«عصابة النساء» لم يعد عنواناً مثيراً لفيلم في الستينات من بطولة الفنانة صباح، قادر على جذب أكبر عدد من الجمهور؛ لغرابته في المجتمعات العربية، بل بات عنواناً صحافياً مكرراً على الموقع الرسمي لوزارة الداخلية السورية، فخلال أقل من أسبوع أعلنت الداخلية السورية القبض على عصابتي سرقة، تتزعمهما نساء، ناهيك عن تسريبات حول الكشف عن أكبر شبكة دعارة في دمشق، تديرها نساء، وسط انتشار تحذيرات على «السوشيال ميديا» من عصابات نسائية في شوارع دمشق تختطف الفتيات والأطفال... إلى آخره من قصص مقلقة عن ازدياد أعداد العصابات الإجرامية النسائية في سوريا.
فقد أعلنت وزارة الداخلية السورية يوم 2-1-2019، القبض على عصابة من 3 نساء ورجل، قاموا بعملية سطو مسلح على محل تجاري في دمشق، وعندما لم يجدوا ما كانوا يتوقعونه من مال في الخزانة قيدوا صاحب المحل وعرّوه وصوّروه؛ لابتزازه لاحقاً وسلب مزيد من المال. وبطلة العملية امرأة كانت على علاقة بالمعتدى عليه، وقد تنكرت بخمار ساعة التنفيذ.
وقبل القبض على هذه العصابة، كان قد أُلقي القبض على سيدتين امتهنتا سرقة محلات الصياغة في دمشق عبر الاحتيال، وفي التحقيق اعترفت إحداهما أنها سرقت لتسديد أقساط شقة سكنية!! وفي حادثة أخرى مماثلة ألقي القبض أيضاً في دمشق على سيدتين أخريين شقيقتين، تمتهنان النشل وسلب مصاغ النساء في الشارع باستخدام بخاخ مخدر، وهما تستهدفان النساء المسنات، فيستدرجنهن إلى أماكن شبه خالية لتخديرهن والاستيلاء على ما يحملنه من مال ومصاغ وهواتف محمولة، وذلك بالشراكة مع رجل يُصرف المسروقات خارج البلاد. وذلك على طريقة بطلتي القصة المصرية الشهيرة «ريا وسكينة»، التي أُعيد إنتاجها درامياً في مسلسل سوري باسم «وردة شامية»، عُرض في رمضان الماضي، من بطولة شكران مرتجى وسلافة معمار وسلوم حداد.
ومع أن عمل المرأة في الدعارة ليس مستجداً في سوريا، فقد تنامى خلال سنوات الحرب وأصبح على مستوى منظم في عصابات، وضمن شبكات سرية واسعة تديرها نساء. فقبل شهرين أُعلن بشكل متتالٍ عن ضبط إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص شبكتي دعارة سرية. الأولى كانت في شقة إيجار في إحدى مناطق دمشق، تديرها امرأة، وبين النساء المقبوض عليهن في هذا المنزل مطلوبات بجرائم سرقة، وترويج وتعاطي مخدرات. والشبكة الثانية يديرها 3 نساء و3 رجال، يصطادون الفتيات عبر إغرائهن بفرص عمل في دولة مجاورة، ومن ثَم يحتجزونهن ويُشغلونهن قسرياً في الدعارة.
وأكبر ما كُشف عنه في هذا الخصوص، وضجّت به دمشق مؤخراً، ما تسرب عن ضبط شبكة دعارة كبيرة تورطت بها شخصيات معروفة في الوسط الفني وضباط. وجرى تناقل النبأ والأسماء الواردة في التحقيقات عبر وسائل إعلام خاصة على نطاق واسع، إلا أنه سرعان ما سُحبت هذه «القضية» الفضيحة من التداول الإعلامي.
ومع أنه لا توجد إحصائيات أو أرقام في معدل انخراط النساء في الجريمة بسوريا، فإن متابعة بسيطة لموقع وزارة الداخلية يوضح أن معدلات الجريمة ازدادت، ولا سيما الدعارة وترويج المخدرات والسرقة، وازدادت أيضاً أعداد النساء المنخرطات في الجرائم التي انتقلت من جرائم فردية إلى عمل منظم ضمن عصابات وشبكات واسعة.
ويرجع حقوقيون ارتفاع معدلات الجرائم في سوريا خلال سنوات الحرب، إلى عسكرة المجتمع وانتشار الميليشيات المسلحة وفوضى حمل السلاح، بالترافق مع ارتفاع نسبة الفقر التي تتجاوز 80 في المائة من السوريين، إضافة إلى الاضطرابات العصبية والأمراض النفسية بعد 8 سنوات من الحرب، وغياب الأمن، وتكريس ثقافة الكسب غير المشروع. وتظهر الأرقام الرسمية أن جرائم السرقة تحتل المركز الأول ضمن الجرائم المرتكبة في دمشق خلال العام الماضي، وقد بلغ عددها الإجمالي 1786 جريمة مختلفة، وبلغ عدد الموقوفين فيها 2400 شخص، منها 458 جريمة سرقة، أوقف فيها 733 شخصاً.
تأنيث الجريمة في سوريا... ليس عنواناً مثيراً لفيلم
عصابات نسائية في شوارع دمشق تختطف الفتيات والأطفال
تأنيث الجريمة في سوريا... ليس عنواناً مثيراً لفيلم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة