«حلبات الرياضة الإلكترونية» تجتاح أميركا

حلبة الرياضة الإلكترونية الجديدة في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأميركية
حلبة الرياضة الإلكترونية الجديدة في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأميركية
TT

«حلبات الرياضة الإلكترونية» تجتاح أميركا

حلبة الرياضة الإلكترونية الجديدة في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأميركية
حلبة الرياضة الإلكترونية الجديدة في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأميركية

أصبح هواة الألعاب الإلكترونية هم النجوم الجدد وباتت حلبات «إي سبورتس» صالات السينما الجديدة. وقد بدأت ألعاب الفيديو بفرض سيطرتها على العالم الحقيقي، فقد باشرت الشركات في أميركا هذا العام بتحويل المجمعات التجارية وصالات السينما وواجهات المحلات ومرآب ركن السيارات في الأحياء إلى حلبات خاصة بـ«إي سبورتس esports» أي الرياضات الإلكترونية.
في الوقت نفسه، يدور منتجو المحتوى في أرجاء المدن مثل لوس أنجليس، حيث ينظر هؤلاء اليوم إلى هواة ألعاب الفيديو على أنّهم شكل جديد ومميز من المشاهير الذين يجب تبنّيهم وتطويرهم... النصف رياضيون والنصف الآخر مؤثرون أي يساهمون في دفع الشبان إلى الحضور.

- لعبة مثيرة
يعود جزء كبير من هذه النظرة إلى الهوس الذي يسيطر على البعض بلعبة واحدة هي «فورتنايت Fortnite» فقد قضى أفراد الجمهور الشهر الماضي ما يقارب 128 مليون ساعة على موقع «تويتش Twitch» يشاهدون أشخاصاً آخرين يلعبون «فورتنايت»، اللعبة التي ترتكز على أفضل عناصر ألعاب البناء وإطلاق النار والنجاة، مدمجة في لعبة واحدة.
وحصل محتوى «فورتنايت» على 2.4 مليار مشاهدة على يوتيوب في فبراير (شباط) وحده، حسب موقع «تيوبيولار إنسايتس». لذا، يحبّ الناس اللعب بألعاب الفيديو، ولكنّهم أيضاً يحبّون مشاهدة أشخاص آخرين يتنافسون فيها. وبهذا، أصبحت «إي سبورتس» أخيرا، رياضة كأي رياضة أخرى.

- حلبات جديدة
تصوروا، هناك مائة وخمسون مليون لاعب فيديو يريدون التجمّع في أميركا. يريدون الجلوس إلى جانب بعضهم البعض، الكوع إلى جانب الكوع، ومقبض التحكّم إلى جانب آخر. يريدون إضاءة مميزة، ووجبات سريعة، ومنضدة للمشروبات. وبعد أن شهدت صالات السينما العام الماضي تراجع نسبة الحضور إلى أدنى مستوياتها في آخر 25 سنة، نرى اليوم حضور 638000 شخص، كما حدث أخيرا، عرضا لمشاهدة الموسيقي الشهير درايك يلعب «فورتنايت». هذا بالإضافة إلى أنّ هناك محادثات لكي تشمل «الدورة الأولمبية في باريس 2024» احتمال إدراج ألعاب الفيديو كرياضة معروضة.
في السياق نفسه، لا بدّ من الالتفات إلى أن اللاعبين بدأوا ومن مدّة باللعب سوياً، والتواصل مباشرة عبر سماعات الرأس وتطبيقات التراسل خلال التجوال في عوالمهم الرقمية الجميلة.
تجمّع في حلبة جديدة افتتحتها شركة «آي أوكلاند» للرياضة الرقمية «إي سبورتس» نحو 4000 شخص في مبنى مرآب السيارات القديم وفي الشارع المحيط به، وتحديداً في وسط مربع جاك لندن السياحي.
وشهدت الحلبة أجواء من التأثيرات الصوتية الخاصة ومئات الأيدي التي تنقر على مقابض التحكّم، وفتح مئات أكياس رقائق البطاطا، وصرخات المشجعين تصدح من وقت إلى آخر، أثناء التعليق على مجريات اللعبة للبثّ المباشر الذي يشاهده عشرات الآلاف.

- مشاهدة المتنافسين
لفت تايلر إيندريس، الشريك المؤسس في حلبة «إي سبورتس» إلى أنّه اضطر إلى الحديث أمام أربعة تجمعات شعبية لإقناع الناس فيها أنّهم سيحبون حلبة «إي سبورتس». وقد جرى الحدث في مساحة صناعية كبيرة تضمنت منصّة عالية لإخفاء الأسلاك الكثيرة، ومصممة بشكل مرن يناسب منصة ألعاب إلكترونية كبيرة أو لليالي التي قد يرغب فيها عدد أكبر من الأشخاص باللعب، مع وجود إعدادات لإدارة شتى الألعاب على أجهزة التلفزيون والكومبيوترات.
وعلى المنصّة المضاءة، تبارى اثنان من أفضل اللاعبين وسط تشجيع الجمهور والمعلّقين الجالسين على كراسي مرتفعة يروون ما يحصل بالتفصيل. وتجدر الإشارة إلى أنّ آلة لنفث الدخان كانت تعمل طوال الوقت خلال اللعبة.
كما عمل ستة أشخاص على إدارة استوديو خلفي لبث اللعبة مباشرة، بما فيه من إضاءة وصوتيات وغرافيكس وإعادات فورية. وقال هيرب بريس (77 عاماً)، مصمم الحلبة: «ينتمي هذا الجمهور إلى الحقبة الحالية من عصر الكومبيوتر، ولكنني شعرت بالدهشة من قدرتهم على النقد... يملكون أفكاراً وأذواقاً مهمّة لا يمكن تجاهلها».


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».