الفائض التجاري الألماني قد يتحول إلى مشكلة لبرلين

بضائع في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
بضائع في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

الفائض التجاري الألماني قد يتحول إلى مشكلة لبرلين

بضائع في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
بضائع في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

تلقّى فائض ميزان تجارة ألمانيا الخارجية صفعة خفيفة خلال موسم الصيف الحالي. ويعزو الخبراء الألمان في برلين الأمر إلى أجواء عدم الاستقرار التي تخيم على الاقتصاد العالمي، من جراء حرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحمائية مع الخارج، مما أدى إلى تباطؤ ماكينة الصادرات الألمانية بشكل ملموس.
مع ذلك، لا تشعر حكومة برلين والشركات الألمانية بالقلق حتى الآن. فرغم تراجع الصادرات بعض الشيء، فإن الأمور ما زالت تحت السيطرة، ومع ذلك فإن الأوضاع الاقتصادية العالمية تتطلب من برلين التحرك بحذر.
وفي هذا السياق، يقول لوتس بيلمان، البروفسور من معهد الدراسات الاقتصادية «إيفو» الألماني، إن «الفائض التجاري، وهو الفارق بين إجمالي الصادرات والواردات، قد يتجاوز حاجز 300 مليار يورو في نهاية هذا العام، أي ما يعادل 7.8 في المائة من الناتج القومي الألماني. ومقارنة بالعام الفائت حيث كان هذا الفائض يساوي 7.9 في المائة من ناتج ألمانيا، فهذا يشكل تراجعا بسيطا بنسبة 0.1 في المائة. علما بأن فائض ألمانيا التجاري ساوى 8.5 في المائة من ناتجها القومي في عام 2015، ما يعني أنه تراجع 0.7 في المائة في الأعوام الثلاثة الأخيرة».
ويضيف بيلمان أن تراجع الفائض التجاري يبدو طبيعيا، نظرا للسيناريو الاقتصادي العالمي المتقلب. وهذا هو العام الثالث على التوالي الذي تنجح فيه ألمانيا في تسجيل فائض تجاري جيد، على عكس الصين التي شطبت من القائمة التي تضم اليوم الدول الثلاث ذات الفائض التجاري الأعلى عالميا، ومن بينها ألمانيا.
وعلى الصعيد الأوروبي، توصي المفوضية الأوروبية بأن يعادل الفائض التجاري لكل دولة من دول الاتحاد الأوروبي 6 في المائة من ناتجها القومي كحد أقصى.ويؤكد البروفسور الألماني أن الفائض التجاري الألماني يمثل شوكة في حلق الرئيس الأميركي ترمب، الذي يصارع بحثا عن علاج سريع لعجز في الموازنة التجارية لبلاده، التي ستصل عام 2018 إلى 400 مليار دولار. مع ذلك فهناك جانب سلبي، فاللافت أن الفائض التجاري الألماني الجبار بات يؤثر سلبا على توقعات النمو الاقتصادي لحكومة ألمانيا، التي تعتبر القاطرة الرئيسية لإبقاء كل دول الاتحاد الأوروبي على سكة الانتعاش الاقتصادي الضروري.
ويختم البروفسور بيلمان بالقول: «يعوّل نجاح الصادرات الألمانية على النوعية والشهرة العالمية للمنتجات الصناعية الألمانية. كما أن موازنتي الإنفاق والادخار تلعبان دورا مهما في تحديد الصحة الاقتصادية لكل دولة من دول العالم. فعلى سبيل المثال، تنفق الولايات المتحدة الأميركية أكثر مما تنجح في ادخاره، على عكس ألمانيا؛ حيث نجحت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في كسر بعض أساسيات الادخار الاحترازي للاستثمار مجددا، في بناء الشوارع والمدارس والجسور. وعلى صعيد الشركات الألمانية، فهي تعزف اليوم عن الاستثمار وزيادة الدخل الشهري لموظفيها وتوزيع الأرباح الجيدة على حملة أسهمها، مع أنها تحقق أرباحا ممتازة، ما يعني أن الصناعة الألمانية لم تعد تخشى كثيرا على مستقبلها».
ويقول مارسيل فراتسشير، وهو خبير اقتصادي ألماني مستقل، إنه من الصعب تفسير الأسباب الحقيقية التي تردع الشركات الألمانية عن الاستثمار. وفي الوقت الحاضر تفضل الشركات إيداع أموالها في المصارف على الرغم من نسب الفوائد السلبية التي تأخذ منها رسوما شهرية لا يستهان بها. وكلما زادت مبالغ الشركات الألمانية النائمة في خزائن المصارف كلما فُرضت عليها رسوم أعلى. وفي بعض الأحيان قد يصل إجمالي هذه الودائع إلى أكثر من 50 مليون يورو للشركات متوسطة الحجم.
ويختم هذا الخبير قائلا، إن رؤوس الأموال التي استثمرتها الشركات الألمانية منذ عام 1999 زادت 20 في المائة فقط، مقارنة بنسبة 43 في المائة لدى الشركات الفرنسية، و55 في المائة لدى نظيرتها الأميركية.


مقالات ذات صلة

بعد مقتل طيار... بريطانيا توقف تحليق مقاتلات وقاذفات من الحرب العالمية الثانية

أوروبا طائرة بريطانية من الحرب العالمية الثانية (أرشيفية - وسائل إعلام بريطانية)

بعد مقتل طيار... بريطانيا توقف تحليق مقاتلات وقاذفات من الحرب العالمية الثانية

أعلنت القوات الجوية البريطانية أمس (الاثنين) أنها أوقفت حتى إشعار آخر تحليق عدد من طائراتها الشهيرة التي تعود إلى الحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص طائرة أميركية تحلق فوق سفينة سوفياتية خلال أزمة الصواريخ الكوبية (أرشيفية - بي بي سي)

خاص علّمته الرماية فَلَمّا اشتدّ ساعده...

عندما تكبر المساحة تضعُف القوّة. من هنا نبتكر الاستراتيجيات لمزج الأهداف بالوسائل المتوفرة. لكن ابتكار الاستراتيجيات يخلق بحدّ ذاته مشكلات جديدة لم نكن نتوقّعها

المحلل العسكري
أوروبا مركبات عسكرية روسية تسير على طول الطريق قبل العرض العسكري في يوم النصر (رويترز) play-circle 00:46

بعرض عسكري ضخم... بوتين يحيي ذكرى الانتصار في الحرب العالمية الثانية

تعتزم روسيا إحياء ذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا تحت حكم أدولف هتلر في عام 1945 من خلال عرضها العسكري التقليدي اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق لقطة بعيدة تُظهر جامعة كمبردج (رويترز)

اكتشاف مشاركة عشرات الطالبات من جامعة بكمبردج في فك الشيفرات النازية

خلال الحرب العالمية الثانية، شاركت العشرات من طالبات جامعة نيونهام كمبردج ليل نهار، في سرية تامة، في الجهود لفك رموز نازية.

«الشرق الأوسط» (كمبردج (المملكة المتحدة))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال تجمع انتخابي في فيلادلفيا (أ.ف.ب)

هل التهم «أكلة لحوم البشر» عم الرئيس بايدن؟

أثار الرئيس الأميركي جو بايدن الدهشة عندما لمّح إلى أنّ أكلة لحوم البشر في جزيرة غينيا الجديدة ربّما أكلوا جثّة عمّه بعدما أُسقطت طائرته العسكرية خلال الحرب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إقبال كبير على طرح أسهم «أرامكو» يفوق المعروض


المستثمرون يتهافتون على طرح «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)
المستثمرون يتهافتون على طرح «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)
TT

إقبال كبير على طرح أسهم «أرامكو» يفوق المعروض


المستثمرون يتهافتون على طرح «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)
المستثمرون يتهافتون على طرح «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)

تمكَّنت «أرامكو» السعودية من بيع أسهم تناهز قيمتها 12 مليار دولار بعد وقت قصير من طرحها، أمس الأحد، ما يدل على الجاذبية الاستثمارية للشركة، وما تتمتَّع به من قوة مالية وثقل في أسواق النفط.

وتلقَّت الحكومة السعودية طلباً على جميع الأسهم المعروضة في غضون ساعات قليلة بعد فتح الاكتتاب، مع العلم أنَّ تغطية الاكتتاب تمَّت في نطاق سعري بين 26.70 ريال و29 ريالاً.

وستستمر فترة تلقّي طلبات شراء الأسهم لكل من المؤسسات المكتتبة والأفراد حتى الخميس.

وكانت عملية الطرح بدأت في وقت عقد تحالف «أوبك بلس» اجتماعاً مختلطاً، افتراضياً من فيينا، وحضورياً في الرياض، اتَّفق فيه الأعضاء على تمديد التخفيضات الطوعية البالغة 1.65 مليون برميل يومياً حتى نهاية 2025، فيما تستمر التخفيضات الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي.

وعقب الاجتماع، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في تصريحات: «إنَّه من الأفضل لـ(أوبك بلس) أن تظلَّ حذرة، نظراً لاختلاف وجهات النظر بشأن السوق واستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي».