لا تقتصر المعارضة في إيران على المعارضة السياسية بمفهومها الآيديولوجي، بل تشمل أيضاً عدداً من الأحزاب والقوى القائمة على أقليات عرقية.
بالنسبة للأكراد، أقدم الأحزاب وربما يكون أكبرها، الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، الذي يوجد مقره حالياً في أربيل «عاصمة» إقليم كردستان العراق. واستراتيجية الحزب هي النضال من أجل إيران ديمقراطية يكون فيها للأكراد محافظتان يشكلون فيهما الغالبية. وكان الحزب يدعم الخميني في البداية، وساعده في الوصول إلى السلطة في طهران، لكنه انشق عنه عام 1982، واغتال عملاء النظام لاحقاً عبد الرحمن قاسملو، الزعيم الحزبي الواسع الشعبية، وكذلك خلفه صادق شرفكندي.
وبعده يأتي حزب كردي آخر هو حزب «كومله الكردستاني الإيراني» بقيادة عبد الله مهتدي. ويتخذ الحزب حالياً من محافظة السليمانية في العراق مقراً له، وقد أسسته جماعات منشقة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، ويقدم نفسه بصفته حركة تنتمي إلى تيار يسار الوسط. ولقد تحوّل كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني و«كومله» باتجاه دعم قضية تغيير النظام في طهران، وتخليا عن سنوات حاولا فيها التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق مع سلطات طهران. كذلك، هناك ثلاث جماعات كردية تطالب صراحة بالانفصال عن إيران، وإنشاء دولة كردية تضم جميع أكراد الشرق الأوسط، وأكبر هذه الجماعات حزب «الحياة الحرة الكردستاني»، وهو جناح لحزب العمال الكردستاني التركي. ويوجد عدد من الجماعات الانفصالية الأصغر تعمل في كردستان، لكن ليس لها جمهور أو قاعدة حتى هذه اللحظة.
أما الأقلية ذات الأصول العرقية - اللغوية التركية فتنتشر في بضع مناطق من إيران، وهي كبرى الأقليات العرقية في البلاد؛ إذ يقدر عدد أفرادها بنحو 30 مليون نسمة، والأكبر عدد منها الآذريون، في شمال غربي إيران وبالذات ما يعرف بـ«آذربيجان الجنوبية». وتأتي في المرتبة الثانية القشقائي الذين تقدر الإحصائيات تعدادهم بأربعة ملايين تمتد مناطقهم من أصفهان إلى جنوب شيراز وحدود الأحواز. ثم في المرتبة الثالثة الأفشار والتركمان الذين يتوزّعون في مناطق شمال وشرق إيران. وتعد «الحركة الوطنية لأذربيجان الجنوبية» الخيمة السياسية التي تجمع أبرز تنظيمات الأقلية التركية الأصول المناوئة للنظام السياسي في إيران. وتنظم «الحركة» سنوياً عشرات التجمعات الاحتجاجية في المدن التركية. وكانت أبرز موجة احتجاجات ضربت المدن التركية في صيف 2006 بعد نشر كاريكاتير مسيء للترك بصحيفة إيران الناطقة باسم الحكومة الإيرانية.
وفي المناطق العربية تنشط جماعات سياسية منذ عقود وتطالب غالبية الأحزاب بحق تقرير المصير وترفع شعار «التحرر من الاحتلال الإيراني»، وبين أبرزها «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» و«الجبهة العربية لتحرير الأحواز» وعدد من الأحزاب الأخرى، يقابلها «حزب التضامن الأهوازي» (تستخدم هنا كلمة «أهواز» لا «أحواز»)، الذي يعمل في إطار بعض الأحزاب المعارضة الإيرانية التي تطالب بإنشاء نظام اتحادي (فيدرالي) ضمن الجغرافيا السياسية الإيرانية.
وتنشط الأطراف المعارضة العربية في رفض سياسات تغيير التركيبة السكانية لصالح غير العرب، وسلب الأراضي والهوية العربية، ونهج إقصاء العرب من الحياة السياسية والثقافية، وحرمانهم من الثروات والفرص المتساوية مقارنة بالقوميات الأخرى؛ نظراً لوجود أغلب ذخائر النفط والغاز على أراضيهم. وكان الخميني قبل ثورة 1979 قد وعد وجهاء العرب بمنحهم حق تقرير المصير إذا ما تحققت الثورة، لكنه سرعان ما تراجع عن وعوده وفرض الإقامة الجبرية على مرجع المحمّرة الشيخ محمد طاهر الخاقاني، ونفذت السلطات موجة إعدامات واسعة بحق الناشطين العرب في الثمانينات. وعام 2005 انتفض العرب بعد تسريب مسودة مشروع حكومي صادرة من مكتب الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وكانت تشير إلى مخطط يدفع النخب والمتعلمين بالهجرة إلى المدن الإيرانية وتعويضهم بآخرين. وأعلنت أحزاب وجماعات سياسية وجودها في أوروبا بعد هجرة واسعة لناشطين وسياسيين إلى المدن الأوروبية. ومنحت مكاتب الأمم المتحدة بعد 2005 حق اللجوء للعرب الأحوازيين على أثر تقارير صدرت من دول غربية تدين موجة الاعتقالات والإعدامات التي ضربت المدينة.
أما ثالث الأقليات العرقية، البلوش، فينتشرون في شرق إيران (خراسان، وسيستان - بلوشستان، يعانون من تمييز عرقي وطائفي؛ كونهم من أهل السنة. وتنشط منذ فترة أحزاب مناوئة للنظام الإيراني وتحمل السلاح بوجه السلطات وأبرزها «جيش العدل» الذي يزعم أنه يدافع عن حقوق البلوش القومية، بينما تحاول طهران حصر نشاطه عبر اتهامه بالتطرف الديني.
كذلك، ينشط في الأوساط الدولية عدد من الناشطين المستقلين، لكن أبرز الأحزاب السياسية التي تعمل إلى جانب الأحزاب المعارضة الأخرى هو حزب الشعب البلوشي الذي يضم عدداً كبيراً من الناشطين المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة.
8:18 دقيقة
قوى الأقليات العرقية... والمعارضة
https://aawsat.com/home/article/1388411/%D9%82%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9
قوى الأقليات العرقية... والمعارضة
قوى الأقليات العرقية... والمعارضة
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة