مراكز خالية ووثائق وشعارات... بقايا {دولة داعش» شرق سوريا

TT

مراكز خالية ووثائق وشعارات... بقايا {دولة داعش» شرق سوريا

نشرت وكالة الصحافة الفرنسية تحقيقاً أمس من بلدة هجين في شرق سوريا أشارت فيه إلى أن شعارات تنظيم داعش ما زالت تظهر على واجهة محل تجاري، لكن لم يبق من «دولة» هذا التنظيم سوى مقار خالية ووثائق تحت الأنقاض وذكريات أليمة.
وغادر مسلحو «داعش» هذه البلدة قبل أسابيع على عجل على وقع ضربات «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بغطاء جوي أميركي. ويقول رئيس بلدية هجين علي جابر علي (56 عاماً) خلال جولة لوجهاء محليين مع فريق من وكالة الصحافة الفرنسية في المنطقة: «كانوا يأخذون بيوت الناس ويحولونها مراكز لهم، كل من يغادر بيته يصادرونه». ويشير إلى مركز خصصه التنظيم للشرطة، لم يبق منه سوى طابق أرضي بلا أبواب. وتحول الطابق الثاني إلى أكوام من الركام، فيما لا تزال لافتة معلقة على أحد جدرانه تحمل اسم عيادة طبيب.
وبعد أسابيع من سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي في 17 ديسمبر (كانون الأول) على البلدة، تبقى هذه الآثار شاهدة على ارتكابات التنظيم المتطرف، بحسب الوكالة الفرنسية.
على بعد أمتار، تدمرت جدران منزل من طابق واحد، بينما تراكمت الحجارة والخردة أمامه. ويعرّفه أحد السكان على أنه «ديوان الزكاة».
يدخل مرافق أحد الوجهاء إلى المنزل ويُخرج منه وثائق، بينها لائحة بالمزروعات و«الزكاة» المفروضة عليها. ويقول الحاج علي لفريق وكالة الصحافة الفرنسية مبتسماً: «خذوها معكم، لم نعد نريدها هنا».
وليس بعيداً من المقرّ، تتناثر مقاعد بيضاء اللون خارج «مكتب إعلامي» سابق للتنظيم. ويشرح حايس الشيخ (35 عاماً) أن التنظيم دأب على عرض «أفلام الرعب» في هذا المكان لدعوة الناس للانضمام إليه. وبمحاذاة المركز تماماً، يشير سكان إلى ثلاثة أعمدة كهرباء يقولون إن التنظيم كان يعلق من يعاقبهم عليها قبل «إعدامهم رجماً أو بإطلاق الرصاص»، ثم يبقي الجثث معلقة عليها لثلاثة أيام.
وأثار التنظيم الرعب في صفوف المدنيين جراء قوانين متشددة فرضها عليهم وأعمال وحشية من قتل وذبح وقطع أطراف بحق كل من يخالف أحكامه. واستخدم التنظيم منازل مدنيين صادرها كسجون، وفق شهادات سكان البلدة للوكالة الفرنسية. في أحدها، يمكن رؤية غرف فارغة ذات أبواب حديدية، وقضبان وُضعت على نافذة كل منها. ومع تقدّمهم الميداني، جمع مقاتلو «قوات سوريا الديمقراطية» وثائق عدة وجدوها في مقرات التنظيم ومراكزه، بينها «بطاقة جند» أو «وصل غنيمة»، وكذلك لوائح بأسماء عناصر في التنظيم مع عدد زوجاتهم وأبنائهم والكتيبة التي ينضوون فيها.
ويعرض أحد المقاتلين ما عثر عليه من نقود معدنية أصدرها التنظيم مصنوعة غالبيتها من النحاس. وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية» في سبتمبر (أيلول) هجوماً واسعاً على آخر معاقل التنظيم في شرق سوريا، وتمكنت من التقدم ومحاصرته حالياً في أربعة كيلومترات مربعة قرب الحدود العراقية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.