موقع إلكتروني يغري الأجانب والمواطنين بالسياحة في أفغانستان

موقع إلكتروني يغري الأجانب والمواطنين بالسياحة في أفغانستان
TT

موقع إلكتروني يغري الأجانب والمواطنين بالسياحة في أفغانستان

موقع إلكتروني يغري الأجانب والمواطنين بالسياحة في أفغانستان

قام السائح الهولندي شياران بار، بحثا عن تجربة حقيقية من السياحة المتجولة عبر أفغانستان التي مزقتها الحروب، بزيارة موقع (Couchsurfing) باحثا عن بعض المواطنين المحليين المستعدين لاستضافته في منازلهم. وانتابه الذهول عندما وجد بعض المضيفين المحتملين بالفعل.
ويسرد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية قصص سياح متهورين زاروا أفغانستان بحثا عن المغامرة، ويشير إلى أن ما يقرب من 2000 مواطن أفغاني، أغلبهم من الرجال، قد سجلوا أنفسهم على الموقع المذكور بهدف استضافة السياح في منازلهم عبر منصة التواصل الاجتماعي المذكورة التي تعمل على ربط المسافرين حول العالم مع السكان المحليين في كل بلد من البلدان المستعدين لاستضافتهم بصفة مجانية.
وقال السائح الهولندي بار لوكالة الصحافة الفرنسية من قلب العاصمة الأفغانية كابل ذات الوجود العسكري الكثيف: «تشعر بنوع من الأصالة ناحية المدينة لدرجة أنك لا ترغب في التعثر عبر مختلف المعالم السياحية التي تخلو منها أفغانستان تماما»، ولقد قضى بالفعل عدة ليال نائما على فراش خفيف على الأرض في غرفة نوم مضيفه الأفغاني.
كانت أفغانستان محطة سياحية معروفة على طول طريق السائحين المتجولين بين أوروبا وجنوب آسيا في سبعينات القرن الماضي، وتضاءلت أعداد المسافرين الأجانب الذين يعبرون الحدود الأفغانية خلال العقود الأربعة الماضية إثر الصراع المسلح الذي لا يتوقف تقريبا هناك.
بيد أن هناك العشرات ممن يرغبون في الذهاب إلى تلك الرحلات الخطرة في كل عام، متجاهلين تماما التحذيرات الواضحة والصادرة عن حكومات بلادهم بالابتعاد عن تلك الدولة التي صارت الآن حسب بعض التقديرات الدولية من أكثر مناطق الصراع خطورة ودموية على مستوى العالم. وينتهز كثير من السياح فرصة الإقامة المؤقتة «المجانية» لدى الغرباء الأفغان الذين يعثرون عليهم من خلال موقع (Couchsurfing) وذلك بدلا من دفع مقابل المبيت في غرفة فندقية تحت حماية مسلحة وأبواب مضادة للرصاص.
يقول بار، الذي - بشعره الداكن ولحيته الكثة وملابسه التي تروق لكثيرين من أبناء الشعب الأفغاني يبدو أقل بكثير من مجرد سائح متجول في البلاد - إن «الإقامة مع الناس وارتداء الملابس التي تشبه ما يرتدون تعطيني شعورا بإمكانية السفر إلى أفغانستان مع فقدان الإحساس الكبير بالخطر هناك».
يماثل مفهوم (Couchsurfing – الضيافة المجانية) النمط الحديث للتقاليد الأفغانية في مجال الضيافة، الذي يلزم الأفغان بتوفير الغذاء والمأوى للوافدين الغرباء. ولكنه أمر محفوف بكثير من المخاطر. حيث لا يوفر الموقع سوى الملف الشخصي للمضيف على الإنترنت وبعض الآراء المرجعية للحكم على شخصيته فحسب. وفي البلاد التي ترتفع فيها وتيرة الاختطاف بشكل كبير والأجانب الذين يمثلون أهدافا عالية القيمة بالنسبة للجماعات المسلحة، فليس لمرتادي الموقع المذكور من وسيلة للتثبت من شخصية المضيف وما إذا كان على صلة بالمجرمين أو المسلحين من عدمه، الذي قد يعتبر الأمر فرصة للثراء السريع عن طريق الاختطاف أو تسليم المختطف للمسلحين. يقول أحد الدبلوماسيين من العاصمة كابل، الذي شارك سابقا في مفاوضات إطلاق سراح بعض الرهائن لوكالة الصحافة الفرنسية: «يمكن أن ينتهي بهم الأمر في قبضة حركة طالبان. إنها تجربة شديدة السذاجة والخطورة في آن واحد». وهذا ما حدث تماما مع زوجين من أميركا الشمالية، كيتلان كولمان وجوشوا بويل، واللذان تعرضا للاختطاف أثناء التجوال السياحي الحر في أفغانستان في عام 2012. ولقد تم إطلاق سراحهما من الأسر لدى حركة طالبان في عام 2017 إلى جانب أطفالهما الثلاثة الذين ولدوا أثناء الأسر.
غير أن السائح النرويجي جورن بيجورن أوغستيد، الذي استفاد من خدمات الموقع للذهاب إلى العراق وجمهورية أفريقيا الوسطى، قال لوكالة الصحافة الفرنسية في كابل إن التحذيرات الحكومية تبالغ كثيرا في تقدير المخاطر، «إنهم حذرون للغاية. وعليك التحلي بالذكاء إزاء كثير من الأمور، وعليك التواصل مع السكان المحليين وهي أفضل طريقة للحفاظ على سلامتك»، وهو في مهمة ذاتية لزيارة كل بلاد العالم بما في ذلك سوريا قبل بلوغه سن الثلاثين هذا العام. ثم أضاف يقول: «هذا جزء مهم من التجربة الثقافية، ورؤية كيف يعيش الناس، والاستماع إلى قصص حياتهم، وإدراك كنه البلاد التي تمر بها في رحلاتك». ولقد بدأ كل من بار وأوغستيد رحلتهما الأفغانية خلال الأسبوع الحالي من مدينة مزار شريف الشمالية، التي تشتهر بمسجدها الأزرق العتيق، ولعبة البوزكاشي التي تشبه كثيرا لعبة البولو.
والتقى السائحان من خلال وكيل سفريات محلي، الذي ساعدهما في العثور على سائق سيارة أجرة تقلهما إلى العاصمة كابل على مسافة تبعد نحو 400 كيلومتر (250 ميلا) جنوب مزار شريف.
وبعد الوصول إلى كابل، التي تعتبر المكان الأكثر دموية وإرهابا للمدنيين في البلاد، مكث بار وأوغستيد مع ناصر مجيدي، 27 عاما، وهو مضيفهما من موقع (Couchsurfing)، الذي يعمل مستشارا فنيا لدى شركة مرافق المياه المحلية.
وبالنسبة للمواطنين الأفغان الذين يستهلكهم ويستغرقهم التجوال المستمر، فإن استضافة أحد الأجانب فرصة للسفر بصورة غير مباشرة من خلال مشاركة تجارب الحياة مع الآخرين، ولا سيما مع الصعوبة المتزايدة التي تفرضها مختلف الدول على دخول حاملي جوازات السفر الأفغانية من أجل الحصول على تأشيرة الدخول.
يقول ناصر مجيدي، الذي استضاف ستة سياح أجانب منذ انضمامه إلى الموقع المذكور: «يمكنني تسهيل الأمر عليهم من أجل مشاهدة جمال هذه البلاد. إنها تجربة جيدة للغاية بالنسبة لي، وأكسب في كل مرة المزيد من الأصدقاء، وأعرف المزيد عن العالم وأحواله».
غير أن أسرة مجيدي يساورها القلق لأنه يعرض نفسه للمزيد من الأخطار بذلك. وهو يقول إنهم نصحوه عدة مرات أن الأمر في منتهى الخطورة بالنسبة إليهم وللضيوف الأجانب كذلك.
ويقول إلياس ياري (19 عاما)، الذي صار مضيفا عبر الموقع الإلكتروني في عام2017 رغم تحذيرات أقاربه وأصدقائه، إنه يستمتع كثيرا بالاستماع إلى ضيوفه، وقصص رحلاتهم، وتجاربهم، وأفكارهم، ويعتبرها ممتعة للغاية بالنسبة له ولقد استقبل الزوار من كندا، وروسيا، والمكسيك، وتايوان. ويقول عن بلاده: «ليست أفغانستان بالأخطار التي يتحدثون عنها».
غير أن بار وأوغستيد ليسا غافلين تماما عن المخاطر المحتملة من السفر بصفة مستقلة في أفغانستان، حيث إرهاب حركة طالبان وتنظيم داعش في غير موضع من البلاد.
يقول بار مضيفا: «يمكن للأمور أن تكون على ما يرام في 9 مرات من كل 10 زيارات. ويتطلب الأمر مرة واحدة فقط تسوء فيها الأوضاع تماما، ولم يحدث ذلك معي على أي حال، لقد كنا محظوظين كثيرا هنا حتى الآن».


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.