«فتح» تتهم «حماس» بالإصرار على تكريس الانقسام

تصعيد جديد بين الحركتين بعد إغلاق معبر رفح

TT

«فتح» تتهم «حماس» بالإصرار على تكريس الانقسام

في تصعيد جديد للخلاف بين حركتي «فتح» و«حماس» على خلفية قيام السلطة الفلسطينية بسحب موظفيها العاملين في معبر رفح وتولي موظفين من «حماس» إدارته، ومنع السلطات المصرية دخول سكان غزة إلى أراضيها نتيجة لذلك، أصدرت هيئة الشؤون المدنية التابعة للسلطة بياناً اتهمت فيه «حماس» بالإصرار على تكريس الانقسام و«آخرها ما طال طواقم موظفي السلطة العاملين عند المعبر من استدعاءات واعتقالات وتنكيل، ووصلنا لقناعة بعدم جدوى وجودهم هناك لإعاقة حماس عملهم ومهامهم».
ورد الناطق باسم حركة «حماس» في غزة حازم قاسم على بيان السلطة، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، بأن خطوة السلطة الفلسطينية بشأن معبر رفح تستهدف «زيادة حصار غزة ومعاناة سكانها». واعتبر قاسم أن سحب موظفي السلطة من المعبر «أمر يعقد المشهد السياسي في الساحة الفلسطينية ويعمق الانقسام وضربة لجهود مصر المستمرة منذ سنوات لتحقيق المصالحة».
وذكر قاسم أن «حماس» تتطلع إلى أن تبادر مصر بضمان عودة انتظام عمل معبر رفح في أقرب وقت وعدم السماح بزيادة معاناة سكان قطاع غزة بفعل إجراءات السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
وكانت السلطة الفلسطينية تسلمت إدارة معابر قطاع غزة بما فيها معبر رفح في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 بموجب اتفاق رعته مصر قبل ذلك بشهر. ونص الاتفاق في حينه على تسلم حكومة الوفاق الفلسطينية مسؤولية إدارة قطاع غزة لكن استمرار خلافات «فتح» و«حماس» حال دون المضي في تنفيذ الاتفاق المذكور.
وأتاح عمل المعبر تحت إشراف السلطة الفلسطينية خلال الأشهر الأخيرة فرصة السفر لعشرات آلاف الفلسطينيين في حركة ذهاب وإياب، بحيث أن نحو 1500 فلسطيني كانوا يغادرون أسبوعيا قطاع غزة ومثلهم يعودون من الخارج.
وحذرت هيئة مسيرات العودة، التي تضم فصائل وجهات أهلية وحقوقية فلسطينية في غزة، من تداعيات خطيرة وانفجار الأوضاع في القطاع حال إغلاق المعبر في وجه المسافرين.
ودعت الهيئة السلطة الفلسطينية إلى التراجع الفوري عن قرار سحب موظفيها من معبر رفح، «لما سيترتب على ذلك من آثار كارثية تنذر بإغلاق المعبر وبتفاقم الأزمات الإنسانية وتأزيم الظروف أمام سكان غزة». وحثت الهيئة مصر على التدخل العاجل والضغط من أجل استمرار فتح معبر رفح، «لما لذلك من أهمية قصوى لسكان غزة، وتشكل لهم مصر الرئة التي يتنفسون منها».
وبينما يهدد تفاقم الخلافات بين الحركتين بتصاعد وتيرة الفعل ورد الفعل، فإن عودة أزمة إغلاق معبر رفح من شأنها أن تزيد حدة التدهور الإنساني المتفاقم أصلا لدى سكان قطاع غزة وزجهم في أتون صراعات حزبية تبدو لا نهاية لها في الأفق القريب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.