{العاصوف}... دراما تنويرية ومتعة بصرية

تميّز المسلسل بالبطولة الجماعية وإفراد مساحات للممثلين للظهور - القصبي في مشهد من «العاصوف»
تميّز المسلسل بالبطولة الجماعية وإفراد مساحات للممثلين للظهور - القصبي في مشهد من «العاصوف»
TT

{العاصوف}... دراما تنويرية ومتعة بصرية

تميّز المسلسل بالبطولة الجماعية وإفراد مساحات للممثلين للظهور - القصبي في مشهد من «العاصوف»
تميّز المسلسل بالبطولة الجماعية وإفراد مساحات للممثلين للظهور - القصبي في مشهد من «العاصوف»

مسلسل العاصوف له من اسمه نصيب، ويا ليت الكاتب الكبير الدكتور عبد الرحمن الوابلي بيننا حي ليرى ما أثاره مسلسل العاصوف من جدل بين الناس ليفرح بهذا النجاح، فقد كان في حياته رحمه الله تنويريا، يسعى للتغيير للأفضل، فالعصف الذهني الذي أثاره العاصوف كان هدفا بحد ذاته، ليثار حوار اجتماعي بين الناس يصلون منه لحقيقة ذواتهم، وما كانوا عليه قبل نصف قرن فقط، وما تعرضوا له من تغير، وما تعرضوا له من نسيان لماضيهم البسيط؛ الذي كانوا عليه. الدكتور عبد الرحمن الوابلي كاتب النص عاش تلك الفترة وكنا جيراناً فأعرف عينه الفاحصة، رحمه الله، وكيف شرحت حياة المجتمع وهو الشيء الذي لم يره شباب اليوم، ومن انتقد هذا المسلسل من الشباب كان يرجم بالغيب، فرغم إحساس الرومانسي الذي يأتي من تعلق البعض بالماضي مهما كان فقيرا بائسا، فإن عرض العاصوف لمرحلة مر عليها جيلان تقريبا، وابتعد الناس عنها وهي تعرض لمشاهدين شباب لا يتخيلون (السنري) المعروض، لهم وهو أنه أسلوب معيشة بعض آبائهم، وأجدادهم وهم لا يتخيلون كم ابتعدت أخلاق المجتمع عن تلك الأيام المنفتحة، التي لم تصبها ردة الفعل على الحضارة، والنكوص الذي أصاب الناس، تلك الأيام، والتي كنا نهيئ أنفسنا لنكون مجتمعا منفتحا، ففي هذا الوقت البرزخي، أصاب المجتمع نكوص عام، ومرض المجتمع بالصحوة، وكما يعرف دارسو الحضارات و(الإنثروبولوجيون) أن المجتمعات تصاب بالأمراض عامة كما يصاب الأفراد بها، وقد يستغل المؤدلجون أزمنة النكوص الاجتماعي، ليعيثوا بالمجتمع إفسادا لحياته وأخلاقه، ومكوناته الثقافية، وهذا ما عانينا منه.
اليوم بدأ المجتمع يتشافى من حالة الكبت ويعود لطبيعته متطلعا لحياة أفضل ورؤى مستقبلية موعودة، ولكن عندما عرضت صورة المجتمع حينما كان مجتمعاً متصالحاً مع نفسه في مسلسل متقن الصنع، ثارت ثائرة البعض وزعموا أن ما عرض لا يمثل الحقيقة رغم أن معظم المعترضين شباب لم يعيشوا حقبة السبعينات الميلادية، وحكمهم عليها حكم ظني، لا تسنده معلومة، أو عمر عاشوه بها، لكننا نحن كبار السن، ومن رأوا ذلك المجتمع على طبيعته، بمحافظيه ومن أقل محافظة. التقييم المباشر انقسام الناس على هذا المسلسل، مع أن أكثر من نصفهم شباب لم يروا ذلك الزمن، ولم يقرأوا عنه وبهذا الاختلاف عرفنا أن مسلسل العاصوف مسلسل ناجح، أثار التأويل والتفسير بين الناس من مقتنع بأن المسلسل ينقل واقعا معتدلا كان في الماضي، وبين مكذب يدعي المثالية في مجتمع أفلاطوني، تخيله المتخيل بمقاييس مثاليات الصحوة، وآيدلوجياتها ووعاظها.
اليوم نحن عالم مختلف، مجتمع 75 في المائة من الشباب، لم يعيشوا ماضيهم أو يروه وقلة من المسنين غير المختصين أخذتهم الموجة، وبعض من المشخصين شتموا المسلسل لأشخاص تنويريين فيه مثل المؤلف عبد الرحمن الوابلي، وناصر القصبي وفئة المعترضين من الأفلاطونين يعترضون على تمثيل حالات الغزل وعدم غض البصر، وفئة من أصحاب مقولة سمعت الناس يقولون شيئا فقالته، وباختصار معظم ما سمعنا آراء انطباعية لا نقد يقوم على قراءة المسلسل، أو عدة حلقات منه، فأنا أكتب هذه السطور بعد الحلقة الخامسة عشرة، ومعي عينة كافية من النص والتمثيل والديكور والسيناريو والإخراج وغيرها فماذا في المسلسل من ملامح يمكن الحديث عنها.
النص
الخطوط العامة للنص كتبت في إطار رواية لعائلة في السبعينات، في الرياض، ومدن نجد وعلاقاتها وما يعتريه من أحداث، وترسم خطوط صراع مع الآخر، والحدث مثل مشكلة لقيط، واتهام أحدهم به (الممثل ناصر القصبي) ثم تتخلص العائلة من اللقيط ليظهر أن شاب منهم (الممثل عبد الإله السناني) محب لبنت مصرية والقبض على أحدهم بتهمة التظاهر (الممثل حبيب الحبيب) وهو لا علاقة له بالسياسة وإنما وجد نفسه في مظاهرة، فتبعها وهكذا تمضي الحلقات في جو من الاحترافية التمثيلية والمتعة البصرية في تفاصيل الحياة.
المسلسل يمضي دون هبوط في الإيقاع أو تطويل في الحلقات بهدف كسب الوقت، ويحظى التمثيل بتنوع بين النساء والرجال في الأعمار فكبار السن والرجال والنساء البالغون والمراهقون وعشوائيتهم ثم الأطفال في تشكيلهم وصورة لطقس الزواج كما كان في تلك الحقبة، حيث يشارك الجميع رجالا ونساء في الحفل ويتشاركون الميسور من الطعام. لا شك أن النص كتبه المرحوم عبد الرحمن الوابلي بشيء من الاحترافية يشكر عليه.

الإخراج
قدم المخرج (المثني صبح) وهو مخرج سوري من أصل فلسطيني صورة جميلة جدا، وكوادر تمثيل مدربة جيدا، رائعة في العمل، وتبدو رؤيته واضحة في بناء ديكور مدينة من السبعينات، تختلط فيها الحيوانات بالسيارات عند بداية التنمية والتحول وقد وفق المخرج في نظري بصنع مشاهد جميلة تميزت بالتسليم والتسلم بشكلة كادرة متحركة يحكيه الحدث بالتسلسل مع رقابة صارمة على الزمن ومشاهد الداخل والخارج، حيث توازن الضوء، وهو أصعب ما يواجه نقلات الداخل والخارج في عمل مثل العاصوف، وقد تجاوزها المثني بجمال وإبهار يحسب له.

التمثيل
الممثلون الذين يؤدون المسلسل فئة منوعة من صف النجوم والشباب والأطفال، ومع تفاوت الخبرة بينهم كون بعضهم نجوم وبعضهم شباب فقد كان التمثيل متقنا ويبدو أن القائمين على المسلسل وطاقم التنفيذ والإخراج قد بذلوا جهدا عظيما في الإعداد والتدريب، خصوصا لصغار الممثلين الذي أدوا بشكل جميل واتضح التدريب المكثف على أدائهم وحركتهم حيث أقنعونا بعملهم بتفوق.

الديكور
الديكور واقعي بني لغرض هذا المسلسل من بيئة الرياض في السبعينات حيث نرى خزان مياه الفوطة ومباني متواضعة والطرق المتعرجة، حيث الرياض في بداية نشأتها وأعتقد أن الديكور رفع مستوى الجانب البصري في العمل وأعطاه جمالية دافئة من الماضي فنقلنا لذاك الزمن ولكن بجمالياته لا تعب وعناء الناس.

المؤثرات
تشارك مؤثرات سمعية وبصرية بشكل خلفيات لا تكاد تراها أو تسمعها مما يجعل المسلسل فعلا عملا جميلا يستحق كل احترام لو تكاد لا ترى بما يعرف بـ(الأكور) من لبس الممثلين وإكسسواراتهم مما نراه هذه الأيام، خصوصا، المشالح ولكن ملابس النساء وشعورهن تقيدت بما هو موجود في السبعينات. وكانت تغطية الوجه غير مبالغ فيها عند الأقارب كما حدث بعد الصحوة حين أسرف الناس باللبس، حتى لبسوا القفازات السود باليد والشراب السود في الأرجل وزادوا طبقات غطاء الوجه.
في الختام أحسب أن العاصوف عمل جميل، وخطوة متقدمة لنراجع أنفسنا وكيف ذهبنا بعيدا، وأوشكنا أن ننسى ماضينا، وكشف لنا العاصوف وكاتبه الرائع كم نحن بحاجة لمراجعة الذات والعودة بأنفسنا لتراثنا وإعادة قراءته، الفن هو نقال القيم ومثل هذه الأعمال هي مراجعة لاعتدالنا الذي كان، وعصفت به العواصف.

* مسرحي وناقد سينمائي سعودي



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.