اندماج شركتين أميركيتين لتكوين أكبر شركة طيران في العالم

اندماج شركتين أميركيتين لتكوين أكبر شركة طيران في العالم
TT

اندماج شركتين أميركيتين لتكوين أكبر شركة طيران في العالم

اندماج شركتين أميركيتين لتكوين أكبر شركة طيران في العالم

من الصعب نجاح اندماج شركات الخطوط الجوية جهارا، ولكن تمت الموافقة على إبرام الصفقة بين «أميريكان إيرلاينز» (American Airlines) و«يو إس إيرويز» (US Airways) بشكل ناجح يوم الاثنين الماضي، واعتمدت شركة الطيران العملاقة على تضامن الموظفين معها، على أقل تقدير، وتأييدهم لها.
وفي إطار بدء الشركة في تأدية مهمة دقيقة لإنشاء أكبر شركات الخطوط الجوية في العالم، سيتعين عليها دمج شركتين من شركات الطيران واللتين تتسمان بوجود ثقافات وخلفيات مختلفة للغاية فيما يتعلق بتشغيلهما، فضلا عن تاريخهما الذي يشتمل على العلاقات العمالية المتوترة. وفي الفترة السابقة، أدى الاندماج بين الخطوط الجوية إلى تسليط الضوء على مدى إمكانية كون هذه العملية محفوفة بالمخاطر.
ومن الممكن أن يستغرق الأمر عامين بالنسبة لشركتي الخطوط الجوية من أجل دمج الأساطيل وإعادة طلاء الطائرات ووضع خطط لخطوط السير الجديدة، والأهم من ذلك، محاولة الربط المتواصل بين أنظمة الكومبيوتر المعقدة لديهما. وفي ظل بقاء عدد قليل من خطوط الطيران بعد موجة من الاندماجات، يعد أي إخفاق في التكنولوجيا في الوقت الراهن أكثر وضوحا من ذي قبل، ومع الوضع في الاعتبار حجم هذا الاندماج، يمكن أن يكون لهذا الأمر تأثيرا أكبر على الركاب. ولقد تعلمت شركة «يونايتد» الدرس من تجربتها العام الماضي، عندما فشل نظام الحجز لديها مرارا وتكرارا، بسبب مشكلات المسافرين العالقين واضطرارهم إلى إلغاء الكثير من الحجوزات.
ويقول هانتر كيي، المحلل لدى «ولفي ريسيرش» (Wolfe Research)، «تتمثل المشكلتان الرئيستان اللتان ينبغي أن تثيرا قلق خطوط الطيران أثناء إجراء أي عملية دمج متكاملة في العمال والتكنولوجيا».
وأوضح كيي أنه حتى الآن تعتبر وجهة النظر المحتملة بشأن العمالة مبشرة، مضيفا «هناك الكثير من الزخم والثقة بين إدارة الشركة وقيادة الاتحاد».
وتدعم «أميريكان إيرلاينز»، في الوقت الراهن على أقل تقدير، الاتحادات التي تمثل المجموعات الثلاث الرئيسة لموظفيها، الطيارين والمضيفين والعمال في المطار، الذين يشجعون إبرام الاتفاق، بالإضافة إلى التصريح علانية في محكمة الإفلاس الأميركية بوجوب المضي قدما في عملية الدمج.
وتعتبر تلك الخطوة مدعومة بما تحقق العام الماضي، عندما توصل دوغ باركر، رئيس «يو إس إيرويز»، إلى اتفاق مع موظفي «أميريكان إيرلاينز» مقابل مساندتهم لعملية الاندماج. واستفاد باركر، الشخص المخضرم والمحنك في هذا المجال منذ فترة طويلة، من العلاقات العمالية الضعيفة عندما كانت «أميريكان إيرلاينز» في فترة إفلاسها وكانت تعيد الهيكلة من أجل عرض صفقة أفضل للعاملين. والآن يشغل باركر منصب كبير الإداريين التنفيذيين لشركتي خطوط الطيران المندمجتين، واللتين سيطلق عليهما اسم «الخطوط الجوية الأميركية» (American Airlines).
وكجزء من اتفاقية إعادة هيكلة الشركة، التي اعتمدت الأسبوع الماضي، من المنتظر أن يحصل موظفو «أميريكان إيرلاينز» على نحو ربع ما يتلقاه الدائنون التابعون للخطوط الجوية. فعلى سبيل المثال، سيحظى مضيفو الطيران بما يتراوح بين تسعة ملايين إلى 11 مليون سهم في الشركة الجديدة، وفقا لإحصائيات جمعية مضيفي الطيران المحترفين. وذكرت المجموعة يوم الجمعة أنه «لم يحدث من قبل أن حصلت أي مجموعة عمل للمضيفين، ناتجة عن الإفلاس، على مثل هذه النسبة القيّمة للمطالبة بحق ملكية الأسهم العادية».
بيد أن الحفاظ على استمرار العمالة لا يمثل سوى نصف المهمة المطلوبة لتكامل شركتي الخطوط الجوية. وسيكون التحدي الأكثر وضوحا متمثلا في دمج أنظمة الكومبيوتر والحجز المعقد، التي طورتها كل شركة بشكل منفصل على مدار عقود من الزمان، للتأكد من عملها بشكل متواصل.
ومن الضروري أن تتعامل هذه الأنظمة مع معالجة كميات كبيرة من البيانات التي تتغير باستمرار، بما في ذلك معلومات الركاب وأعداد المسافرين بانتظام والحجوزات ورحلات الطيران، بالإضافة إلى البيانات الخاصة بأماكن مغادرة المطار للصعود على متن الطائرة، وكذلك عمليات سداد الأموال.
