تفتح ألمانيا اليوم أبوابها أمام المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن فتحتها للاجئين قبل 3 سنوات، إذ وافقت الحكومة على قانون جديد يهدف لسد ثغرة أكثر من مليون ونصف مليون وظيفة شاغرة في البلاد. وبعد مشاورات استمرت نحو 6 ساعات، اتفقت الأحزاب الألمانية في الائتلاف الحاكم على النقاط الأساسية في قانون الهجرة الجديد، الذي سيطرح أمام البرلمان للموافقة عليه.
ومن أبرز ما تضمنه القانون الذي كتب استنادا لقانون الهجرة الكندي، منح تأشيرات لمدة ستة أشهر لذوي كفاءات محددة من خارج الاتحاد الأوروبي، من دون الحاجة لعقد عمل مسبق. وتكون التأشيرة مؤقتة ومرتبطة بالبحث عن عمل، وشرطها المسبق تحدث الألمانية. وكانت تأشيرة «البحث عن عمل» متوفرة في السابق فقط للأكاديميين، أما الآن فقد تم توسيعها لتطال الحرفيين الذين يتمتعون بمهارة والعمال المتخصصين.
وتمدد التأشيرة إذا تمكن الحاصل على هذه التأشيرة من الحصول على وظيفة خلال هذه الفترة. وتخفف هذه الشروط للأشخاص المتخصصين في مجالات تحتاج إليها ألمانيا أكثر من غيرها، مثل تكنولوجيا المعلومات. كما يسهل ويسرع القانون الجديد تعديل الشهادات من الخارج، وهي مسيرة تستغرق أحيانا سنوات في الوقت الحالي.
ورغم إصرار الحكومة على فصل مسار اللجوء عن الهجرة، فإن القانون الذي تم التوصل إليه يبقي الباب مفتوحا أمام طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم، ولكن نجحوا في الحصول على وظيفة والاندماج في المجتمع. والأهم أنه يعطي الفرصة لذوي الاختصاصات من دول الشرق الأوسط، مثل سوريا والعراق، للتقدم للحصول على تأشيرة هجرة، عوضا عن تأشيرة اللجوء التي بات الحصول عليها صعبا جدا.
ورفض وزير الداخلية هورست زيهوفر الذي وضع القانون الجديد، الرضوخ لمطالب الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الحكومة، بتضمين القانون إمكانية «تغيير المسار» أي منح فرصة للاجئين المرفوضة طلباتهم الذين دخلوا سوق العمل، بالتقدم للحصول على تأشيرة عمل تمكنهم من البقاء في البلاد، رغم دعم النقابات العمالية وأصحاب الأعمال هنا لهذا الاقتراح.
ولكن مع ذلك، فقد توصل أطراف الحكومة لحل وسط عبر تضمين القانون فقرة تقول: «نبقى ملتزمين بمبدأ فصل اللجوء عن الهجرة الاقتصادية. وفيما يتعلق بحق الإقامة، سنحدد معايير واضحة للذين يعانون من تهديد في بلادهم، وتمكنوا من الحصول على وظيفة (في ألمانيا) واندمجوا في المجتمع». وتشدد ورقة الاتفاق على أن ألمانيا لا تريد «هجرة لغير الكفاءات من بلدان ثالثة».
ووصف زيهوفر القانون الجديد بأنه «أساس جيد لهجرة مدروسة من الدول الثالثة»، أي خارج ألمانيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف وهو يعلن عن القانون إلى جانب وزيري العمل والاقتصاد، أنه «راض تماما» عن النتيجة، ويأمل أن يساعد القانون في التخفيف من نقص العمال والسيطرة على الهجرة غير الشرعية.
وكان وزير العمل هوبرتوس هايل المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، قد طالب بمنح اللاجئين المندمجين حق البقاء، وقال: «من يتحدث الألمانية واندمج في سوق العمل يجب أن يسمح له بالبقاء. كثيرون يسمون ذلك تغيير مسار، ولكن بالنسبة لي التسمية غير مهمة… ما يهمني هو القيام بما هو صحيح». ووصف وزير العمل القانون الجديد بأنه «حل عملي يعكس الواقع، وسيمنع ترحيل الأشخاص الخطأ».
