إردوغان يتهم واشنطن بعدم الالتزام بـ«خريطة» منبج

أنقرة تؤكد أن اللجنة الدستورية في سوريا ستتشكل قبل نهاية العام

TT

إردوغان يتهم واشنطن بعدم الالتزام بـ«خريطة» منبج

اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الولايات المتحدة بعدم الالتزام بتنفيذ بنود خريطة الطريق حول منبج السورية والجدول الزمني المتعلق بها اللذين تم التوصل إليهما خلال اجتماع وزيري الخارجية التركي مولود جاويش والأميركي مايك بومبيو في واشنطن في 4 يونيو (حزيران) الماضي وعدم اتخاذ الخطوات اللازمة لإخراج مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية منها وإعادة سكانها الأصليين.
وقال إردوغان، في تصريحات للصحافيين المرافقين له في طريقه من نيويورك عقب المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى ألمانيا التي تزورها حاليا، نشرت أمس: «أميركا لم تلتزم قطعا بخريطة الطريق والجدول الزمني المحدد، في منبج، وعناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية لم يغادروا تلك المنطقة، والأصحاب الحقيقيون للأرض لم يتمكنوا من العودة بعد». وتابع: «أميركا لم تف بوعدها بإخراج هذه العناصر، لقد قالوا 90 يوما، لكن الأمر طال، وسنرى ماذا يمكن أن يستجد خلال الفترة المقبلة».
وتنص خريطة الطريق حول منبج على تحقيق انسحاب مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية من المدينة في غضون 90 يوما من تاريخ توقيعها 4 يونيو (حزيران) وتسيير دوريات عسكرية أميركية - تركية مشتركة وضمان تحقيق الأمن والاستقرار في المدينة لحين تشكيل إدارة محلية لها من سكانها.
وحتى الآن سيرت القوات التركية والأميركية، بشكل منفصل 51 دورية عسكرية، في الشريط الفاصل بين مناطق درع الفرات التي تسيطر عليها فصائل مسلحة سورية موالية لأنقرة ونهر الساجو حيث سيطرة الميليشيات الكردية المدعومة من واشنطن. ومؤخرا أعلنت أنقرة أنه سيتم قريبا تسيير دوريات مشتركة بين الجانبين.
وعن لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي حول سوريا، الذي أسفر عن اتفاق بإقامة منطقة منزوعة السلاح بين مناطق المعارضة والنظام في إدلب، قال إردوغان: «لم نفكر ماذا تقول أميركا حيال سوتشي. لقد تحركنا مع روسيا في ذلك الموضوع (إدلب) ولم نقص إيران».
وشدد إردوغان على أهمية نقاط المراقبة في إدلب، (12 نقطة تركية، و10 نقاط روسية، و6 نقاط إيرانية)، كما لفت إلى أهمية المنطقة منزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كم التي من المقرر إنشاؤها بموجب اتفاق سوتشي، قائلا إن الأمور تسير على ما يرام في الوقت الراهن، معربا عن أمله في أن يستمر ذلك خلال المرحلة المقبلة أيضا.
وأوضح أنه في حال بروز مشاكل في التفاصيل، فإن الوفود المعنية (التركية والروسية) تتباحث لإيجاد مخرج. وأكد أن تركيا تولي أهمية كبيرة لنزع السلاح الثقيل من المجموعات المتشددة في إدلب وذكر أن العبء الأكبر في هذا الإطار، يقع على عاتق جهاز المخابرات التركية، وأن الأمور تسير «بشكل جيد». وأشار الرئيس التركي إلى أهمية إطلاق مسيرة إعادة إعمار المنطقة، موضحا أنه جرى بحث ذلك مع روسيا، إلى جانب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل في برلين أمس، قال إردوغان إنه تناول معها بشكل مفصل تطلعات تركيا ومطالبها من ألمانيا بشأن مكافحة التنظيمات الإرهابية بطريقة أكثر فاعلية لافتا إلى أن تركيا تتحمل مسؤوليات كبيرة في القضايا الإقليمية لا سيما الأزمة السورية.
وأضاف: «نأمل انتهاء الظلم المستمر منذ 7 أعوام في سوريا والذي أدى إلى مقتل مليون إنسان، في أقرب وقت، ولدينا موقف مشترك مع ألمانيا في هذا الصدد». ونوه بمراعاة الجانب الألماني للبعد الإنساني للأزمة السورية، وأشار إلى أن تركيا وألمانيا تحملتا مسؤولية أزمة اللاجئين في ذروتها، وبذلتا تضحيات كبيرة للحد منها.
بالتوازي، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن أنقرة تتوقع تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بصياغة دستور جديد لسوريا، في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأضاف جاويش أوغلو، في تصريحات لصحافيين أتراك، الليلة قبل الماضية، أن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يعمل لتحديد موعد لتشكيل اللجنة الدستورية.
وقال إن اللجنة ستتشكل من 15 شخصاً يختارها «دي ميستورا» من 3 قوائم، قدمت إحداها تركيا باسم المعارضة، والأخرى قدمتها روسيا، والثالثة منظمات مجتمع مدني، ولفت إلى وجود بعض الخلافات حول القائمة التي قدمتها منظمات المجتمع المدني وأن تركيا تعمل للوساطة في هذا الخصوص. وتابع: «بعد حل هذا الخلاف حول القائمة، نتوقع أن تتشكل اللجنة الدستورية وتباشر مهامها خلال الشهر المقبل (أكتوبر) أو ضمن العام الجاري كأبعد توقيت».
وقررت وفود الدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران)، خلال اجتماعها بمكتب الأمم المتحدة بجنيف، قبل أسبوعين، تشكيل مجموعة عمل مشتركة حول اللجنة الدستورية السورية.
وكان جاويش أوغلو اعتبر الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع روسيا بخصوص إدلب بمثابة الفرصة الأخيرة للحل السياسي في سوريا، وحذر في تصريح عقب لقائه، الأربعاء الماضي، مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة من تفويت هذه الفرصة والاستفادة منها للجمع بين النظام والمعارضة لتفعيل المسيرة السياسية.
ورأى أن أهم خطوة ملموسة يمكن الإقدام عليها بعد الآن هي تشكيل اللجنة الدستورية وأنه «ينبغي بعد الآن تحويل الأزمة السورية إلى سلام واستقرار من خلال مسيرة سياسية».
في غضون ذلك واصل الجيش التركي إرسال تعزيزاته إلى مناطق الحدود مع سوريا، وأرسل دفعة جديدة من هذه التعزيزات إلى بلدة الريحانية بولاية هطاي الحدودية مع سوريا.
وقالت مصادر عسكرية تركية إن هذه التعزيزات وصلت إلى الحدود مع محافظة إدلب السورية وضمت ناقلات جند مدرعة ودبابات، معززة بمدافع «أوبس» التركية بعيدة المدى. كما أرسل الجيش التركي الكثير من الكتل الإسمنتية، إلى نقاط المراقبة التركية داخل إدلب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».