العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر

عشر سنوات في عهد إردوغان ضاعفت التعاون مع الدولة العبرية عشرات المرات

العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر
TT

العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر

العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر

تعد القضية الفلسطينية من المواد الأساسية في الحرب الدعائية التي تسبق الانتخابات الرئاسية التركية المقررة بعد أقل من أسبوعين، بسبب التعاطف التركي الكبير مع الشعب الفلسطيني.
لهذا كان لاتهامات المعارضة التركية لحكومة حزب العدالة والتنمية إبقاء التعاون العسكري مع إسرائيل، وقع كبير في الشارع التركي المتحفز، مما استدعى قيام رئيس الحكومة رجب طيب إردوغان بإصدار بيان مفصل يرد فيه على كل هذه الاتهامات. ويدرك إردوغان جيدا، أن ارتباط اسم حكومته بالتعاون مع إسرائيل، في خضم الحرب الدائرة في غزة، يمثل مغامرة غير محسوبة العواقب، ولهذا كان جازما في نفي تقارير عدة صدرت عن استمرار التعاون العسكري وتوريد النفط العراقي إلى إسرائيل، بالإضافة إلى استعمال قاعدة الإنذار المبكر في ملاطيا، لصالح القبة الحديدة الإسرائيلية برصد أي صواريخ تطلقها التنظيمات الفلسطينية وتحديد أماكنها.
وتعد تركيا، من أكثر الدول الإسلامية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، وهي علاقات – للمفارقة – نمت بشكل كبير خلال حكم الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، وتراجعت خلال حكم العلمانيين، لكن العلاقات العسكرية بقيت على حرارتها بخلاف الأوضاع السياسية، فكان التعاون وثيقا بين الطرفين، انطلاقا من مساعي الولايات المتحدة إلى إنشاء تحالف يواجه المد الشيوعي، كما أن عضوية البلدين في حلف شمال الأطلسي تشكل بدورها معيارا أساسيا لاستمرار التعاون العسكري.
وكانت إسرائيل المنفذ الوحيد لتركيا، بعد عقوبات أوروبية – أميركية على قطاعها العسكري جراء غزوها شمال جزيرة قبرص عام 1978، حيث قامت إسرائيل بتحديث الجيش التركي وكانت الشركات الإسرائيلية لاعبا أساسيا في الحقل العسكري التركي.
ورغم إعلان تركيا تعليق التعاون العسكري بين البلدين، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على قافلة المساعدات التركية إلى غزة عام 2010، ومقتل عشرة أتراك على متن السفينة «مافي مرمرة» التي هاجمتها البحرية الإسرائيلية، فإن تقارير عدة أشارت إلى استمرار هذا التعاون، من خلال اتفاقات موقعة بين البلدين يزيد عدد العسكري منها على 60 اتفاقية.
ويعود آخر تعاون عسكري معلن بين البلدين إلى عام 2013، حيث ذكرت مصادر بالحكومة التركية أن شركة إسرائيلية زودت تركيا بمعدات عسكرية. وقالت المصادر إن شركة «إيلتا» الدفاعية الإسرائيلية سلمت تركيا أجهزة إلكترونية بقيمة 100 مليون دولار لأربع طائرات مزودة بنظام الإنذار والمراقبة المحمول جوا (أواكس). وقال مسؤول بوزارة التركية حينها إن «تركيا اشترت الأجهزة من (بوينغ) والشركة الإسرائيلية هي مجرد وكيل لـ(بوينغ) ، وهو ما يعني أن علاقتنا المباشرة هي مع (بوينغ) فقط وليس مع إسرائيل». لكن مصدرا بقطاع الصناعة العسكرية الإسرائيلية أكد الصفقة. وقال المصدر إن إسرائيل لم تكن ترغب في بادئ الأمر في إتمام صفقة شركة «إيلتا»، لكنها عدلت عن موقفها عام 2011 في أعقاب طلبات من «بوينغ». كما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن إسرائيل قامت بإمداد تركيا بمنظومات عسكرية متطورة.
وعلى الرغم من تراجع العلاقات بين البلدين بعد حرب عام 2009 في غزة، فإن عام 2010 حمل معه قفزة نوعية في العلاقات العسكرية. فقد زار حينها وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك أنقرة، ووصفت الزيارة بأنها نجحت في إعادة العلاقات بين البلدين إلى مسار إيجابي. وكشف مصدر مرافق له أن هناك 60 معاهدة سارية المفعول للتعاون المشترك في قضايا الأمن والعسكر. وقال المصدر إن هذه المعاهدات كانت في حالة خطر بسبب تأزم العلاقات السياسية بين إسرائيل وتركيا، خصوصا في فترة عملية «الرصاص المصبوب». وقد بذلت جهود خارقة من باراك ومسؤولين إسرائيليين آخرين لإعادة المياه إلى مجاريها، لكن إهانة السفير التركي في تل أبيب في مكتب نائب وزير الخارجية، داني أيلون، أعادت العجلة إلى الوراء. والآن، بعد نجاح زيارة باراك، اتفق الجانبان على الاستمرار في تفعيل هذه المعاهدات وتوسيع نطاقها.
والمعاهدات المذكورة تتعلق بعدة صفقات أسلحة وخدمات تبيعها إسرائيل إلى تركيا، بينها: تزويدها بعشر طائرات تجسس مقاتلة بلا طيار من طراز «هارون» الإسرائيلية الصنع، تحديث طائرات «فانتوم» التركية المقاتلة في مصانع شركة سلاح الجو في تل أبيب، تحديث دبابات تركية قديمة، تعاون أمني واسع في إطار «مكافحة الإرهاب»، تدريبات مشتركة على القتال، جوا وبحرا وبرا، تدريبات مشتركة على الإنقاذ وتزويد الجيش التركي بأجهزة اتصال ذات تقنية إلكترونية حديثة، تبادل المعلومات في مجال الأمن وغيرها. وقال باراك،، في تلخيصه هذه الزيارة إنها كانت بالغة الأهمية وفي بعض الأحيان مفاجئة في الحميمية. ولفت باراك إلى تصريحات وزير الدفاع التركي، محمد وجدي غونول، الذي قال إن هناك علاقات تحالف استراتيجي بين البلدين ما دامت مصالحهما المشتركة تتطلب ذلك. وأضاف: «نحن لا نستخدم كلمة (تحالف) حتى لوصف علاقاتنا مع الولايات المتحدة، أكبر أصدقاء إسرائيل، ولذلك فعندما يستخدم قادة تركيا هذا التعبير، وتركيا تعد دولة كبرى في الشرق الأوسط، فهذا يعني الكثير».
ويقول تركار إيرترك، من معهد الأبحاث الاستراتيجية، وهو لواء متقاعد ومدير الكلية البحرية سابقا لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات التركية الإسرائيلية بدأت قبل 60 عاما ولكن في الـ50 عاما الأولى كانت محدودة جدا، وكانت إسرائيل في كل مناسبة تسعى إلى تطوير وزيادة هذه العلاقات ولكن الدولة التركية كانت تعد أن تطويرها سيضر بالمصالح مع الدول العربية والإسلامية».
ويضيف: «إردوغان يهاجم ويشتم ويلعن إسرائيل في كل صباح ومساء وفي كل مكان لحملاته الانتخابية. في المقابل فإن العلاقات الإسرائيلية - التركية التي يبلغ عمرها 60 عاما تضاعفت عشرات المرات خلال حكم إردوغان في العشر سنين الماضية فرفعت تركيا التأشيرات للإسرائيليين من جانب واحد وقامت ببيع مياه نهر منفجات الذي يصب في المتوسط ومنحت الشركات الإسرائيلية تحديث طائرات مقاتلة تركية قديمة واشترت من إسرائيل طائرات دون طيار ووصل حجم التجارة في المجال الزراعي إلى القمة كما في المجال السياحي». ويشير إيرترك إلى أن تركيا تعفي الأحجار الكريمة التي تأتي من إسرائيل من أي ضرائب ولهذا تعد جنة لتجار الجواهر التركية وهذا حصل في عهد إردوغان
ويرى إيرترك، وهو من معارضي سياسة إردوغان أن «الهدف الرئيس لإنشاء قاعدة الإنذار المبكر في كوراجيك بمدينة ملاطيا هو حماية وأمن إسرائيل». ويقول: «هناك مشروع ينفذ في المنطقة لمساعدة إسرائيل على السيطرة الكاملة على حقول الغاز الموجودة شرق المتوسط ونقلها بخطوط غاز عبر البحر إلى تركيا ومن هناك إلى أوروبا، ولكن من أجل هذا أيضا يجب أن تقبل قبرص بأن تلعب تركيا هذا الدور ولهذا تسرع حكومة إردوغان في مساعيها لحل المعضلة القبرصية بأي شكل حتى لو كان على حساب جمهورية شمال قبرص التركية».
فعلى سبيل المثال أصدر مركز الإحصاء في تركيا تقريره للتجارة الخارجية التركية لعام 2014 وفوجئنا بأن التجارة بين تركيا وإسرائيل في الأشهر الستة الأولى مقارنة بالأشهر الستة الأولى لعام 2013، زادت بنسبة 24.9 في المائة، فقد وصل مقدار الصادرات إلى إسرائيل 265 مليون دولار، كما أن مجموع حجم التجارة بين البلدين وصل إلى واحد مليار و617 مليون دولار وهذا يعني أن حكومة العدالة تستورد من إسرائيل ستة أضعاف ما تصدر لها.
وهذا الفارق الشاسع بين الصادرات والواردات يأتي من الأسلحة والمعدات التي تشتريها تركيا من إسرائيل، فمثلا قامت حكومة إردوغان بدفع مبلغ 900 مليون دولار للشركات الإسرائيلية لتحديث أسطولها الحربي من طائرات «فانتوم إف 4 واف 5»، ودفعت أيضا 500 مليون دولار لتحديث 170 دبابة من طراز إم60، كما يوجد اتفاق على شراء صواريخ «دليلة» التي بلغ مداها 400كم، كما أن الكونغرس الأميركي وافق لإسرائيل على بيع تركيا صواريخ «أرو» المشتركة الصنع بقيمة 150 مليون دولار، كما أن تركيا ما زالت تنتظر باقي صفقة طائرات «هارون» دون طيار وهي عشر طائرات بلغت تكاليفها 183 مليون دولار
باختصار التجارة بين البلدين هي لصالح إسرائيل لأنها تصدر وتبيع لحكومة العدالة الأسلحة، ففي عام 2002 لم يكن حجم التبادل التجاري بضعة ملايين من الدولارات اليوم يتعدى خمسة مليارات دولار خلال عشر سنوات.
ويلفت محمد يوفى الأستاذ في العلوم السياسية إلى ما يقوله إردوغان دائما من أنه من السياسيين الذين يتبعون خط عدنان مندريس في السياسة، عادا أن خط سياسة حزبه وحكومته امتداد لهذا السياسة، ويقول يوفي: «هذه المقولة تكفي لأن نفهم أو نقيم علاقة حكومات العدالة مع إسرائيل، لأن العلاقات الإسرائيلية التركية بدأت بعد أن تربع عدنان مندريس على سدة الحكم في تركيا في بداية الخمسينات من القرن الماضي حيث ربطت أميركا تركيا وحكومتها الجديدة آنذاك بإسرائيل مباشرة، وكانت تركيا أول بلد إسلامي يعترف ويقيم علاقات معها. وزادت حميمية هذه العلاقات بعد أن دخلت تركيا حلف شمال الأطلسي عام 1952 خاصة على مستوى تبادل المعلومات الاستخباراتية، ففي تلك الفترة كانت تركيا كدولة مسلمة تقيم هذه العلاقات مع إسرائيل من خلف الكواليس وذلك لخجلها من الدول الإسلامية».
أما بالنسبة للعلاقات الإسرائيلية مع حكومة العدالة والتنمية فقد بدأت منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي عندما كان إردوغان مسؤول فرع حزب الرفاه في إسطنبول الذي كان يترأسه نجم الدين أربكان حيث تعرف إردوغان على السفير الأميركي في أنقرة آنذاك مورتون إبراموفيتس، الذي قام بربط إردوغان بشخصية أميركية مهمة جدا لإسرائيل ألا وهو بول ولفوفيتز، الذي شغل منصب وزير الدفاع الأميركي فيما بعد. وعندما بدأ الأميركيون بالتفكير في دعم الإسلام الليبرالي في المنطقة لم يكن أمامهم إلا أن يدعموا الإسلاميين في تركيا لأن العلمانيين لا يمكن أن يكونوا مثالا للدول الإسلامية في المشروع الأميركي الجديد.
ولهذا السبب يمكن أن نقول إن إردوغان ومنذ أن بدأ حياته السياسية كان مدعوما من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية ولهذا قام المؤتمر اليهودي الأميركي عام 2004 وهو من أهم المحافل اليهودية في أميركا وبخطوة منقطعة النظير بمنح إردوغان وسام الشجاعة وهذا الوسام فقط منح لعشرة أشخاص منذ تأسيس المؤتمر وكان إردوغان أول شخص غير يهودي يمنح هذا الوسام، وقال المسؤول عن المؤتمر اليهودي أثناء تقديم الوسام إلى إردوغان إن هذا الوسام ليس فقط تقديرا للخدمات التي قام بها إردوغان لأميركا بل أيضا يعد تقديرا للخدمات التي قام بها لدولة إسرائيل وموقفه الطيب حيال المجتمع اليهودي في العالم.
ويستغرب يوفي كيف أن الحكومة التركية أكدت الأسبوع الماضي على استمرار العلاقات التجارية مع إسرائيل، رغم كل ما يجري في غزة. موضحا أن الإحصاءات الرسمية التي تصدر عن مؤسسة الإحصاء التركية تقول إنه حتى يونيو (حزيران) من عام 2014 قد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ثلاثة مليارات و100 مليون دولار أميركي، في حين أن العلاقات التجارية بين تركيا وفلسطين لم تتجاوز 44 مليون دولار. وأشار إلى أنه من بين المواد التي صدرتها تركيا إلى إسرائيل معدات عسكرية بقيمة 11 مليون دولار مثل القنابل والغازات الكيماوية التي تستخدم في الحروب، وهذه الأرقام فقط في النصف الأول من عام 2014. كما أن تصريحات وزير الطاقة تنار يلدز حول نقل تركيا للنفط العراقي إلى إسرائيل تؤشر على هذا، إذ قال إننا مجبرون على إيصاله لمن يريد لأننا لا نمتلك القرار في اختيار الجهة التي ستشتري النفط العراقي.
وفي الإطار نفسه يقول الكاتب علي بولاج إنه لا بد من النظر إلى العلاقات التركية الإسرائيلية من اتجاهين، الأول، العلاقات الرسمية، والثاني، العلاقات على صعيد الشعبيين، فمن ناحية العلاقات الشعبية فإن الشعب التركي المسلم ينظر إلى إسرائيل على أنها دولة احتلال للأراضي الفلسطينية، ولهذا دائما نرى استنكارا شعبيا لما تقوم به إسرائيل من ظلم واضطهاد للفلسطينيين. أما من ناحية العلاقات الرسمية فإنها تختلف تماما بل تكاد تتقارب مع المواقف الشعبية والسبب في هذا أن تركيا دولة حلف شمال أطلسي وتتماشى مواقفها الرسمية مع مواقف الأطلسي حيال إسرائيل. ويضيف: «لو نظرنا إلى الموقف الذي أداه إردوغان في قمة دافوس الاقتصادية واتهم إسرائيل بأنها تتفنن في قتل الأطفال، ثم بدأ حملة لمساعدة الشعب الفلسطيني وإرسال قافلة سفن مرمرة لرفع الحصار عن غزة واقتحام القوات الإسرائيلية لسفينة مرمرة وقتل عشرة من المواطنين الأتراك، لذلك كان يجب أن تكون العلاقات التركية - الإسرائيلية على أسوأ وجه، ولكن العلاقات الرسمية لم يصبها أي تشويه واستمرت العلاقات بين الدولة التركية وإسرائيل على أعلى مستوى خاصة التجارية منها حيث زاد حجم التجارة في عهد حكومة العدالة والتنمية بين البلدين إلى 250 في المائة، هذا الحجم من التجارة لم يقتصر على التجارة العادية بل كان الجزء الأكبر منه معدات عسكرية باعتها إسرائيل إلى تركيا في المقابل تقوم تركيا ببيع المواد الكيماوية لإسرائيل والأهم من هذا وذك والذي يدمي القلوب هول قاعدة الإنذار المبكر التي توجد في مدينة ملاطيا والتي تقوم بنقل جميع المعلومات إلى إسرائيل مباشرة، حسب معلومات الخبراء فإن القاعدة تقوم بإنذار إسرائيل عن أي تحركات أو هجوم يمكن أن تتعرض إليه من دول المنطقة ومن بينها ما يطلق على إسرائيل من غزة وخلال ثوان تعطي المعلومات للقبة الحديدية التي تقوم بالتصدي لأي صاروخ. كما أن جريدة (شالوم) التي تصدر عن جماعة اليهود في تركيا ونقل عنها الإعلام الإسرائيلي أن سفن ابن إردوغان هي التي تنقل النفط الذي يأتي من شمال العراق إلى إسرائيل».
ويؤكد بولاج أن العلاقات الإسرائيلية التركية المستقبلية لن تتغير لأن تركيا لا تمتلك القوة للضغط على إسرائيل، حتى على صعيد التجارة فإن الحكومة التركية لا تمتلك زمام الأمور للتقليل أو الحد من التجارة بين البلدين.
* تاريخ العلاقات بدأ عام 1949
* عرض تقرير صدر عن رئاسة الوزراء التركية لتاريخ العلاقة بين تركيا وإسرائيل، فأشار إلى أن «الحكومات التركية منذ الماضي وحتى الآن، تتبنى مواقف قائمة على مبادئ في علاقاتها مع إسرائيل»، موضحا أن «الجمهورية التركية حينما تعلن عن سياستها تجاه إسرائيل تضع في عين الاعتبار مواقف إسرائيل ذاتها المعارضة للشعب الفلسطيني، وعملية السلام، والقانون الدولي».
وذكر التقرير أن تركيا اعترفت بدولة إسرائيل عام 1949، وأن العلاقات الدبلوماسية بينهما بدأت عام 1950 وكانت البداية عبارة عن ممثلية دبلوماسية، ليتم خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى درجة «القائم بالأعمال» في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 1956 أثناء العدوان الثلاثي (البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي) على مصر، لتحدث عقب ذلك تطورات إيجابية أدت إلى إعادة فتح الممثلية الدبلوماسية ثانية في يوليو (تموز) 1963، ثم يرتفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين لدرجة سفير في يناير (كانون الثاني) 1980.
لكن انخفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين مجددا، في 30 نوفمبر 1980، لكن هذه المرة إلى مستوى «سكرتير ثان»، وذلك عقب ضم إسرائيل القدس الشرقية لها، وإعلانها عاصمة أبدية لها. وقال التقرير إن العلاقات بدأت تتطور بعد ذلك في إطار «عملية سلام أوسلو» 1993، لتعود إلى طبيعتها في الفترات الذي أسهمت فيها الحكومات الإسرائيلية في عمليات السلام، والتي شهدت ارتفاعا ملحوظا في التطلعات والآمال الدولية والإقليمية المنعقدة على عمليات السلام تلك.
وأكد البيان أنه في الفترات التي كانت تعود فيها إسرائيل إلى سياساتها الاستيطانية، وعمليات قتل الفلسطينيين، كانت تركيا تتخذ الخطوات اللازمة، وتندد بتلك الأعمال بشكل شديد اللهجة.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.