وكانت حالات ترحيل لاجئين أفغان رفضت طلباتهم، ويعملون في شركات ألمانية، قد تسببت في غضب لدى أصحاب العمل الذين يشكون عدم قدرتهم على العثور على عمال لسد الثغرة.
من جهته، قال وزير الاقتصاد بيتر ألتماير، من الحزب الديمقراطي المسيحي، إن القانون الجديد سيساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة «التي تعاني منذ سنوات من منافسة الشركات الكبرى التي وظفت ذوي الاختصاصات».
وحرص الوزراء على التشديد على أن القانون الجديد لا يهدف لمنح اللاجئين المرفوضة طلباتهم فرصة للبقاء؛ بل يقدم «حلولا عملية» للاجئين الذين مكثوا فترة في ألمانيا، ولا يمكن ترحيلهم لمخاوف من استمرار الحرب في بلادهم، أو إمكانية تعرضهم للتعذيب مثلا.
ورحبت غرفة التجارة والصناعة الألمانية بالقانون الجديد، حتى قبل التوصل إلى النقاط النهائية فيه، وقال رئيس الغرفة إريك شفايتزر: «اليوم هناك مليون و600 ألف عامل غير موجودين، لذلك نحن بحاجة ليس فقط إلى التزام أكبر بالتوظيف الداخلي، ولكن أيضا إلى قوانين هجرة أفضل».
ويعتبر المجتمع الألماني مجتمعا هرما، لا يتوازى فيه عدد الشباب مع عدد المسنين، كما أن أعداد المتخرجين والمتخصصين أقل من أعداد المتقاعدين، ما يحدث ثغرة كبيرة في التوظيف.
وفي ألمانيا نحو 166 ألف طالب لجوء مرفوضة طلباتهم دخلوا سوق العمل، ومنحت لهم إقامات مؤقتة لعدم القدرة على ترحيلهم؛ لأن بلادهم تشهد حروبا. ويطالب سياسيون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الليبرالي، بمنح هؤلاء فرصة البقاء، والاستفادة منهم في سوق العمل عوضا عن ترحيلهم والبحث عن بدائل. ومنذ مطلع العام، دخل 300 ألف لاجئ إضافي سوق العمل، أي بزيادة نحو 88 ألف شخص عن العام الماضي، بحسب أرقام رسمية.
وتدنت نسبة البطالة في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، إلى مستويات قياسية منذ الوحدة قبل 28 عاما. ولكن يشكو أصحاب الشركات من أن الغياب المزمن للعمالة يهدد هذا النمو. وقبل أسابيع نشرت صحيفة «هادلسبلات» عن معهد الاقتصاد الألماني في كولون إحصاءات تتحدث عن نقص نحو 340 ألف وظيفة، في مجالات الرياضيات وتكنولوجيا المعلومات والعلوم الطبيعية والتكنولوجيا.
وتبحث ألمانيا في خطة هجرة جديدة منذ سنوات، ولكن تدفق أكثر من مليون لاجئ عام 2015 عقد الأمور بالنسبة للحكومة. وفقدت الأحزاب الحاكمة كثيرا من شعبيتها بسبب السماح بدخول أعداد كبيرة من اللاجئين، ما تسبب في دخول حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف البرلمان للمرة الأولى، في الانتخابات العامة الصيف الماضي. واليوم تحول هذا الحزب بحسب استطلاعات الرأي، إلى ثاني أكبر حزب بعد حزب ميركل، متقدما بذلك على الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ألمانيا تشغل 1.5 مليون وظيفة... بقانون هجرة جديد
يعطي فرصة لمن رفضت طلبات لجوئهم خصوصاً من بلدان شرق أوسطية
ألمانيا تشغل 1.5 مليون وظيفة... بقانون هجرة جديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة