يتم تشخيص اضطرابات الإبصار الشائعة، أي طول النظر وقصر النظر، عبر إجراء فحص شامل للعين. وهو الفحص الذي يستخدم الطبيب فيه مجموعة من الأجهزة الطبية للتأكد من سلامة الأجزاء الأساسية في العين التي من خلالها تتمكن من توصيل صورة الأشياء التي نراها إلى الدماغ. وهي ما تشتمل على وجه الخصوص: قرنية العين وعدسة العين وشبكية العين والعصب البصري.
وبعد التأكد من حالة تلك الأجزاء العينية، يتم إجراء قياس قدرات الإبصار عبر تقييم «حالة الانكسار الضوئي» في كل عين. وبالنتيجة، يُقدم الطبيب نصيحته بالنسبة لتصحيح الخلل العيني الذي يتسبب بعدم وضوح رؤية الإبصار.
- تصحيح النظر
وغالباً ما تكون المعالجة المقترحة من الطبيب «عدسات تصحيحية»، يتم استخدامها على هيئة ارتداء نظارة بعدسات ذات قوة تختلف بحسب الضعف الذي تمت ملاحظته من خلال الفحص العيني، سواء في طول أو قصر النظر. وفي حال وجود اضطرابات مرضية تتطلب العلاج بغير عدسات النظارة، أي مثل إعتام الماء الأبيض في عدسة العين، أو وجود اضطرابات في صفاء القرنية، أو وجود اضطرابات في شبكية العين، فإن الطبيب سينصح بما هو ملائم لها كعلاج طبي ربما يُغني عن استخدام العدسات التصحيحية أو قد لا يُغني.
العلاج بالعدسات، لطول أو قصر البصر، يهدف إلى المساعدة في تركيز الضوء على الشبكية من خلال استخدام العدسات التصحيحية للنظارة. ورغم أن مضمار معالجة عيوب الإبصار تطور بشكل مضطرد خلال العقود الثلاثة الماضية، فإن «النظارة» لا تزال هي الأساس وهي الأكثر شيوعاً في وسائل علاج عيوب الإبصار. كما لا تزال «العدسات اللاصقة» واسعة الانتشار وتوفر حلاً علاجياً ملائماً ومريحاً للكثيرين. وبمقابل «النظارة» و«العدسات اللاصقة»، هناك الوسيلة الجراحية لعلاج عيوب الإبصار. وهي الوسيلة التي بدأت بـ«المشرط»، ثم تطورت بشكل مذهل نحو تقنيات جراحية مختلفة باستخدام «الليزر».
- قصر وبُعد النظر
وفي حالات قصر النظر Myopia يحصل خطأ في وضعية صورة الشيء المرئي، بحيث تسقط بؤرة ضوء الشيء المرئي أمام أو قبل بلوغ سطح الشبكية. وغالباً ما يكون الخلل في نقص انحناء القرنية أو شكل مقلة العين نفسها، أي عندما يكون محور المقلة طويلا. وفي هذه الحالات لا تكون ثمة مشكلة في رؤية الأشياء القريبة أثناء القراءة أو الكتابة، بل المشكلة هي في وضوح رؤية الأشياء البعيدة. وللتوضيح، في العادة يبلغ طول محور العين، أي من القرنية إلى الشبكية، نحو 4.2 (اثنين فاصلة أربعة) سنتيمتر، وبهذا الطول تتمكن عدسة العين من تجميع شعاع ضوء صورة ما نشاهده في الشبكية مباشرة، ما يُمكّن الشبكية من نقل صورة واضحة يراها الدماغ.
وفي حالات بُعد النظر Hyperopia، تصعب رؤية الأشياء القريبة بوضوح، وخاصة بسبب ضعف مرونة عدسة العين وعدم قدرة عدسة العين على متطلبات رؤية الأشياء القريبة. وبالتالي يحصل خطأ في وضعية صورة الشيء المرئي، بحيث تسقط بؤرة ضوء الشيء المرئي خلف أو بعد سطح الشبكية.
وهناك حالات يُمكن الوقاية منها، ولكن غالبية الحالات الشائعة من قصر أو بعد النظر لا توجد طريقة ثابتة الفائدة ومتفق عليها بين الأطباء لمنع الإصابة بها. ولذا تبقى المعالجة بالتصحيح البصري عبر استخدام النظارات أو العدسات اللاصقة هي العلاج الأكثر شيوعاً في الحالتين. وتهدف العدسات إلى تقديم موازنة نقص انحناء القرنية أو الطول الزائد للعين في حالات قصر النظر، كما تهدف العدسات في حالات طول النظر إلى تسهيل تجميع الصورة على الشبكية وليس بعدها. والمعالجة الجراحية لقصر النظر تهدف إلى تحسين تركيز العين عن طريق تسطيح أو إعادة تشكيل الجزء المركزي من القرنية، وكذلك يُمكن إجراء المعالجة الجراحية لطول النظر.
- عدسات متنوعة
وفي جانب عدسات النظارات، هناك عدسات ثنائية البؤر، وثلاثية البؤر، إضافة إلى عدسات متدرجة تُمكن من تصحيح قدرات إبصار القريب والبعيد، هذا بالإضافة إلى عدسات القراءة لتوضيح القريب.
والعدسات اللاصقة شهدت تطورات واسعة خلال العقود الماضية، وبدأت كعدسات صلبة، ثم لينة، ثم ذات الاستخدام الواحد. ولأن ثمة حالات لا تزال تحتاج إلى عدسات صلبة، توفرت أنواع منها ذات قدرة على إنفاذ الهواء ما يسمح بارتدائها لفترات أطول. كما أن بدايات العدسات اللاصقة كانت لعلاج قصر النظر وعدم القدرة على رؤية الأشياء البعيدة بوضوح، وتطورت نحو أنواع تُمكن من تصحيح قصر وبعد النظر، أي ثنائية البؤرة. وفي حالات الإصابة بكل من قصر وبعد النظر، تتوفر حلول علاجية باستخدام العدسات اللاصقة. ومن تلك الحلول العلاجية تصحيح العين التي يستخدمها المرء عادة في رؤية الأشياء البعيدة، أو ما تُسمى «العين السائدة»، كما يمكن في نفس الوقت استخدام عدسات لاصقة للرؤية القريبة في العين الثانية «غير السائدة». وصحيح أن بعض الأشخاص قد يُعانون من صعوبات في التكيف مع هذا الحل العلاجي نتيجة فقد قدرة الرؤية الثلاثية الأبعاد بوضوح، ولكن البعض الآخر قد يجد فيه الحل لاستخدام النظارة القريبة مع ارتداء العدسات اللاصقة. وهناك حل علاجي آخر عبر ارتداء عدسات لاصقة ثنائية البؤر في العين غير السائدة، وارتداء عدسة لاصقة توصف لرؤية الأشياء البعيدة في العين السائدة. وحينها يُمكن للمرء استخدام العينين لرؤية الأشياء البعيدة واستخدام عين واحدة لرؤية الأشياء القريبة.
- علاجات جراحية
والعلاج الجراحي لاضطرابات انكسار العين يشمل بالدرجة الأولى والشائعة علاج حالات قصر النظر، ولكن أيضاً هناك جراحات لعلاج بعد النظر. وهذه المعالجات الجراحية تعمل على إعادة تشكيل انحناء قرنية العين، وهي غلاف العين الشفاف الذي عبره يمر ضوء الأشياء التي نراها. وتشمل أساليب جراحة عيوب انكسار العين كلا من: عمليات الليزاك LASIKوعمليات الليزيك LASEK، وأنواع أخرى من تقنيات العمليات الجراحية للقرنية.
عمليات الليزاك LASIK، أو «تصحيح تحدب القرنية في موضعها بمساعدة الليزر»، هي شكل من أشكال الجراحة التي تهدف في المقام الأول إلى تحسين قدرات إبصار أولئك الذين لديهم طول أو قصر النظر أو الذين لديهم الاستغماتيزمAstigmatism، وذلك عبر إجراء تغيير في شكل القرنية بما يسمح للضوء من دخول العين بشكل مختلف، وبالتالي تصحيح نقص البصر لدى المريض. وفيها يتم إجراء تصحيح تحدّب القرنية وهي في موضعها باستخدام الليزر. وفي الخطوة الأولى يقوم الجراح باستخدام أداة مشرط دقيقة (ميكروكيراتوم) لإزالة طبقة شبه دائرية رقيقة جداً من سطح القرنية مع الإبقاء على جزء صغير من تلك الطبقة التي تم كشطها ليكون ذلك الغلاف متصلاً بالقرنية. وهناك وسيلة أحدث بدلاً من مشرط ميكروكيراتوم وهي أداة فيمتوسكند الليزرFemtosecond Laser. ثم في الخطوة الثانية، يستخدم جراح العيون جهاز الليزر الإكسيمري لإزالة جزء من النسيج الداخلي للقرنية، أي طبقات من مركز القرنية، من أجل جعل شكلها المقبب والبارز أكثر انحدراً. ومقدار سُمك الإزالة من نسيج القرنية يتم تقديره حسب نوع ودرجة عيب الإبصار. وفي الخطوة الثالثة يتم إعادة الطبقة السطحية للقرنية لوضعها الطبيعي لتلتحم من دون الحاجة لأي غرز جراحية. والجراحة نفسها غير مؤلمة، وتستمر من 15 إلى 30 دقيقة فقط، مع استئناف معظم المرضى للأنشطة العادية في غضون يومين من إتمام العملية الجراحية هذه. ومن المهم أن يُريح المريض العينين ويُراعي أنها لا تتلامس مع أي مواد غريبة مثل الشامبو وكريم الوجه والماكياج ما بعد عملية الليزاك في العين، وهذا يعني عدم غسل الشعر أو حتى الاستحمام بالماء الحار (بسبب البخار)، وارتداء النظارات الشمسية عند الخروج في الشمس وتجنب أي رياضة فيها احتكاك مع الغر لمدة تصل إلى شهر. وتشمل الأنشطة الأخرى التي ينبغي تجنبها السباحة وقيادة السيارة لمدة تصل إلى أسبوع بعد الجراحة.
-وعمليات الليزيك LASEK، أو «اقتطاع القرنية تحت الظهارية بمساعدة الليزر»، هي شكل آخر من أشكال الجراحة التي تهدف في المقام الأول إلى تحسين قدرات الإبصار. وفي هذه العملية، وخلافاً لعملية الليزاك، فإن الجراح بدلاً من أن يشكل سديلة في القرنية (أي طبقة شبه دائرية رقيقة جداً من سطح القرنية) كما في عمليات الليزاك، فإنه يكتفي بتشكيل سديلة في الغطاء الرقيق الواقي للقرنية (أي طبقة ظهارة القرنية) فقط. ويستخدم الجراح جهاز الليزر الإكسيمري لإعادة تشكيل الطبقات الخارجية للقرنية لجعل تحدّبها أكثر انحداراً وأقل تقبباً. ثم بعد إتمام هذه الخطوة يعيد وضع طبقة السديلة الظهارية للقرنية.. لتسهيل التعافي، يمكنك وضع ضمادة العدسة اللاصقة عدة أيام بعد الإجراء. وخلال ما بين ثلاثة إلى ستة أيام يستعيد المريض قدرات الإبصار العادية، وقد يستغرق الأمر ما يصل إلى شهر حتى تتحقق الغاية المنشودة في قدرات الإبصار.
وهذا النوع من عمليات تصحيح النظر مناسبة لمجموعة من المشاكل الانكسارية في العين، بما في ذلك قصر النظر، وطول النظر والاستغماتيزم (اللابؤرية). وهو حل جراحي مثالي للمرضى الذين يعانون من قرنيات رقيقة أو الأشخاص الذين ينخرطون في أنشطة تحمل مخاطر إصابات الوجه، مثل اللاعبين الرياضيين وغيرهم. وقد يشعر بعض المرضى بإحساس وخز خفيف أو حتى بألم معتدل خلال المراحل الأولى من الشفاء. وتشمل بعض المضاعفات المحتملة التي يمكنها أن تحدث بعد إجراء جراحة عيوب انكسار العين إما تصحيح أقل مما هو مطلوب وإما تصحيح أكتر مما هو مطلوب لمشكلة الإبصار الأساسية، كما قد تحدث مضاعفات مثل رؤية هالة أو نجمة مشعة حول الأضواء، أو ازدواجية الرؤية، أو جفاف العين، أو العدوى الميكروبية، وهي جوانب تتم مناقشتها مع الطبيب المعالج.
*استشارية في الباطنية