البرازيل في عهدة اليمين المتطرف

قراءة لأبرز «تجربة ترمبية» في كبرى دول أميركا اللاتينية

البرازيل في عهدة اليمين المتطرف
TT

البرازيل في عهدة اليمين المتطرف

البرازيل في عهدة اليمين المتطرف

عندما أعلن جايير بولسونارو، النقيب المسرَّح من الجيش البرازيلي والنائب المغمور في البرلمان عن مدينة ريو دي جانيرو للمرة السابعة على التوالي، ترشّحه لانتخابات الرئاسة في البرازيل مطلع العام الماضي، كانت نسبة المؤيدين له في كبرى دول أميركا اللاتينية، والسادسة في العالم من حيث المساحة وعدد السكّان، لا تتجاوز 10 في المائة من الناخبين.
كانت حظوظه معدومة في الوصول حتى إلى الجولة الثانية من الانتخابات، وفق إجماع المحللين واستطلاعات الرأي والمراقبين. وكان هؤلاء يعتبرون أن في كونه لا ينتمي إلى أي حزب أو تيّار سياسي له امتداد جغرافي واسع وكتلة نيابية توفّر له الدعم اللازم، إضافة إلى خطابه اليميني المتطرّف الذي يهاجم الأقليّات ويحقِّرها ويحرّض على استخدام أجهزة الأمن أقسى درجات القوة والعنف ويمتدح الديكتاتورية العسكرية التي حكمت البرازيل بالقمع وإلغاء الحريّات، عناصر أكثر من كافية لإخراجه من السباق الرئاسي في مراحله الأولى.
لكن شعبية بولسونارو ذهبت إلى ارتفاع مضطرّد حتى تجاوزت 30 في المائة مع البداية الرسمية للحملة الانتخابية منتصف أغسطس (آب) الماضي، وبدا من شبه المؤكد أن المعركة النهائية ستضعه في مواجهة مرشّح حزب العمّال المتحدّر من أصل لبناني فرناندو حدّاد، وذلك بعدما أصدر القضاء حكمه النهائي بإلغاء ترشيح الرئيس الأسبق لويس إيناسيو دا سيلفا «لولا» الذي يمضي عقوبة بالسجن بتهمة الفساد، وهو الذي كان ما يزال الأوسع شعبية بين كل المرشّحين.

في بداية الحملة الانتخابية الرئاسية في البرازيل تعرّض المرشح اليميني المتطرف جاير بولسونارو، الذي فاز لاحقاً بالانتخابات وتولى مقاليد منصبه رسمياً قبل أيام، لمحاولة اغتيال كادت تودي بحياته. تلك المحاولة أقصته ثلاثة أسابيع عن التواصل مع مؤيديه الذين كانوا يتابعونه بأعداد متزايدة عبر المنصّات الإلكترونية. ولقد تبيّن فيما بعد في أعقاب فوز بولسونارو أنها كانت سلاحه الأقوى الذي عوّض به افتقاره إلى ماكينة انتخابية في بلد مترامي الأطراف، مثل البرازيل، ومُدمن على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إذ يحتلّ المرتبة الثانية في العالم بعد الفلبين.
والحقيقة أنه عندما ظهرت نتائج الجولة الأولى التي فاز بها بولسونارو بفارق عشر نقاط مئوية عن منافسه الاشتراكي فرناندو حدّاد، أيقن الجميع أن هذا الأخير سيحتاج إلى معجزة لقطع الطريق أمام وصول أوّل يميني متطرّف إلى الرئاسة في تاريخ البرازيل الديمقراطي. كذلك أدرك المراقبون أنهم لم يقدّروا أهمية الورقة الرابحة التي راهن عليها بولسونارو منذ البداية، وهي الرفض العارم لحزب العمّال وقياداته بسبب الفساد الذي استشرى خلال ولايتَي «لولا» وبداية ولاية «خليفته» الاشتراكية ديلما روسّيف التي أقيلت من منصبها في عام 2016.

الرهان الصائب

وبالفعل، جاءت الجولة الثانية لتؤكّد عمق الاستياء الشعبي من سياسات حزب العمّال وممارساته، وصواب رهان بولسونارو الذي لم يتوقّف الناخبون عند شطحاته العنصرية وتصريحاته المهينة بحق المرأة والأقليّات... بل تماهوا مع وعوده برفض التساهل مع العنف والفساد.
وهكذا، بعد 13 سنة من حكم اليسار، وسنتين من المراوحة السياسية مع الرئيس الوسطي السابق ميشال تامر، الذي خلف ديلما روسّيف، فتحت البرازيل صفحة جديدة على المجهول في تاريخها السياسي.
البرازيل اليوم يحكمها أوّل نظام يميني متطرّف وصل إلى الحكم عن طريق الانتخابات الحرة، بقيادة رئيس توعّد بتقليص حقوق الطبقة العاملة وتجاهل تغيّر المناخ، وأعلن أن «الاستثمار في الثقافة ليس مجزياً»، وفتح الأبواب واسعة أمام المحافظين الإنجيليين و«العسكر» لإدارة القوة الاقتصادية الأولى في أميركا اللاتينية والثامنة في العالم.

يوم التنصيب

وقف بولسونارو أمام آلاف المحتشدين يوم تنصيبه في ميدان السلطات الثلاث، الاشتراعية والإجرائية والقضائية، في العاصمة برازيليا. ورفع راية البرازيل يلوّح بها قائلاً: «رايتنا لن تكون حمراء أبداً» في إشارة تحدٍّ إلى حزب العمّال واليسار. ثم أضاف: «أنا لست المخلّص، لكن ليس بوسع البرازيل أن تواصل جنوحها إلى الشيوعية والاشتراكية والشعبويّة التي تقضي على القيم العائلية».
في تلك الأثناء كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرسل له تغريدة يقول فيها: «الولايات المتحدة إلى جانبك»... ليردّ عليها بقوله: «معاً بحماية الله، سنحمل الازدهار والتقدّم لشعبينا». وفي عين المكان، كان في طليعة المصفّقين للرئيس اليميني الجديد «رفيقا فكر وممارسة» هما رئيس وزراء المجر اليميني المتطرف فيكتور أوروبان ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان يختتم زيارة رسمية إلى البرازيل، بعدما وعده بولسونارو بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. وكي لا يترك بولسونارو مجالاً للشك حول عزمه على السير في الاتجاه المعاكس تماماً للحكومات اليسارية السابقة، فإنه كان قد سحب الدعوات التي وجهها سلفه - كما هو مألوف في مثل هذه المناسبات - إلى رؤساء فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا لحضور حفل تنصيبه، وهو ما ينذر بتغيير جذري في المعادلة الإقليمية بأميركا اللاتينية.
هذا، بالنسبة للبعد الدولي، ولكن ما لفت انتباه المراقبين بشكل خاص كان غياب المعارضة البرازيلية عن حفل التنصيب، وذلك لأول مرة في تاريخ الديمقراطية البرازيلية، لاعتبارها «أن الحقد الذي يظهره الرئيس المنتخب تجاه حزب العمّال ينبع من مشروع الاستيلاء على المؤسسات وتأسيس دولة بوليسية والقضاء على المنجزات التاريخية التي حقّقها الشعب البرازيلي».

