«مطلوبين» فيلم سينمائي يضع الإصبع على الجرح

يحكي عن هواجس العمر الثالث والمتروكين في دور العجزة

أربعة مسنين جاكو ودعد وأديب ووليد وضعهم أولادهم في دار للراحة - المقدم التلفزيوني بيار رباط
أربعة مسنين جاكو ودعد وأديب ووليد وضعهم أولادهم في دار للراحة - المقدم التلفزيوني بيار رباط
TT

«مطلوبين» فيلم سينمائي يضع الإصبع على الجرح

أربعة مسنين جاكو ودعد وأديب ووليد وضعهم أولادهم في دار للراحة - المقدم التلفزيوني بيار رباط
أربعة مسنين جاكو ودعد وأديب ووليد وضعهم أولادهم في دار للراحة - المقدم التلفزيوني بيار رباط

قد تشكّل مرحلة العمر الثالث هاجساً لكل واحد منا لا ننفك نفكر كيف ستكون؟ وأين سنمضيها؟ ونتمنى في قرارة أنفسنا ألا نكون خلالها عالة على أحد. فالمثل اللبناني يقول: «لا تقول يا أولتي بل يا آخرتي»، في إشارة إلى الغموض الذي قد يلف مرحلة عمرنا الخريفي، عندما تبدأ أوراقنا تتساقط أمام أعيننا ولا نعرف إذا ما الوحدة ستطغى على مصيرنا.
من هذا المنطلق تدير المخرجة اللبنانية نبال عرقجي كاميرتها لتصور فيلم «مطلوبين» (wanted)، الذي تتناول فيه قضية كبار السن المتروكين بمواجهة الوحدة في دور العجزة. وصحيح أنها تحاول خلاله تقديم واقع أليم في قالب خفيف يميل إلى الكوميدية، إلا أنها من دون شك تضع الإصبع على الجرح، فتلامس شعور المشاهد عن قرب.
مغامرة حافلة بالمواقف الإنسانية المؤثرة والمضحكة في آن، يخوضها أربعة من هؤلاء (جاكو، ودعد، ووليد، وأديب) الذين يجسد شخصياتهم كل من الممثلين سهام حداد، ودعد رزق، وجورج بو خليل، وجورج دياب. كما تلونه أسماء لامعة من أهل الإعلام والفن ليؤلفوا مجتمعين، ضيوف الشرف فيه أمثال الإعلاميين ديانا فاخوري، وطوني بارود، وبيار رباط، إضافة إلى الممثل بديع أبي شقرا، وعلي منيمنة، ووسام صليبا، وغيرهم.
ويتمحور الفيلم، ومدته 90 دقيقة، حول أربعة مسنين يقيمون في بيت للراحة. وعندما تتلقى جاكو رسالة تُعلِمها بأن ضريح زوجها المتوفى والواقع في قريتها تحت ظلال شجرة زيتون، سيُزال لأن إحدى الشركات تعتزم بناء مجمع تجاري على أرضه، يقرر أصدقاؤها الثلاثة مساعدتها لمواجهة هذا الخبر الذي دمرها، فيهربون معاً من المأوى لمنع الشركة من تنفيذ المشروع. وفي رحلتهم الطويلة إلى موقع المشروع، يواجه الأصدقاء الأربعة كل أنواع المواقف المجنونة، وتصبح قصتهم قضية رأي عام.
وتأتي إطلالة الفنانة ميريام كلينك في الفيلم مجسدة دور «بيسي» لتثير لدى مشاهده مقارنة لافتة ما بين مرحلة عمر الشباب والتقدم في السن. فنراها في كامل لياقتها ونضارتها الجسدية تساهم في مساندة 4 مسنين عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. فتنشر قصتهم على الملأ من خلال تسجيل مصور تتحدث فيه جاكو عن الدافع الحقيقي الذي أدى إلى هربها مع أصدقائها من دار الراحة وإلى ارتكاب أكثر من مخالفة قانونية وأهمها السرقة؛ وذلك للوصول إلى ضريح زوجها قبل جرفه. فهي أحبته في حياته ومماته وقررت أن تحافظ على وصيته التي يطلب فيها أن يدفن تحت شجرة الزيتون في أرضهم في القرية.
وتسلط المخرجة الضوء على الأسباب التي تدفع بالأولاد إلى التخلي عن أهاليهم ووضعهم في دور عجزة. وتمرر رسائل مباشرة أحياناً ومبطنة أحياناً أخرى لهؤلاء الأولاد الذين لا يقدرون التضحيات التي بذلها أهاليهم تجاهم ومن أجلهم كي يصبحوا على ما هم عليه اليوم. واختارت عرقجي مسنين لا يزالون يتمتعون بدرجة عالية من الوعي والصحة الجيدة للإشارة إلى أن الحجة لا تبرر الوسيلة في كثير من الأحيان. فمجرد أن يتقدم الأهالي في العمر، لا يتوانى بعض الأبناء عن البحث عن ملجأ لهم بحجة أن لا وقت لديهم للاعتناء بهم. ومن هنا تكبر الفجوة بين الطرفين وتصبح لمسة الحنان التي يتوق إليها الأهل في هذا العمر ويحتاجون إليها من قبل فلذات أكبادهم هي بمثابة كنز يراودهم الحصول عليه في أحلامهم.
وعن أسباب اختيارها هذا الموضوع لفيلم سبق أن كتبت سيناريو لثلاثة غيره («ثواني ويلا عاقبالكن» و«يلا عاقبالكن شباب»)، تقول المخرجة نبال عرقجي: «لقد توقعت أن يشعر كل شخص من الجمهور بأنه يعرف هؤلاء الأشخاص، وأن يتعاطف معهم ويتأثر بقصصهم. فمن منا لا أم وأب له تقدما في السن؟ أو جد وجدة نتعلق بهما مع أننا في المقابل لا نمضي معهم الوقت الكافي؟ فهذا الفيلم يبين لنا من خلال عيون كبارنا أن الأهم في الحياة هو الحس الإنساني، ووقوفنا وتضامننا مع أصدقائنا وعائلاتِنا». وتختم: «إنه فيلم يحكي عن أهمية أن نُحِب وأن نُحب. وأن نسعى جاهدين إلى تحقيق ما نؤمن به، وأن نكون منسجمين مع مبادئنا وقيمنا».
وتعزز عرقجي ما تؤمن به في هذا الصدد من خلال أداء عفوي للممثلين المشاركين في الفيلم ضمن نص انسيابي يحاكينا بلغة قريبة إلى قلوبنا، وبأسلوب البساطة نفسه الذي تتنقل بها كاميرتها من مشهد لأخر.
ولعل ظهور المقدم التلفزيوني بيار رباط (مقدم برنامج «منا وجر»)، على شاشة «إم تي في» في الفيلم بدور الممرض المتعاطف مع المسنين بإنسانية وحب، والممثلة جوزيان بولس التي تؤدي دور زميلة له متفانية في مساعدتهم إلى آخر حدود، يشكلان محاولة من قبل المخرجة للتأكيد أن دُور الراحة لا تخلو من الأشخاص الذين يتعاملون مع ضيوفهم من زوايا إنسانية كثيرة، مقابل غيرهم كرئيسة الدار «قمر» التي تجسد دورها الممثلة المسرحية الرائدة عايدة صبرا، التي تعاملهم بقسوة غير آبهة بشعور الوحدة الذي يعاني منه المسنون بشكل عام.
«مطلوبين» الذي تعرضه صالات السينما في لبنان ابتداءً من بعد غدٍ (10 يناير/كانون الثاني الحالي)، فيلم سينمائي سيترك دون شك، أثره على مشاهديه؛ على أمل أن يفكر الشباب ملياً قبل التخلي عن المسنين من المحيطين بهم، ليكونوا مثلاً يحتذى أمام أولادهم أيضاً.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.