شهر رمضان يكرّس الودّ بين المسلمين والأقباط في مصر

شراء الفوانيس والياميش وتعليق الزينة أمور مشتركة

مادونا ويوأنا تحتفلان بفانوس رمضان («الشرق الأوسط»)
مادونا ويوأنا تحتفلان بفانوس رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

شهر رمضان يكرّس الودّ بين المسلمين والأقباط في مصر

مادونا ويوأنا تحتفلان بفانوس رمضان («الشرق الأوسط»)
مادونا ويوأنا تحتفلان بفانوس رمضان («الشرق الأوسط»)

في مصر لا تختلف أجواء رمضان كثيراً بين المسلمين والأقباط، فعادات وطقوس الشهر الكريم تُعد واحدة في أغلب الأحيان والأماكن، وينتظر أقباط مصر الشهر مثلما ينتظره المسلمون، إذ يتجه كثيرون من الأقباط المصريين إلى شراء البلح والياميش والكنافة والقطايف وزينة وفوانيس رمضان من تلقاء أنفسهم كما يفعل المسلمون تماماً.
أمام شادر بيع فوانيس في ميدان السيدة زينب، وقف شادي سمير (35 سنة)، ومعه طفلتاه مادونا (10 سنوات)، ويؤانا (6 سنوات)، ليشتري لكل منهما فانوس رمضان، وزوجته على مقربة منه تشتري البلح والقراصيا والمشمشية. بعد انتهائه وأسرته من شراء لوازم الشهر الكريم، أكّد شادي أنّه منذ زواجه في 2007، وهو يلتزم بالتسوق في شهر رمضان، وأضاف أنّه يتناول الغداء عقب مدفع الإفطار ويجد الفرحة والبهجة على وجهَي طفلتيه، ثم تعود العائلة لتناول العشاء كأنّه السّحور، وهو عبارة عن فول وزبادي مثلما يتسحّر المسلمون مع دقات طبلة المسحراتي أو سماع الشيخ سيد مكاوي. وفي النهار لا يتناول أي أطعمة أو مشروبات خارج البيت ويتعامل كأنّه صائم بالفعل احتراماً لمشاعر أصدقائه وزملائه في العمل.
ذكريات شادي سمير في رمضان تمتد إلى مرحلة الصبا والطفولة، وفي ذلك يقول: «كنت أشارك أطفال الشّارع في صناعة زينة رمضان من ورق الكراريس والنشا، ونُعلّقها من شرفات المنازل بطول الشّارع واتّساعه، وكنّا يجمع بعضنا من بعض الفلوس ونذهب للحدّاد ليصنع لنا فانوس رمضان، ونضع فيه مصابيح الكهرباء ثم نعلّقه في منتصف الشارع».
وتابع شادي: «كانت والدتي، ولا تزال، تدعو صديقتها المسلمة على الإفطار في رمضان، وأفضل عزومة كانت تُعدّها عبارة عن المحشي والبط، وطبعاً الكنافة وجبة الحلويات الأساسية التي لا غنى عنها في رمضان، وتلك العادة أخذتها من أمي وأنفّذها مع بعض الأصدقاء المسلمين وقد دعوتهم على الإفطار في رمضان الماضي في أحد مطاعم منطقة القلعة، وذهبنا بعدها إلى الشّارع الفاصل بين مسجدي السلطان حسن والرفاعي، دخلوا هم لصلاة التراويح وأنا انتظرتهم في الخارج أقرأ بعض آيات الإنجيل، وسأكرّر هذه العادة منتصف رمضان في البيت عندي أو في شارع المعز الذي اعتدت الذهاب إليه وأسرتي في شهر رمضان، حيث أجواء الفرحة والبهجة والود المتبادل مع أشقائنا المسلمين».
أمّا وحيد نعيم (40 سنة)، فإنّه يؤكد أنّ أجمل فترات قضاها مع زملائه في الدراسة والجامعة كانت خلال شهر رمضان، وكان يذهب خصّيصاً إلى صديقه في منطقة الشرابية ليشاركه تعليق الزينة والمصابيح الكهربائية في الشارع، وكان يصوم مثله، ولا يضع قطرة ماء في فمه إلّا بعد مدفع الإفطار، لكنّه في الوقت نفسه كان يشرب فنجان القهوة قبل الخروج من المنزل صباحاً، مشيراً إلى أنّه لا يزال حتى اليوم يكرّر الطقوس نفسها في رمضان. يذهب إلى عمله الخاص في الصباح، ويعود المنزل قبل أذان المغرب، ويتناول وجبة الغداء في نفس فترة تناول المسلمين وجبة الإفطار، حتى لقاءاته مع الأقارب والأصدقاء يقضيها عقب صلاة التراويح.
فيما تقول عواطف نخلة (65 سنة): إنّ «شهر رمضان ليس ملكاً للمسلمين فحسب، فنحن لنا فيه نصيب أيضاً، لنا فيه البلح والياميش والكنافة والفانوس والزينة ولنا فيه فول السحور والزبادي، وكذلك البهجة والأنوار، وفي نهايته نشتري الكعك والبسكويت». لافتة إلى أنّها ظلّت لسنوات طويلة تُعدّ الكعك مع جارتها الحاجة فاطمة أم سعيد في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، وبعد وفاة الأخيرة انقطعت عادة إعداد الكعك وطهيه في الفرن وباتت تشتريه جاهزاً.
الباحث القبطي أيمن داوود، أكّد وجود كثير من المناسبات تجمع المسلمين والمسيحيين على طقوس واحدة بعيداً عن العقيدة والعبادات، وفي مقدمتها شهر رمضان، فهم يمارسون العادات الاجتماعية والثقافية الموروثة منذ مئات السنين وبالتحديد منذ عهد الدولة الفاطمية، ويشتركون معاً في السّهر على المقاهي والألعاب الفردية والجماعية وفي مقدمتها الدورات الرمضانية.
يضيف الباحث القبطي أنّ المسلمين والمسيحيين لا يشتركون في أجواء رمضان فحسب، بل يجمعهم أيضاً كعك عيد الفطر ولحم عيد الأضحى وشم النسيم، وكذلك شراء الحلوى في ذكرى المولد النبوي، وفي المقابل يذهب المسلمون لمشاركة إخوتهم المسيحيين في ذكرى رحلة العائلة المقدسة وموالد العذراء المنتشرة في أنحاء مصر، ويشترون فيها حلوى الحمص والشيكولاته والفول السوداني والهريسة وممارسة الألعاب النارية وركوب المراجيح.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.