مخاوف... وتوقّعات

صحيح أن البرازيليين لا يشعرون اليوم بالخوف الذي تملّكهم من «العسكر» طوال 21 سنة من الحكم الديكتاتوري الذي امتد بين 1964 و1985. لكن التصريحات والمواقف الكثيرة التي أطلقها بولسونارو إبّان الحملة الانتخابية عن «محاسن» الحكم العسكري و«مزايا» الديكتاتورية، تطرح علامات استفهام، وتثير مخاوف حول دور «العسكر» في حكومة ثلث أعضائها من ضبّاط القوات المسلحة المتقاعدين، على رأسهم الجنرال المتقاعد هاملتون موراو، المعروف بمواقفه المتشددة، الذي يتولّى منصب نائب الرئيس بصلاحيات واسعة غير ملحوظة في الدستور البرازيلي.
أيضاً توقّف المراقبون عند تكليف جنرال متقاعد آخر معروف بمواقفه المؤيدة للحكم الديكتاتوري، هو ألبرتو سانتوس كروز، بتولي حقيبة العلاقات مع الكونغرس التي يعوّل عليها بولسونارو كثيراً لضمان الغالبية البرلمانية التي تمكّنه من تنفيذ وعوده الانتخابية.
ومن ثم، فالتوقعات الأولى تشير إلى أن البرازيل مقبلة على مرحلة حافلة بالاحتجاجات العمالية والاضطرابات الاجتماعية ضد برنامج الحكومة الجديدة. وخاصة أن هذا البرنامج يتضمّن خصخصة معظم المؤسسات والشركات العامة، وإلغاء كثير من برامج المساعدة للطبقات الشعبية والفقيرة، والسماح باستغلال مساحات واسعة من غابة الأمازون، والترخيص لبيع الأسلحة للمدنيين، وإطلاق يد الأجهزة الأمنية لمكافحة الجريمة. لكن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى أن 75 في المائة من البرازيليين يؤيدون التدابير التي اتخذها بولسونارو خلال الفترة الانتقالية، وإلى أن هذا التفاؤل يشمل أيضا مستقبل القطاع الاقتصادي إذ يعتبر 47 في المائة منه أن نسبة البطالة ستتراجع، خاصة أن وصول بولسونارو إلى الحكم يتزامن مع خروج البرازيل من مرحلة طويلة من الركود الاقتصادي وبداية فترة واعدة من النمو.
في المقابل، يرى البعض أن هذا التفاؤل ليس إلا ظاهرة مرحليّة، وهي ما يعرف بـ«شهر العسل» الذي تنعم به عادة الحكومات الجديدة في بداياتها. كذلك تتساءل الدوائر الدبلوماسية في الدول التي تربطها مصالح تجارية كبيرة مع البرازيل، بتحفظّ شديد وحذر: إلى متى سيدوم هذا التفاؤل في الظروف الدقيقة التي يمرّ بها الاقتصاد العالمي والانقسام السياسي والاجتماعي الحاد الذي تعيشه البلاد بعد انتخاب بولسونارو؟

«مدرسة» ترمب السياسية

لا يخفي الرئيس البرازيلي الجديد إعجابه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويحاول تقليده بشتّى الوسائل. إلا أنه رغم الترحيب الذي لقيه انتخابه لدى الإدارة الأميركية، فإن واشنطن اكتفت بإرسال وزير خارجيتها مايك بومبيو إلى حفل تنصيبه. وبالتالي، فالانطباع العام الذي يسود الدوائر السياسية الدولية المهتمة بمتابعة التطورات المقبلة في البرازيل، هو أن بولسونارو ما زال أسير نشوة الانتصار الذي كان أبعد من حلم منذ أشهر قليلة. وإنه سيضطر قريباً إلى الجنوح نحو الواقعية والاعتدال، فيتخلّى عن الخطاب المتطرف الذي حمله إلى الرئاسة.
المؤشرات الأولى لهذه «الواقعية»، التي ينتظر المراقبون أن تفرض نهجاً أكثر اعتدالاً على خطوات بولسونارو المقبلة، ظهرت مع إعلانه «إعادة النظر» في مسألة الانسحاب من «اتفاقية باريس» حول تغيّر المناخ. وذلك لأن خطوة كهذه من شأنها أن تحرم البرازيل، التي هي من الدول الرئيسية المصدّرة للمنتوجات الزراعية والمواد الغذائية، من شهادات المنشأ التي تتيح لها دخول عدد من الأسواق الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الآسيوية. أيضاً، من المرجّح أن يبقى قراره نقل السفارة إلى القدس المحتلة من غير تفعيل في الوقت الراهن، بعد «التنبيهات» التي نقلها إليه عدد من كبار رجال الأعمال حول التداعيات الاقتصادية السلبية لهذه الخطوة، ولا سيما بالنظر للمصالح التجارية والمالية الضخمة للبرازيل مع عدد من الدول العربية.
مع هذا، هناك مصادر دبلوماسية رفيعة في الأمم المتحدة غير مطمئنة لناحية إحجام البرازيل عن الانسحاب من «اتفاقية باريس»، لا سيما أن أدغال الأمازون تعدّ الرئة الأساسية للأرض وتنتج أكثر من 10 في المائة من الأكسجين في العالم. وهي قلقة حقاً لأنها تتوقع الانسحاب من الاتفاقية، كما سبق أن أعلن بولسونارو خلال حملته الانتخابية.

إشكالية الأراضي الزراعية

وفي سياق متصل، تزداد الخشية من وفاء الرئيس البرازيلي الجديد بوعوده الانتخابية بعد القرار الأول الذي اتخذه بُعيد تنصيبه، عندما قدّم هديّة «سخية» لشركات تربية الماشية والمنتوجات الزراعية والغذائية، التي تتمتّع بنفوذ واسع على حساب حماية البيئة والسكان الأصليين. شركات الماشية والمنتجات الزراعية - بالمناسبة - كانت من القوى الرئيسية التي دعمت حملة بولسونارو الانتخابية بجانب الكنيسة الإنجيلية المحافظة، ولقد أصدر مرسوماً بتفويض وزارة الزراعة كامل صلاحيات تحديد المناطق المحميّة المخصّصة للسكّان الأصليين الذين يزيد عددهم على المليون ويعيشون في نحو 12 في المائة من مساحة البرازيل. ويُعدّ هذا المرسوم الذي يطلق يد وزارة الزراعة في تحديد هذه الأراضي وتسجيل ملكيّتها، ضربة قاسية للمنظمات والجمعيات المدافعة عن البيئة وعن حقوق السكّان الأصليين، خاصة، أن تيريزا كريستينا دياز، وزيرة الزراعة الجديدة، كانت حتى تعيينها رئيسة للكتلة البرلمانية التي تمثّل مصالح الشركات الزراعية والغذائية الكبرى التي تطالب منذ سنوات بمثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تفتح مساحات شاسعة من أدغال الأمازون لاستغلاها في الزراعة وتربية الماشية. وعلى طريقة الرئيس ترمب شرح بولسونارو قراره في تغريدة: «أقلّ من مليون شخص يعيشون في مناطق منعزلة تماماً في البرازيل، تستغلّهم وتتحكم بهم منظمات غير حكومية، وسنعمل معاً من أجل إدماج هؤلاء المواطنين والنهوض بأوضاعهم».

وزارة العدل... والقضاء

من الوزارات الأخرى التي تتجّه أنظار المراقبين إليها لمعرفة خطوات الرئيس بولسونارو المقبلة وزارة العدل التي يتولاها سيرجيو مورو، القاضي الذي حكم بسجن الرئيس الأسبق لولا، خصم بولسونارو اللدود، وألغى ترشيحه للرئاسة. وفي أوّل تصريح لمورو بعد تسلّمه منصبه «المهمّة الأولى التي أوكلها إلى الرئيس هي إنهاء حالات الإفلات من العقاب»، ما يوحي بأن أول المستهدفين سيكون الرئيس السابق ميشال تامر، الذي وصل إلى رئاسة الدولة بعد عزل ديلما روسّيف، التي كان نائباً لها. وكان تامر قد استطاع الإفلات من المحاكمة والعزل بفضل تأييد غالبية الأعضاء في مجلس الشيوخ الذين كان يخشى معظمهم المصير نفسه في حال رفع الحصانة عنهم. ويتوقّع المراقبون أن تتسارع الإجراءات القضائية لملاحقة تامر بعد إسقاط الحصانة الرئاسية عنه، ما سيفتح الباب واسعاً أمام مسلسل من المحاكمات التي قد تقضي تباعاً على كثير من خصوم بولسونارو.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».