بعد كل ذلك لم يكن على بلجيكا الخجل فالمدرب روبرتو مارتينيز وفريقه وصل إلى دور الثمانية وهو ليس مرشحا للفوز باللقب ويقدم أداء محترما إلى درجة أنه ربما يبدو الأمر منصفا أن يشعر بالفخر، لكن من يحتاج إلى ذلك عندما يلعب بطريقة مباشرة ويتألق في الهجمات المرتدة منذ سنوات ومن يحتاج للاستعراض على أرض الملعب وهو على استعداد لتحقيق هذا النوع من الانتصارات الذي ربما تمثل تعريفا لعمل الجيل الحالي؟
جاء الفريق بخطة جعلته على بعد مباراتين من اللقب وهذا من شأنه يحقق كل التوقعات والأفكار المبهرة والثقة في القوى الاوروبية الصاعدة في العقد الحالي.
الآن وجدت بلجيكا بعد كل الإخفاقات مستواها وربما لم يتوقع سوى عدد قليل هوية الرجل الذي يقودها إلى ذلك لكنه كان انتصارا أيضا لمارتينيز الذي يستحق الإشادة.
وعشية تلك المباراة حاول روميلو لوكاكو، قبل أن يتوصل مدربه إلى مصدر الإلهام للجانب النفسي وعبء عدم الفوز بكأس العالم، التفكير في نقاط ضعف البرازيل لكن اتضح أنه لا يستطيع العثور عليها وتفهم أن "ثلاثة من أربعة" في دفاع البرازيل يتمتعون بخبرة كبيرة ويتطلب الأمر براعة كبيرة للتفوق عليهم.
لكن الحل لنوايا بلجيكا كان في اللاعب الوحيد الذي لم يذكره لوكاكو فاللغز كان يكمن في المدافع الرابع فاجنر الذي لعب سبع مباريات مع البرازيل ويشارك في التشكيلة الأساسية بسبب إصابة داني الفيس قبل البطولة والذي نجح في التعامل مع خطورة المكسيك لكنه مثل بقية زملائه لم يتعرضوا لاختبار حقيقي في المونديال.
هل هنا كان الخلل في فريق المدرب تيتي الصلب والذي ربما أدى إلى المشاكل والافتقار للجماعية ونجحت بلجيكا، التي كانت مترددة عندما حصلت فرصة لتحقيق هذا القدر، في الاستفادة من ذلك؟
كان من الواضح على الفور أن مارتينيز شعر أن البرازيل يمكن سحبها إلى الوسط وإزعاجها في طرفي الملعب واستمتع لوكاكو بمواجهته ضد ميراندا من مركزه الجديد في الجناح الأيمن بمجرد أن بدأت المباراة على الرغم من أن هدفها الأساسي كان متجمدا أمام التحركات وتبادل الأماكن بين جميع لاعبي خط هجوم بلجيكا.
وتحول الأمر إلى أن بلجيكا يمكن أن تختار العديد من المساحات ودائما عثرت على لاعب في مكان غير متوقع.
الآن يمكنها الهجوم في موجات ولم يملك فاجنر إجابة على مراوغات ايدن ازار وخاصة في الانطلاقات التي أرسلها خلفه عندما جر الظهير الأيمن إلى داخل الملعب لكن في الحقيقة فإن دفاع البرازيل انهار بقوة.
وقدمت بلجيكا أداء مذهلا في الشوط الأول والتي بدت أنها اختارت القوة على حساب السحر عندما شارك مراون فيلايني وناصر شاذلي لكن هذه المجموعة في خط الوسط منحت الفرصة لخط الهجوم للتألق.
وربما لم يسبق أن قدم لوكاكو مثل هذا الأداء المثل الذي قدمه في الشوط الأول ولو كانت الخدعة التي قام بها لتصل الكرة إلى شاذلي ليحرز هدف الفوز على اليابان كانت رائعة فما فعله بدا كأنه يرسم لوحة فنية جديدة.
وكانت مشاركة فرناندينيو بدلا من كاسيميرو الموقوف منطقية بعد الأداء الرائع الذي قدمه في خط وسط مانشستر سيتي هذا الموسم ودليل اخر على جودة اللاعبين التي تحدث عنها المدرب تيتي يوم الخميس عندكا كان يبحث في الاسماء على مقاعد البدلاء.
ولم يواجه كاسيميرو المشاكل ذاتها التي تعرض لها فرناندينيو من ركلة ركنية نفذها ازار وبعد ذلك أظهرت بلجيكا أنها تعلم تماما كيف تسبب المشاكل.
ولم تكن هناك فرصة لإيقاف لوكاكو وسرعته لم يجاريها أي من لاعبي البرازيل وتمريرته إلى كيفن دي بروينه لتسجيل الهدف الثاني كانت مثالا في الاتقان والتوقيت المناسب.
وقام دي بروينه – الذي يرتبط دوره في مانشستر سيتي بصناعة اللعب – بالباقي وفي هذه اللحظة تبدو إشارة لوكاكو في المؤتمر الصحفي كأنها لرجل يعرف أكثر من غيره.
وكما اتضح الأمر تراجع الجميع في الشوط الثاني وكان هناك ذعر في إبعاد الكرات من داخل منطقة الجزاء نتيجة ضغط البرازيل وتقليصها الفارق وكان يمكن أن يضيع كل هذا العمل هباء لو لم يبعد تيبو كورتوا الكرة بأطراف أصابعه في نهاية المباراة.
لكن بلجيكا، التي أخفى مارتينيز ملامحها قبل أن يمنح تعليماته الأخيرة قبل المباراة للاعبيه، لا يجب التعامل معها باستهانة الآن وعندما تنزل إلى أرض الملعب لمواجهة فرنسا في الدور قبل النهائي يوم الثلاثاء ربما يصاحبها جزء بسيط من التباهي.
