موقع جديد لجبران باسيل: تقارب مع بري وعلاقة «عادية» مع الحريري

TT

موقع جديد لجبران باسيل: تقارب مع بري وعلاقة «عادية» مع الحريري

شكّل اللقاء المفاجئ الذي جمع رئيس المجلس النيابي نبيه بري برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، أول من أمس، مؤشرا واضحا لتوجه «عوني» لإعادة ترتيب علاقاته السياسية بباقي الأحزاب، خصوصا أن تقارب باسيل مع بري ترافق مع تباعد عن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري جراء خلافات على توزيع الحصص الحكومية.
وفي مقابل إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تأكيد انفتاحه على كل الأحزاب السياسية دون استثناء من خلال لقائه رؤساءها بشكل مستمر، مما يجعلهم تلقائيا يفصلون بين مشكلاتهم مع رئيس «التيار» وعلاقتهم برئيس الجمهورية، يذهب باسيل بعيدا في خصوماته، كما هو حاصل مثلا مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وهو لا يتردد في المجازفة بتفاهمه السياسي المستمر مع الحريري منذ عام 2016، تماما كما جازف في وقت سابق بعلاقته مع رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع مما أدى لسقوط اتفاقهما السياسي.
ولا شك في أن المسار الطويل من الخلاف مع بري لن ينتهي بمجرد زيارة قام بها باسيل إلى مقر إقامته في «عين التينة»، فالعلاقة بين الرجلين بلغت حد التصادم في الشارع في مرحلة الاستعداد للانتخابات النيابية، علما بأن الصدام السياسي مستمر بين «أمل» و«الوطني الحر» منذ زمن، وهو ما دفع بري وكتلته لعدم التصويت لعون في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية.
وتعد مصادر قيادية عونية أن «السياسة متحركة جدا في لبنان، فلا شيء ثابت ودائم على صعيد الصداقات أو البعد السياسي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التقرب من الرئيس بري لا يعني بالضرورة الابتعاد عن الرئيس الحريري». وتصف المصادر العلاقة الحالية برئيس الحكومة المكلف بـ«العادية جدا»، موضحة أن «عدم اجتماع باسيل بالحريري مرده غياب التطورات الجديدة بالملف الحكومي». وتضيف: «لا شك في أن التباعد مع جنبلاط مستمر، والعلاقة بيننا وبين الحزب التقدمي الاشتراكي غير جيدة، لكننا في النهاية قريبون من أي فريق بقدر قربه منا، ونعتمد دائما سياسة اليد الممدودة، فإذا لاقاها الآخرون، فسنكون مرحبين بذلك»، لافتة إلى أن «لقاء باسيل - بري تم بمبادرة من نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، وبالتالي لا لزوم لتحميله أكثر مما يحتمل».
ولا تزال العلاقات العونية - القوّاتية شبه مقطوعة بعد تفاقم الخلافات بين الطرفين سواء خلال العمل الوزاري في الحكومة الحالية التي تحولت إلى تصريف الأعمال، أو خلال المرحلة التي تلت الانتخابات النيابية جراء الخلاف على تقاسم الحصة الحكومية المسيحية. وتشهد علاقة التيار بـ«حزب الله» نوعا من الاستقرار بعد أن اهتزت خلال الاستحقاق النيابي جراء قرارهما الوجود على لوائح متنافسة في أكثر من دائرة.
ولعل الثابت الوحيد في علاقات «التيار» بالقوى السياسية الأخرى هو الخلاف المستمر مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، والذي تجدد مؤخرا على خلفية الملف الحكومي. ويشير مفوض الإعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» رامي الريس إلى أن «الخلاف في وجهات النظر مع (التيار) يتركز حول طريقة إدارة الملفات الوطنية، وعدم مطابقة الشعارات السياسية التي لطالما رفعها مع الممارسة التي يقوم بها سياسيا ونيابيا ووزاريا وإعلاميا، باعتباره يقوم بتنفيذ نقيضها بشكل دائم ومستمر»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التباعد مع (الوطني الحر) يتناول منطلقات أساسية على الصعيد الوطني، وأبرزها غياب الشفافية في الملفات التي يتناولها وزراء (التيار) وفي طليعتها مسألة الكهرباء، وعدم إطلاق أي عملية فعلية لمكافحة الفساد؛ بعكس الشعارات التي رفعت على مدى سنوات طويلة، إضافة للسعي المستمر لمحاولة تطويق وتهميش (الحزب التقدمي الاشتراكي) بما يمثله من حيثية سياسية وشعبية لها حضورها التاريخي في لبنان وموقعها المهم في المعادلة السياسية». ويضيف الريس: «بعد أن فشلت محاولة إضعاف وليد جنبلاط من خلال قانون الانتخاب الذي وُضع خصيصا لتطويقه، ها هي المحاولة تتجدد مع السعي لإضعافه من خلال انتزاع حقه بالتمثيل الوزاري الدرزي الكامل عبر استيلاد كتلة نيابية هي عمليا تضم 4 نواب من (تكتل لبنان القوي)».
ويعد الريس أن «الإشكالية الأساسية مع (التيار) لا تقتصر على طريقة مقاربة الملفات الوطنية، إنما أيضا تلحظ انزلاق مسؤولي التيار المستمر إلى مستوى غير لائق في الأدبيات السياسية، وهذا يثبت عدم تمكنهم من تقديم الحجج والبراهين في الانتقادات السياسية التي نوجهها لهم»، لافتا إلى أنه «في نهاية المطاف، لا آفاق مقفلة في السياسة؛ ولو أن التجربة السابقة مع (التيار) ومحاولات التقارب معه، لا تشجع كثيرا، لا سيما أنه كان دائما لا يلتزم بأي توجهات يمكن أن تكون مشتركة». وختم: «على كل حال؛ الخلاف السياسي تحت سقف الدستور خلاف مشروع، ونحن في نظام ديمقراطي حتى إشعار آخر، إلا إذا كانت هناك نيات مبيتة لتقويض أسس هذا النظام من خلال ملاحقة الإعلاميين والناشطين والتضييق على الحريات».



مصر: «انفراجة» في أزمة قانون «المسؤولية الطبية»

مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)
مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر: «انفراجة» في أزمة قانون «المسؤولية الطبية»

مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)
مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)

في انفراجة لأزمة مشروع قانون «المسؤولية الطبية» بمصر، أرجأت نقابة الأطباء المصرية جمعية عمومية طارئة دعت إليها (الجمعة)، عقب تبني لجنة «الصحة» في مجلس النواب تعديلات طالبت بها النقابة على التشريع الجديد، أبرزها ما يتعلق بإلغاء عقوبة «الحبس».

وأقرت لجنة الصحة بـ«النواب» مشروع قانون «المسؤولية الطبية وسلامة المريض»، الأربعاء الماضي، بعد مناقشات شارك فيها نائب رئيس الوزراء المصري ووزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار، ونقيب الأطباء أسامة عبد الحي، «استجابت فيها اللجنة لتعديلات طالبت بها نقابة الأطباء»، حسب إفادة اللجنة.

وينصّ مشروع القانون الجديد على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس الوزراء، تسمى «اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض»، وعرّف القانون اللجنة بأنها «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، وهي معنية بالنظر في الشكاوى، وإنشاء قاعدة بيانات، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة، بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية».

وأعلنت نقابة الأطباء، الخميس، تأجيل جمعية عمومية طارئة سبق أن دعت لها الجمعة 3 يناير (كانون الثاني)، لمدة شهر، بعد الاستجابة لتعديلات طالبت بها على مشروع القانون.

لجنة الصحة بالبرلمان تبحث أزمة مشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)

وحسب بيان النقابة، أقرت لجنة الصحة تعديلات طالبت بها، من بينها «إلغاء عقوبة حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، والحبس الاحتياطي»، إلى جانب «صياغة تعريف واضح للخطأ الطبي، والتفريق بينه وبين الخطأ الطبي الجسيم»، إلى جانب «التوافق على أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التقاضي والتحقيق»، مع تعديل اسم القانون إلى «المسؤولية الطبية وسلامة المريض».

وأكدت في إفادة لها، الخميس، «استمرار الجهود مع مجلس النواب لتحقيق كامل مطالب الأطباء، وصدور النسخة النهائية من التشريع».

وأثار مشروع القانون أزمة كبيرة بعد أن أقره مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ إذ أعلنت نقابة الأطباء رفض الصيغة الأولية للمشروع وطالبت بتعديله.

وتؤكد الحكومة المصرية أن مشروع القانون الذي يشمل 30 مادة، هدفه «حماية الأطقم الطبية». وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، إن «تشريع (المسؤولية الطبية) يسعى لتوفير حماية أكبر للأطباء، وتحقيق توازن في القانون بين حقوق الأطباء والمرضى».

وخلال مشاركته في مناقشات القانون بلجنة الصحة في مجلس النواب، قال وزير الصحة إن «الحكومة لا يمكن أن يكون هدفها تكبيل الفرق الطبية»، مشيراً إلى «الانفتاح لدراسة جميع المقترحات التي يمكن أن تفيد نصوص القانون».

وأضاف أن «هناك بعض النقاط الجديدة في مشروع القانون أحدثت بعض اللبس، مثل مصطلحات المضاعفات والأخطاء الطبية والأخطاء الجسيمة، وكان لا بد من التفرقة في التعريفات بينها».

ويعتقد وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أيمن أبو العلا، أن «صيغة تشريع (المسؤولية الطبية) التي جرى التوافق بشأنها أخيراً، تحقق التوازن بين حقوق المرضى والأطباء»، وقال إن «لجنة الصحة بالبرلمان استجابت لملاحظات النقابة، خصوصاً مسألة العقوبات السالبة للحريات ضد الأطباء».

ويرى أبو العلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التشريع الجديد يوفر مناخ عمل آمن للأطقم الطبية، ويحقق مكاسب للعاملين في القطاع الطبي»، مشيراً إلى أنه «يحفظ حق المريض في تقديم الشكوى حال وقوع خطأ طبي من الأطباء».

وشهدت مصر في الشهور الماضية وقائع مشادات عنيفة بين أطباء بمستشفيات عدة مع أقارب المرضى، شغلت الرأي العام.

ويوفر التشريع الجديد «حماية للأطباء لتقديم الخدمة الطبية بلا قيود»، وفق نقيبة أطباء القاهرة، شرين غالب، التي أشارت إلى أن «نصوص التشريع الحالية لا تقر عقوبات على الأطقم الطبية بسبب الأخطاء الوارد حدوثها، ما دام اتخذ الطبيب الإجراءات الطبية اللازمة تجاه المريض»، وقالت إن «إلغاء العقوبات السالبة للحريات، ومن بينها الحبس الاحتياطي، كان مطلباً ضرورياً من النقابة».

وأوضحت غالب لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصيغة التي قدمها مجلس الشيوخ للقانون أثارت قلق الأطباء، وكانت هناك مخاوف من أن يسير مجلس النواب في نفس الاتجاه»، مؤكدة «مراقبة مجلس النقابة للمناقشات النهائية لمشروع القانون، لحين صدور النسخة النهائية».