رغم تفوقها الدراسي وتخرجها في الأكاديمية البحرية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ثم عملها مهندسة معمارية لنحو خمس سنوات، فإنها احترفت تصوير الأطعمة. شعرت نهى جاد الله، طوال الوقت أنها تريد شيئاً آخر، وظلت هواية التصوير تداعب مخيلتها، لكن السؤال الذي كان يؤرقها: هل أنا فعلاً موهوبة في التصوير؟ ثم شاركت في إحدى دورات التنمية البشرية التي تمكّن الشخص من اكتشاف موهبته، فقررت بعدها احتراف تصوير الطعام، قبل أن تدخل في مواجهة مع عائلتها وأصدقائها لتخليها عن مهنة مرموقة من أجل هواية، قد لا تضيف لها جديداً في حياتها، كما كانوا يتوقعون، معتبرين ذلك نوعاً من الجنون. لكن بعد أشهر قليلة تغير موقفهم ليس بسبب نجاحها في مهنتها الجديدة فقط، لكن بسبب السعادة التي غمرت حياتها.
خلال ممارستها مهنة الهندسة المعمارية، لنحو خمس سنوات، مرت نهى جاد الله، ابنة مدينة الإسكندرية، بمرحلة طويلة من التخبط والقلق، فكل ما تعرفه أنها غير سعيدة وتكره الروتين والرتابة، وأنها تعشق التصوير، إذ لا تفارق الكاميرا يديها، وتحلم منذ صغرها بأن تصبح مصورة، كانت في حاجة إلى التأكد من أنها موهوبة بالفعل، وأن الأمر ليس مجرد ذلك النوع من الحب الذي يضفي على الأشياء قدراً كبيراً من الوهم، اختارت أن تحسم الأمر بطريقة علمية، فشاركت في دورة تدريبية للتنمية البشرية تُمكّن الشخص من اكتشاف موهبته... إذن، هي موهوبة بالفعل، لكنّ هذا غير كافٍ من وجهة نظرها، لذلك التحقت بالعديد من الدورات التدريبية في التصوير الفوتوغرافي، اتخذت بعدها قرارها بترك مهنة الهندسة واحتراف تصوير الطعام، لتصبح واحدة من قلائل متخصصين في هذا النوع من التصوير، فهي ترى أطباق الطعام من عدستها برؤية تختلف كثيراً عن الرؤية المباشرة.
تقول نهى لـ«الشرق الأوسط»: «رغم نجاحي في مهنة الهندسة، كنت أشعر أني تعيسة، ولا أشعر بوجودي وذاتي، وبالطبع قرار احتراف تصوير الطعام كان صادماً لعائلتي وأصدقائي، لكنني عنيدة، وشعرت أنه يوجد شيء ما بداخلي يقوّيني ويحرّكني ويدفعني إلى التمسك بقراري، وتغير موقف العائلة والأصدقاء ليس فقط بسبب النجاح في مهنتي الجديدة، بل بسبب التغير النفسي الكبير الذي حدث لشخصيتي، والسعادة التي لمسها الجميع، فقد وجدت نفسي في تصوير الطعام، ولم أشعر بهذا القدر من السعادة طوال حياتي، وأحب أن يناديني الجميع بلقب مصوراتية».
وتضيف: «اخترت تصوير الطعام تحديداً من بين أنواع متعددة من التصوير، لأني أحب الطعام وألوانه المبهرة، وهو فن يركز على التفاصيل، حيث تبرز الألوان الدقيقة للطعام وتفاصيله، وفي كثير من الأحيان أشعر أنني أشم رائحة الطعام في الصورة». ولفتت: «الآن أنا سعيدة جداً بعملي، حيث أقوم بتصوير كل أنواع الطعام لصالح المطاعم التي تستخدم الصور في حملات الدعاية والإعلان، وحققت انتشاراً جيداً في مدينتي (الإسكندرية)، وأيضاً يطلبني الكثير المطاعم في القاهرة».
وتوضح نهى جاد الله، قائلة: «تصوير الطعام في رمضان يختلف عن باقي العام، حتى الإضاءة تكون مختلفة كأنها تتسق مع الجو الروحاني، وأصبحتُ بشكل عام أرى الطعام من خلف الكاميرا أكثر جمالاً من الرؤية المباشرة، وقبل التصوير يدور حوار صامت بيني وبين الطبق الذي سأصوره، كأني أسعى لاكتشاف تفاصيل جماله وروعة ألوانه، وكثيراً ما نجلس لنأكل في المنزل فأجدني أنبهر بطبق ما فأقوم بسرعة لتصويره، وتجذبني صور الحلويات من كنافة وقطايف وغيرها التي ترتبط برمضان».
لدى نهى جاد الله، حلم كبير في مهنتها الجديدة، حيث تسعى لإقامة معرض يضم صوراً للأكلات الوطنية لكل دولة في العالم: «أحلم أن أجوب جميع محافظات مصر لتصوير الأكلات والأطباق التي تتميز بها كل محافظة أو مدينة أو قرية، وبعدها أجوب العالم لتصوير الأكلات المختلفة، التي يتميز بها كل بلد، ليتم عرض كل ذلك في معرض فني خاص بصور الطعام».
مصرية تعتزل الهندسة لاحتراف تصوير الطعام
عائلتها رفضت قرارها واعتبرته جنوناً في البداية
مصرية تعتزل الهندسة لاحتراف تصوير الطعام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة