روحاني أمام اختبار البرلمان اليوم

نوايا لاستجواب 4 وزراء بعد إقالة وزيري العمل والاقتصاد

الرئيس الإيراني في لحظة غضب من رئيس البرلمان خلال الشهر الحالي (أرنا)
الرئيس الإيراني في لحظة غضب من رئيس البرلمان خلال الشهر الحالي (أرنا)
TT

روحاني أمام اختبار البرلمان اليوم

الرئيس الإيراني في لحظة غضب من رئيس البرلمان خلال الشهر الحالي (أرنا)
الرئيس الإيراني في لحظة غضب من رئيس البرلمان خلال الشهر الحالي (أرنا)

سيكون الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم، أمام اختبار برلماني صعب في ظل انتقادات تطال دور حكومته في الأزمة الاقتصادية، من قبل الخصوم المحافظين والحلفاء الإصلاحيين، وسط استياء شعبي من التراجع المعيشي وارتفاع الأسعار تحت وطأة العقوبات الأميركية.
ودفع روحاني ثمن تمسكه بالفريق الاقتصادي لحكومته، وتأخر وعوده الانتخابية بإصلاح الأوضاع الاقتصادية، عندما خسر اثنين من وزراء تشكيلته الحكومة خلال أسبوعين.
ويتعين على روحاني، اليوم، الردَّ على أسئلة حول خمسة محاور اقتصادية أقرها البرلمان بداية الشهر الحالي، من بينها: أداء البنك المركزي، وإخفاق الحكومة في وعودها الاقتصادية، وتراجع العملة، وتهريب السلع والدولار، وتفاقم البطالة، وإفلاس المؤسسات المالية، والمشكلات البنكية، والعقوبات.
ويتمتع البرلمان بالسلطة لعزل روحاني نفسه، رغم أنه محمي بواقع أن المرشد الإيراني علي خامنئي قال إن الرئيس يجب أن يكمل ولايته حتى 2021، رغم انتقاداته القاسية لسياساته.
وسيبدأ روحاني الاجتماع بخطاب لا يتجاوز نصف الساعة، قبل الرد على الأسئلة الموجهة من النواب. ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية، أمس، عن عضو هيئة رئاسة البرلمان أحمد أمير آبادي، أن الرئيس سيكون في البرلمان اليوم الثامنة صباحاً بتوقيت طهران للرد على أسئلة النواب. وقال إنه «وفقاً للقانون الداخلي في البرلمان، فإن الأسئلة ستحال إلى القضاء في حال لم يقتنع ثلثا النواب بردود روحاني على أي منها»، مضيفاً أن البرلمان سيجري تصويتاً على أي سؤال يوجه إلى روحاني.
وشهدت إيران على مدى سبعة أشهر منذ بداية العام 2018 احتجاجات متقطعة في عدة محافظات إيرانية، على خلفية البطالة وتزايد المشكلات الاقتصادية وموجات غلاء ضربت الأسواق الإيرانية على أثر أزمة أسواق المال والعملة والذهب.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، في تقريرٍ أمس، بأن «انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وكذلك إعادة فرض العقوبات الأميركية، قد أضرا بالاقتصاد الإيراني»، ونقلت عن معارضين لسياسات روحاني «أنه كشف إخفاقات خلال السنوات الخمس التي حكم فيها روحاني البلاد».
ولأول مرة يستدعي البرلمان، روحاني، للمثول أمامه ومواجهة أسئلة حول انهيار قيمة العملة الإيرانية، وارتفاع نسبة البطالة، وتفشي الفساد.
ورغم الآفاق القاتمة أمامه، إلا أن روحاني لا يزال يتمتع بدعم من المحافظين المعتدلين، بينهم رئيس البرلمان القوي علي لاريجاني. ولكن العديد من أطراف المؤسسات التابعة لسلطة المرشد تعارض مفاوضاته مع الغرب، ويشعرون بالسرور للمتاعب التي يتعرض لها الاتفاق النووي.
وقاد هؤلاء الهجومَ ضد حكومة روحاني، فيما أفادت وكالة «إيلنا» الإصلاحية أن 30 نائباً وقعوا أمس على استجواب وزير الطرق والمواصلات عباس آخوندي، وبدأ نواب مشاورات لاستجواب وزير التجارة والمعادن محمد شريعتمداري بموازاة مشاورات حول استجواب وزير التعليم محمد بطحايي ووزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي.
بالنسبة للإصلاحيين، فقد لعبوا دوراً كبيراً في نجاح روحاني في انتخابات 2013 و2017، ويعتبرونه أفضل خيار لهم بعد قمع الحركة عقب الاحتجاجات الواسعة في 2009. ولكن روحاني لم يفِ بوعوده في تعزيز الحريات المدنية، خصوصاً وعده بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وخفض الرقابة.
ويخشى الإصلاحيون الآن أن يشوه ارتباطهم بروحاني صورتهم، كما أن عدداً منهم انشقوا عن الصفوف، وانتقدوا أداء حكومته.
وقال النائب الإصلاحي إلياس حضرتي أثناء تصويته لصالح عزل وزير الاقتصاد مسعود كارباسيان، الأحد، «ماذا فعلنا بالأمة؟ لقد جعلناهم بؤساء تعسين».
ووصف موقع «انتخاب»، المقرب من الحكومة الإيرانية، أجواء البرلمان بالنسبة لروحاني في يوم الاستجواب، بأنها «تشبه المناظرات الانتخابية واستمرار للنقاش الذي أثير خلالها في حملة الانتخابات 2017».
ونشر الموقع أفلاماً دعائية تظهر روحاني المتماسك والصلب في اللحظات الحساسة.
في غضون ذلك، قال عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء القيادة أحمد خاتمي، أمس، إن الرئيس الإيراني حسن روحاني رفض دعوة المجلس لإلقاء خطاب في اجتماعه المقرر سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويتطلع مجلس خبراء القيادة، الذي يضم أبرز رجال الدين في السلطة، بما فيهم روحاني، إلى تخصيص اجتماعه نصف السنوي المقبل للمشكلات المعيشية.
وأفادت وكالات عن خاتمي قوله، أمس، إن المجلس وجه دعوة إلى رؤساء السلطات الثلاث، رئيس البرلمان علي لاريجاني وشقيقه صادق لاريجاني رئيس القضاء، إضافة إلى حسن روحاني الذي أعلن اعتذاره عن حضور الاجتماع.
ولفت خاتمي إلى أن روحاني لم يوضح سبب اعتذاره عن حضور اجتماع مجلس خبراء القيادة.
وأول من أمسٍ وبعد لحظات من إقالة وزير الاقتصاد، قال وزیر العمل السابق علي ربيعي، الذي أقيل من منصبه بداية الشهر الحالي، عبر حسابه في «تويتر» أمس، «أرى الناس قلقين في الشارع ومتخوفين من المستقبل والالتهابات. سلوك البرلمان في مواجهة ظاهرة نادرة الحدوث مثل سؤال الرئيس يمكن أن تفاقم أو تقلل هذا القلق»، وختم أن «لا فائز من القلق يوم الثلاثاء».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.