لبنان: «معارك مصرفية» محتدمة لجذب الودائع بـ«سلاح» الفوائد

المردود وصل إلى 15 %... وتسبب بانكماش في التسليفات الجديدة

تشهد السوق اللبنانية تحويلات جديدة من العملات الأجنبية لصالح الليرة في سياق الفوائد الجاذبة (رويترز)
تشهد السوق اللبنانية تحويلات جديدة من العملات الأجنبية لصالح الليرة في سياق الفوائد الجاذبة (رويترز)
TT

لبنان: «معارك مصرفية» محتدمة لجذب الودائع بـ«سلاح» الفوائد

تشهد السوق اللبنانية تحويلات جديدة من العملات الأجنبية لصالح الليرة في سياق الفوائد الجاذبة (رويترز)
تشهد السوق اللبنانية تحويلات جديدة من العملات الأجنبية لصالح الليرة في سياق الفوائد الجاذبة (رويترز)

تتواصل في لبنان العروض المصرفية لجذب الودائع الجديدة بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي، بالتوازي مع استمرار حوافز التوظيف في القنوات التي يتيحها البنك المركزي، من ضمن مجموعة التدابير التحوطية الهادفة إلى حفظ الاستقرار النقدي، الذي يتعرض لضغوط مالية مرتبطة بعجز الموازنة العامة، وتنامي الدين العام، إضافة إلى هواجس مرتبطة بالوضع الداخلي، في ظل التجاذبات القائمة بشأن تأليف الحكومة الجديدة.
وتحتدم المنافسة بين المصارف في رفع المردود على الودائع الادخارية لما يتراوح بين 8 و12 في المائة على الودائع المحررة بالليرة، والتي يتم توظيفها لآجال تتراوح بين 3 أشهر و36 شهرا. فيما اندفعت مصارف كبرى إلى إطالة الآجال لتصل إلى 60 شهرا، مع «مردود مغر» يصل إلى 15 في المائة، مع اشتراط أن يكون التوظيف من أموال جديدة، ويتم تحويلها من الدولار إلى الليرة. بينما تعمد المصارف إلى إعادة توظيف الأموال المستقطبة بالليرة وبالدولار لدى مصرف لبنان، وتستفيد من فارق العوائد، وتدعم - في الوقت ذاته - احتياطات مصرف لبنان من العملات الصعبة.
وبحسب تقرير مصرفي حديث، تشهد السوق تحويلات جديدة من العملات الأجنبية لصالح الليرة اللبنانية، في سياق الفوائد الجاذبة التي تقدمها بعض المصارف اللبنانية على منتجاتها الادخارية بالعملة الوطنية، والتي كان لها دور في دعم الليرة وتعزيز دورها كعملة ادخار. وفي التحليل أنه «من حسن الحظ أن المخاوف الماكرو - اقتصادية المستجدة تطرح في وقت تبلغ فيه عناصر الحماية والخطوط الدفاعية في لبنان أحد أفضل مستوياتها. والخطوط الدفاعية تتمثل في دحض التحويلات من الليرة اللبنانية لصالح العملات الأجنبية (المخاطر النقدية)؛ حيث بلغت الاحتياطيات بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان نحو 44.2 مليار دولار في نهاية النصف الأول من العام الحالي، أي ما يشكل 82 في المائة من الكتلة النقدية بالليرة، وهي ضعف التغطية في البلدان ذات التصنيف المماثل (41 في المائة في المتوسط). من هنا فإن الظروف المالية والنقدية سليمة رغم التحديات الاقتصادية العامة».
وتشير مصادر متابعة إلى أن أغلب عمليات استقطاب الودائع الجديدة التي تمت بوتيرة متصاعدة، اختار أصحابها الآجال الأقرب، أي من فئات 3 و6 و12 شهرا. وهذه الشرائح تتعرض لإغراء المردود الأعلى، مما أوجد تصنيفا يفصل بين «الودائع الثابتة» التي تستفيد جزئيا من تحسين المردود، و«التوظيفات الحارة» التي تنشد المردود الأعلى، ما يحفز السوق بالتالي على الاستمرار في رفع الفوائد. أيضا ما إن يطرح أي بنك، وبالأخص الكبيرة بينها، برنامجا ادخاريا جديدا مع زيادة المردود، حتى تكر السبحة، مع إضافة طفيفة على الفائدة أو منافع موازية.
ولوحظ أن اندفاعة رفع الفوائد تزامنت مع بدء استحقاق آجال التوظيفات السابقة، إذ تم توظيف أجزاء مهمة منها تباعا منذ مطلع هذا العام. لذا لجأت المصارف، وبتحفيز من القدرة على إعادة التوظيف لدى مصرف لبنان، إلى إطالة آجال تجميد الودائع بالدولار وبالليرة، علما بأن إثبات التحويل من الدولار إلى الليرة يستفيد أيضا من حافز إضافي، مما ساهم بتوسيع هامش المرونة لدى المصارف في جذب الودائع «الطازجة» أو الناتجة عن التحويل من وديعة موظفة أصلا بالدولار.
ويقر مصرفيون بأن الوضع القائم يوجه ضربات موجعة لبرامج التمويل، حيث سجل مؤشر التسليفات انكماشا فعليا في النصف الأول من العام الحالي؛ وإن كان ذلك بنسبة ضئيلة، إنما يختلف سلبا عن سائر مؤشرات الميزانيات المصرفية التي سجلت نموا إيجابيا يتراوح بين المعتدل والجيد. وذلك بسبب اضطرار المصارف إلى رفع مكافئ لمعدلات الفوائد على كل أنواع القروض، بما فيها المخصصة لتمويل المساكن، والتي تعرضت لضربة شبه قاضية بفعل استنزاف كامل المخصصات التي ضخها البنك المركزي لدعم التمويل السكني، ما تسبب بأزمة حقيقية في هذا القطاع.
كذلك يمثل الرفع القياسي لعوائد الإيداع بالليرة ضربة معاكسة لتوجيهات سابقة لمصرف لبنان، بضرورة تشجيع التسليف بالعملة الوطنية، وتغليبها تباعا على الدولار كعملة تسليف. فالمبدأ أن ربحية المصرف تقوم بشكل رئيسي على فارق ما يجنيه من المدين وما يدفعه للدائن، ومع اعتماد فوائد ادخارية تصل إلى 15 في المائة، وربما تتخطاها تأمينا لسيولة مطلوبة، يفترض رفع الفوائد على القروض الأساسية إلى ما يفوق 20 في المائة بالليرة، بينما تجاوزت فعليا 17 في المائة على القروض الشخصية المحررة بالدولار وكثير من قروض التجزئة. وهي معدلات مرشحة للزيادة بسبب تحميل المنتج تكاليف إضافية معتادة، وتكلفة محتملة لنسبة قابلة للتعثر.
ومن الظواهر المرافقة لموجات رفع الفوائد، تعريض قاعدة عملاء المصارف لاختبارات ضغط مربكة من المصارف المنافسة. فالقاعدة المعتمدة هي إجراء الاتصالات الهاتفية بلوائح اسمية لعملاء من أفراد ومؤسسات، وعرض عوائد مجزية وجاذبة على الودائع الجديدة. ويمكن للأمر أن يتم عشوائيا أو منظما أو عبر الأسلوبين في آن واحد. وهذا الأمر سيؤدي حكما إلى انتقالات «فوضوية» بين الزبائن الذين ستجذبهم الفوائد المرتفعة، ولو إلى أجل محدد. في المقابل، سيبدو الزبائن الأوفياء كضحايا لإخلاصهم للتعامل المالي مع مصرف بعينه، كون ادخاراتهم مستمرة وتستفيد من تحسين جزئي على «التجميد»؛ لكنها لا تدخل حسابات العروض الأعلى للعوائد.
وتظهر الإحصاءات المجمعة أن إجمالي توظيفات وودائع الجهاز المصرفي لدى مصرف لبنان بالعملتين الوطنية والأجنبية تجاوز مستوى 110 مليارات دولار. بينما يبلغ إجمالي رساميل المصارف نحو 21 مليار دولار، وإجمالي ودائع الزبائن نحو 177 مليار دولار. وقد سجلت الودائع المصرفية المقيمة نموا إجماليا قيمته 3798 مليار ليرة (نحو 2.5 مليار دولار) خلال النصف الأول من عام 2018، بحيث استحوذ نمو الودائع بالليرة على 53.3 في المائة منه، أي يعادل 2025 مليار ليرة. بينما نال نمو الودائع بالعملات الأجنبية 46.7 في المائة منه، أي ما يعادل 1773 مليار ليرة.

