العقيد تركي المالكي... نسر إعلامي على خط النار

متحدث تحالف دعم الشرعية في اليمن سلاحه المصداقية والشفافية

العقيد تركي المالكي... نسر إعلامي على خط النار
TT

العقيد تركي المالكي... نسر إعلامي على خط النار

العقيد تركي المالكي... نسر إعلامي على خط النار

إنه دائماً محطّ الأنظار والسمع، وهو يتعالى في سماء لا تشوبها الغيوم السوداء. يصعد أكثر بعد أن يشتت بوارق الإضاءة المزيفة التي تتلاشى سريعاً من أرض العدو. يقصف كل ما هو غير صحيح حتى خارج قواعد الاشتباك الإعلامي. يرى بدقة من برج مراقبة «تحالف دعم الشرعية في اليمن» كل شيء في خرائط العمل الميداني وخارجه الذي يمثله المحيط الإعلامي الواسع، فيبني من معطيات الأول مصداقية تغطي الرادارات في الثاني التي ترصد بالخطأ، أو تتعمد الأخطاء.
يرتدي العقيد تركي المالكي زي الطيران ليحلق، يحمل في جعبة العسكري الإصرار والنجاح. وفي منبر الإعلام يحمل المصداقية والشفافية ليؤكد عبرهما أنهما السلاح الأنفع، والأكثر ديمومة، أمام مرحلة إعادة اليمن إلى عروبته. وينطلق في أروقة الجناح المرئي تحت الأضواء، ويظهر مبشرا بالانتصارات في أزمة حاولت الميليشيات الإيرانية خلق وهم أنها الفاعلة في الميدان. وأمام كل ذلك كان يعطي العنوان، لتتفرغ بعدها طوابير الانقلاب لمحاولة تشتيت العنوان ذاك، لكنها تفشل إلا أن تقول الحقيقة في ميدان الحرب.
في خضم أحداث اليمن التي بدا وشيكاً حجم الانتصارات التي حققها التحالف في وضع الحوثيين في زجاجة، كانت مسارات التساؤل هل ما تقوم به المملكة العربية السعودية على رأس هذا التحالف في إطار عسكري فقط؟ بيد أن المالكي كان في مرحلتين يوجز ويفصّل، عسكرياً وإنسانياً، لأن «عاصفة الحزم» لا تكتمل إلا بالأمل الذي تستعيده قوات التحالف وشركاء العمل الإغاثي، ذلك أن الأهم هو اليمن بكل تفاصيله الذي يستحق أن يكون كما كان في تاريخه العروبي الأول.

إبان الحروب تبرز الحاجة الأهم لما يوازي العمل العسكري، لا سيما أمام تسارع قطار الإعلام والحاجة لإطلاع الرأي العام على صغير المواضيع وكبيرها. ذلك أن انتشار الإشاعات و«الأخبار الزائفة» أمر معتاد في الحروب، لكون المصادر على الأرض شحيحة. وفي وجه الإشاعات و«الأخبار الزائفة» تحرص المؤسسات الإعلامية الرصينة على أخذ المعلومات من مصادرها... حيث تُقاد الجبهات.
في الحرب العالمية الثانية كان للمذياع (الراديو) الدور الأكبر في نقل الأحداث الحربية، وكان يعمل بشقين عسكري وإخباري، لكنه ظل قاصراً عن أداء الأدوار سوى في حشد الشارع أمام الفكرة الواحدة التي يمكن نفيها بسهولة.
بعد ذلك، في الحرب التي خاضها العرب أو فرضت عليهم، يتذكر البعض إذاعة «صوت العرب» في حرب «نكستهم» عام 1967، وكانت المبالغات و«الانتصارات» الوهمية التي سوّقتها أمثولة للإعلام العاطفي وغير موضوعي الذي يجني على أصحابه.
و«حرب فيتنام» أيضاً في عقد الستينات الميلادية من القرن الماضي، كانت محطة مهمة للإعلام، ولكن لئن غاب المتحدث الرسمي عنها، فإن التلفزيون كان العنصر الإعلامي الجديد المؤثر على الساحة. وكان له دوره البارز في نقل الوقائع، لا سيما الخيبات الأميركية في فيتنام، التي فعلت فعلها داخل المجتمع الأميركي بعدما غدا مطلعاً على تفاصيلها.

- عصر الفضائيات
بدأ وهج الفضائيات مع «حرب الخليج الثانية» (1991 - 1990)، وكانت قناة «سي إن إن» الأميركية ذات حضور كبير. ومعها ثبتت قاطرة الإعلام، وبالأخص من الصحافة المصوّرة الحقائق، غير أن الأهم كان الإيجاز الصحافي اليومي من قبل «قوات التحالف»، الذي كان منطلقه العاصمة السعودية الرياض.
الرياض، في الواقع، كانت «رأس الحربة» في مواجهة عدوان صدام حسين على الكويت إعلاميا، وكذلك عسكرياً. وكان المجتمع العربي والدولي أمام طلة عسكرية سعودية مُبهِرة، ولمع العقيد (حينها) أحمد الربيعان، الذي كان «دبلوماسي الكلمة» منتصراً أمام سيل الهجمات الإعلامية، حتى وصل إلى رتبة لواء. وعيّن بعد الحرب بسنوات قائدا للمنطقة الشرقية قبل أن يحال للتقاعد.

- «عاصفة الحزم»
في «عاصفة الحزم»، التي انطلقت بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز نصرة للشعب اليمني من الانقلاب الحوثي في مارس (آذار) 2015، كان التفوق الإعلامي حاضراً، وبصيغة متجددة. هذه المرة، كان الوجه الأبرز في بدايتها للعميد أحمد عسيري (نائب رئيس الاستخبارات حالياً، ولقد رُقّي أثناء عمله متحدثا للتحالف إلى رتبة لواء). ولقد جاءت إطلالة عسيري أيضاً قوة تُضاف إلى العمل الحربي، وكان في إيجاز يومي لأكثر من أربعين يوماً في اطلاع تام على ما يدور في الميدان.
بعدها، في عام 2017، أصبح منبر «تحالف دعم الشرعية» شاغراً، مع تزايد الاهتمام بمتابعة أحداث اليمن، وتفاصيل التقدم الذي تحرزه القوات المشتركة في الميدان. ومن ثم، كان الجميع بانتظار مَن سيملأ المكان ويمسك بدفة الإعلام، مسانداً الحربة العسكرية بحربة إعلامية لها المزايا التي تحتاج إليها مهام عملية «إعادة الأمل».
وبالفعل جرى ترشيح عشرين ضابطاً سعودياً لتولّي المهمة. كانت مرحلة التقييم والاختيار دقيقة، تبحث عن الإجادة و«الكاريزما» وحسن الاطلاع والإحاطة بالتفاصيل والتعامل معها بشفافية تشبه أزيز الرصاص... وهنا صعد إلى المنبر طيار سعودي يتملكه الشغف والعزيمة، ليصبح مصدر الخبر والمحتوى، الذي أقلع من مدرج تميز آخر في كيان وزارة الدفاع السعودية.
هذا الضابط الطيار هو العقيد الركن تركي المالكي. إنه طيار أقلته المرحلة نحو آفاق منظومة إعلامية، وكان قائد الإعلان عن كل رحلة إعلامية على منبر «قوات التحالف»، والرجل الذي لم يرضَ بغير الامتياز طوال مراحل دراسته في التعليم العام والتعليم العسكري.

- دراسته وتأهيله العسكري
تخرج تركي المالكي في كلية الملك فيصل الجوية بتفوّق، وتم ابتعاثه نظير تميزه إلى الولايات المتحدة مباشرة، لمواصلة دراسة الطيران، وحصد هناك درجات أكبر في التفوق، حتى بات خبيراً في خريطة العمل الجيوسياسي.
وعاد المالكي إلى المملكة برتبة ملازم أول - ضابط طيار على طائرات «إف 15» التي تلقى دوراتها وذلك في أواخر التسعينات الميلادية. وأكمل خلال السنوات اللاحقة دورات عدة في المجال العسكري، وحصل على شهادة الماجستير من كلية القيادة والأركان في الرياض وحمل شارتها الحمراء التي أحاطت برتبته العسكرية كأحد العناصر البارزة في مهام عمله. وكان بارزاً في أوائل اللقطات من مركز قيادة «عاصفة الحزم»، بل كان منذ انطلاقتها الأولى في أتون المعركة داخل غرفة القيادة وفي جبهات الحرب أيضاً.
«المصدر المسؤول» تلك العبارة الإعلامية المعتادة ما عادت مقروءة أو مسموعة، بل أصبحت تتجسّد في شخص مسؤول ونبيه، ملء السمع والبصر، يقف متأهباً للإجابة على التساؤلات ولو كثرت أمام الإعلاميين. ناطق خبير واثق الحرف حين ينطق، وسيد الكلم المفصل حين يوجز، والبليغ الشامل حين يفصل.
إطلالة المالكي الإعلامية بشّرت بإنجاز أمني يعزّز حماية الوطن. ومع استهلاله الكلامي يتوثق أكثر مربط الثقة، ويدحض تقوّلات من يحاولون تهديد أمن السعودية ويحاولون النيل منها.

- استراتيجية إعلامية جديدة
اليوم تملك وزارة الدفاع السعودية استراتيجية جديدة في التواصل مع وسائل الإعلام، ولعل العقيد المالكي أحد أبرز أركانها. إذ أضاف للمهمة المنوطة به الكثير عبر مؤتمرات صحافية أسبوعية وأخرى عاجلة وفقا لظروف سير العمليات. وفي توضيح له عن المهمة التي أوكلت له، يقول المالكي إنه جرى تكليفه من قبل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد وزير الدفاع، بالتواصل وإطلاع الإعلام على الأحداث بـ«أقصى درجات الشفافية».
هذه منهجية عسكرية صدقت حين قدمت الصورة الصادقة من المواقع في الميدان، وبيّنت أهمية الشفافية المعتمدة لتحقيق أهداف مواجهة انقلاب حوثي ذي امتدادات إقليمية تحاول إغراق اليمن ومحيطه بالتوترات والفتن. ولكن، بإثبات الصورة والأدلة المادية يتحدث العقيد المالكي ويوجز في عباراته. ثم يضيف أن مهمته ليست أن يكون في موقع الدفاع أمام وسائل الإعلام عامة، بل هي تقديم الحقائق والأرقام والأدلة.
يعتلي المالكي منصته أو يفتح هاتفه الجوال مجيباً على اتصالات المؤسسات الإعلامية ليعطيهم الخطوة الأولى «اسأل كما تريد وعما تريد وسأجيب»، كذلك فإن البيانات الصحافية واضحة لغتها مجيبة على السؤال في نطاقه دون تشتيت الإجابات.
من ناحية ثانية، ليس العقيد الطيار مضطراً لتهيئة ما سيقول رداً على أي أسئلة خلال أحاديثه للقنوات والصحف. لا يضع قائمة بالأسئلة المتوقعة أو كيف يرد عليها... بل يقول إن مبدأه يُختصر بـ«أسهل أمر هو قول الحقيقة»، وحقاً، كان ذلك لافتا خلال أحاديثه لقنوات إخبارية عالمية، منها «سي إن إن» الأميركية و«بي بي سي» البريطانية، لأن السيناريو الأوحد الشفافية.
ثم يشرح المالكي، عن الخطط والاستراتيجية الإعلامية، فيقول: «لم يكن سراً أنه استطاع أن يكسر البروباغندا المعادية من إعلام الحوثيين أو من يساندهم، ذلك أن التفاصيل الدقيقة الشفافة هي وصفة الثقة؛ بأن تكون بيانات التحالف ومؤتمراته مصدراً موثوقاً، أولاً أمام وكالات الأنباء العالمية، وثانياً أمام المتابع من داخل اليمن. وعلاوة على ذلك كان تنظيم التحالف لزيارات الإعلاميين للمواقع المتقدمة والسماح لهم بالزيارات الميدانية محور تغيير في دفة الأنباء».

- رسائل متعددة الأبعاد
رسائل التحالف كما يقول العقيد المالكي، تقوم على عدة أبعاد منها الإنساني والإعلامي والعسكري. ويلفت المالكي حين يراعي في حديثه الجمهور، حين يقول إنه لا يصعد للمؤتمر الصحافي وفي غايته رأي عام محدد. بل يؤكد أن الرأي العام المحلي ثقته في قيادته عالية وفي قواته أيضا، وليس بحاجة لمتحدث لكن حتى يتم الاطلاع على كل شيء، والرأي العام من دول أخرى كذلك. لكن هناك بعد إنساني يحرص المالكي على ذكره هو أن دولا تشارك في التحالف «ينبغي لنا أن نعطيها الأوضاع الميدانية بصدق لأن لها أبناء وإخوة يشاركون في تحالف دعم الشرعية، وعلى الجميع مراعاة ذلك».
هذا، وفي 26 مارس الماضي، عقد العقيد الطيار مؤتمراً صحافياً كان استثنائياً بالفعل. فلقد حضره لأول مرة، وبكثافة، سفراء الدول المعتمدين لدى السعودية، وجرى خلاله عرض الأدلة المادية المؤكدة لاتهامات التحالف للنظام الإيراني بأن صواريخ الحوثيين مصدرها سلطة طهران. وفي هذا المؤتمر الصحافي وُضع السفراء ومعهم طاقم الإعلام الآخر أمام الأدلة ليكونوا مصدراً مهماً أمام دولهم لكشف ألاعيب إيران وحقيقة رعايتها للإرهاب ومحاولتها استهداف السعودية بصواريخها الباليستية.
وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، تحدث المالكي في مؤتمر صحافي عن عملية جوية ناجحة استهدفت إحدى القيادات الانقلابية اليمنية، وحقاً كانت تلك الشخصية صالح الصماد، القائد السياسي لميليشيا الحوثيين. قال المالكي كلمته ومضى، إلى أن أعلن الإعلام الحوثي ومساندوه الخبر، لاحقاً.
لقد عرض المالكي صورا مرئية لعملية الاستهداف تلك، معلنا في مؤتمره: «صالح الصماد زعيم جماعة إرهابية لا تختلف عن تنظيم داعش»، مبيناً أنه خلال أسبوع واحد فقط خسر الحوثي 425 موقعا وآلية. واليوم، تتقدم القوات المشتركة على الساحل الغربي في اليمن، بعد شهر واحد من مقتل الصماد. وفي ضوء انكشاف خلل كبير في صفوف الحوثيين واستسلام وهروب في جبهات مختلفة، يتفاءل التحالف ويبشّر بقرب علامات النصر.
ختاماً، في إعلام الأزمات والحروب، لا بد للناطق الإعلامي من أن يكون له دور في تبيين ومساندة العمل والرؤية الميدانية... ولكن ماذا ينبغي عليه أن يمتلك ليغير المعادلة نحو النجاح. العقيد تركي المالكي يجيب باختصار: «قوة الإرادة والعزيمة والشفافية والمصداقية».. قبل أن يتابع: «اليمن في مقبل الأيام سيكون آمناً ومستقراً».

- الحُديدة مدينة ومحافظة... في سطور
> تقع مدينة الحُدَيْدَة في غرب اليمن، على ساحل البحر الأحمر. وهي رابع كبرى مدن اليمن بعد صنعاء وتعز وعدن، وتبعد عن العاصمة صنعاء نحو226 كلم. المدينة هي العاصمة الإدارية للمحافظة التي تحمل اسمها، وتعد من أجمل المدن اليمنية.
وفق المراجع، يشكل عدد سكان المحافظة نحو 11 في المائة من إجمالي سكان اليمن، وهو ما يجعلها ثاني كبرى المحافظات من حيث تعداد السكان بعد محافظة تعز. أما من ناحية التقسيمات الإدارية للمحافظة فإنها تضم 26 مديرية. ومن أبرز المدن الأخرى في المحافظة مدينة زبيد التاريخية، الغنية بآثارها الإسلامية النفيسة التي أهَّلَتها لدخول «قائمة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي»، وكذلك مدينة بيت الفقيه الشهيرة بمعلمين معماريين دينيين مهمين هما الجامع الكبير وجامعة الأشاعر، ثم هناك مدينة الخوخة على الساحل إلى الجنوب من الحُديدة.
ومن الناحية الاقتصادية تُعدّ الزراعة النشاط الرئيسيّ لسكان المحافظة، وهي تتبوأ المركز الأول بين المحافظات اليمنية في إنتاج عدد من المحاصيل الزراعية. ومن أهم محاصيلها الخضراوات على أنواعها والفواكه. كذلك بفضل موقعها في الساحل الجنوبي لتهامة الغني بالأسماك والأحياء البحرية، فإن الصيد البحري يُعدّ من مواردها البارزة. وأخيراً، قامت في المحافظة عدد من المنشآت الصناعية من أهمها مصنع إسمنت باجل، وبعض الصناعات الغذائية والمشروبات الغازية.
أما بالنسبة لمدينة الحُديدة نفسها، فإنها مركز تجاري متميز، وبوابة للاستيراد والتصدير لكونها ثاني أهم موانئ البلاد بعد عدن. ويقدر عدد سكان المدينة بنحو 400 ألف نسمة. وبعدما تعرضت الحُديدة في يناير (كانون الثاني) 1961 لحريق كبير دمر أجزاء واسعة منها، فإنه أعيد بناؤها، لا سيما مرافق مينائها الكبير بدعم من الاتحاد السوفياتي يومذاك. كذلك كان للسوفيات قاعدة بحرية فيها خلال عقدي السبعينات والثمانيات من القرن الماضي.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».