وفي سياق متصل، قال ريك سيني، الرئيس التنفيذي للموقع الإلكتروني للسفريات FareCompare.com، إنه توقع أن الجانب التكنولوجي من الدمج سيعمل بأسلوب أكثر سلاسة مما كان عليه في عملية الاندماج بين «يونايتد» و«كونتيننتال». وأردف سيني أن من إحدى الأسباب وراء ذلك هو تاريخ «أميريكان إيرلاينز» الخاص بالخبرات والابتكار التكنولوجي. ويتمثل السبب الآخر في كون «أميريكان إيرلاينز» أكبر من «يو إس إيرويز» ومن المحتمل استيعاب بيانات شركة النقل الأصغر بسهولة كبيرة. وأوضح سيني قائلا «إن غالبية الإدارة ستكون من خلال (يو إس إيرويز)، بينما سيكون الجانب التكنولوجي بأكمله من خلال (أميريكان إيرلاينز)».
وبعد نجاح إبرام هذا الاندماج، ستستمر «أميريكان إيرلاينز» و«يو إس إيرويز» في العمل كمؤسسة نقل بارزة تدار عن طريق إدارة واحدة لحين حصولها على شهادة التشغيل الجديدة من إدارة الطيران الفيدرالية.
ومع ذلك، ذكر المحللون أنه يجب على الركاب توقع رؤية بعض التغييرات السريعة أيضا التي يمكن عزوها بشكل جزئي إلى تأخير عملية الاندماج بسبب طعن وزارة العدل. وقال سيني إن المسافرين بانتظام من كلتا شركتي الخطوط الجوية قد يرون مزايا وفوائد في بداية العام التالي في حال تبني الخطوط الجوية سياسة مشاركة وتقاسم الرموز بشكل سريع بين شركتي الطيران. وسيسمح هذا الأمر للركاب بحجز الرحلات الجوية عبر المواقع الإلكترونية لأي خط جوي من خطوط الشركتين. وتابع قائلا «سيؤدي ذلك الأمر إلى التوسع بشكل كبير في شبكة عمل خطوط السير للشركتين».
لقد بدأت شركتا الخطوط الجوية بالفعل في العمل على حل القضايا الأخرى أيضا. وكجزء من الاتفاق الذي جرى الشهر الماضي مع وزارة العدل لإقرار اندماجهما، وافقت «أميريكان إيرلاينز» و«يو إس إيرويز» على بيع 104 من أماكن إقلاع وهبوط الطائرة في مطار رونالد ريغان الوطني في واشنطن، فضلا عن بيع 34 مكان في لا غوارديا لشركات طيران بتكلفة أقل. وأسهم الاتفاق في تمهيد الطريق أمام «أميريكان إيرلاينز» من أجل إكمال سياستها لإعادة الهيكلة بعد عامين من المطالبة بإعلان الإفلاس.
وذكرت «خطوط ساوث ويست الجوية» يوم الخميس أنها ستشتري الحقوق الخاصة بعدد 22 مكانا في لا غوارديا، كما وافقت «فيرجن أميركا» على شراء الأماكن الأخرى المتبقية هناك والبالغ عددها 12 مكانا. ومن المتوقع أن يؤدي بيع هذه الأماكن القيّمة من أماكن الإقلاع والهبوط إلى زيادة المنافسة وانخفاض أجرة السفر في مطارات منطقة نيويورك.
وأضاف سيني قائلا «وبنفس الطريقة، سيكون أمام شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة ستة أشهر لوضع التسعير الطارد للمنافسين من أجل الفوز بالحصة السوقية، فيما سيسود الاستقرار بعد ذلك. وستستفيد منطقة نيويورك بأكملها من هذا الإجراء».
وستكون دالاس من أكبر الفائزين الآخرين من تلك الخطوة. وتزداد حدة المعركة الرئيسة في العام التالي، عندما تُرفع القيود المفروضة على رحلات الطيران في لاف فيلد (Love Field)، التي تضع قيودا على شركات الطيران فيما يخص تقديم الخدمة للأسواق في البلاد المجاورة، حيث سيسمح ذلك لشركة «خطوط ساوث ويست الجوية» برحلات الطيران في أي مكان حول البلاد. وأوضح سيني أنه من المحتمل أن يؤدي ذلك الأمر إلى انطلاق رحلات طيران بأسعار أرخص من دالاس على المدى القصير.
ولقد نجح الاندماج بالفعل بالنظر إلى أحد الجوانب، على الأقل. ووفقا لما جرى إعلانه في خطة توزيع الأسهم العادية هذا الأسبوع، قررت شركتا الطيران مؤخرا أن رأس مال الشركة المدمجة سيصل إلى نحو 18 مليار دولار أميركي. ويزيد هذا الرقم بنسبة 60 في المائة عن القيمة البالغة 11 مليار دولار أميركي التي قدرها المحللون عندما أُعلن الاندماج في شهر فبراير (شباط)، بناء على أسعار الأسهم في ذلك الوقت. وتعكس ارتفاع قيمة الخطوط الجوية مدى التفاؤل المتزايد بشأن المؤشرات المتوقعة لشركة «أميريكان إيرلاينز»، وهو الموقف الذي يتناقض مع الوضع الضعيف للخطوط الجوية منذ سنتين، عندما رفعت دعوى للمطالبة بإعلان الإفلاس في محاولة لاستعادة صدارتها لهذا المجال.
* خدمة «نيويورك تايمز»

 



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.