مقترحات لطرح المواد الحرة ضمن مناهج التعليم العام في السعودية

طلاب الثانوية العامة بين نظامي «المقررات» و«التقليدي»

تلاميذ صغار يستمعون إلى مدرسهم في إحدى المدارس السعودية (تصوير: خالد المصري)
تلاميذ صغار يستمعون إلى مدرسهم في إحدى المدارس السعودية (تصوير: خالد المصري)
TT

مقترحات لطرح المواد الحرة ضمن مناهج التعليم العام في السعودية

تلاميذ صغار يستمعون إلى مدرسهم في إحدى المدارس السعودية (تصوير: خالد المصري)
تلاميذ صغار يستمعون إلى مدرسهم في إحدى المدارس السعودية (تصوير: خالد المصري)

عام بعد عام يشهد التعليم بالسعودية تطويرا في بنية التعليم الأساسية، ولا سيما المناهج الدراسية التي خضعت للتجديد، وتغير محتواها بالكامل ليواكب تطورات العصر الحديث، ولا سيما في المرحلة الثانوية التي تعد نقطة الوصل بينها وبين التعليم العالي.
وخلال السنوات الأخيرة الماضية، جرى إقرار وتطبيق ما يسمى بـ«نظام المقررات» لطلاب المرحلة الثانوية في السعودية، بحيث يختار الطالب مواد يخير لدراستها بمناهج حكومية مقررة ومطورة من وزارة التربية والتعليم، مع الإبقاء على الفصول التي تتبع النظام التقليدي بدراسة كافة المواد الدراسية وتخيير الطالب بين القسم العلمي والأدبي في السنتين الأخيرتين.
مرونة التعلم عبر «نظام المقررات» تفتح عدة تساؤلات حول إمكانية تطويره خلال السنوات المقبلة، ليصبح جزءا من تأهيل الطالب أو الطالبة وتطوير مهاراتهم استعدادا لسوق العمل السعودية المتعطشة لرأس المال البشري، حيث يفترض في هذا التعليم أن يعد الطالب إعدادا شاملا ومتكاملا ويزوده بالمعلومات الأساسية والمهارات والاتجاهات التي تنمي شخصيته من جوانبها المعرفية والنفسية والاجتماعية والعقلية والبدنية، وذلك لا يجري إلا عبر منهجية محكمة تضمن للطالب اختيار مواد يرغبها من دون إجبار، أو ما تسمى بالمواد «الحرة» التي عادة ما تكون متخصصة في مناهج توعية متعلقة بجوانب حياتية مهمة، كالفنون والبيئة والدراسات المقارنة والتي عادة تطرح في الخطط الدراسية الجامعية للطلاب، لتنمية مهاراتهم وإضفاء بعد آخر في تفكيرهم.
وبحسب مرجع تطبيق نظام المقررات للمرحلة الثانوية، فالمقررات المطروحة لا تزال مركزة بشكل أساسي على تطوير الجانب العلمي والمهارات الأساسية تربويا، كالعلوم والرياضيات والتربية البدنية بالإضافة للغة الإنجليزية والحاسب الآلي، ويطرح لطلاب وطالبات مسار العلوم الإنسانية التاريخ والجغرافيا والعلوم الشرعية.
مواجهة الصعوبة في التعود على النظام تعد أمرا طبيعيا وواردا بعد اتباع الطالب لمنهجية تقليدية في دراسته للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، فطالب المرحلة الثانوية اليوم يقيم مجهوده عبر الدراسة المكثفة على طريقة الدراسة الجامعية، بتقليل عدد المواد وتكثيف مجهود الطالب على المواد التي يدرسها بشكل تكاملي، وتحسب نقاطه ومعدله التراكمي بالدرجة النهائية وليس بضربها بعدد الوحدات الدراسية وقسمتها كما في النظام التقليدي. ويعتمد نظام المقررات على عدد الساعات الدراسية المقدرة بـ200 ساعة، مقسمة على ستة فصول دراسية (أي ثلاث سنوات) يدرس الطالب في الفصل الواحد ستة أو سبعة مقررات يختارها بنفسه، مع إتاحة خيار إضافة مقرر أو حذفه لاحقا بعد موافقة المرشد الأكاديمي بشرط ألا يسبقها مقرر يتوجب إنهاؤه، مما يمكن الطالب من إنهاء الدراسة الثانوية في وقت أقصر (سنتين ونصف السنة) إن رغب في ذلك، بدراسة المقررات وإنهاء عدد من الساعات في الفصول الدراسية الصيفية.
هيفاء محمد، اختارت الدراسة بالنظام التقليدي لكون الانتقادات على نظام المقررات جعلت لديها تحفظا من خوض تجربة الدراسة عبر النظام الذي يتطلب من الطالب مجهودا مكثفا في القراءة والبحث والاطلاع، بينما ترى شذى خميس، وهي طالبة بالسنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، أن تجربة الدراسة بنظام المقررات ممتعة، وتساعد على فهم المواد بشكل أكبر، وتدرب الطلاب على الدراسة بنظام الساعات المطبق في أغلب الجامعات السعودية.
ومن ناحية تربوية، أوضحت بهاء، وهي معلمة في إحدى المدارس بالعاصمة السعودية الرياض، أنها ما زالت تدرس للطالبات على النظام التقليدي، إلا أنها ترى أن نظام المقررات مناسب للجيل الحالي لكونه مرنا ويركز على منحهم حرية الاختيار، وتعويدهم على البحث والاطلاع مما يجعل إيجابياته تطغى على سلبياته. وأشار خالد القحطاني، وكيل المرحلة الثانوية بمدارس «المملكة الأهلية»، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى أن نظام المقررات المطبق على طلاب الثانوية من أكثر من أربع سنوات، أسهم في تنمية مهارات الطلاب الأساسية في البحث والدراسة، إضافة إلى إشباع الجانب التعليمي بتكثيف دراسة ستة إلى سبعة مقررات في الفصل الدراسي الواحد، إلا أنه يرى في الوقت ذاته أن كثافة المواد تشكل عبئا على الطالب، كجانب سلبي فيه.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.