرم فوزي ترزي يرى أن «كركوك ومنصب المحافظ ليسا حكراً وملكاً صرفاً للأكراد ومن حق المكون التركماني باعتباره أقدم مكونات المدينة الحصول على المنصب». ويقول ترزي لـ«الشرق الأوسط»: «التركمان متمسكون بمنصب المحافظ هذه المرة، لأنهم تعرضوا للتهميش منذ سنوات ونريد أن نضع حداً لذلك».
وبشأن صعوبة تمرير شخصية تركمانية لشغل منصب المحافظ في مجلس كركوك مع وجود أغلبية كردية، يعتقد ترزي أن «الأمر في عموم العراق وليس في كركوك فقط يتعلق بمسألة التوافق على المنصب، لذلك نجد أن برهم صالح ليس لديه العدد الكافي من المقاعد في البرلمان، لكنه حصل على منصب الرئيس، وكذلك الأمر مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي لم يشترك في الانتخابات البرلمانية أصلاً».
بدوره، يرى مصدر قريب من الكتلة العربية في مجلس كركوك، أن «المحافظ الحالي راكان سعيد الجبوري أفضل الخيارات المتاحة والعرب يدافعون عن بقائه في المنصب بقوة». وكشف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن «العرب لن يقبلوا بأي حال بعودة محافظ كردي أو حتى تركماني، لأنهم يعتقدون أن مناطقهم التي تعرضت للخراب تحت سيطرة (داعش) لن يعيرها الآخرون أدنى اهتمام فيما لو شغلوا منصب المحافظ». ويضيف: «ما زال بعض الأكراد يعتبرون كركوك محتلة، فكيف يثق العرب بمن يفكر بهذه الطريقة، ثم إنهم يتهمون الأكراد بإخفاء وسجن عشرات المواطنين العرب في سجون داخل الإقليم، وما زال السكان العرب يخشون بشدة من عودة قوات الأمن الكردية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.