3 عقد أمام تشكيل الحكومة اللبنانية... و«الرئيسان» متفائلان باحتوائها

مصادر: الحريري لديه صيغة جاهزة على الورق بنسبة 90 %

تشكيل الحكومة اللبنانية بانتظار عودة الحريري من روسيا (دالاتي ونهرا)
تشكيل الحكومة اللبنانية بانتظار عودة الحريري من روسيا (دالاتي ونهرا)
TT

3 عقد أمام تشكيل الحكومة اللبنانية... و«الرئيسان» متفائلان باحتوائها

تشكيل الحكومة اللبنانية بانتظار عودة الحريري من روسيا (دالاتي ونهرا)
تشكيل الحكومة اللبنانية بانتظار عودة الحريري من روسيا (دالاتي ونهرا)

لم ينجح الرئيس سعد الحريري حتى الآن في فتح ثغرة بجدار تأليف الحكومة الجديدة، في ظلّ تمسّك القوى السياسية بتمثيل وزاري واسع، ورغم المعلومات التي تتحدث عن بروز عقد كبيرة في طريق الرئيس المكلّف، قللت مصادر القصر الجمهوري من خطورتها، ووضعتها في سياق السقوف المطلبية الخاضعة للتشاور، فيما كشفت مصادر رئيس الحكومة أن الأمور دخلت مرحلة النقاش الجدي في الساعات الأخيرة، وأكدت أن الحريري باتت لديه صيغة حكومية على الورق بنسبة 90 في المائة، ويبقى التفاوض على تعديلات طفيفة، وإسقاط الأسماء عليها.
وبرزت في الساعات الأخيرة تعقيدات بدَتْ مستعصية على الحلّ في وقت قريب، وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر مواكبة لحركة المشاورات أن «هناك ثلاثَ عُقَد رئيسية، الأولى تتعلّق بالتمثيل المسيحي والمواجهة القائمة بين (القوات اللبنانية) والتيار الوطني الحرّ، واستمرار وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة جبران باسيل في رفضه منح (القوات) أربعة مقاعد وزارية، والثانية تكمن في التوزير السنّي التي تقف عند عتبة الحريري نفسه، الذي لا يقبل بتوزير شخصية سنية من فريق الثامن من آذار، والثالثة قد تكون الأصعب وهي مرتبطة بتمسّك الحزب التقدمي الاشتراكي بالحقائب الدرزية الثلاث، ورفضه المطلق توزير النائب طلال أرسلان على حساب حصّته»، وأشارت المصادر إلى أن «التمثيل الشيعي وحده يقف خارج التجاذب، بعدما آلت الحصة الشيعية إلى حركة (أمل) و(حزب الله) مناصفة».
وأوحت الأجواء المستقاة من حركة الاتصالات بأن رئيس الجمهورية ميشال عون، رفض تشكيلة وزارية قدمها إليه الرئيس سعد الحريري يوم الثلاثاء الماضي، بسبب اعتراض عون على آلية لتوزيع الحقائب وبعض الأسماء، بما يؤشر إلى أن أمد التأليف سيطول، إلا أن مصادر قصر بعبدا، نفت هذه المعلومات جملة وتفصيلاً. وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري «نقل إلى رئيس الجمهورية توضيحات الكتل الكبرى بما خصّ مطالبها، وجرى تبادل وجهات النظر، واتفقا على متابعة المشاورات بعد عودة الحريري من زيارته إلى روسيا والمملكة العربية السعودية». وشددت مصادر القصر الجمهوري على أن الرئيس «لم يقبل ولم يرفض أي صيغة، لأنه لم يتسلم تشكيلة حكومية أصلاً، بل اطلع على بعض الأفكار المطروحة لمعالجة مطالب الكتل النيابية الوازنة».
وعقد أمس لقاء بين وزير الإعلام ملحم رياشي (ممثلاً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع) ووزير الثقافة غطاس خوري (ممثلاً الحريري) في وزارة الثقافة، وذلك عقب زيارة قام بها رياشي إلى القصر الجمهوري ولقاء عون، وتمحور البحث حول الملف الحكومي.
ورداً على الأجواء السلبية التي جرى تعميمها في الساعات الماضية، أعلنت مصادر مقربة من الحريري لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا وجود لعقد مستعصية، أو لعرقلة متعمدة لتأليف الحكومة». وأشارت إلى أن «خريطة التشكيلة الحكومية وتوزيع الحقائب باتت جاهزة على الورق بنسبة 90 في المائة، فيما يبقى 10 في المائة قيد النقاش والتشاور، وقد تكون هامشاً لتعديلات طفيفة من بعض الأطراف، ولإسقاط الأسماء على التشكيلة الوزارية». وقالت: «الوقت الآن هو للنقاش السياسي وبلورة التفاصيل، وليس للحديث عن أجواء تشاؤمية وتطيير الصيغة الحكومية».
ويسعى فريق الثامن من آذار، وعلى رأسه «حزب الله» لتوزير شخصية سنيّة محسوبة عليه، مستنداً إلى وجود عشرة نواب سنّة من خارج اصطفاف تيار «المستقبل» وقوى «14 آذار»، إلا أن مصادر الحريري وصفت هذه الرغبة بأنها «أضغاث أحلام» لدى مروجيها. وسألت: «كيف يمكن للثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) أن يضع (بلوكاً) حول حصته الشيعية، فيما يحاول توزيع هدايا لحلفائه من حصة (المستقبل)؟!». وقالت: «إذا قرر الرئيس الحريري توزير شخصية حيادية ومستقلّة من الوسط السنّي تكون مقبولة من الجميع، هذا الأمر يعود له، أما توزير أحد من فريق (حزب الله) وحلفائه فهذا أقرب إلى الخيال».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.