متظاهرون غاضبون في البصرة يقتحمون مقر شركة «لوك أويل»

رددوا هتافات طائفية وشكوا من تمييز

متظاهرون عراقيون يقطعون الطريق بإطارات محترقة في البصرة أمس (رويترز)
متظاهرون عراقيون يقطعون الطريق بإطارات محترقة في البصرة أمس (رويترز)
TT
20

متظاهرون غاضبون في البصرة يقتحمون مقر شركة «لوك أويل»

متظاهرون عراقيون يقطعون الطريق بإطارات محترقة في البصرة أمس (رويترز)
متظاهرون عراقيون يقطعون الطريق بإطارات محترقة في البصرة أمس (رويترز)

تواصلت المظاهرات الحاشدة في محافظة البصرة منذ نحو أسبوع، للمطالبة بالخدمات مثل الكهرباء وتوفير فرص عمل للعاطلين من أبناء المحافظة. وتطورت أمس الخميس لتتحول إلى اعتصامات وتهديدات باقتحام المؤسسات والدوائر الرسمية. ونفذ متظاهرون أطلق بعضهم هتافات طائفية ضد العاملين في الحقول النفطية بالبصرة من أبناء المناطق الغربية تهديدهم، حين اقتحموا مقر شركة «لوك أويل» النفطية الروسية في حقل غرب القرنة - 2.
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لموظفي الشركة المذكورة وهم في حالة هلع وخوف. وحزم العاملون في هذه الشركة أمتعتهم، وتم إجلاء كثير منهم عن طريق المروحيات، فيما أطلقت القوات الأمنية الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين، ما تسبب بإصابات في صفوفهم.
وكان مجلس الوزراء العراقي قد شكل وفداً حكومياً برئاسة وزير النفط، وعضوية وزراء الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة والكهرباء والموارد المائية والنقل، وهيئة المستشارين في رئاسة الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وخلية الأزمة، بهدف البحث عن حلول عاجلة للمشكلات التي تعانيها البصرة.
وأعلن رئيس اللجنة الوزارية، وزير النفط جبار اللعيبي، عن إصداره أمرا بتعيين 250 من أهالي قضاء المدينة شمالي محافظة البصرة التي تشهد مظاهرات شعبية لسوء الخدمات والبطالة. وقال اللعيبي في بيان، إن «التعيينات ستكون في الحقول النفطية، وبإشراف قائمقام القضاء، بالإضافة إلى الإيعاز بتوفير فرص عمل لذوي المواطن الذي قتل خلال مظاهرات منطقة باهلة بقضاء المدينة شمال البصرة الأحد الماضي، قرب حقول غرب القرنة، سواء بصفة عقد أو غير ذلك».
وشدد اللعيبي على «أهمية عدم الاعتداء على المنشآت النفطية خلال المظاهرات، كون اقتصاد البلد يقوم على الثروة النفطية». وأكد وزير النفط أنه «ومنذ توليه إدارة الوزارة قام بتقليص أعداد العمالة الأجنبية بنسبة تصل إلى 50 في المائة». ورأت عواطف نعمة، عضوة البرلمان العراقي السابق عن محافظة البصرة، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن «المشكلة الحقيقية في البصرة هي نقص الخدمات وعدم وجود فرص عمل لأهاليها، ذلك أنه إضافة إلى مشكلة الكهرباء المتفاقمة في المحافظة؛ حيث درجات الحرارة الأعلى وطنياً، هناك أيضاً قضية الماء المالح غير الصالح للشرب؛ إذ لم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة من إيجاد حلول لهذه المشكلات».
وأضافت نعمة أن «الحلول ممكنة، مثلما تعمل بعض دول الجوار، من خلال بناء محطات حرارية، وبالفعل جرى التعاقد لبناء محطة (الفاو) الحرارية لمعالجة مشكلة الملوحة والكهرباء، ولكن المحافظة كانت قد ألغت العقد بسبب ما عدته قلة في التخصيصات».
وعن محاولات اقتحام الشركات الأجنبية العاملة في البصرة، تقول نعمة، إن «ما حصل نوع من الاحتجاج على تهميش أبناء المحافظة على صعيد فرص العمل، وجلب عمالة من خارج العراق، في حين هي متوفرة بين أبناء المحافظة أو من المحافظات الأخرى».
وكانت وتيرة الاشتباكات قد تضاعفت خلال الأيام الأخيرة في البصرة، بين المتظاهرين والقوات الأمنية، احتجاجاً على نقص الخدمات في المحافظة. وأدت اشتباكات وقعت في منطقة الهوير في مدينة البصرة إلى إصابة سبعة أشخاص بجروح، من المتظاهرين والقوات الأمنية، بينهم ضابط، بينما كان ثلاثة من المتظاهرين قد لقوا حتفهم في وقت سابق من الأسبوع الماضي. وكان المئات من أهالي قضاء شط العرب، قد قطعوا الطريق المؤدية إلى منفذ الشلامجة المتاخم لإيران شرقي البصرة، أمام حركة المركبات بما فيها الحكومية، للمطالبة بتوفير الخدمات، بالإضافة لتوفير فرص عمل للعاطلين في مناطقهم.
وأكد المحتجون أن قطع طريق منفذ الشلامجة يهدف لمنع دخول وخروج البضائع عبر المنفذ، كوسيلة للضغط لتحقيق مطالبهم.
وأكد حسن خلاطي، عضو البرلمان العراقي عن محافظة البصرة، أن «هناك مشكلات في البصرة تحتاج إلى حلول آنية وسريعة، وعلى مستوى التحديات التي تمر بها، كما تحتاج لحلول استراتيجية كان من الممكن حلها، وخاصة ملوحة المياه إضافة إلى الكهرباء». وأضاف أن «اللجنة الوزارية المكلفة معالجة مشكلات البصرة مستمرة في اجتماعاتها، ذلك أن البصريين يقفون مع أي جهد مخلص يقدم حلولاً آنية وبمستوى التحديات».
وكان مدير شرطة نفط الجنوب، العميد علي حسن هليل، قد أكد السيطرة على المظاهرات أمام البوابات المؤدية لحقل الرميلة عبر منطقة الكرمة، فيما تم فتح كافة البوابات لدخول الموظفين. وأشار هليل في تصريح صحافي إلى أن بعض المتظاهرين الذين قال بأنهم مسلحون، أحرقوا إحدى نقاط القوة الضاربة التابعة لمديرية شرطة الطاقة، وذلك بعد مواجهات مسلحة بين الطرفين.



غموض يكتنف خطة إعمار غزة مع عودة الضربات الإسرائيلية

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
TT
20

غموض يكتنف خطة إعمار غزة مع عودة الضربات الإسرائيلية

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)

أثار استئناف إسرائيل للضربات العسكرية على قطاع غزة، الثلاثاء، تساؤلات بشأن مصير المشاورات الرامية لحشد الدعم الدولي المالي والسياسي للخطة العربية - الإسلامية لإعادة إعمار غزة.

وبينما أكد مراقبون وخبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أن تنفيذ خطة إعادة الإعمار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، معولين على جهود الوسطاء في مصر وقطر للدفع نحو وقف الحرب، أشاروا إلى أن «محاولات الترويج للخطة ستستمر رغم الضربات الإسرائيلية، ورغم عدم وجود إشارات واضحة من تل أبيب وواشنطن لدعم إعادة الإعمار».

وشنّت إسرائيل ضربات جوية جديدة في أنحاء قطاع غزة، متعهدة بـ«تصعيد القوة العسكرية» بعد تعثر المحادثات مع حركة «حماس» بشأن الإفراج عن مزيد من الرهائن.

قوة عسكرية إسرائيلية عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
قوة عسكرية إسرائيلية عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

وأدانت مصر بـ«أشد العبارات» الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قطاع غزة، رافضة في إفادة رسمية لوزارة الخارجية الثلاثاء، «العمل على إفشال الجهود الهادفة للتهدئة واستعادة الاستقرار». ودعت الأطراف إلى «ضبط النفس وإتاحة الفرصة للوسطاء لاستكمال جهودها للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار».

وفي اتصال هاتفي، الثلاثاء، شدّد الرئيس المصري وأمير الكويت على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته للدفع تجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، وتنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يعد الضمان الوحيد للتوصل للسلام الدائم بالشرق الأوسط».

ويرى عضو مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن الاتصالات بشأن الترويج للخطة العربية لإعادة الإعمار مستمرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بدء الحرب كانت هناك تناقضات مستمرة تؤدي للعنف، لكن ذلك لم يمنع من اعتماد مسارات المفاوضات والوساطة للتهدئة».

وأضاف: «خطة إعادة الإعمار هي مشروع حي لإنقاذ غزة وتحقيق السلام، كونها تتضمن رؤية أعم وأوسع للسلام بشكل عام»، مشيراً إلى الاتصالات التي أجرتها وزارة الخارجية المصرية أخيراً في هذا الصدد.

فلسطينيون ينزحون من منازلهم بعدما أمرت إسرائيل بإخلاء عدد من الضواحي في قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطينيون ينزحون من منازلهم بعدما أمرت إسرائيل بإخلاء عدد من الضواحي في قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

ويتفق معه عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد حجازي، مؤكداً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصالات مستمرة لحشد الدعم لإعادة الإعمار»، موضحاً أن «خطة إعادة الإعمار كانت متسقة مع اتفاق وقف إطلاق النار الذي تنصلت منه إسرائيل، لكن هذا لن يحول دون استمرار الجهود المصرية والعربية لوقف الحرب وبدء إعادة الإعمار»، معولاً على الضغوط الدولية لإنقاذ المنطقة من مزيد من التصعيد.

وقبيل استئناف الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، كثّفت مصر من تحركاتها، بهدف حشد وتعبئة الدعم السياسي والمادي للخطة العربية - الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة.

وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، سلسلة اتصالات هاتفية مع نظرائه بالدول الأعضاء باللجنة الوزارية العربية الإسلامية، شملت السعودية والإمارات والأردن وقطر وفلسطين وتركيا ونيجيريا وإندونيسيا، بشأن تنفيذ مخرجات قمة القاهرة الطارئة وخطة إعادة إعمار غزة. كما استضافت الخارجية المصرية، الاثنين، اجتماعاً مع أكثر من 100 سفير أجنبي وممثلي سفارات ومنظمات دولية، حول إعادة تأهيل القطاع الصحي بقطاع غزة، حيث تم تقديم عرض مرئي حول خطة إعادة إعمار قطاع غزة.

وخلال الاجتماع، أشار عبد العاطي إلى وجود متطلبات أساسية لنجاح الخطة، من بينها تثبيت وقف إطلاق النار في غزة. وشدّد وزير الخارجية على أن خطة إعادة إعمار غزة حصلت على تأييد إقليمي ودولي واسع، وأن مصر تعمل حالياً على ترتيب استضافة مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة لتأمين التمويل اللازم لتنفيذ الخطة.

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)

وعدّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إسرائيل «أحد المعوقات الرئيسية لتنفيذ خطة إعادة الإعمار»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة على إقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار، لكنها على النقيض منحت تل أبيب ضوءاً أخضر لاستئناف الحرب».

وقال الرقب: «حتى الآن لا توجد إجراءات أو خطوات من جانب واشنطن تشير إلى رغبتها في إنجاح خطة إعادة إعمار غزة»، مشيراً إلى أن «إعادة الإعمار تتطلب الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، وهي ما لم يتحقق حتى الآن». وأضاف: «من غير الواضح ما إذا كان الوسطاء سيتمكنون من إقناع إسرائيل وواشنطن بالانتقال إلى المرحلة الثانية».

بدوره، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أنه منذ اليوم الأول لاعتماد الدول العربية وبعدها الإسلامية خطة إعادة الإعمار، «بدا أن إسرائيل مصرة على عدم تنفيذها، وظهر ذلك من خلال عرقلة المفاوضات حول المرحلة الثانية، والتمسك بمقترح أميركي لتمديد المرحلة الأولى».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن تنفيذ إعادة الإعمار دون وقف كامل لإطلاق النار»، معولاً على إمكانات الوسطاء لبذل مزيد من الجهد للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بمساعدة أميركية، مشيراً إلى أن استئناف الضربات على قطاع غزة من شأنه تنفيذ خطة التهجير التي رفضتها مصر والدول العربية.

وكانت الإدارة الأميركية أرسلت إشارات متضاربة بشأن موقفها من خطة إعادة الإعمار، فبينما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، في وقت سابق هذا الشهر، إن الاتفاق المقترح «لا يلبي الشروط ولا طبيعة ما يطالب به ترمب»، مضيفة أنها «ليست على قدر التوقعات». أشاد مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بجهود مصر. من دون أن يؤيد تفاصيل الخطة، وقال: «نحتاج إلى مزيد من النقاش بشأنها، لكنها تشكل خطوة أولى لحسن النية من جانب المصريين».

يذكر أن خطة إعادة الإعمار تتضمن تشكيل لجنة لتتولى إدارة شؤون قطاع غزة في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية «تكنوقراط» تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية. ووفق الخطة، سيتم توفير سكن مؤقت للنازحين في غزة خلال عملية إعادة الإعمار، ومناطق داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد. وقدّرت الخطة إعادة إعمار غزة بـ53 مليار دولار، وستستغرق 5 سنوات.