إرث «داعش» جاثم على صدور الإيزيديين في عيدهم

إيزيديون أمام معبد لالش («الشرق الأوسط») - شبان إيزيديون ينقلون غذاءً للمحتفلين في محيط المعبد («الشرق الأوسط»)
إيزيديون أمام معبد لالش («الشرق الأوسط») - شبان إيزيديون ينقلون غذاءً للمحتفلين في محيط المعبد («الشرق الأوسط»)
TT

إرث «داعش» جاثم على صدور الإيزيديين في عيدهم

إيزيديون أمام معبد لالش («الشرق الأوسط») - شبان إيزيديون ينقلون غذاءً للمحتفلين في محيط المعبد («الشرق الأوسط»)
إيزيديون أمام معبد لالش («الشرق الأوسط») - شبان إيزيديون ينقلون غذاءً للمحتفلين في محيط المعبد («الشرق الأوسط»)

لم تفلح أجواء الاحتفال بـ«عيد الطواف» الذي تحييه الطائفة الإيزيدية في العراق للمرة الأولى منذ سقوط مناطقها بيد تنظيم داعش في 2014، في تبديد حزن بريشان حيدر (31 عاماً) على 11 من أفراد أسرتها فُقدوا جميعاً قبل أربع سنوات في سنجار، ولا يزال مصيرهم مجهولاً.
وأمام معبد لالش (60 كلم شمال غربي مدينة الموصل) الذي يتوافد عليه هذا الأسبوع عشرات آلاف الإيزيديين للاحتفال بالعيد المعروف أيضاً باسم «جما»، تقول حيدر لـ«الشرق الأوسط»، «منذ خمس سنوات، نقيم في ظروف لا تطاق في مخيم خانكي قرب دهوك، حتى فقدنا الشعور بالحياة ومباهجها».
ولفتت إلى أن «سنجار والمناطق الإيزيدية الأخرى لا تزال غير آمنة ولا تصلح للمعيشة بسبب انعدام الخدمات وفرص العمل فيها»، لكنها شددت على أن أسرتها «ستكون في مقدمة العائدين إلى هناك إذا تحسنت الأوضاع». وأضافت «حضرت اليوم لأبتهل إلى الله أن يخيم السلام والأمان على مناطقنا، ويتخلص أهلنا من أسرهم في سجون (داعش)، ويعودوا إلينا بسلام».
وفي هذا العيد، الذي يحل كل عام في 6 أكتوبر (تشرين الأول) ويستمر لمدة أسبوع، يتوافد الإيزيديون من مناطق العراق ودول الجوار وبعض الدول الأخرى على معبد لالش، الذي يضم أضرحة عدد من شيوخ الطائفة، حاملين أمتعتهم وفراشهم للمبيت وتمضية المناسبة مع عائلاتهم هناك. وتتولى جهات إيزيدية خيرية تقديم الرعاية والطعام للوافدين، طوال فترة مكوثهم هناك.
ورغم استئناف الاحتفالات للمرة الأولى هذا العام منذ 2014، فإن ملامح الحزن لا تزال بادية على وجوه مئات من المشاركين، ولا سيما من فقدوا عدداً من ذويهم في أحداث التطهير العرقي التي أعقبت سقوط سنجار وسهل نينوى في قبضة «داعش» في 4 يونيو (حزيران) 2014، أو من تعرضن للاستغلال الجنسي على أيدي مسلحي التنظيم.
ويقول مسؤول الإعلام في لالش، لقمان سليمان، إن هذا الاحتفال «يعود تاريخه إلى 7000 عام». ويوضح لـ«الشرق الأوسط» كبير سدنة المعبد الشيخ فاخر خلف، أن «مزار لالش يعد من أقدس الأماكن عند الإيزيديين. هذا العيد مقدس للغاية... نصلي من أجل أن يعم السلام المنطقة والعالم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.