محادثات عسكرية روسية ـ تركية لـ«تحرك سريع» في إدلب

عناصر من «الجبهة الوطنية للتحرير» المعارضة غرب حلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الجبهة الوطنية للتحرير» المعارضة غرب حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

محادثات عسكرية روسية ـ تركية لـ«تحرك سريع» في إدلب

عناصر من «الجبهة الوطنية للتحرير» المعارضة غرب حلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الجبهة الوطنية للتحرير» المعارضة غرب حلب أمس (أ.ف.ب)

أجرى وزيرا الدفاع التركي خلوصي أكار والروسي سيرغي شويغو مباحثات في مدينة سوتشي الروسية أمس بعد أقل من 24 ساعة من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين في إسطنبول أول من أمس حيث تناولا التطورات السورية وملف إدلب واللجنة الدستورية.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن أكار، الذي رافقه رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان، بحثا مع شويغو ومسؤولين روس آخرين، وضع المنطقة منزوعة السلاح في إدلب التي تم التوصل إلى إقامتها بموجب اتفاق بين بوتين إردوغان في سوتشي في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ونص اتفاق سوتشي على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومترا تفصل بين قوات النظام والمعارضة التي تسيطر على إدلب وتسليم الفصائل المسلحة أسلحتها الثقيلة وانسحاب العناصر المتشددة وتحديدا جبهة تحرير الشام «النصرة سابقا» من داخل المدينة.
وفي 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الموعد المحدد لإكمال تسليم الأسلحة، أعلنت أنقرة أن جميع الفصائل قامت بتسليم أسلحتها الثقيلة. وذكرت الوكالة التركية أن شويغو أبلغ نظيره التركي أمس أن «الأوضاع في سوريا، وتحديدا في إدلب، تتطلب تدخلا عاجلا من أنقرة وموسكو».
ونقلت الوكالة عن شويغو قوله: «كنا مضطرين لدعوتكم لأن الأوضاع في سوريا تتطلب منا قرارا فوريا ومناقشة القضايا الراهنة. تلك الوتيرة التي توصلنا إليها بعد توقيع الوثائق في سوتشي حول إدلب، تتطلب دعما وحل المسائل المتبقية دون خفض الوتيرة».
والتقى إردوغان وبوتين في إسطنبول أول من أمس على هامش افتتاح القسم البحري من مشروع السيل التركي لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، وبحثا مجمل التطورات في سوريا ولا سيما الوضع في إدلب وعقبات تشكيل اللجنة الدستورية.
وبحسب وسائل إعلام تركية فإن الرئيسين التركي والروسي اتفقا على ضرورة وضع تصور مشترك للخطوات القادمة لمواجهة تصاعد الانتهاكات وتعثر تطبيق بعض بنود الاتفاق حول المنطقة منزوعة السلاح في إدلب.
وأشارت إلى أن استمرار وجود عناصر جبهة النصرة في إدلب يثير قلق موسكو التي ترغب في تسريع حسم الموقف منها وأن الرئيسين التركي والروسي بحثا هذا الأمر الذي سيبحث أيضا خلال اجتماع ممثلي الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) في آستانة يومي 28 و29 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وكان المعارضة السورية أفادت الثلاثاء بمقتل 12 من عناصر القوات الحكومية في هجوم لهيئة تحرير الشام في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وقال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير المعارضة، في تصريح صحافي، إن مجموعة العصائب الحمراء التابعة لهيئة تحرير الشام هاجمت فجر موقعاً للقوات الحكومية السورية في بلدة شم الهوى في ريف إدلب الجنوبي الشرقي وقتلت جميع عناصر الموقع وعددهم 12 عنصرا.
وأضاف القائد أن المجموعة المهاجمة اغتنمت أسلحة وذخائر وعادت إلى مواقعها.
وكانت مجموعة العصائب الحمراء نفذت عملية انتحارية يوم الجمعة الماضي على موقع متقدم للقوات الحكومية في محيط بلدة السرمانية بريف حماة الشمالي الغربي وأسفر الهجوم عن مقتل 23 عنصراً وفقدان أربعة آخرين.
على صعيد آخر، بدأ الجيش الوطني، المكون من فصائل سورية مسلحة مدعومة من تركيا حملة أمنية في ثلاث مدن بريف حلب الشمالي، بعد الانتهاء من معاركه في عفرين التي انطلقت يوم السبت الماضي وانتهت بانسحاب فصيل «شهداء الشرقية» الذي كان في السابق مواليا لتركيا أيضا، من المدينة.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن بيان للجيش الوطني أصدره أمس (الثلاثاء) أنه وجه حملته الأمنية إلى مدن جرابلس، الباب، وأعزاز لاعتقال المطلوبين فيها و«اجتثاث مجموعات الفساد».
وذكر البيان أن أغلب المطلوبين في المدن الثلاث أبدوا استعدادهم لتسليم أنفسهم دون أي مواجهة، مشيراً إلى أن قيادة الجيش الوطني تعمل لعدم الدخول في اشتباكات من أجل سلامة المدنيين.
وكانت جرابلس، الواقعة بريف حلب الشرقي، شهدت أول من أمس اجتماعاً لقادة الفصائل والفعاليات المدنية تم الاتفاق فيه على تسليم المطلوبين في المدينة بشكل دون عمل عسكري.
في غضون ذلك، أعربت تركيا مجدداً عن استيائها من العلاقات التي تربط بين الولايات المتحدة وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي والذراع العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية) في سوريا.
ويزور وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الولايات المتحدة حاليا لإجراء تقييم للعلاقات بين أنقرة وواشنطن بالتركيز على مناقشة مسألة العلاقات التي تربط بين واشنطن والحزب الكردي وتسليم أعضاء حركة الخدمة التابعة للداعية فتخ الله غولن التي تتهمها أنقرة بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016 الموجودين في أميركا.
وفي غضون ذلك، كشف برلماني النائب البرلماني بحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، عبد اللطيف شنر أن موعد بدء المفاوضات بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي بات قريبا.
وقال شنر، الذي كان نائبا لرئيس الوزراء رجب طيب إردوغان قبل أن يترك حزب العدالة والتنمية في عام 2010 ويؤسس حزب تركيا الذي لم يستمر طويلا، إن «هذه المسألة ستحدد طريقة تفكير أنقرة في هذا السياق، لكن عندما ننظر إلى صالح مسلم القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي والأوضاع الراهنة، يتضح لنا أن تركيا تبحث عن حليف، لأننا لا نستبعد أن تتكرر تطوراتٌ مماثلة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».