ميركل تؤكد أن قضية الألماني المتهم بالتجسس لحساب واشنطن خطيرة

أعربت عن قلقها إزاء خيانة الثقة من دول حليفة بسبب التجسس

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس وزراء الصين لي كه تشيانغ يتجاذبان أطراف الحديث مع مجموعة  من طلبة مدارس اللغات الثانوية خلال لقائهما في معبد السماء في العاصمة بكين أمس (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس وزراء الصين لي كه تشيانغ يتجاذبان أطراف الحديث مع مجموعة من طلبة مدارس اللغات الثانوية خلال لقائهما في معبد السماء في العاصمة بكين أمس (إ.ب.أ)
TT

ميركل تؤكد أن قضية الألماني المتهم بالتجسس لحساب واشنطن خطيرة

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس وزراء الصين لي كه تشيانغ يتجاذبان أطراف الحديث مع مجموعة  من طلبة مدارس اللغات الثانوية خلال لقائهما في معبد السماء في العاصمة بكين أمس (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس وزراء الصين لي كه تشيانغ يتجاذبان أطراف الحديث مع مجموعة من طلبة مدارس اللغات الثانوية خلال لقائهما في معبد السماء في العاصمة بكين أمس (إ.ب.أ)

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إن مزاعم قيام رجل ألماني بالعمل عميلا مزدوجا للمخابرات الأميركية خطيرة، وإذا كانت حقيقية فهي تمثل تناقضا واضحا لما يفترض أن يكون عليه التعاون بين شريكين. وعن واقعة الموظف الاستخباراتي الألماني المتهم بالتجسس لصالح أجهزة استخباراتية أميركية، قالت ميركل أمس في بكين: «الأمر يتعلق بواقعة جادة جدا إذا ثبتت»، مضيفة أن الادعاء العام الألماني يحقق في القضية. وقالت ميركل: «إذا صحت الاتهامات فإن ذلك يتعارض بالنسبة لي مع ما أفهمه عن تعاون مفعم بالثقة بين هيئات وشركاء».
ويتهم الموظف في وكالة الاستخبارات الألمانية الخارجية (بي إن دي) بتسريب 218 وثيقة إلى أجهزة استخباراتية أميركية على مدار عامين مقابل 25 ألف يورو. وبحسب بيانات «بي إن دي»، لا تتضمن تلك الوثائق معلومات حساسة.
وفي الوقت نفسه، انتقدت ميركل خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ الهجمات الإلكترونية الصينية على شركات ألمانية.
وقد تعرض هذه القضية العلاقات بين برلين وواشنطن لمزيد من التوتر، بعد نكسة سابقة، إثر الكشف في العام الماضي عن قيام وكالة الأمن القومي الأميركية بعملية تجسس واسعة على ألمانيا. وقالت ميركل خلال مؤتمر صحافي مشترك في بكين مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ: «إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فهي ستتحول لمسألة خطيرة». وأضافت: «إذا كانت هذه المزاعم حقيقية، فستكون بالنسبة لي تناقضا واضحا لما أعده تعاونا مبنيا على الثقة بين الوكالات والشركاء». وامتنع البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية حتى الآن عن التعليق على اعتقال موظف في دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية يبلغ من العمر 31 عاما.
وقالت مصادر استخباراتية وسياسية إن الرجل اعترف بتمرير وثائق إلى ضابط اتصال أميركي تتضمن معلومات حول لجنة برلمانية تنظر في
ادعاءات إدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع الاستخبارات الأميركية بأن واشنطن نفذت عملية مراقبة واسعة لألمانيا، بينها التجسس على هاتف ميركل الخاص. بدوره، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي يزور منغوليا، في الوقت الذي تزور فيه ميركل الصين، إن قضية التجسس سيكون لها عواقب في حال جرى إثبات الوقائع. وقال للصحافيين في العاصمة أولان باتور: «لم ننتهِ من التدقيق في هذا الأمر بعد، ولكن إذا تأكدت شكوكنا بتورط المخابرات الأميركية، فسيتحول الأمر إلى قضية سياسية، ولن يكون بإمكاننا العودة للتعاون كالمعتاد».
وشهدت ميركل خلال زيارتها إلى الصين التوقيع على اتفاقات تضمنت بيع قسم الطائرات الهليكوبتر في شركة «إيرباص» 100 طائرة لشركات صينية.
وحذر مسؤول رفيع في الاستخبارات الألمانية من أن بعض الشركات في الصين تواجه خطرا متزايدا للتجسس الصناعي من وكالات حكومية صينية ذات موارد هائلة. وقالت ميركل في إشارة إلى التجسس الصناعي إن «ألمانيا تعارض هذا الأمر بغض النظر عن الجهة التي تقوم به».
وأضافت: «واجبنا كدولة أن نحمي اقتصادنا، ونؤيد حماية الملكية الفكرية». من جهته، جدد رئيس الوزراء الصيني نفي حكومته التورط في مثل هذه النشاطات.
وقال: «يمكننا القول إن الصين وألمانيا ضحيتان لهجمات قرصنة. الحكومة الصينية تعارض بحزم هجمات القرصنة واستخدام الإنترنت لسرقة الأسرار الصناعية والملكية الفكرية». وأضاف أن «الصين ستشارك في الحوار والمشاورات لحماية أمن الإنترنت».
وفي الوقت نفسه، انتقدت ميركل خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ الهجمات الإلكترونية الصينية على شركات ألمانية. وأكدت ميركل أن ألمانيا ستحمي نفسها واقتصادها من تلك الهجمات، مضيفة أنه يوجد تجسس في جميع أنحاء العالم، وقالت: «لكن ألمانيا لا تؤمن بإمكانية تحقيق نجاح عن طريق التجسس». ومن جانبه، قال لي كه تشيانغ إن الصين أيضا ضحية للهجمات الإلكترونية، مضيفا أن حكومته ترفض جمع معلومات بهذه الطريقة عن الشركات والاطلاع على أسرارها وخبراتها.



اجتماع لحلفاء كييف لـ«رد الاعتبار» بعد مشادة المكتب البيضاوي

جانب من اجتماع رئيس الوزراء البريطاني مع قادة دول أوروبية وكندا والأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» في لندن الأحد (د.ب.أ)
جانب من اجتماع رئيس الوزراء البريطاني مع قادة دول أوروبية وكندا والأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» في لندن الأحد (د.ب.أ)
TT

اجتماع لحلفاء كييف لـ«رد الاعتبار» بعد مشادة المكتب البيضاوي

جانب من اجتماع رئيس الوزراء البريطاني مع قادة دول أوروبية وكندا والأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» في لندن الأحد (د.ب.أ)
جانب من اجتماع رئيس الوزراء البريطاني مع قادة دول أوروبية وكندا والأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» في لندن الأحد (د.ب.أ)

أكد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الأحد، أن أوروبا تمر بـ«لحظة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل بالنسبة إلى أمنها»، وذلك في مستهل اجتماع لنحو 15 حليفاً لكييف، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد يومين من مشادته الحادة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

رئيس الوزراء البريطاني خلال ترحيبه بالرئيس الأوكراني في لندن الأحد (أ.ب)

«لحظة جيلية»

وصرح ستارمر، وإلى جانبه زيلينسكي، في مستهل القمة بأن «هذه لحظة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل بالنسبة إلى أمن أوروبا، ويجب علينا جميعاً تكثيف الجهود».

وتهدف هذه القمة إلى بحث ضمانات أمنية جديدة في أوروبا وسط المخاوف من تراجع واشنطن عن دعم حلفائها، التي تفاقمت بعد المشادة، الجمعة، بين الرئيسين الأوكراني والأميركي.

ومن أبرز المشاركين في الاجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، وهو يسبق قمة أوروبية استثنائية بشأن أوكرانيا من المقرر عقدها في بروكسل الخميس.

وقبل ساعات من بدء هذه القمة، أعلن ستارمر، الأحد، أن بلاده تعمل مع فرنسا على «خطة لوقف القتال» بين أوكرانيا وروسيا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني لـ«هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)»: «ستعمل المملكة المتحدة، إلى جانب فرنسا وربما دولة أو دولتين أخريين، مع أوكرانيا على خطة لوقف القتال، وبعد ذلك سنناقش هذه الخطة مع الولايات المتحدة».

كذلك، وقّعت لندن وكييف اتفاق قرض بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني لدعم قدرات أوكرانيا الدفاعية، وهو مبلغ سيسدَّد من أرباح الأصول الروسية المجمدة. وقال زيلينسكي عبر «تلغرام»: «ستُستخدم هذه الأموال لإنتاج أسلحة في أوكرانيا»، معرباً عن «امتنانه لشعب المملكة المتحدة وحكومتها».

وأوضحت رئاسة الحكومة البريطانية أن المناقشات في لندن تركز على «تعزيز موقف أوكرانيا اليوم، بما يشمل دعماً عسكرياً متواصلاً وزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا».

وقال الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي»، مارك روته، المشارك في القمة، إن «الجميع في أوروبا سيتعين عليهم تقديم المزيد» لدعم أوكرانيا.

ويناقش المشاركون أيضاً «ضرورة أن تؤدي أوروبا دورها في مجال الدفاع» و«الخطوات التالية للتخطيط لضمانات أمنية قوية» بالقارة، في مواجهة خطر انسحاب المظلة العسكرية والنووية الأميركية. وتنظر أوكرانيا وأوروبا بقلق إلى التقارب بين ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

جانب من لقاء الرئيس الأوكراني ورئيسة الوزراء الإيطالية على هامش اجتماع لندن الأحد (إ.ب.أ)

لقاء ميلوني وزيلينسكي

وعلى هامش القمة، التقت جيورجيا ميلوني وفولوديمير زيلينسكي. وقالت الحكومة الإيطالية إن «الاجتماع أتاح الفرصة للتأكيد على دعم إيطاليا أوكرانيا وشعبها، فضلاً عن التزامها ببناء سلام عادل ودائم، وضمان مستقبل من السيادة والأمن والحرية لأوكرانيا». كما حذّرت ميلوني بأنه «من المهم للغاية تجنب خطر انقسام» الغرب، مضيفة أن «إيطاليا والمملكة المتحدة يمكن أن تؤديا دوراً مهماً في مدّ الجسور» مع واشنطن.

والتزم رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك النهج نفسه، قائلاً إن وارسو يمكن أن تستخدم «علاقاتها الجيدة للغاية بالأميركيين» لإقناعهم بتقديم مزيد من الدعم لأوكرانيا.

ويبدو أن القلق الأوروبي يتعاظم، خصوصاً بعد المشادة الكلامية العلنية في المكتب البيضاوي بين زيلينسكي وترمب ونائب الرئيس الأميركي جي. دي. فانس، الجمعة. فخلال دقائق المشادة الطويلة، أخذ ترمب على زيلينسكي أنه «وضع نفسه في وضع سيئ جداً» وأنه «لا يملك أوراقاً في يده» وطالبه بتحقيق السلام مع روسيا، مهدداً: «أبرِم اتفاقاً؛ وإلا فسنتخلى عنك».

«حقبة جديدة من العار»

وعلقت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، السبت، على ذلك قائلة: «بدأت حقبة جديدة من العار (...) يجب أن ندافع فيها أكثر من أي وقت مضى عن النظام الدولي القائم على القواعد وقوة القانون، في مواجهة قانون الأقوى».

وكانت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قد تحدثت، الجمعة، عن رد الاعتبار، وقالت: «بات واضحاً أن العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد. يتعين علينا، نحن الأوروبيين، أن نواجه هذا التحدي».

وأكد الرئيس الفرنسي من جهته استعداده «لفتح النقاش» حول ردع أوروبي نووي في المستقبل، بعد طلب بهذا الشأن من المستشار الألماني المقبل، فريدريش ميرتس، الذي رأى أنه من الضروري أن تستعد أوروبا «لأسوأ سيناريو»، المتمثل في تخلي واشنطن عن «حلف شمال الأطلسي». وأعرب ماكرون، في مقابلة نُشرت السبت، عن أمله في أن تحرز دول «الاتحاد الأوروبي» تقدماً سريعاً نحو «تمويل مشترك ضخم ومكثف» مقداره «مئات المليارات من اليوروات» لبناء دفاع مشترك. وأكد: «أرى اليوم أن الوقت حان ليقظة استراتيجية؛ لأنه في كل دولة ثمة عدم يقين بشأن استمرار الدعم الأميركي على المدى الطويل».

«أوروبا الهدف المقبل»

وعلى بعد كيلومترات قليلة من خط الجبهة في شرق أوكرانيا، تابع الجنود الأوكرانيون بذهول المشادة بين رئيسهم ودونالد ترمب. وقالت نادية، وهي ضابطة في الحادية والعشرين، إنها شعرت بـ«فراغ» وتتساءل: «ما الذي عساها فعلته أوكرانيا لتُعامَل بهذه الطريقة».

وأمام تخلي الولايات المتحدة الظاهر، تعتمد ناديا على دعم الأوروبيين، وهي على يقين بحدوث «يقظة» في الدول التي لها حدود مع روسيا. وقالت: «لو تراجع الدعم، ولو بلغ بوتين أهدافه، فستكون أوروبا الهدف المقبل» للهجوم. وقال جندي آخر، لقبه «سمايل» وقف مطأطئ الرأس، إنه يشعر «بالخيانة» و«الإهمال». وأكد: «الطريقة التي تصرف بها ترمب غير مقبولة»، آملاً أن تتحرك أوروبا لمساعدة أوكرانيا، «وإلا فماذا عسانا نفعل؟».

وخلال مشادة المكتب البيضاوي، صرخ كل من ترمب وجي. دي. فانس في وجه الرئيس الأوكراني، الذي كان يُشبَّه سابقاً في واشنطن برئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل، قبل أن تُطلب منه مغادرة البيت الأبيض من دون تناول الغداء حتى. وخرج زيلينسكي من دون التوقيع على اتفاقية لتشارك المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا التي عُدّت أساسية للدعم الأميركي لهدنة مع روسيا.

وتمثّلت الخطيئة التي ارتكبها زيلينسكي في مناقضة ترمب بشأن حقائق مرتبطة بالحرب في أوكرانيا، ورفضه التراجع عن مواقفه. وكتب ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي أن زيلينسكي «قلل من احترام الولايات المتحدة الأميركية في مكتبها البيضاوي المقدّر».

ومنذ عودته إلى السلطة لولاية ثانية، تجاوز ترمب المعايير المعتادة؛ وحتى الضوابط القانونية بشأن سلطة الرئيس الأميركي داخلياً. وفي السياسة الخارجية، بات يؤكد أن أيام السعي إلى التوافق ولّت، وأن ما يقوله هو الذي يسري. ويبدو هذا التحوّل جلياً جداً في ملف أوكرانيا. ودفع تحوّل ترمب، الذي رأى أن روسيا شريك وليست دولة منبوذة وأن أوكرانيا مجرّد زبون أكثر منها حليفاً، ماكرون وستارمر إلى المسارعة للبيت الأبيض الأسبوع الماضي.