النفط والغاز يعكران صفو العلاقات الروسية ـ البيلاروسية

مينسك تصر على سوق موحدة في مجال الطاقة لدول الاتحاد الأوراسي

هيمنت الخلافات بسبب النفط والغاز بين روسيا وحليفتها الأهم بيلاروسيا على أجواء قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في بطرسبورغ الأسبوع الماضي (رويترز)
هيمنت الخلافات بسبب النفط والغاز بين روسيا وحليفتها الأهم بيلاروسيا على أجواء قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في بطرسبورغ الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

النفط والغاز يعكران صفو العلاقات الروسية ـ البيلاروسية

هيمنت الخلافات بسبب النفط والغاز بين روسيا وحليفتها الأهم بيلاروسيا على أجواء قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في بطرسبورغ الأسبوع الماضي (رويترز)
هيمنت الخلافات بسبب النفط والغاز بين روسيا وحليفتها الأهم بيلاروسيا على أجواء قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في بطرسبورغ الأسبوع الماضي (رويترز)

هيمنت الخلافات بين روسيا وحليفتها الأهم بيلاروسيا على أجواء قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في بطرسبورغ، الأسبوع الماضي، وترددت أصداء الملفات الخلافية بعد القمة، حين أعلنت ناتاليا إيسمونت، المتحدثة باسم الرئاسة البيلاروسية، أن بلادها ستخسر خلال 4 سنوات نحو 11 مليار دولار، نتيجة ما يُعرف باسم «المناورة الضريبة للقطاع النفطي» في روسيا.
وهذه ليست المرة الأولى التي تطفو فيها خلافات حادة حول ملفات اقتصادية بين دول أعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إلا أنها تبرز بصورة خاصة، وعلى نحو مستمر بين حكومتي موسكو ومينسك، وذلك على الرغم من وجود اتفاقية اتحادية بينهما، فضلاً عن شراكاتهما عبر أكثر من منظمة تكامل إقليمي. وتتركز القضايا التي توجه فيها مينسك انتقادات إلى الحلفاء في موسكو على تنظيم التجارة بين البلدين بما يتناسب مع طبيعة العلاقات الثنائية، وبموجب الاتفاقيات ضمن الاتحاد الاقتصادي، التي يفترض أنها تضمن قوانين موحدة في التعامل مع مختلف الكيانات الاقتصادية في كل واحدة من الدول الأعضاء في الاتحاد، بما في ذلك أسعار موحدة على السلع، ورسوم جمركية موحدة، وما إلى ذلك.
ونقلت وكالة «بيلتا» البيلاروسية للأنباء عن إيسمونت قولها إن بيلاروسيا قد تخسر 11 مليار دولار خلال أربع سنوات، بسبب المناورة الضريبية للقطاع النفطي الروسي، والتي تنص على تخفيض رسوم تصدير النفط الروسي الخام من 30% حالياً حتى «الصفر» بحلول عام 2024، مقابل رفع ضريبة الإنتاج (استخراج ومعالجة النفط وغيره من مواد خام). وبموجب الاتفاقيات الروسية – البيلاروسية الثنائية، وفي إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، تحصل بيلاروسيا سنوياً على 24 مليون طن نفط من روسيا معفاة من الرسوم الجمركية، يقوم الجانب الروسي بتصدير جزء منها إلى الأسواق خارج حدود الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وتحتفظ الخزينة البيلاروسية بحصة قدرها 1.5 مليار دولار من رسوم تصدير تلك الكميات، وكل ما يزيد على ذلك يذهب لصالح الخزينة الروسية.
ومع بدء العمل بالمناورة الضريبية ستخسر الميزانية البيلاروسية عائدات تصدير النفط الروسي. وفي الشق الآخر سيؤدي رفع ضريبة الإنتاج إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية الروسية للسوق البيلاروسية، ذلك أن الحكومة الروسية قدمت تسهيلات داخلية لضبط الأسعار في السوق المحلية، ولا تشمل تلك التدابير صادرات المشتقات النفطية إلى بيلاروسيا.
وأشارت إيسمونت إلى أن الوضع حول تحديد أسعار النفط الروسي للسوق البيلاروسية تتخلله تعقيدات، لا بالنسبة إلى صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا فقط بل إلى دول أخرى أعضاء في الاتحاد الاقتصادي، مثل أرمينيا وقرغيزيا.
إلى ذلك يبدو أن مشكلة أسعار صادرات الغاز الروسي إلى بيلاروسيا ما زالت عالقة. على الأقل هذا ما يمكن استنتاجه من الجدل «الساخن» الذي دار بين الرئيسين فلاديمير بوتين وألكسندر لوكاشينكو خلال الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إذ اعترض الرئيس البيلاروسي بلهجة حادة، خلال تلك الجلسة التي كانت بحضور وسائل الإعلام، على «أسعار الغاز المرتفعة جداً» لبلاده، وقال مخاطباً بوتين: «لدينا شروط (في مجال الغاز) أسوأ من المتوفرة لألمانيا»، إلا أن الرئيس الروسي، الذي بدا عليه الاستياء مما سمعه، سارع للرد وأكد: «هذا كلام غير صحيح، تدفع مينسك 129 دولاراً، بينما تدفع برلين 250 دولاراً عن كل ألف متر مكعب من الغاز».
مع ذلك لم يتراجع لوكاشينكو عن موقفه، وأصر على بقاء عقبات كثيرة تَحول دون تطبيق اتفاقيات الاتحاد الاقتصادي، التي ترى مينسك أنها تعني تشكيل فضاء اقتصادي موحد، يخضع فيه الجميع للقوانين والشروط ذاتها في التعاملات التجارية، بما في ذلك توحيد أسعار النفط والغاز لأسواق الدول الأعضاء في الاتحاد، وأشار بهذا الصدد إلى عقبات وقيود ما زالت موجودة تَحول دون تشكيل ذلك الفضاء الموحد، وبصورة خاصة «عراقيل تجارية ورسوم جمركية، فضلاً عن عدم اتخاذ قرار حول توحيد سعر الطاقة ضمن دول الاتحاد، لا سيما بين روسيا وبيلاروسيا». تجدر الإشارة إلى أن النفط والغاز كانا أحد أهم مصادر الخلافات التي شابت العلاقات بين البلدين أكثر من مرة طيلة السنوات الماضية، فضلاً عن خلافات حول قضايا أخرى في التعاون الاقتصادي - التجاري بينهما.
وبينما قالت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الحكومية الروسية، إن الجانبين، الروسي والبيلاروسي، اتفقا على بروتوكولات بشأن حجم النفط ومشتقاته إلى بيلاروسيا خلال الفترة المتبقية من العام الحالي 2018 وطيلة عام 2019، تشير النتائج المعلنة في البيان الختامي عن قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، في بطرسبورغ، الأسبوع الماضي، إلى أنهما لم تتوصلا بعد إلى اتفاق حول الملفات الخلافية. وقال تيغران ساركيسان، رئيس اللجنة الاقتصادية في الاتحاد، إن المشاركين في القمة تمكنوا من اعتماد برنامج فقط لتشكيل سوق موحدة داخل دول الاتحاد للنفط والمشتقات النفطية، لافتاً في غضون ذلك إلى عدم حصول إجماع بشأن آليات تقاسم رسوم الصادرات بين دول الاتحاد.
ويبدو أن تلك الملفات الخلافية تمت إحالتها لبحثها في إطار العلاقات الثنائية الروسية - البيلاروسية بعيداً عن الاتحاد الأوراسي، إذ أكد دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، أن الرئيسين بوتين ولوكاشينكو «اتفقا على عقد لقاء جديد حتى نهاية العام الحالي، بصورة رئيسية لتنشيط الحوار حول تلك القضايا الخلافية في العلاقات الثنائية».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.