ويبلغ إجمالي التمويل الموجه للقطاع الخاص المحلي نحو 55 مليار دولار، وللقطاع الخاص غير المقيم نحو 5 مليارات دولار. بينما يبلغ إجمالي الأصول المصرفية نحو 233 مليار دولار.



الأسواق الخليجية تترقب تحركات «الفيدرالي» وسط موجة صعود متقلبة

مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
TT

الأسواق الخليجية تترقب تحركات «الفيدرالي» وسط موجة صعود متقلبة

مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)

شهدت أسواق الأسهم الخليجية ارتفاعاً ملحوظاً في أولى جلسات الأسبوع، متأثرة بتوقعات دعم محتمل من خفض الفائدة الأميركية وصعود أسعار النفط، بعد موجة من التراجع الأسبوع الماضي. فقد واصل المؤشر الرئيسي للبورصة السعودية «تاسي» الصعود للجلسة الثالثة على التوالي، مسجلاً مكاسب طفيفة عند 0.3 في المائة، بعد أن كان أغلق الأسبوع الماضي بخسائر للأسبوع الخامس على التوالي، في أطول موجة هبوط منذ نهاية 2022.

ويترقب المستثمرون قرار اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المزمع يومي الثلاثاء والأربعاء، الذي قد يشهد خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أو الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم الذي لا يزال أعلى من المستهدف، البالغ 2 في المائة.

وسط هذه البيئة، تمرُّ الأسواق الخليجية بمرحلة توازن دقيقة بين الضغوط الخارجية والفرص الداخلية، مع متابعة دقيقة لتحركات أسعار النفط والقرارات الاقتصادية الكبرى في المنطقة والعالم.


البنك المركزي الصيني يواصل تكديس الذهب للشهر الـ13 على التوالي

عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)
عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)
TT

البنك المركزي الصيني يواصل تكديس الذهب للشهر الـ13 على التوالي

عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)
عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)

واصلت الصين سياستها الهادفة إلى تعزيز مخزونها من الذهب، بينما سجلت احتياطاتها من النقد الأجنبي ارتفاعاً أبطأ مما كان متوقعاً خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحافظت الصين على وتيرة إضافة الذهب إلى احتياطاتها المعدنية الثمينة، لتمدد بذلك موجة الشراء للشهر الـ13 على التوالي. وقد أظهرت بيانات «بنك الشعب الصيني» أن إجمالي حيازات البلاد من الذهب بلغ 74.12 مليون أوقية تروي فاخرة في نهاية نوفمبر، ارتفاعاً من 74.09 مليون أوقية في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).

كما ارتفعت قيمة احتياطات الصين من الذهب بشكل ملحوظ لتصل إلى 310.65 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، صعوداً من 297.21 مليار دولار كانت مسجلة في نهاية أكتوبر. ويُعد هذا التكديس المستمر للذهب جزءاً من استراتيجية التنويع في ظل تصاعد حالة عدم اليقين العالمي.

في المقابل، سجَّلت احتياطات الصين من النقد الأجنبي، وهي الأكبر في العالم، ارتفاعاً أقل من التوقعات خلال نوفمبر. فقد ارتفعت الاحتياطات بمقدار 3 مليارات دولار الشهر الماضي لتصل إلى 3.346 تريليون دولار، مقارنة بـ3.343 تريليون دولار في أكتوبر.

وكان استطلاع أجرته «رويترز » قد توقَّع ارتفاع الاحتياطات إلى 3.359 تريليون دولار، مما يشير إلى أن الارتفاع الفعلي جاء أقل من تقديرات السوق. وجاء هذا الارتفاع المتواضع في ظل استئناف ضعف الدولار، حيث تراجع اليوان الصيني بنسبة 0.65 في المائة مقابل الدولار الشهر الماضي، بينما انخفض الدولار بنسبة 0.24 في المائة مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى.


«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

يدخل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» اجتماعه الأخير لعام 2025 وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. هذا الاجتماع لا يقتصر على تحديد مصير أسعار الفائدة في ظل انقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية، بل يأتي قبل أشهر معدودة من تغيير رئاسة البنك المركزي الأميركي المقرر في مايو (أيار) المقبل، الأمر الذي يضع مصير السياسة النقدية الأميركية لعام 2026 وما بعده على المحك.

قرار صعب في ظل مؤشرات متضاربة

الاجتماع، الذي يستمر يومي الثلاثاء والأربعاء، يضع «الاحتياطي الفيدرالي» أمام خيارين متناقضين: إما خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أم الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم المتصلب الذي لا يزال فوق المستهدف، البالغ 2 في المائة. الأمر الذي يتسبب بانقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية.

كما أن هذا الاجتماع يأتي قبل كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب النقاب عن مرشحه لخلافة الرئيس الحالي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول. إذ أعلن ترمب هذا الأسبوع، عن أنه سيكشف عن مرشحه لمنصب رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» القادم في أوائل عام 2026، ولمَّح إلى أنه يريد ترشيح كبير مستشاريه الاقتصاديين كيفن هاسيت (وهو من أكثر المطالبين بخفض الفائدة) ليحل مكان باول الذي تنتهي ولايته في مايو.

باول خلال مشاركته في سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

توقعات السوق

في الأسابيع الأخيرة، شهدت التوقعات حول قرار الفائدة في اجتماع اللجنة يومّي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول)، تقلبات حادة، لكنها استقرت حالياً. وتشير أسواق السندات الآجلة، وتحديداً أداة «فيدووتش» من مجموعة «سي إم إيه»، إلى أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية تبلغ نحو 87 في المائة.

وفي حال إقرار هذا الخفض، سيكون الثالث على التوالي، ليصل نطاق سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 3.50 في المائة - 3.75 في المائة.

معضلة الولاية المزدوجة

قرار اللجنة الفيدرالية يزداد تعقيداً؛ بسبب المهمة المزدوجة التي منحها الكونغرس للفيدرالي: تحقيق استقرار الأسعار، ومنع ارتفاع البطالة. البيانات الأخيرة التي أظهرت ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4 في المائة ترجِّح كفة المطالبين بخفض الفائدة، لكن التضخم لا يزال أعلى من الهدف البالغ 2 في المائة.

الواضح أن الصورة الاقتصادية مشوشة بشكل غير عادي، فبعض المؤشرات تشير إلى نمو قوي ومخاطر تضخمية، بينما أخرى توحي ببداية تباطؤ اقتصادي. وزاد الإغلاق الحكومي في أكتوبر (تشرين الأول) التشويش على البيانات الرسمية، في الوقت الذي أثرت فيه السياسات التجارية والقيود على الهجرة سلباً على التوظيف، في حين دفعت التعريفات الجمركية الأسعار إلى الأعلى.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

صراع الحمائم والصقور

هذا التضارب بين المؤشرات والضغوط المتنامية انعكس انقساماً حاداً داخل «الفيدرالي». ففي الخطابات العامة التي سبقت فترة الصمت المعتادة قبل الاجتماع، انقسم مسؤولو «الفيدرالي» إلى معسكرين رئيسيَّين:

فريق يرى أن التضخم هو الخطر الأكبر، ويجب الإبقاء على الأسعار مرتفعة.

فريق لديه ثقة أكبر بأن التعريفات الجمركية تمثل زيادة في الأسعار لمرة واحدة، وليست مصدراً للتضخم المستدام (وهو التعريف الحقيقي للتضخم).

هذا الانقسام يعني أن السوق قد تبالغ في توقعات الخفض، رغم أن تقرير التضخم الأخير الصادر يوم الجمعة، والذي أظهر ارتفاعاً أقل من المتوقع في سبتمبر (أيلول) عزَّز احتمالات الخفض.

باول يلقي كلمةً خلال سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

ترجيح كفة «الحمائم»

رغم أن باول كان واضحاً في أن خفض ديسمبر ليس «أمراً مُسلّماً به»، فإن كثيراً من المحللين يتوقعون أن تسود كفة «الحمائم» وأن يتم إقرار الخفض، مدعومين بارتفاع معدل البطالة، وضعف مقاييس نمو الوظائف الخاصة.

ويتوقَّع الخبراء أن يتمكَّن باول من إقناع الأعضاء المترددين بالتصويت لصالح الخفض، مقابل الإشارة القوية إلى أن التخفيضات المستقبلية ستكون محدودة، مما يعني فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر.

ومن المقرر أن يصدر الفيدرالي «مخطط النقاط» (Dot Plot) لتوقعات أسعار الفائدة والاقتصاد، لكن لا يُتوقع تغييرات مادية عن توقعات سبتمبر.

تركيبة المجلس

يذكر أنه رغم أنه من المقرر أن يرأس باول 3 اجتماعات للجنة الفيدرالية في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) وأبريل (نيسان) قبل انتهاء ولايته، فإن ولايته محافظاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي لن تنتهي حتى يناير 2028. وهو ما يعني أنه قد يكسر التقاليد ويبقى في بنك الاحتياطي الفيدرالي لسنوات أخرى عدة، وهو ما قد يثير استياء المكتب البيضاوي على الأرجح.

لكن ترمب قد يستفيد من مقاعد في اللجنة ليسمي موالين له. إذ من المقرر أن يتقاعد رئيس بنك أتلانتا الفيدرالي رفائيل بوستيك في فبراير (شباط) 2026، مما يمثل فراغاً إضافياً في اللجنة. في حين لا تزال هناك قضية المحافظة ليزا كوك، التي حاول ترمب عزلها، ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا في قضيتها في يناير، ما قد يفتح الباب لتعيين آخر يختاره البيت الأبيض.

آفاق عام 2026

رغم التوقعات الحالية التي تشير إلى فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر، فإن المشهد قد يتغير جذرياً في منتصف العام المقبل إذا تولى كيفن هاسيت رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» خلفاً لجيروم باول. فهاسيت معروف بمواقفه الداعمة لخفض أسعار الفائدة بشكل أسرع، وهو ما يتماشى مع توجهات ترمب.

وبالتالي، في حال فوزه، فمن المرجح أن يدفع «الاحتياطي الفيدرالي» نحو مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حتى مع وجود مؤشرات على تحسن سوق العمل أو استمرار التضخم فوق المستهدف.

إذا تحقق هذا السيناريو، فإن التوقعات التي تشير حالياً إلى تخفيضين فقط في صيف 2026 قد تصبح متحفظة للغاية، إذ قد نشهد دورة جديدة من التيسير النقدي أكثر جرأة، ما سيؤثر على عوائد السندات، وأسواق الأسهم، وحتى الدولار الأميركي.