غريفيث في صنعاء لانتزاع تنازلات حوثية قبيل تقديم إطار المفاوضات

توقعات بالسعي إلى إقناع قادة الميليشيات الحوثية بتسليم الحديدة لإدارة الأمم المتحدة

غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

غريفيث في صنعاء لانتزاع تنازلات حوثية قبيل تقديم إطار المفاوضات

غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)

وصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، أمس، إلى صنعاء، في مستهل زيارته الثانية التي كانت تأجلت أكثر من مرة، بسبب رفض الميليشيات الحوثية لاستقباله، إذ يأمل أن يتمكن من انتزاع تنازلات حوثية جديدة قبيل تقديم إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي في الـ18 من الشهر الحالي.
ولم يدل المبعوث الأممي بأي تصريحات جديدة أثناء وصوله مطار صنعاء، أمس، لكنه - بحسب مصادر أممية في مكتبه - لا يزال متفائلاً بإمكانية النجاح فيما فشل فيه سلفه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لجهة التوصل إلى اتفاق سلام بين الأطراف اليمنية. وكان غريفيث وصل قبل أيام إلى العاصمة السعودية، الرياض، حيث التقى فيها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للمرة الرابعة منذ تعيينه في المنصب، وذلك للتشاور بشأن وضع اللمسات النهائية على الإطار العام للمفاوضات المرتقب استئنافها، بين الشرعية، والانقلابيين الحوثيين.
ومن المقرر أن يختتم المبعوث الدولي البريطاني الجنسية، جولته الثانية من المشاورات مع الأطراف اليمنية والجهات الإقليمية والدولية المعنية بالشأن اليمني، بتقديم إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي، بحسب الوعد التي قطعه على نفسه في إحاطته الأولى، بتقديم إطار عام لاستئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية.
وتسود تكهنات بأن غريفيث يسعى إلى إقناع قادة الميليشيات الحوثية بتسليم الحديدة ومينائها الاستراتيجي لإدارة الأمم المتحدة، خشية أن تؤدي المعارك التي تقترب منها إلى تأزيم الأوضاع الإنسانية، وتعطيل العمل في الميناء الذي تتدفق عبره إمدادات ضخمة من الغذاء والدواء، تغطي احتياجات نحو 15 مليون نسمة في مناطق سيطرة الميليشيات.
كما يسعى المبعوث الأممي، طبقاً لمصادر دبلوماسية، إلى انتزاع تنازلات حوثية بشأن الإطار العام للمفاوضات، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بتسليم الجماعة للأسلحة الثقيلة والمتوسطة والانسحاب من المدن ومن مؤسسات الدولة، تنفيذاً للقرار الأممي 2216. وتشكك قيادة الشرعية اليمنية، ومعها أغلب المراقبين، في نوايا الميليشيات الحوثية بشأن التوصل إلى سلام، إذ تميل الجماعة الموالية لإيران إلى أسلوب المراوغة، ومن أجل تحقيق فترات هدنة تلتقط خلالها أنفاسها، وتعيد ترتيب صفوفها لمواصلة القتال.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أكد خلال لقاءاته مع غريفيث استعداد الحكومة الشرعية للتعاون مع الجهود الأممية والدولية لتحقيق اتفاق سلام مع الميليشيات الانقلابية، شريطة أن يرتكز الحل على المرجعيات الثلاث المتوافق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216، وبقية القرارات ذات الصلة.
وبحسب مصادر في الحكومة اليمنية الشرعية، تمسك الرئيس هادي بضرورة التنفيذ الحوثي للقرارات الدولية، بخاصة فيما يتعلق بالشق الأمني والعسكري، وإطلاق الأسرى، والانسحاب من المدن، وتسليم السلاح، والتوقف عن إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه الأراضي السعودية، والكف عن تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وسبق للمبعوث الأممي أن التقى قادة الميليشيات الحوثية في زيارته السابقة لصنعاء، بمن فيهم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، لكن من السابق لأوانه، بحسب المراقبين، الحديث عن أي اتفاق سلام في اليمن، بخاصة في ظل التعقيدات الميدانية، ومدى جدية الميليشيات الحوثية في التخلي عن تمثيل دور القفاز الإيراني في المنطقة.
وطبقاً لما أفادت مصادر حزبية في صنعاء، سيلتقي المبعوث الأممي عدداً من قادة الجماعة الحوثية، وممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» (جناح صنعاء) الخاضع لسطوة الجماعة، إلى جانب لقائه عدداً من المكونات الحوثية الأخرى التي استنسختها الميليشيات.
وكان غريفيث زار الشهر الماضي العاصمة العمانية مسقط، بعد فشل زيارته لصنعاء، لأكثر من مرة، بسبب تعنت الميليشيات الحوثية، وأجرى مشاورات مع عدد من القيادات اليمنية، بمن فيهم أعضاء في حزب «المؤتمر» والمتحدث باسم الجماعة الحوثية.
وشهدت تحركات غريفيث الأخيرة في الرياض وفي العاصمة الأردنية عمان، حيث مقر مكتبه الدائم، لقاءات مماثلة مع قيادات يمنية جنوبية وحزبية ومع سفراء مهتمين بالشأن اليمني.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».