د. شادي حميد: عرفت مرسي ملتزما لكنه ليس استراتيجيا ولا صاحب رؤيا مستقبلية

الخبير في مركز «بروكنغز» بواشنطن يقول في حوار مع {الشرق الأوسط} إن الإسلاميين حتى في تونس سيظلون يثيرون معارضة محمومة

د. شادي حميد
د. شادي حميد
TT

د. شادي حميد: عرفت مرسي ملتزما لكنه ليس استراتيجيا ولا صاحب رؤيا مستقبلية

د. شادي حميد
د. شادي حميد

قال خبير أميركي يدرس المنظمات الإسلامية في الدول الإسلامية، وخاصة الإخوان المسلمين في مصر، بأن الولايات المتحدة يجب أن تدعو لإشراك الأحزاب الإسلامية في الأنظمة الديمقراطية، شريطة أن تؤمن هذه الأحزاب بنبذ العنف، وبالعملية الديمقراطية. وقال: إن الولايات المتحدة يجب أن لا تميل نحو أي جانب في «الحرب الباردة» وأحيانا «الساخنة»، في الشرق الأوسط، بين الإسلاميين وغير الإسلاميين.
وذكر الدكتور شادي حميد، الزميل في قسم العلاقات الأميركية بالعالم الإسلامي في مركز «بروكنغز» بواشنطن، أنه يؤمن إيمانا قويا بأن فهم الحركات الإسلامية فهما حقيقيا يستوجب شيئا بسيطا، وهو الحديث معهم. لمعرفتهم، ومحاولة فهم مخاوفهم، ومحاولة فهم تطلعاتهم.
وأشار حميد إلى أنه قضى بعض الوقت مع محمد مرسي قبل أن يصبح رئيسا لمصر. وقال: «في ذلك الوقت، لا أنا، وربما لا هو، كنا نحلم بأنه سيصبح، ليس فقط أول رئيس في مصر ينتخب انتخابا ديمقراطيا، ولكن، أيضا، واحدا من أكثر قادة الاستقطاب في تاريخ مصر».
وزاد قائلا: «عرفت مرسي كواحد من الإخوان المسلمين الملتزمين والمنفذين. لكنه، قطعا، ليس صاحب رؤية مستقبلية، وليس مفكرا استراتيجيا.
وعرفته لا يعطي المعارضين الليبراليين حقهم. قلل من شأنهم، ونظر إليهم كمنعزلين عن طبيعة الشعب المصري. طبعا، هذا يمكن أن يكون مقبولا من زعيم حزب سياسي، لكن، ليس من رئيس دولة».
وحميد، أميركي ولد في أميركا، ونال بكالوريوس وماجستير من جامعة جورج تاون (واشنطن)، ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة أكسفورد. وعمل في قسم الدبلوماسية الشعبية في الخارجية الأميركية. ومساعدا للسيناتور ديان فاينشتاين (ديمقراطية من ولاية كاليفورنيا)، ومدير الأبحاث في قسم ديمقراطية الشرق الأوسط (بوميد) في جامعة ستانفورد (ولاية كاليفورنيا). ومدير أبحاث في مركز «بروكنغز» فرع الدوحة، وانتقل أخيرا إلى رئاسة «بروكنغز» في واشنطن.
وصدر لحميد أخيرا كتاب «تمبتيشانز أوف باور» (إغراءات السلطة: الإسلاميون والديمقراطية غير الليبرالية في الشرق الأوسط الجديد).
وفيما يلي نص الحوار:

* ما هي انطباعاتك عن القادة الإسلاميين الذين قابلتهم؟
- أنا أومن إيمانا قويا بأن فهم الحركات الإسلامية فهما حقيقيا يستوجب شيئا بسيطا، وهو الحديث معهم. يستوجب معرفتهم، ومحاولة فهم مخاوفهم، ومحاولة فهم تطلعاتهم.
قضيت بعض الوقت مع محمد مرسي قبل أن يصبح رئيسا لمصر. في ذلك الوقت، لا أنا، وربما لا هو، كنا نحلم بأنه سيصبح، ليس فقط أول رئيس في مصر ينتخب انتخابا ديمقراطيا، ولكن، أيضا، واحدا من أكثر قادة الاستقطاب في تاريخ مصر.
عرفت مرسي كواحد من الإخوان المسلمين الملتزمين والمنفذين. لكنه، قطعا، ليس صاحب رؤية مستقبلية، وليس مفكرا استراتيجيا.
وعرفته لا يعطي المعارضين الليبراليين حقهم. قلل من شأنهم، ونظر إليهم كمنعزلين عن طبيعة الشعب المصري.
طبعا، هذا يمكن أن يكون مقبولا من زعيم حزب سياسي، لكن، ليس من رئيس دولة.
في الجانب الآخر، كان مرسي زعيم الإخوان المسلمين الوحيد الذي يقدر على تقديم انطباعات مرتجلة عن الرؤساء الأميركيين السابقين.
* كيف يختلف الإسلاميون في مصر عن الإسلاميين في تونس؟
- توجد في تونس ما لا توجد في دولة أخرى في المنطقة: منظمات مجتمع مدني، وإعلام، وأحزاب معارضة، قوية، وحيوية، وعلمانية من دون خجل. حتى «الأسلمة» المعتدلة، أو الرمزية، تواجه مقاومة كبيرة عند كل منعطف.
لم يكن «الأب المؤسس»، الحبيب بورقيبة، حاكما مستبدا فقط، بل كان، أيضا، متأثرا بالتقاليد الفرنسية، مثل العلمانية، وفصل الدين عن السياسة فصلا كاملا. يتناقض هذا مع التقاليد الأنجلوساكسونية التي تسمح بمجالات واسعة للتعبير عن الانتماءات الدينية، في ظل الفصل بين الكنيسة والدولة.
وفي تونس، وعلى مدى عقود، ظل التأثير الفرنسي يؤثر تأثيرا لا يمكن تجاهله، أو إلغاؤه. ويبدو أن كثيرا من أعضاء حزب النهضة (الإسلامي) يعترفون بذلك. مثلا يوجد في تونس قانون الأحوال الشخصية الذي هو واحد من أكثر القوانين تقدمية في المنطقة. ويتمتع بتأييد شعبي واسع. لهذا، هادنه قادة حزب النهضة في نهاية المطاف. ليس لأنهم يتفقون معه بالضرورة، ولكن، لأنهم مضطرون لذلك.
لهذا، يمكن القول بأنه، رغم أن حزب النهضة والإخوان المسلمين في مصر ينتميان إلى نفس المدرسة الفكرية، لكنهما تطورا بشكل مختلف تماما. ويعود ذلك إلى الخصوصيات المحلية لكل واحد منهما.
ويوجد اختلاف آخر يكمن في شخصية ودور القائد التاريخي والمؤسس راشد الغنوشي في بناء هوية حزب النهضة، وفي المحافظة على وحدته، رغم ظهور اختلافات داخلية أحيانا. لكن، بالنسبة لـ«الإخوان المسلمين» في مصر، وباستثناء حسن البنا، فإنهم يفتقرون إلى قادة شعبيين، وإلى مثقفين. توجد مؤسساتية قوية، وشاملة، ويطغى «التنظيم» على الأفراد والشخصيات. لكن، بمرور الزمن، يعرقل هذا دور هؤلاء في تطوير الجماعة.
* لماذا فشل الإسلاميون في مصر؟
- أولا، لا نقدر على القول: إن مصر شهدت «حكما إسلاميا». وذلك لأنه، خلال رئاسة مرسي التي استمرت سنة واحدة فقط، لم تكن هناك «أسلمة» حكومية. ورغم قوة الإسلاميين في الجهازين التشريعي والتنفيذي، لم يقروا قانونا «إسلاميا»، غير قانون الصكوك، قانون الأوراق المالية الإسلامية.
كان الإخوان المسلمون، كعادتهم، يحسبون ويتأنون. لكن، كانت بعض حساباتهم خطأ.
وأركز هنا على أهمية عدم الخلط بين المعارضة المتنامية لـ«الإخوان المسلمين» ومعارضة «الأسلمة». إذا نظرنا إلى أسباب حركة «تمرد» لعزل مرسي، لن نجد أي سبب له صلة بعقيدة الإخوان الدينية المحافظة. كانت معارضة حكومة مرسي على النحو الآتي:
أولا: على المستوى الجماهيري، كان هناك إحباط أساسي بسبب فشل حكومة مرسي في حل المشاكل الاقتصادية، وتحقيق الاستقرار.
ثانيا: على مستوى النخب الليبرالية، كان هناك سبب أهم من ذلك هو الانقسام العقائدي الأساسي الموجود في قلب السياسة العربية.
لا بد من الاعتراف بهذه النقطة الأخيرة. وهي أن هذه النخب الليبرالية خافت من الإخوان المسلمين. ليس فقط بسبب ما فعلوا، ولكن، أيضا، بسبب ما يمكن أن يفعلوا في المستقبل. لهذا، سيظل الإخوان المسلمون، أو حتى الإسلاميون أكثر اعتدالا مثل حركة النهضة، دائما يثيرون معارضة محمومة، بغض النظر عما يقولون أو يفعلون.
طبعا، يمكن أن تكون هذه المخاوف مجرد تكهنات، وهذا، في حد ذاته، مشكلة. لكن، أساس هذه المخاوف هو الاختلاف العقائدي بين الإسلاميين وغير الإسلاميين. وذلك لأن لكل جانب تصورا مختلفا لما يجب أن تكون عليه الدولة:
أولا: اختلافات أساسية، وربما ميتافيزيقية، عن معنى الدولة، وطبيعتها، والهدف منها.
ثانيا: اختلافات يومية في حل المشاكل التي يواجهها الشعب المصري. وهي مشاكل تراكمت خلال عقود. ولا بد أن يواجهها أي رئيس، إسلامي أو غير إسلامي.
لهذا، أقدر على أن أقول بأن أي ثورة تسبب، طبيعيا، عدم استقرار. وتزيد تطلعات الشعب، وهي تطلعات، في الواقع السياسي، لا يمكن تحقيقها.
ولهذا، حذر كثيرون الإخوان المسلمين في مصر ألا يترشحوا لرئاسة الجمهورية. لكن، لأكثر من سبب، دفعوا نحو الترشيح.
* هل صحيح أن الإسلاميين لا يؤمنون بالديمقراطية؟ وأنهم، بمجرد استخدامها للوصول إلى الحكم، سيتخلون عنها؟
- أنا أفهم أسباب هذا الخوف. لكنه خوف تصويري وتوقعي. أبدا، لم يحدث في الماضي أن إسلاميين جاءوا الحكم، كما يقال، عن طريق «شخص واحد، صوت واحد، مرة واحدة».
لكن، توجد أمثلة لأحزاب إسلامية اشتركت في النظام الديمقراطي، واحترمته. في دول عربية، وفي جنوب وجنوب شرقي آسيا.
وكما شرحت في كتابي، وجدت أن من أكثر الممارسات الديمقراطية الحزبية الداخلية هي داخل أحزاب إسلامية. وأعطي مثالا بجبهة العمل الإسلامي في الأردن. بيد أنه في الجانب الآخر، ربما يقول شخص بأن سيناريو «شخص واحد، صوت واحد، مرة واحدة» يمكن أن يحدث في المستقبل. وأنا، كمحلل سياسي، لا أقدر على نفي شيء لم يحدث بعد.
وهناك نقطة أخرى، وهي أننا يجب أن نطبق نفس الاختبار على الجانب الآخر، على الأحزاب العلمانية. وذلك حتى نقدر على تقديم أحكام مقبولة ومقنعة. ويجب، أيضا، أن يبرهنوا على صدق قولهم بأن الإسلاميين لا يؤمنون بالديمقراطية.
وأعود مرة أخرى إلى الاختلاف بين «الديمقراطية» و«الديمقراطية الليبرالية». يقول الإخوان المسلمون في مصر وحزب النهضة في تونس بأنهم ملتزمون بالديمقراطية. لكني أقول: ليس معنى هذا أنهم ليبراليون، أو يريدون أن يكونوا. على الأقل، في المستقبل القريب.
لهذا، أستطيع أن أقول بأن أغلبية الإسلاميين تريد استخدام الديمقراطية لتحقيق أهداف غير ليبرالية. بحكم أن لهم أهدافا إسلامية عقائدية.
لكن، لا يعني هذا أنهم ضد الديمقراطية.
* كتبت أنه «يمكن أن يقدر القمع على تحويل الأحزاب الإسلامية نحو الاعتدال». ماذا تقصد بذلك؟
- عندما بدأت أبحاثي في الحركات الإسلامية، افترضت، وكان ذلك إحساسا بديهيا، بأنه كلما اشترك الإسلاميون في العملية الديمقراطية، صاروا معتدلين. لكن، لم تبرهن على ذلك الأبحاث التي أجريتها خلال السنوات القليلة الماضية. أعرف أن كثيرين لن يقبلوا هذا الرأي. لكني راض به. إنها حجة وصفية عن الآثار التي يسببها القمع، تحت ظروف معينة. وليست معيارا منتظما. لا أقصد أن القمع «شيء طيب». لكن، أقصد أن القمع يمكن أن يسبب في تغيير التصرفات والخيارات.
هذه نقطة. النقطة الثانية هي أني فرقت بين «القمع الخفيف»، مثل الذي عاناه الإخوان المسلمون خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وبين «القمع الأبدي» مثل قرارات ما بعد عزل الرئيس مرسي: حل تنظيم الإخوان المسلمين، واعتبارهم إرهابيين.
ليتحول الإسلاميون نحو الاعتدال، لا بد من شروط. مثلا وجود قاعدة شعبية للتنظيم، ووجود هامش للتحرك، مهما كان محدودا. وكما فصلت في كتابي، يغري عملية التحول نحو الاعتدال وجود تهديد بالقمع، وليس، بالضرورة، القمع نفسه.
* كتبت بأن الإسلاميين مقتنعون بأن «الولايات المتحدة، والدول الغربية الأخرى، لن تسمح لهم بالفوز». هل هذا صحيح؟
- صحيح أن الإسلاميين يؤمنون بذلك، وهو شيء أساسي بالنسبة لهم. والسبب الرئيس لذلك هو تجربة الإسلاميين في الجزائر. في الجزائر، كاد الإسلاميون الذين انتخبوا انتخابا ديمقراطيا أن يصلوا إلى الحكم. فإذا بهم يرون مختلف الدول الغربية تؤيد، مباشرة أو ضمنا، انقلابا عسكريا ضدهم.
أعتقد أنه، مع الربيع العربي، كانت هناك فرصة ألا يتكرر ذلك. وفعلا، وصوابا، كانت إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لقبول نتائج الديمقراطية في مصر، رغم مخاوفها نحو الإخوان المسلمين.
لكن، ردود الفعل الأميركية والأوروبية بعد الإطاحة بمرسي، جعلت الإخوان المسلمين يحسون بأن ردود الفعل هذه ناقضت الترحيب الأول. ولهذا، عادوا إلى هلعهم بأن الولايات المتحدة، تظل، دائما، تريد هزيمتهم. أضف إلى هذا تصريحات مسؤولين أميركيين كبار. مثل وزير الخارجية جون كيري، الذي قال: إن العسكريين «أعادوا الديمقراطية». أو قول آخرين إن الإخوان المسلمين «سرقوا» الثورة المصرية.
* بالإضافة إلى تجارب الإسلاميين في مصر وتونس، توجد دولتان في المنطقة يحكمهما إسلاميون: إيران والسودان. وحكمت طالبان الإسلامية أفغانستان لبضع سنوات. ما هو تقييمك للإسلاميين في هذه الدول؟
- عندما جاء الإخوان المسلمون في مصر إلى الحكم، قال كثير من الناس بأن حكمهم سيكون مثل النظام الديني في إيران. لكن، المقارنة مع إيران، وأيضا، مع السودان، أو أفغانستان، غير نزيهة. وذلك للأسباب الآتية:
أولا: وصل الإسلاميون في إيران إلى الحكم عن طريق ثورة، لا عن طريق انتخابات ديمقراطية. (وفي السودان، عن طريق انقلاب عسكري. وفي أفغانستان، عن طريق حرب أهلية).
ثانيا: تصير الثورات، بطبيعتها، راديكالية. ويفسر هذا السياسة غير المعتدلة للإسلاميين في إيران، على الأقل، خلال السنوات الأولى بعد الثورة.
في مثل هذه الظروف، لم يجد الإسلاميون في مصر وتونس «نموذجا» إسلاميا يقتدون به. ولم تكن تجارب إيران، والسودان، وأفغانستان، تناسب تجربتهم. لهذا، بعد ربيع العرب في مصر وتونس، وجد الإسلاميون في هاتين الدولتين أنفسهم غير مستعدين بالمقارنة مع ما كان يجب. وجدوا أنفسهم في ظروف جديدة. وصاروا يتعلمون يوما بعد يوم، من دون رؤيا مستقبلية كافية عمن هم؟ وماذا يريدون؟ وماذا سيحققون في المدى القريب، وفي المدى المتوسط؟ ربما لهذا، كان لا بد أن يحدث لهم ما حدث لهم.



العليمي يشدد على الشراكة السياسية... ويرفض «أحادية الانتقالي»

قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تستعد لشن عملية أمنية في محافظة أبين شرق عدن (رويترز)
قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تستعد لشن عملية أمنية في محافظة أبين شرق عدن (رويترز)
TT

العليمي يشدد على الشراكة السياسية... ويرفض «أحادية الانتقالي»

قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تستعد لشن عملية أمنية في محافظة أبين شرق عدن (رويترز)
قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تستعد لشن عملية أمنية في محافظة أبين شرق عدن (رويترز)

شدَّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، على ضرورة الالتزام بنهج الشراكة السياسية والمرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، محذراً من تداعيات أي إجراءات أحادية في المحافظات الشرقية، ومؤكداً أن فرض أمر واقع خارج التوافق الوطني من شأنه الإضرار بوحدة القرار الأمني والعسكري، وفتح ثغرات تستفيد منها الجماعة الحوثية والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معها.

وجاءت تصريحات العليمي خلال استقباله في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن، بالتوازي مع تحركات مكثفة لاحتواء تبعات التصعيد الأمني والعسكري في حضرموت والمهرة في شرق اليمن.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي ناقش مع السفير فاغن «العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيزها على مختلف المستويات، إلى جانب مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وجهود الإصلاح الحكومي، والتنسيق المشترك في مجال مكافحة الإرهاب وردع الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران».

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني - وفق الإعلام الرسمي - بالمواقف الأميركية «الحازمة» إلى جانب الدولة اليمنية، مثمناً قرار واشنطن تصنيف الجماعة الحوثية «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، ودورها في مواجهة شبكات تهريب السلاح والتمويل المرتبطة بالنظام الإيراني، إضافة إلى الدعم السياسي في مجلس الأمن، والمساندة المقدّرة لمسار الإصلاحات الاقتصادية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

وأكد العليمي أهمية استمرار الدور الأميركي الفاعل إلى جانب اليمن وقيادته السياسية، بما يسهم في استعادة مؤسسات الدولة، وترسيخ الأمن والاستقرار، والتقدم نحو سلام عادل. وفي الوقت نفسه، جدد تحذيره من تداعيات أي خطوات أحادية خارج المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، لما قد يترتب عليها من إضعاف لاستقلالية الحكومة ووحدة القرار السيادي.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اللقاء تناول التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الشرقية، حيث شدد العليمي على ضرورة الالتزام بالشراكة القائمة بين مختلف المكونات السياسية في إطار تحالف الحكومة الشرعية، مؤكداً أن الحفاظ على التوافق الوطني يمثل شرطاً أساسياً لمواجهة التحديات الراهنة، وفي مقدمتها خطر الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.

وثمّن العليمي الجهود التي تقودها السعودية، بمشاركة الإمارات، لخفض التصعيد في حضرموت والمهرة، عادّاً أن استقرار المحافظات الشرقية وإعادة تطبيع أوضاعها يمثلان مطلباً حيوياً لأمن اليمن واستقراره، وامتداداً طبيعياً لأمن المنطقة وإمدادات الطاقة العالمية.

ونسب الإعلام اليمني إلى السفير فاغن أنه أكد موقف بلاده الثابت والداعم لوحدة اليمن وسلامة أراضيه، وحرص واشنطن على تماسك مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، واستمرار الشراكة في جهود مكافحة الإرهاب، والتخفيف من معاناة الشعب اليمني، ودعم تطلعاته السياسية والاقتصادية.

نقاشات في عدن

بالتوازي مع هذه التطورات، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، اجتماعاً سياسياً وأمنياً، جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي عبد الرحمن المحرّمي ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني، بحضور قيادات عسكرية وأمنية. وناقش اللقاء آخر المستجدات على الساحة الوطنية، وانعكاساتها على الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمية.

وشدَّد المحرّمي - بحسب الإعلام الرسمي - على أهمية توحيد السلاح في مواجهة الانقلاب الحوثي، ومكافحة الجماعات الإرهابية في المحافظات المُحرَّرة، وقطع شبكات تهريب السلاح والمخدرات التي تمثل أحد مصادر الدعم الرئيسية للحوثيين. في حين ثمّن البركاني الدور الذي يقوم به المحرّمي في مكافحة الإرهاب، عادّاً أن هذه الجهود تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الرحمن المحرمي مجتمعاً في عدن مع رئيس البرلمان سلطان البركاني (سبأ)

وكان البركاني قد التقى، في وقت سابق، عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور قيادات عسكرية وأمنية، حيث ناقش اللقاء - بحسب إعلام «الانتقالي» - مستجدات الأوضاع السياسية، والجهود الرامية إلى تعزيز الأمن والتصدي لشبكات تهريب الأسلحة، لا سيما في وادي وصحراء حضرموت والمهرة.

تحرك ميداني

ميدانياً، أعلنت مصادر إعلامية مقربة من «المجلس الانتقالي الجنوبي»، أن القوات التابعة للمجلس بدأت نشر وحدات عسكرية وأمنية باتجاه مناطق التماس مع جماعة الحوثيين قرب محافظة البيضاء.

وأفادت المصادر بأن عملية «الحسم»، التي أُعلنت مطلع الأسبوع، دخلت حيز التنفيذ، مع انتشار قوات الحزام الأمني والدعم والإسناد ومحور أبين في مناطق المنطقة الوسطى، بالتوازي مع تعزيزات إضافية إلى خطوط التماس المتاخمة لمكيراس، ضمن خطة تهدف إلى إنهاء الوجود الحوثي وتأمين المديرية وربطها بالمناطق المحررة.

وبحسب مصادر ميدانية، تترافق هذه التحركات مع عمليات ملاحقة للتنظيمات الإرهابية في أبين، خصوصاً عناصر تنظيم «القاعدة»؛ لمنع استخدام تلك المناطق نقاط عبور أو نقاط إمداد لجبهات القتال.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (رويترز)

من جهته، قال محمد النقيب المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي إن عملية «الحسم» التي تنفِّذها القوات الجنوبية تمثل محطةً مفصليةً في مسار مكافحة الإرهاب، وتأتي استكمالاً لعملية «سهام الشرق»، في إطار جهد عسكري وأمني تراكمي امتدَّ لنحو عقد من الزمن.

وأضاف النقيب في تصريحات صحافية، أن العملية لا تُعدُّ تحركاً عسكرياً معزولاً، بل تعدُّ امتداداً لسلسلة من العمليات التي نفَّذتها القوات الجنوبية لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وتأمين المناطق الواقعة ضمن نطاق انتشارها، من المهرة شرقاً حتى باب المندب غرباً.

وأكد أن العملية تستهدف تقويض شبكات الجماعات المتطرفة ومنع تداخلها مع جماعة الحوثي، وقطع مسارات الإمداد والتهريب، مشيراً إلى أن هذه الجهود تندرج ضمن مقاربة أمنية أوسع تسهم - بحسب تعبيره - في تعزيز أمن الجنوب، ودعم الاستقرار الإقليمي، لا سيما في الممرات البحرية الحيوية.


إسلام آباد تترقب انطلاق مرحلة جديدة من المفاوضات مع كابل

أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

إسلام آباد تترقب انطلاق مرحلة جديدة من المفاوضات مع كابل

أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

في وقتٍ شهدت فيه كل من الرياض والدوحة وإسطنبول مفاوضات مباشرة لنزع فتيل التوتر بين إسلام آباد وكابل، كشف مسؤول باكستاني أن بلاده تنتظر المرحلة الثانية من المفاوضات لإيجاد حل للتوتر بين البلدين، مشدداً على أهمية اتفاقية الدفاع المشترك التي وُقّعت أخيراً بين الرياض وإسلام آباد.

وقال أحمد فاروق، السفير الباكستاني لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن باكستان وقّعت، هذا العام، اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المتبادل مع السعودية، و«ساعدت على إضفاء طابع رسمي على علاقة عسكرية قوية جداً بين البلدين. كما نعمل حالياً على كيفية تعزيز شراكتنا الاقتصادية بشكل أكبر، وهناك فِرق من الجانبين منخرطة حالياً في هذا الجهد». وأضاف فاروق: «نتطلع كثيراً إلى تعزيز علاقاتنا الاقتصادية وروابطنا التجارية بشكل أكبر، ونتطلع لزيارة مرتقبة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان».

وأضاف فاروق: «إن العلاقة بين إسلام آباد والرياض علاقة تاريخية جداً، وقوية جداً، وأخوية وصادقة. ولهذه العلاقة أهمية عميقة لشعبَي البلدين، حيث إن العلاقات الثنائية على مستوى القيادات علاقة قوية جداً، ويتجلى ذلك في كثافة الزيارات رفيعة المستوى التي نشهدها، ففي هذا العام وحده زار رئيس وزراء باكستان المملكة أربع مرات». وتابع: «بالمثل، هناك العديد من الوفود التي تأتي من باكستان إلى السعودية، كما تزور وفودٌ سعودية باكستان. وعلى المستوى العسكري أيضاً، هناك توافق ثنائي، إذ إن العلاقات العسكرية قوية جداً».

وزاد فاروق: «الأهم من ذلك، أودّ أن أقول إن التواصل بين الشعبين مهم جداً، فهناك أكثر من ثلاثة ملايين باكستاني يعيشون ويعملون في المملكة، وفي جميع المجالات، سواء في قطاع البناء، أو الصناعات الأخرى، أو النفط والغاز، أو القطاع المالي، أو المِهن الطبية، أو تكنولوجيا المعلومات».

وتابع فاروق: «في جميع قطاعات الحياة في السعودية، ستجدون باكستانيين يعملون ويساهمون في تنمية المملكة، وفي تحقيق الأهداف والرؤية ضمن (رؤية 2030) لقيادة المملكة، لذلك أقول إنها علاقة عميقة وقريبة، وتزداد قوة مع مرور الوقت».

التوتر الباكستاني الأفغاني

وعلى صعيد آخِر المستجدّات الدبلوماسية المتعلقة بالتوتر بين باكستان وأفغانستان، قال فاروق: «نحن نتلقى دعماً من دول صديقة مثل السعودية وقطر وتركيا وقطر، لإيجاد حل لهذه المشكلة. ولذلك نواصل الانخراط في هذا الملف، ونأمل أنه بدعم جميع الدول الصديقة، سنتمكن من إيجاد طريق أفضل للمُضي قُدماً، بحيث يتمكن شعبا البلدين من العيش في سلام وازدهار». وأضاف: «عقدنا اجتماعات في ثلاثة أماكن، في الدوحة، واجتماعات في إسطنبول، وكانت هناك أيضاً لقاءات هنا في الرياض، حيث كان فيها الطرفان على طاولة واحدة وجهاً لوجه، والآن نحن ننتظر المرحلة التالية. في الوقت الحالي، لا يحدث شيء جديد، لكنني لا أرى خياراً آخر، إذ لا بد من إيجاد حل».

وأضاف: «خلال السنوات الثلاث الماضية منذ أن سيطرت (طالبان) على أفغانستان، كان مصدر قلقنا الرئيسي هو استمرار نشاط التنظيمات الإرهابية التي تستخدم الأراضي الأفغانية لتنفيذ أعمال إرهابية داخل باكستان. وبخلاف ذلك، ليست لدينا مشاكل مع السلطات في أفغانستان، وقد طالبناهم باتخاذ إجراءات لمنع هذه التنظيمات من استخدام الأراضي الأفغانية لتنفيذ الإرهاب في باكستان». وتابع: «لكن للأسف، لم نحصل على التعاون الذي كنا نأمل به. وأنتم تعلمون جيداً أن لباكستان دوراً تاريخياً في مكافحة الإرهاب. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، تكبدنا مرة أخرى خسائر كبيرة، خاصة في صفوف قواتنا الأمنية، نتيجة للهجمات الإرهابية التي يتم التخطيط لها وتنطلق من أفغانستان».


مزاعم «الاعتدال» الحوثي تتلاشى... سجون خاصة وتصفيات داخلية

مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مزاعم «الاعتدال» الحوثي تتلاشى... سجون خاصة وتصفيات داخلية

مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

في وقت تواصل فيه الجماعة الحوثية محاكمة العشرات من المدنيين بتهم مزعومة عن «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، تتكشّف وقائع جديدة تُظهر جانباً آخر من ممارسات القيادات النافذة داخل الجماعة، وتنسف محاولات بعضهم، وفي مقدمهم محمد علي الحوثي، تقديم أنفسهم كواجهة للاعتدال، إذ تعكس الشكاوى المتصاعدة من داخل مناطق سيطرتهم نمطاً من الانتهاكات المنهجية، تتجاوز الخصوم إلى الموالين أنفسهم، وتُدار غالباً بدوافع شخصية وتصفية حسابات داخلية.

وتزامنت هذه التطورات مع تأكيدات من مصادر داخل الجماعة بأن سجون الأجهزة الأمنية، التابعة للاستخبارات ووزارة الداخلية في حكومة الجماعة غير المعترف بها، تحولت فعلياً إلى أدوات بيد المتنفذين من المشرفين والقيادات والواجهات القبلية، بل وحتى بعض مديري المؤسسات التعليمية.

ووفق هذه المصادر، يُزجّ بالمواطنين في تلك السجون دون أوامر قضائية أو تهم قانونية واضحة، لتصبح الحرية أو الإفراج رهناً بمزاج النافذين ودرجة رضاهم أو غضبهم.

ابن عم زعيم الحوثيين حاول تقديم نفسه زعيما لجناح الاعتدال لكن الوقائع كشفت عكس ذلك (إعلام محلي)

وفي تسجيل مصوّر، روى المواطن شرف حجر تفاصيل ما قال إنه تعرّض له من تنكيل منذ تسعة أعوام، بعد أن اتهمه محمد علي الحوثي وهو ابن عم زعيم الجماعة بالاختلاس. وأكد حجر أنه أبدى استعداده للمثول أمام القضاء للفصل في القضية، إلا أن القيادي الحوثي، وهو عضو في مجلس الحكم وأحد أبرز المتنفذين، أجبره على اللجوء إلى «التحكيم». ورغم أن المحكّمين الذين جرى تعيينهم أقرّوا صراحة ببراءته، فإن الحوثي رفض جميع الأحكام الصادرة، بحسب رواية حجر، وهدده لاحقاً بجهاز المخابرات.

وأكد ناشطون موالون للجماعة براءة حجر، مطالبين قيادات الحوثيين بـ«الإنصاف» ومشيرين إلى أن الرجل تعرّض للظلم طوال هذه السنوات، رغم صدور توجيهات من زعيم الجماعة بتبرئته وتعويضه، بعد أن كلّف قاضياً للفصل في القضية. غير أن تلك التوجيهات، وفق الناشطين، ظلت حبراً على ورق، في ظل رفض ابن عم زعيم الجماعة وهو عضو مجلس الحكم، الاعتراف بالحكم حتى اليوم.

حتى النشطاء الذين أيدوا الحوثيين تم اعتقالهم بناء على رغبات نافذين (إعلام حوثي)

ويرى هؤلاء أن ما جرى يعكس اختلالاً عميقاً في منظومة العدالة داخل مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يُفرغ القضاء من مضمونه، وتُختزل القضايا في إرادة القيادات النافذة. ولفتوا إلى أن حجر «مكلوم ولا أحد يقف إلى جانبه»، وأن قضيته لم تحظَ بتغطية سوى من وسيلة إعلامية واحدة، في مؤشر على الخوف أو التواطؤ داخل المشهد الإعلامي الموالي للجماعة.

سجون بقرار نافذين

لا تقتصر هذه الممارسات على قضية حجر. إذ تشير مصادر داخل الجماعة إلى أن سجونها تحولت إلى «سجون خاصة»، يُعتقل فيها كل من يختلف مع المتنفذين، حتى من داخل الصف الحوثي نفسه. وذكرت المصادر أن عميد أحد المعاهد الصحية أصدر توجيهاً للأجهزة الأمنية باعتقال مدرس يعمل لديه، بعد خلاف على ترتيب جدول المحاضرات، ولا يزال المدرس، ويدعى مهيوب الحسام، محتجزاً حتى الآن.

كما طالت الاعتقالات إعلاميين وناشطين موالين للجماعة، من بينهم محمد الشينة وعبد الكريم علي وعلي القاضي، الذين أُودعوا سجن استخبارات الشرطة، الذي يقوده علي حسين الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بأوامر من القيادي حسن الهادي، لأسباب وُصفت بالشخصية.

وتحدثت المصادر أيضاً عن اعتقال الناشط رشيد البروي في ظروف مشابهة، مؤكدة أن «الحماية السياسية» التي يتمتع بها بعض المتنفذين تبيح لهم كل المحظورات.

وأعاد ناشطون التذكير بخطاب الحوثيين عند اقتحام صنعاء، حين وعدوا بردم الأقبية وإنهاء السجون السرية والتغييب والإذلال، وهدم قلاع النفوذ. غير أنهم، بحسب هؤلاء، لم يفعلوا سوى تعميق تلك الأقبية، وإعادة تشييد قلاع النفوذ الاجتماعي، ليس ضد الخصوم فحسب، بل ضد الأصدقاء أيضاً.

معاناة المعتقلين الإنسانيين

وجّهت رابطة أسر العاملين الإنسانيين المعتقلين والمخفين قسراً لدى الحوثيين منذ نحو عام ونصف رسالة عاجلة إلى رعاة مشاورات الأسرى والمعتقلين، التي تستضيفها مسقط. وأكدت الرابطة أن استمرار احتجاز أقاربهم، وحرمانهم من التواصل معهم، وغياب أي معلومات عن أوضاعهم الصحية والنفسية وأماكن احتجازهم، تمثل انتهاكاً جسيماً لا يمكن تبريره.

الفريق الحكومي في محادثات المحتجزين يواجه اشتراطات غير منطقية من الحوثيين (إعلام محلي)

وحمّلت الرابطة جماعة الحوثي كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن سلامة المعتقلين، مطالبة الأمم المتحدة باتخاذ موقف «واضح وحازم»، وممارسة ضغط فعلي لإلزام الحوثيين بالكشف عن مصيرهم، وتمكين أسرهم من زيارتهم، والإفراج عنهم دون شروط. كما دعت المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية لتحمّل مسؤولياتها تجاه موظفيها وشركائها المعتقلين.

وأكدت الرسالة أن معاناة الأسر لا تزال مستمرة، وسط قلق دائم وخوف من المجهول، مشددة على أن هذه العائلات لم تعد قادرة على تحمّل مزيد من التأجيل أو الوعود غير المقرونة بخطوات عملية، في ظل واقع يعكس، أكثر من أي وقت مضى، اتساع دائرة القمع داخل مناطق سيطرة الحوثيين.