المالكي يسحب الجيش من الأنبار ويدعو النواب للتراجع عن استقالتهم

انفراج في أزمة تشكيل حكومة كردستان

المالكي يسحب الجيش من الأنبار ويدعو النواب للتراجع عن استقالتهم
TT

المالكي يسحب الجيش من الأنبار ويدعو النواب للتراجع عن استقالتهم

المالكي يسحب الجيش من الأنبار ويدعو النواب للتراجع عن استقالتهم

في تطور لافت، وبعد يوم واحد من رفع خيم المعتصمين في ساحة «العزة والكرامة» في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، وجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بسحب الجيش من مدن المحافظة، وهو أحد المطالب الرئيسة؛ سواء لأهالي الأنبار أو خصومه السياسيين.
وقال المالكي في بيان له أمس إن «الحكومة مارست الصبر والتحمل خلال عام كامل من الاعتصامات»، مطالبا السياسيين «باتخاذ مواقف حكيمة غير منفعلة وإلغاء فكرة الانسحابات من الحكومة والبرلمان التي أتعبت الدولة». وأضاف أن «الحكومة وبالتعاون مع الحكومة المحلية للأنبار وشيوخ القبائل الكرام ورجال الدين استجابت لهذه المناشدات، بالدخول إلى الساحة وإخلائها سلميا، بحيث لم ترق قطرة دم واحدة».
وفي حين أشاد المالكي بالدور الذي لعبه وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي، ومحافظ الأنبار ومجلس محافظتها، فإنه شدد على أنه لا بد أن تتفرغ القوات المسلحة «لإدامة زخم عملياتها في ملاحقة أوكار القاعدة في صحراء الأنبار، ولينصرف الجيش إلى مهمته مسلّما إدارة المدن بيد الشرطة المحلية والاتحادية بعد هذا النجاح». وخاطب المالكي أهالي الأنبار قائلا: «يا أهلنا في محافظة الأنبار أخاطبكم في هذه اللحظات الدقيقة، بعد مضي سنة كاملة على حركة الاعتصام، وما مارسته الحكومة من صبر وتحمّل وعمل على تلبية المطالب المشروعة بما يقع تحت صلاحياتها». وتابع المالكي أن «المناشدات كثرت من شيوخ العشائر ورجال الدين والحكومة المحلية التي وصلت حد الاستغاثة بأن ساحة الاعتصام أصبحت مصدر قلق وأذى للناس، وخرجت من سياقها إلى سيطرة الجماعات الإرهابية التي تريد فرض سلوكياتها الخاصة على المحافظة ومصادرة حريات الناس وكراماتهم وانتهاك حرماتهم».
ومن دون أن يشير بشكل واضح إلى مطالب المعتصمين، قال المالكي: «سنوجه جهد الوزارات كل لتوفير الخدمات المطلوبة وإصلاح الخط السريع الذي نسفت القاعدة جسوره، وتوفير الحماية اللازمة للمسافرين، وفتح الحدود الدولية على مدار الساعة أمام حركة المسافرين والبضائع، والتواصل مع دول الجوار لتعود الحياة وينتعش الاقتصاد، والاستماع الجاد لمطالب أهل الأنبار المشروعة التي يجب أن نسمعها منهم وليس من الذين لا يريدون تنفيذها ولا يرون حلا لهذه الأزمة».
ودعا المالكي في ختام بيانه خصومه السياسيين، في إشارة إلى إعلان كتلتي رئيس البرلمان أسامة النجيفي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك تقديم استقالات جماعية والانسحاب من الحكومة والبرلمان والعملية السياسية، إلى «اتخاذ مواقف حكيمة غير منفعلة بالأحداث، والابتعاد عن أي موقف يمكن أن يصنف لصالح (القاعدة) والإرهاب والطائفيين»، مطالبا إياهم «بإلغاء فكرة الانسحابات من الحكومة والبرلمان التي أتعبت الدولة، وحرمت المواطن من كثير مما كان ينبغي تحقيقه، وأن جميع مفردات العملية هذه وغيرها سيكون للقضاء قراره في محاسبة المقصر والمسيء».
من جانبها، أعلنت كتلة «متحدون» التي يتزعمها رئيس البرلمان أسامة النجيفي تأييدها للقرار الذي اتخذه المالكي بسحب الجيش من مدن الأنبار. وقال الناطق الرسمي باسم الكتلة ظافر العاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما أقدم عليه رئيس الوزراء بهذا الخصوص يُعدّ من وجهة نظرنا خطوة في الاتجاه الصحيح، فأن تأتي الأشياء ولو متأخرة أفضل من أن لا تأتي». وأضاف العاني أنه «مع تقديرنا لهذه الخطوة، فإن هناك مطلبين لا يقلان أهمية عنها، وهما أولا إطلاق سراح النائب أحمد العلواني، أو نقل ملف قضيته إلى الأنبار، كجهة اختصاص مكانية، والثاني هو التعامل بجدية مع مطالب المعتصمين وإشعار الناس بالمواطنة». وفي السياق نفسه، أكدت جبهة الحوار الوطني التي يتزعمها صالح المطلك، نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، تأييدها للخطوة التي أقدم عليها المالكي بشأن تسليم الملف الأمني للشرطة المحلية في الأنبار. وقال مهند حسام الدين، عضو المكتب السياسي لجبهة الحوار الوطني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما حصل خلال الفترة الماضية كان نوعا من خلط الأوراق بين مطاردة عناصر (القاعدة) والتعامل بإشكالية مع المعتصمين وما ارتكب من أخطاء في هذا المجال من قبل القادة الميدانيين استدعى اتخاذ مواقف تصحيحية من قبل القادة السياسيين».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.