أبرزت الدراما الرمضانية المصرية في الموسم الجاري، قضايا مكافحة الإرهاب في أكثر من مسلسل، بمعالجات درامية مختلفة، ما أثار انتقادات المتابعين والنقاد، واصفين معالجتها المتشابهة بالموجَّهة. فبينما قدم الفنان المصري أحمد عز، فيلماً سينمائياً يحمل اسم «الخلية»، عن مكافحة الإرهاب، أطل على المشاهدين من جديد في الدراما الرمضانية أيضاً بمسلسل يناقش هذه القضية، وهو «أبو عمر المصري» المأخوذ من رواية لعز الدين شكري فشير. وتسبب المسلسل في أزمة دبلوماسية بين مصر والسودان بعد عرض حلقاته الأولى. وتدور أحداثه حول محامٍ مصري، غادر مصر إلى فرنسا قبل أن يعود إلى السودان وينضم إلى جماعة إرهابية كل هدفها أخذ الثأر من ضباط شرطة استهدفوا ابن خالته. كما تناول مسلسل «مليكة» للفنانة دينا الشربيني أيضاً قضية الإرهاب، حيث أصيبت في تفجير إرهابي ضخم خلال حضورها حفل زفاف.
وعلى الرغم من نجاح الجهات الأمنية المصرية، في مواجهة التنظيمات المتشددة، فإن بعض المؤلفين لم يبذلوا مجهوداً كبيراً لتقديم عمل حقيقي بمعلومات وتفاصيل دقيقة. فبعد عرض الحلقات الأولى من الأعمال التي تناقش الإرهاب، جاءت المعالجة في معظمها متشابهة. ووفق النقاد والمتابعين فإن المعالجات الفنية قد ركزت على الأسباب التقليدية التي تدفع الشباب إلى الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية. كما ركز بعض هذه الأعمال على مشاهد «الأكشن» في تناول القضية، مثل مسلسل «أمر واقع» الذي يركز على التفجيرات في أغلب حلقاته حتى الآن، وتدور أحداثه حول ضابط شرطة في مكافحة الإرهاب، يتم تكليفه بمهمة هدفها إحباط عملية إرهابية قبل أن يتم تنفيذها.
في السياق نفسه، تشابه مسلسل «كلبش 2» الذي يقوم ببطولته الفنان المصري أمير كرارة، في مضمونه مع الأعمال الدرامية الأخرى، بعدما حقق الجزء الأول منه نجاحاً كبيراً الموسم الرمضاني الماضي، وبدأ الجزء الثاني بمطاردة الإرهابيين، بعد قيام خلية إرهابية بقتل أفراد عائلته، ليقرر بعدها سلسلة الانتقام.
وقال مؤلف «كلبش 2» الدكتور باسم دويدار، لـ«الشرق الأوسط»، عن سبب تناوله ظاهرة الإرهاب في الجزء الثاني من العمل: «المؤلف في النهاية إنسان يعيش في بيئة وتوجد حوله أحداث، يتأثر بها ويؤثر فيها، وتنعكس غالباً على ما يكتبه، فظاهرة الإرهاب موجودة على الساحة العربية والأجنبية بشكل قوي، وليس في مصر فقط. وتؤثر في حياتنا جميعاً لأننا نحتكّ بها يومياً سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لذلك من الطبيعي أن نجدها حاضرة في الدراما كما هي حاضرة في الحياة العامة».
وأضاف: «هناك مسؤولية على كتّاب الدراما أن يلقوا الضوء على هذه الظاهرة وعلى الجوانب التي لا يراها المواطنون ولا يعرفونها، وهذا ما حدث معنا في مسلسل (كلبش 2) حيث بحثنا عن زاوية جديدة لم يتم استعراضها من قبل».
وعن رأيه في عرض أكثر من عمل يناقش هذه القضية قال: «بالفعل هناك نحو 5 أو 6 مسلسلات تناقش نفس القضية وهي (الإرهاب) ولكن كل قصة منها تتناوله من منظور مختلف عن الآخر، وذلك حسب المعلومات التي يملكها والأفكار التي يريد أن يركز عليها وقراءته للأحداث».
وأوضح: «بالنسبة إلى مسلسل (كلبش) حاولنا أن نتعرض للظاهرة بشكل غير تقليدي ونطرح الزوايا التي لم يناقشها أو يتناولها أحد من قبل، وبحكم عملي لفترة نحو ثلاث سنوات في الأمم المتحدة ما بين ليبيا والصومال، فقد تغيرت رؤيتي للأحداث، بعدما اكتسبت خبرة كافية في هذا المجال، وستكون هناك مفاجآت في الحلقات القادمة».
ويشارك مسلسل «السهام المارقة» كذلك في معالجة قضية التنظيمات الإرهابية، ويلقي الضوء على مدن عربية احتلتها تلك التنظيمات، ويبرز الجوانب الإنسانية العميقة داخل الصراع الدموي، كما يبرز الأفكار المتشددة لقيادات التنظيم، ويسلط الضوء على الشبان المغرر بهم، لكن فكرته متشابهة مع مسلسل «غرابيب سود» الذي تم عرضه العام الماضي وناقش احتلال التنظيم الإرهابي لبلدان عربية.
بدوره، قال المخرج مجدي أحمد علي: «تناول الدراما لقضية الإرهاب، يشبه تناول أفلام الأكشن للظاهرة نفسها، فالتركيز على عناصر الأكشن أكثر من التركيز على الأفكار التي هي أساس هذه القضية، الخطيرة جداً... فوجود هؤلاء الأشخاص بهذا الفكر وقدرتهم على الهدم هي الأهم ويجب التركيز عليها، وأنا لم أر أي مسلسل له طابع فكري يناقش أفكار هؤلاء الناس الإرهابيين وخطورتهم على المجتمع، وهذا شيء محزن».
ويضيف علي: «نحن لم نستطع حتى الآن توصيل فكرة أن الإرهاب يقتنع ويمرر أفكاراً في منتهى الخطورة على المجتمع، ونحن نذهب بشكل سطحي ونناقشه من منظور الأكشن والتفجيرات وغيرها، كأننا نريد تقديم شكل مبهر من الناحية الحركية ولا نناقش الأفكار، فلا بد من ترسيخ العديد من الحريات حتى نستطيع الوصول إلى نتيجة فاعلة في هذه القضية».
بينما قال الكاتب والمؤلف عمرو سمير عاطف: «تناول قضايا الإرهاب درامياً بهذه الطريقة العشوائية تشجع على زيادة الإرهاب، فنحن نقع دائماً في مشكلة أننا نفهم الفن وتأثيره على المشاهدين بشكل خاطئ، فنحن نعتقد أن الفنان مؤثر، وعندما يقول للجمهور شيئاً في فكرة درامية سوف يصدقه خصوصاً إذا كان يتكلم عن قضية خاصة بالدين، فلو أن قضية دينية تناولها الفنان عادل إمام بشكل معين ثم جاء داعية وقال فيها شيئاً آخر، سيصدق المواطنون الداعية بالتأكيد، فعلاقة الناس بالفنانين مثل مقولة (لا بحبك ولا أقدر على بعدك)».
الدراما المصرية تبرز مكافحة الإرهاب بالإثارة والتفجيرات
انتقادات لتشابه الأفكار وغياب العمق في المعالجة
الدراما المصرية تبرز مكافحة الإرهاب بالإثارة والتفجيرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة