لا يكاد يمر شهر من دون فرقعة تطلقها مارلين شيابا، وزيرة الدولة في فرنسا لشؤون المساواة بين الرجال والنساء. وآخر ما أثارت به الجدل اشتراكها المقرر غداً، الجمعة، مع النجم التلفزيوني سيريل حنونة في تقديم برنامجه الأسبوعي على قناة «سي 8». ومنذ الإعلان عن الحلقة والانتقادات تتوالى، سواء في تعليقات الصحافة أو في مواقع التواصل الاجتماعي. كما أثارت خطوة الوزيرة استنكار عددٍ من زملائها السياسيين، وتساءلت النائب فاليري بوير: «هل هذا هو حقاً مكان مناسب لوزيرة؟».
ومن الواضح أن المشاركة في حد ذاتها ليست موضع الاستهجان، بل نوع البرنامج الذي وافقت شيابا على تقديمه، وبالتحديد شخصية صاحبه ومنتجه المثيرة للجدل. فقد تجاوز حنونة الحدود عشرات المرات، وبنى شهرته على الغلواء والابتذال في الكلام والتجاوز على الآخرين والمقالب الرخيصة المدبرة والنكات الجنسية. وبلغ الأمر حد ملاحقته أمام القضاء لأكثر من مرة وتلقيه إنذاراً من المجلس الفرنسي الأعلى للإعلام.
لم يتأخر رد الوزيرة بل صرحت، أمس، أثناء استضافتها في قناة «بي إف إم» الإخبارية، أنها تعتبر مشاركتها في برنامج حنونة الذي يتابعه 700 ألف مشاهد كل ليلة، مبادرة جيدة للوصول إلى الجمهور العريض الذي يتابعه. وأضافت: «أجد أن من غير المعقول أن نهمل جانباً من المواطنين ونقول لهم: أنتم لا تصلحون بما يكفي للمشاركة في نقاش القضايا العامة. إن هذا التصرف هو أحد الأسباب التي قادتنا إلى حركة السترات الصفراء». في إشارة إلى الحركة الاحتجاجية التي تجتاح فرنسا منذ شهرين وانتفاضة ذوي الدخل المحدود.
وأثارت القناة التي تبث البرنامج دهشة المشاهدين حين أعلنت عن اشتراك الوزيرة في حلقة تتيح للفرنسيين العاديين تقديم شهاداتهم عن هموم الحياة اليومية، بهدف تحويل مشكلاتهم إلى مقترحات توضع أمام أنظار الحكومة. ويمكن للمشاهدين أن يُصوتوا مباشرة، عبر موقع البرنامج، لاختيار 7 مطالب أساسية تحتاج اهتماماً من الدولة. ومن جانبه اكتفى سيريل حنونة بالسخرية من الشخصيات التي انتقدت الوزيرة، قائلاً إنه لا يعرفهم ويراهن أنهم لم يشاهدوا برنامجه. وأضاف أن الفكرة ليست فكرته بل جاءت من مارلين شيابا التي اتصلت به واقترحت عليه فكرة استطلاع آراء المشاهدين بشكل مباشر في عدد من القضايا التي يشتكون منها. وعرضت الوزيرة أن تشاركه في التقديم. وهي ليست المرة الأولى التي تلتقي فيها حنونة، بل سبق لها الظهور في برامجه كضيفة، وليس كمقدمة. أما جيل فيرديز، أحد المعلقين الأساسيين في فريق التقديم، فدافع عن مشاركة شيابا قائلاً إن الحملة التي تتعرض لها الوزيرة سببها الحسد، وبالتحديد غيرة السياسيين منها.
تبلغ مارلين شيابا من العمر 36 سنة، وهي أم لطفلتين. فالوزيرة المولودة في باريس لوالدين من المناضلين التروتكسيين، تمردت في بداية حياتها عليهما وأرادت أن تنخرط في سلك الدرك. لكنها لم تتقدم لاختبار القبول، بل التحقت بالجامعة لتدرس الجغرافيا من ثم علوم الاتصال. التحقت بحركة إيمانويل ماكرون وتحمست لدعوة الشباب للالتحاق بحزبه الناشئ. وبعد فوزه في انتخابات الرئاسة دخلت الوزارة في ربيع 2017. لتتولى حقيبة المساواة بين الجنسين والنضال ضد التمييز. ومنذ ظهورها على مسرح العمل العام وهي تنتهج أسلوباً لافتاً في الحفاظ على حرية القول والفعل وارتداء ما يعجبها. وكان من تصريحاتها الأولى التي خالفت بها النمط السائد، انتقادها لحفلات ملكات الجمال حين قالت: «إن هذه المسابقات تكرس نمطاً غير واقعي في المقاييس. فإن تكوني جميلة، لا يعني أن تكوني شابة ونحيفة فحسب، وسليمة من الأمراض والعاهات».
جعلت شيابا من مكافحة التحرش بالنساء عنواناً لنشاطها. وعقدت العزم على ملء ما تسميه «فراغاً قانونياً»، في إشارة إلى خلو قانون العقوبات الفرنسي من تعريف للتحرش الجنسي، وبالتالي تحديد العقوبات المناسبة له وإيجاد الضوابط لتطبيقها. وأثمر نشاط الوزيرة عن مشروع أقره البرلمان الفرنسي في العام الماضي.
من المؤكد أن الضجة التي أثارها خبر اشتراك الوزيرة في تقديم برنامج مع سيريل حنونة، قد ضمنت له دعاية واسعة. ومن المتوقع أن يفوق عدد متابعي البرنامج المليون مشاهد، مساء غد.
مارلين شيابا وزيرة المساواة بين الجنسين تدافع عن خطوتها وتقدم المبررات
انتقادات لوزيرة فرنسية لاشتراكها في تقديم برنامج تلفزيوني
مارلين شيابا وزيرة المساواة بين الجنسين تدافع عن خطوتها وتقدم المبررات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة