5 نقاط أميركية لـ«حماية الأكراد» من تركيا... و30 ألف مقاتل لـ«احتواء» إيران

واشنطن تعزز وجودها العسكري شمال شرقي سوريا

قوات أميركية تدرب مقاتلين شمال سوريا («القيادة المركزية الأميركية»)
قوات أميركية تدرب مقاتلين شمال سوريا («القيادة المركزية الأميركية»)
TT

5 نقاط أميركية لـ«حماية الأكراد» من تركيا... و30 ألف مقاتل لـ«احتواء» إيران

قوات أميركية تدرب مقاتلين شمال سوريا («القيادة المركزية الأميركية»)
قوات أميركية تدرب مقاتلين شمال سوريا («القيادة المركزية الأميركية»)

بدأت القوات الأميركية أمس بإقامة خمس نقاط مراقبة على حدود تركيا، ضمن سلسلة إجراءات تقوم بها واشنطن لتعزيز وجودها العسكري والدبلوماسي شمال شرقي سوريا، شملت توقيع مذكرة تفاهم لمدة سنة لتدريب 30 ألف عنصر تابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية ومحاربة «خلايا «داعش».
وقال لـ«الشرق الأوسط» قيادي في «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل القوة الرئيسية في «قوات سوريا الديمقراطية» الذراع البرية للتحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة واشنطن، إن الجيش الأميركي بدأ أمس في إقامة ثلاث نقاط في تل أبيض ونقطتين في عين العرب (كوباني) على حدود تركيا.
من جهته، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس: «أؤيد الرأي القائل إن هذه التدابير ستزيد من تعقيد وضع معقد أصلا وأبلغنا نظراءنا الأميركيين باستيائنا مرات عدة»، موضحا أنه تباحث في هذه المسألة مؤخرا مع رئيس الأركان الأميركي جو دانفورد على هامش مؤتمر الأمن في هاليفاكس في كندا. وأضاف أن أبراج المراقبة «لن تكون لها أي فائدة. وتركيا لن تتردد في اتخاذ الإجراءات التي تفرض من الجانب الآخر من الحدود لمواجهة المخاطر والتهديدات التي يمكن أن تنشأ».
وجاءت الخطوة الأميركية بهدف «حماية ظهر» القوات السورية الحليفة في الحرب ضد «داعش» خصوصاً بعدما قررت «قوات سوريا الديمقراطية» تعليق الهجمات ضد «داعش» ردا على تعرض «وحدات الحماية» لقصف تركي، إضافة إلى العزل بين الأطراف المتحاربة بالتزامن مع جهود تركية - أميركية لاستكمال تنفيذ خريطة طريق لمدينة منبج وتسيير دوريات مشتركة بين فصائل «درع الفرات» حلفاء واشنطن و«قوات سوريا الديمقراطية» حلفاء واشنطن.
كما استهدفت واشنطن تعزيز القوات السورية في المعركة الأخيرة ضد التنظيم في جيوبه قرب حدود العراق. وقتل 24 عنصراً من «قوات سوريا الديمقراطية» منذ الجمعة في هجوم تمكن خلاله التنظيم من اقتحام بلدة البحرة في محافظة دير الزور شرق سوريا. وأوضح مسؤول كردي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أمس: «استغل (داعش) الجو الضبابي والأمطار والعواصف وشن هجوما على قواتنا قرب الهجين».
لكن إقامة نقاط المراقبة الخمس، التي ستعقبها خطوات مماثلة في المدن الكبرى السورية على حدود تركيا مثل رأس العين وعمودا والدرباسية، تأتي ضمن سلسلة خطوات عسكرية ودبلوماسية لتنفيذ الاستراتيجية الأميركية الهادفة لابقاء الفي جندي واميركي ومئات من الوحدات الخاصة من دول التحالف، لتحقيق ثلاثة أمور: محاربة «داعش» ومنع عودته، وإخراج إيران من سوريا، والدفع نحو حل سياسي سوري.
وكشف قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية» أمس، أن مذكرة تفاهم وقعت بين «قوات سوريا الديمقراطية» والتحالف الدولي تضمنت برنامج عمل لمدة سنة واعتماد موازنة للعمل سويا لإنهاء «داعش» في جميع جيوبه و«محاربة الخلايا النائمة لـ(داعش) وتدريب قوات محلية وتحقيق الاستقرار هناك، إضافة إلى تدريب 30 ألفا من المقاتلين وعناصر الأمن، يضافون إلى 60 ألفا موجودين حاليا». وأوضح القيادي أن «الاتفاق قابل للتمديد نهاية 2019».
وكانت واشنطن أقرت خطة لاستقرار شرق الفرات في زاوية الحدود السورية - التركية - العراقية وحصلت على تمويل وزيادة الانخراط العسكري من الدول الحليفة، إضافة إلى تعزيز الوجود الدبلوماسي بقيادة السفير الأميركي السابق في البحرين ويليام روباك.
كما عززت أميركا والتحالف الدولي الوجود في قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية - الأردنية - العراقية وأجرت مناورات عسكرية علنية وعززت وسائل الدفاع عن هذه المنطقة.
في المقابل، تسعى موسكو وطهران ودمشق لاختبار هذا الوجود الأميركي. وإذ يحافظ الجيش الروسي على اتفاق «منع الصدام» مع الجيش الأميركي وجرت جهود مشتركة لإغاثة مخيم الركبان قرب قاعدة التنف، فإن الخطاب الروسي لايزال تصعيديا ضد الوجود الأميركي وقصف التحالف لمناطق شرق الفرات قبل قمة الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في الأرجنتين في الثاني من الشهر المقبل.
وأوضح قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية» أن المعلومات المتوفرة لديه من الأرض تفيد بأن الإيرانيين يعززون وجودهم غرب نهر الفرات في الميادين والبوكمال ودير الزور في محاذاة خطوط انتشار حلفاء واشنطن وأن «الحرس الثوري الإيراني يدرب ويجند سوريين لتأسيس تنظيمات مسلحة. كما جرى نقل عناصر من ميلشيات غير سورية من مناطق أخرى إلى تخوم نهر الفرات». وعقدت محادثات بين دمشق وبغداد لإعادة فتح معبر البوكمال بين سوريا والعراق بعدما أغلقت واشنطن معبر التنف بين البلدين لإضعاف الخط البري بين طهران - بغداد - دمشق - بيروت، بحسب بيانات أميركية.
وأضاف القيادي: «لن يقوم الإيرانيون بمواجهات مباشرة ضد الأميركيين، لكنهم سيعملون على تحريك عشائر عربية وسيقومون بعمليات أمنية ضد الأميركيين». ويشكل الشيخ نواف البشير أحد الأذرع الرئيسية في تجنيد سوريين موالين لإيران في شمال شرقي سوريا.
إلى ذلك، قال رياض درار رئيس «مجلس سوريا الديمقراطي» ذراع «قوات سوريا الديمقراطية» أمس، إن ترتيبات تجري لعقد مؤتمر سوري ثان في عين عيسى قرب الرقة يومي 28 و29 الشهر الحالي بمشاركة ممثلي كتل سياسية رئيسية لبحث الواقع الاقتصادي والسياسي ودور المرأة والمفاوضات وتصورات سوريا المستقبل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.