مع ظهور بطل الكريكيت على الساحة السياسية... باكستان إلى أين؟

استطلاعات الرأي ترجّح كفة حزب نواز شريف وانتخاب شقيقه رئيساً للوزراء

ملصق انتخابي على عربة الريكشو في شوارع راولبندي وتظهر فيه صورة عمران خان (يسار) زعيم حزب «حركة الإنصاف» الباكستانية (أ.ف.ب)
ملصق انتخابي على عربة الريكشو في شوارع راولبندي وتظهر فيه صورة عمران خان (يسار) زعيم حزب «حركة الإنصاف» الباكستانية (أ.ف.ب)
TT

مع ظهور بطل الكريكيت على الساحة السياسية... باكستان إلى أين؟

ملصق انتخابي على عربة الريكشو في شوارع راولبندي وتظهر فيه صورة عمران خان (يسار) زعيم حزب «حركة الإنصاف» الباكستانية (أ.ف.ب)
ملصق انتخابي على عربة الريكشو في شوارع راولبندي وتظهر فيه صورة عمران خان (يسار) زعيم حزب «حركة الإنصاف» الباكستانية (أ.ف.ب)

مع اقتراب الموعد الانتخابات التشريعية الباكستانية ظهر منافسان قويان على منصب رئيس وزراء البلاد في الساحة السياسية، هما بطل لعبة الكريكيت عمران خان، زعيم «حركة الإنصاف»، الذي سيتنافس ممثلاً لحزبه باعتباره الأكثر ترشيحاً للفوز، حسب استطلاعات الرأي لشغل ذلك المنصب الرفيع. وعلى الناحية الأخرى، وبعد استبعاد رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف من شغل المناصب العامة على خلفية قضية فساد، يقود شقيقه شهباز شريف حزب «الرابطة الإسلامية»، هو الآخر المعركة الانتخابية للفوز في رئاسة الوزراء.
ويتوجه جمهور الناخبين في هذا البلد الإسلامي، الذي يقارب عدد سكانه 200 مليون نسمة ويمتلك أسلحة نووية معلنة، في 25 يوليو (تموز) المقبل لانتخاب أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان)، الذي يبلغ عدد مقاعده 342 مقعداً، في منافسة قوية بين «الرابطة الإسلامية»، و«حركة الإنصاف». وهناك عدد من الأحزاب السياسية الصغيرة الأخرى التي تحظى بتأثير إقليمي في المناطق العاملة فيها وتتبع أصولها العرقية. ومن بينها «رابطة مسلمي باكستان» في كراتشي، وحزب «عوامي الوطني» في خيبر بوختونخوا. كما شكل حزبان دينيان كبيران، هما «الجماعة الإسلامية» و«جمعية علماء الإسلام»، ائتلافاً انتخابياً مع ظهور مرشحين مشتركين عنهما للانتخابات المقبلة. ولقد تحول حزب الشعب الباكستاني، الذي كان أحد الأحزاب الحاكمة في البلاد ذات مرة، إلى حزب إقليمي ليس له نفوذ إلا في المناطق الريفية من إقليم السند. وليس له وجود تقريباً في إقليم البنجاب الكبير.
وتظهر استطلاعات الرأي فوزاً واضحاً لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف)، في إقليم البنجاب، حيث توجد أغلب مقاعد الجمعية الوطنية (البرلمان). وأظهر أحد استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة «غالوب» للاستطلاعات، أن نسبة 34 في المائة ممن شمهم الاستطلاع سوف يصوتون إلى حزب الرابطة (جناح نواز شريف)، و26 في المائة لصالح «حركة الإنصاف»، و15 في المائة لصالح «حزب الشعب». وأظهر استطلاع «بولس كونسولتانت» للرأي نتائج مشابهة مع 36 في المائة من المشاركين يؤيدون حزب الرابطة، ونسبة 23 في المائة تؤيد حركة الإنصاف، ونسبة 15 في المائة لصالح حزب الشعب الباكستاني. ومع ذلك، بدأت التصدعات السياسية في الظهور بين صفوف حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز شريف)؛ إذ قرر الكثير من المؤيدين الابتعاد عن قيادة الحزب. كما قرر عدد من قادة أيضاً خوض الانتخابات مرشحين مستقلين وليسوا ممثلين للحزب نفسه.
ويقول المحللون السياسيون، إن حكم محكمة المساءلة في قضايا الفساد المالي ضد رئيس الوزراء السابق نواز شريف قد يزيد من وتيرة الانقسامات داخل صفوف الرابطة قبل الانتخابات البرلمانية. وعلى نحو مماثل، هناك 42 عضواً في البرلمان السابق، من الذين يعتبرون من الفائزين المرجحين في أي منافسات انتخابية. ويقول هؤلاء إنهم قرروا الابتعاد عن قيادة الحزب بسبب الاستراتيجية السياسية الانتخابية المناهضة للقضاء والمناهضة للجيش في البلاد.
ومن المثير للاهتمام، تعكس جاذبية «حركة الإنصاف» الاتجاه الجديد في المنافسات السياسية بين الأحزاب داخل باكستان. وفي عام 2008، ابتعد الناخبون عن الرابطة الإسلامية المؤيدة لبرويز مشرف في ذلك الوقت واختاروا الانضمام إلى حزب الشعب الباكستاني بناءً على الرأي العام السائد وقتها في البلاد. وفي عام 2013، عادوا فأيدوا حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (نواز شريف) للسبب نفسه.
وفي الوقت الراهن، تشير استطلاعات الرأي كافة إلى تفضيل حزب الرابطة الإسلامية (نواز شريف)، ومع ذلك فإن الناخبين أصبحوا يميلون إلى حركة الإنصاف. وهذا يعني أن الناخبين يمضون في اتجاه في حين يمضي الرأي العام السائد في اتجاه آخر.
فهل يعني ذلك أن هناك عنصر إكراه مجهولاً في هذه العملية؟ ربما. فإن صورة عمران خان مرشحاً مفضلاً لدى المؤسسة الحاكمة لها علاقة كبيرة بهذه الأمور. كذلك، حقيقة أن الخصوم قد فقدوا التأييد اللازم وصاروا معارضين صرحاء للمؤسسة العسكرية الوطنية، هي من العوامل الأخرى التي أجبرت الناخبين في البنجاب على الانضمام إلى حركة الإنصاف.
ولا يضيّع عمران خان أي فرصة لإظهار نفسه بأنه المرشح المفضل لدى المنصب السياسي الرفيع في البلاد. وقراره بخوض الانتخابات البرلمانية على خمسة مقاعد في الجمعية الوطنية يعكس رغبته القوية في النهوض بصفته زعيماً وطنياً للبلاد. ولقد تقدم بأوراق الترشح لدى لجنة الانتخابات الباكستانية عن دائرتين في البنجاب، ودائرة واحدة في كل من خيبر بوختونخوا، والعاصمة الاتحادية، وإقليم السند.
يقول متحدث باسم الحركة «يخوض عمران خان الانتخابات من ثلاثة أقاليم لأننا نريد أن نبعث برسالة واضحة مفادها أن حركة الإنصاف الباكستانية هي حزب لكافة الأقاليم الأربعة. فإن خاض عمران خان الانتخابات عن دائرة واحدة فسوف تكون هناك تعبئة انتخابية في الدوائر الانتخابية المجاورة أيضاً».
وعلى نحو تقليدي في باكستان، يتنافس كبار زعماء الأحزاب السياسية على أكثر من مقعد واحد لضمان الفوز في إحداها على الأقل. لكن في حالة عمران خان، يعتقد المتحدث أنه يتنافس في خمس دوائر انتخابية؛ مما يعني أنه يريد الظهور بمظهر الزعيم الوطني متجاوزاً الحدود العرقية الضيقة.
وقد أثار قرار عمران خان بالتنافس الانتخابي في كراتشي دهشة المراقبين السياسيين في البلاد؛ كونها المدينة التي لا تزال خاضعة لقبضة السياسات العرقية حتى الوقت الراهن. وتضم كراتشي مناطق ذات أغلبية من الناطقين باللغة الأوردية، التي أرسلت بمرشح الجماعة الإسلامية إلى الجمعية الوطنية (البرلمان) في عام 2002؛ مما يشير إلى تقليد متبع في المنطقة بإرسال المرشحين من خارج الحركة القومية المتحدة إلى البرلمان. يقول موسى كليم، الصحافي الكبير من كراتشي: «هذه منطقة من الطبقة الوسطى في البلاد، ويُعتقد أن عمران خان يتوقع حصوله على أصوات الناخبين من الطبقة المتوسطة المتعلمة. وهو لم يقيم استراتيجيته الانتخابية على أسس عرقية نظراً لوجود أقلية بشتونية ضئيلة في هذه المنطقة».
ويأمل عمران خان في إرساء اتجاه جديد داخل كراتشي من خلال التخلي عن السياسات العرقية، وربما ينجح في ذلك هذه المرة. غير أن استراتيجية حزبه لا تزال تقليدية للغاية، ولا سيما في وسط وجنوب البنجاب. ففي جنوب البنجاب، تمكن عمران خان من جذب الناخبين الأقوياء، لكن في وسط وشمال البنجاب، وهي معاقل حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (نواز شريف) منذ عام 1993، فإن الحقائق على أرض الواقع مختلفة للغاية. ويقول زايغام خان: «لقد رسخ عمران خان التصويت المناهض لنواز شريف تحت رايته الانتخابية».
ومن الواضح، أن كافة الناخبين المناهضين لنواز شريف وحزبه قد انضموا أخيراً إلى حركة عمران خان. وحتى الحساب النهائي للأصوات، سوف تكون هناك الكثير من التكهنات، لكن في الوقت الحاضر على الأقل، يمكن القول بأمان إن عمران خان قد خاض مخاطر كبيرة للغاية من خلال التنافس الانتخابي انطلاقاً من لاهور على اعتبار أنها من المعاقل القوية لحزب الرابطة الإسلامية (نواز شريف).



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.