تاريخ من الهجمات بـ«الكيماوي» في النزاع السوري

TT

تاريخ من الهجمات بـ«الكيماوي» في النزاع السوري

منذ بدء النزاع في سوريا في مارس (آذار) 2011، اتُهمت قوات النظام مرات عديدة باستخدام الأسلحة الكيميائية. وحذرت الولايات المتحدة، الثلاثاء، النظام السوري، من أنها سترد «بسرعة وبالطريقة المناسبة»، إذا استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، في حين يجري الإعداد لهجوم وشيك على محافظة إدلب قالت الأمم المتحدة إنه قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.
فيما يأتي حصيلة بثتها وكالة «الصحافة الفرنسية» أمس، عن الهجمات بالكيماوي خلال النزاع:
في 23 يوليو (تموز) 2012، أقر النظام للمرة الأولى بامتلاك أسلحة كيميائية، وهدد باستخدامها في حال حصول تدخل غربي، ولكن ليس ضد شعبه.
في 21 أغسطس (آب) 2013، شنّت قوات النظام هجوماً على الغوطة الشرقية ومعضمية الشام قرب دمشق. وأكدت المعارضة المسلحة أن غاز السارين استخدم فيه، لكن النظام السوري نفى ذلك.
في نهاية الشهر ذاته، أعلنت الولايات المتحدة أنها على «قناعة قوية» بأن النظام مسؤول عن الهجوم الذي أوقع 1429 قتيلاً، بينهم 426 طفلاً.
وفي 16 سبتمبر (أيلول) التالي، نشرت الأمم المتحدة تقريراً لخبرائها الذين حققوا في الهجوم، يتضمن «أدلة واضحة» على استخدام غاز السارين.
لكن قبل يومين، تم توقيع اتفاق أميركي - روسي في جنيف ينصّ على تفكيك الترسانة الكيماوية السورية بحلول منتصف عام 2014، الأمر الذي أبعد خطر ضربات كانت تعتزم واشنطن وباريس توجيهها إلى نظام دمشق «لمعاقبته».
في سبتمبر 2014، أكد محققو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن غاز الكلور استخدم كسلاح كيماوي بشكل «منهجي ومتكرر» في قرية كفر زيتا في محافظة حماة (وسط) والتمانعة وتلمنس في إدلب (شمال غرب).
وفي نهاية أغسطس 2016، اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم ولمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية مروحيات عسكرية سورية باستخدام غاز الكلور في بلدتين في محافظة إدلب، هما تلمنس في أبريل (نيسان) 2014 وسرمين في مارس (آذار) 2015.
واتهمت لجنة التحقيق تنظيم داعش باستخدام غاز الخردل في مارع بمحافظة حلب في أغسطس 2015.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2016، صدر تقرير عن لجنة التحقيق نفسها يفيد بأن الجيش السوري شنّ هجوماً بالسلاح الكيماوي، مستخدماً مادة الكلور في بلدة قميناس بمحافظة إدلب في مارس 2015.
في 4 أبريل 2017، استهدفت غارة جوية مدينة خان شيخون التي يسيطر عليها مقاتلو الفصائل و«الجهاديون» في محافظة إدلب، ما أسفر عن 83 قتيلاً، بينهم 28 طفلاً، بحسب حصيلة الأمم المتحدة، فيما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل ما لا يقل عن 87 شخصاً، بينهم 30 طفلاً. وبحسب أطباء يعملون ميدانياً، فإن الأعراض التي عاناها المصابون مماثلة لتلك التي تسجل لدى ضحايا هجوم كيماوي. ورداً على ذلك، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتوجيه ضربات. وقامت سفينتان أميركيتان في البحر المتوسط ليل السادس إلى السابع من أبريل من ذلك العام، بإطلاق صواريخ «كروز» من طراز «توما هوك» على قاعدة الشعيرات الجوية وسط سوريا.
وأكد خبراء اللجنة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية استخدام غاز السارين، وأعلنوا أن النظام السوري مسؤول بالفعل عن الهجوم. الأمر الذي نفاه النظام.
وبحسب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، استخدم غازا السارين والكلور في هجومين في 24 و25 مارس (آذار) 2017 استهدفا بلدة اللطامنة وكذلك السارين في 30 مارس في هجوم ثالث على المنطقة نفسها المحاذية لخان شيخون.
في 22 يناير (كانون الثاني) 2018، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قصفاً صاروخياً «شنته قوات النظام على القسم الغربي من مدينة دوما (شرق العاصمة دمشق)، أدى إلى انتشار دخان أبيض، تسبب بإصابة 21 مدنياً بحالات اختناق»، بينهم 6 أطفال و6 نساء. وتحدث سكان ومصادر طبية عن هجوم بالكلور.
وكان «المرصد السوري» أورد في 13 يناير أنباء عن هجوم مماثل لقوات النظام على أطراف مدينة دوما تسبب «في سبع حالات اختناق».
وفي الرابع من فبراير (شباط)، سجلت 11 حالة اختناق في سراقب بمحافظة إدلب، ونقل «المرصد السوري» عن سكان ومصادر طبية أن «غازاً ساماً» انتشر في المدينة. في مايو (أيار) من ذلك العام، رجحت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية استخدام الكلور أثناء الهجوم. وفي السابع من مارس، أشار «المرصد السوري» إلى أن 60 شخصاً على الأقل واجهوا صعوبات في التنفس ببلدتي سقبا وحمورية.
وفي السابع من أبريل، أكدت منظمة «الخوذ البيضاء» (الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة) و«الجمعية الطبية السورية - الأميركية» (سامز) أن أكثر من 40 شخصاً قُتلوا في هجوم بـ«غازات سامة» في دوما، التي كانت آنذاك آخر معقل للمعارضة قرب دمشق، واتهمتا النظام.
وتحدثتا عن وصول «أكثر من 500 حالة» إلى النقاط الطبية. وأشارتا إلى أعراض «زلة تنفسية وزرقة مركزية وخروج زبد من الفم وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور». ولم يؤكد «المرصد السوري» حصول هجوم كيماوي، إلا أنه أفاد بحدوث 70 حالة على الأقل من صعوبة التنفس والاختناق بين المدنيين المحاصرين في أقبية أو غرف ذات تهوية سيئة، وغير القادرين على الهروب للعثور على الهواء بعد الغارات، مشيراً إلى أنّ «11 شخصاً بينهم 4 أطفال توفوا في هذه الظروف».
ونفى النظام وحليفته روسيا حصول هجوم من هذا النوع. ورداً على ذلك، شنّت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في 14 أبريل ضربات جوية على مواقع عسكرية تابعة للنظام.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.