باسيل يضع مسؤولية ولادة الحكومة في عهدة الحريري

TT

باسيل يضع مسؤولية ولادة الحكومة في عهدة الحريري

رغم إصرار تيار «المستقبل» ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كما «التيار الوطني الحر» ومقربين من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على إشاعة أجواء إيجابية توحي بإمكانية تشكيل الحكومة الأسبوع المقبل وقبل عيد الجيش اللبناني الذي يصادف مطلع شهر أغسطس (آب)، فإن الضبابية لا تزال تلف المشهد الحكومي خاصة أنه كان من المرتقب أن يعقد الحريري لقاء مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل فور عودته من واشنطن لوضع اللمسات الأخيرة على صيغة حكومية جديدة، لكن اللقاء لم يحصل بعد.
وتصر مصادر قريبة من باسيل على التشديد على أن صلاحية تشكيل الحكومة وتقديم صيغة حكومية لرئيس الجمهورية محصورة دستوريا بالرئيس المكلف وبالتالي من غير الطبيعي والمنطقي تحميل الوزير باسيل أي مسؤولية في موضوع العقد أو تأخير التشكيل، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «رئيس التيار الوطني الحر أبلغ في وقت سابق الرئيس الحريري بأن ما يطلبه هو أن يتم وضع معيار واحد للتأليف على أن تكون النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية هي الأساس في العملية، ما يتيح عندها تشكيل الحكومة سريعا». وأضافت المصادر: «صحيح أن الرئيس المكلف يجري مفاوضات مع الكتل النيابية ويطلع على مطالبها لكن في النهاية القرار عنده، لا عند الوزير باسيل للقول إن الحكومة عالقة عنه أو أن مصيرها معلق بمصير لقاء يُعقد بينه وبين الرئيس الحريري».
ورغم عدم انعقاد اجتماع الحريري - باسيل حتى الساعة، يُجمع النائبان رلى الطبش وسليم عون على أن الأجواء الإيجابية لا تزال مسيطرة حكوميا، مع ترجيحهما ولادة الحكومة في وقت قريب جدا. وفي هذا الإطار، قالت الطبش وهي عضو في كتلة «المستقبل» النيابية إنه لا شك أن موضوع التشكيل بين يدي الرئيس الحريري لا الوزير باسيل، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرئيس المكلف كان واضحا بقوله إن العقد أصبحت بسيطة وقابلة للحل وإن الحكومة باتت قريبة وقد تبصر النور مطلع الأسبوع وقبل عيد الجيش، مرجحة أن يطرح الرئيس الحريري فعليا صيغة جديدة انطلاقا من يوم الاثنين المقبل. إلا أن مصادر أخرى في تيار «المستقبل» أقرت بأن العقد لم تحل بعد ولا تزال موجودة وإن كانت الأجواء أفضل بكثير مما كانت عليه قبل أسبوع، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأهم من انعقاد لقاء الحريري - باسيل، هو اللقاء الذي عقد بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية.
من جهته، يؤكد النائب في تكتل «لبنان القوي» سليم عون أن «الأجواء الإيجابية لا تزال هي المسيطرة حكوميا، لكننا ننتظر أن تتم ترجمتها من قبل الرئيس المكلف من خلال الخروج بتشكيلة تحترم نتائج الانتخابات وتلتزم بالأعراف والمبادئ المتبعة عادة في تأليف الحكومات بحيث يتمثل كل فريق تبعا لحجمه مقارنة بحجم باقي الفرقاء»، مستغربا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المحاولات الدائمة لتحميل الوزير باسيل إشكالية عدم تأليف الحكومة للتهرب من التعقيدات، لافتا إلى أن «عمليات الضغط والابتزاز التي مورست على (التيار الوطني الحر) ورئيس الجمهورية في هذا المجال لم تنفع طوال الفترة الماضية ونحن واثقون بأنهم سيعودون للرضوخ لمنطق الأمور والوقائع». ورجح عون أن يتم تشكيل الحكومة في وقت قريب، معتبرا أن «نيات الرئيسين عون والحريري، إضافة لإصرارهما على التعاون والإبقاء على العلاقات الممتازة بينهما، هي عوامل من شأنها أن تؤدي لتجاوز أي عقبات».
ولكن عمليا، يبدو أن العقدتين الدرزية والمسيحية لا تزالان على حالهما. إذ أكدت مصادر «التقدمي الاشتراكي» التمسك بمطلب الحصول على الحصة الدرزية كاملة في الحكومة والمتمثلة بـ3 وزراء دروز، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحديث عن القبول بالحصول على وزيرين درزيين ووزير مسيحي، أشبه بفقاعات إعلامية». كما أن الحل لأزمة التمثيل «القواتي» لم يتضح بعد، رغم إعلان النائب عن «القوات» جورج عقيص أمس، أنه «إذا قبلنا بأربع وزارات رغبة منا بتسهيل التشكيل وتعويضا عن التنازل العددي يجب أن يكون من ضمنها إما منصب نائب رئيس الحكومة أو وزارة سيادية أو أساسية»، من منطلق أن «التيار الوطني الحر» كان يصر على أن حصة «القوات» 3 وزارات، وهو لم يعلن موقفا مغايرا حتى الساعة، وإن كانت أجواؤه توحي بإمكانية القبول بطرح مماثل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.