الصدر يطالب بدعم دولي لـ«الخروج من نفق الطائفية»

واشنطن تواصلت مع تياره... وجلسة حاسمة للبرلمان اليوم

ملصق لمقتدى الصدر في بغداد أمس (أ.ف.ب)
ملصق لمقتدى الصدر في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الصدر يطالب بدعم دولي لـ«الخروج من نفق الطائفية»

ملصق لمقتدى الصدر في بغداد أمس (أ.ف.ب)
ملصق لمقتدى الصدر في بغداد أمس (أ.ف.ب)

في وقت تحول مقر زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، راعي تحالف «سائرون» الذي تصدر الانتخابات العراقية، إلى خلية نحل بسبب كثرة الوفود السياسية التي تبحث معه تشكيل الكتلة النيابية الأكبر، تواصلت واشنطن مع الصدر عبر وسطاء، بعد سلسلة من المواقف الحادة التي اتخذها تياره ضد أميركا.
وقال ضياء الأسدي، وهو أحد كبار مساعدي الصدر، إن الولايات المتحدة تواصلت مع أعضاء في «سائرون». وأضاف أنه لا توجد محادثات مباشرة مع الأميركيين، لكن جرى استخدام وسطاء لفتح قنوات مع أعضاء من التحالف. ونقلت عنه وكالة «رويترز» أن الأميركيين «سألوا عن موقف التيار الصدري عندما يتولى السلطة. وهل سيعيد إلى الوجود أو يستحضر جيش المهدي أم يعيد توظيفه؟ وهل سيهاجم القوات الأميركية في العراق؟».
وأشار إلى أن التيار «لا ينوي امتلاك أي قوة عسكرية غير قوات الجيش والشرطة والأمن الرسمية... لا عودة إلى المربع الأول».
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت في مؤتمر صحافي، إن بلادها «ستعمل مع من يختاره الشعب العراقي وينتخبه»، ردّاً على سؤال عما إذا كان الصدر سيعتبر شريكاً مناسباً في العراق. وأضافت: «سنعمل مع أي شخص تقرر الحكومة العراقية والشعب العراقي انتخابه للانضمام إلى الحكومة. تجمعنا علاقات طويلة وجيدة مع حكومة العراق وسنظل على علاقة جيدة بها».
وكان الصدر دعا، أمس، المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى زيادة الدعم والمساندة للعراق «للخروج من نفق الطائفية والمحاصصة المقيتة» ومنع التدخل في ملف الانتخابات حكومياً وإقليمياً.
وقال الصدر خلال لقائه مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش إن «رؤيتنا للمرحلة المقبلة أن يكون القرار وطنياً عراقياً، وهي نابعة من رغبة جماهيرية وضرورة المرحلة، لأن الشعب العراقي قد عانى الكثير من الفساد وسوء الخدمات». وأضاف: «نشدد على أهمية زيادة دعم ومساندة المجتمع الدولي والأمم المتحدة لخروج العراق من نفق الطائفية والمحاصصة المقيتة، ومنع التدخل في ملف الانتخابات حكومياً وإقليمياً، وضرورة تقديم الدعم في المجال الإنساني والخدمي في المناطق المحررة، خصوصاً مدينة الموصل ومساهمة المنظمات الدولية لأخذ العراق وضعه الطبيعي في العيش الحر الكريم».
وقدم كوبيتش، خلال اللقاء، تهانيه على «نجاح العملية الديمقراطية في العراق التي جرت أخيراً»، معلناً «استعداد الأمم المتحدة لتقديم المساعدة التي يحتاج إليها العراق»، بحسب وكالة الصحافة الألمانية. وجرى خلال اللقاء بحث آخر ما توصلت إليه النقاشات والحوارات المستفيضة حول تشكيل الحكومة المقبلة، وضرورة أن تسفر التفاهمات والنقاشات عن تشكيل حكومة وطنية تدعم مسيرة الاستقرار في البلد.
جاء ذلك عشية عقد البرلمان العراقي الذي تنتهي ولايته نهاية الشهر المقبل جلسة استثنائية للبتِّ في مصير نتائج الانتخابات النيابية التي جرت منتصف الشهر الحالي، بعد تزايد الشكاوى والطعون في عدد من المحافظات، وفي مقدمتها كركوك.
وفشلت جلسة طارئة لمناقشة الانتخابات السبت الماضي، بعدما تحولت إلى جلسة تشاورية بسبب عدم اكتمال النصاب. وقال مصدر مقرب من رئاسة البرلمان إن الجلسة التي ستعقد اليوم، بناء على طلب عدد من النواب «ستركز على شفافية العمل الانتخابي ونزاهته».
وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري وجَّه عقب انتهاء الجلسة الماضية كتاباً إلى مفوضية الانتخابات لاتخاذ جميع الوسائل التي تضمن توافر الثقة بالعملية الانتخابية، ومنها إجراء العد والفرز العشوائي وإحالة القضايا الجنائية إلى الجهات المختصة في الحالات التي شابها سوء التصرف وتزويد الكيانات السياسية بصور ضوئية للنتائج والتأكد من مطابقة البيانات المرسلة من خلال صناديق عدة، والطلب من الهيئة القضائية للانتخابات التعامل مع الطعون بإمعان وحيادية.
ودعا إلى «قيام اللجنة القانونية بمتابعة العملية الانتخابية وما رافقها من إشكالات ذكرتها بعض الأطراف، فضلاً عن متابعة ما جرى في انتخابات محافظة كركوك وكوتا المسيحيين».
وكانت المفوضية أعلنت عن تسلمها 1436 شكوى في الاقتراع العام والخاص، ومن الخارج بينها 33 شكوى صنفتها بـ«الحمراء» وترتب عليها إلغاء نتائج 103 محطات توزعت على محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وبغداد وأربيل.
وعما إذا كان البرلمان ينوي في حال تحقق النصاب إصدار قانون بإلغاء الانتخابات، قالت النائب شروق العبايجي لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك احتمالاً كبيراً أن يتحقق النصاب خلال الجلسة نظراً إلى الأهمية التي تعقد هذه الجلسة من أجلها، وبعد أن أصبح الحديث عن التزوير والخروقات أمراً واضحاً للجميع». وأوضحت أن «الأمر لن يصل إلى حد التفكير بإعادة الانتخابات، لكن النية ستتجه لإعادة العد والفرز يدوياً حتى نقطع الشك باليقين».
وأوضحت النائب الكردية سروة عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من رأي داخل البرلمان، وهو ما ستفرزه الجلسة، فهناك رأي بأن يقر البرلمان صيغة بإعادة العد والفرز اليدوي، بينما هناك اتجاه آخر يرى إلغاء نتائج الانتخابات برمتها». وأضافت أن «التوقعات تشير إلى عقد الجلسة بنصاب كامل، وبالتالي ثمة إمكانية كبيرة أن نخرج بقرار مهم».
إلى ذلك، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا توضيحاً للمفهوم الدستوري للكتلة النيابية الأكثر عدداً. وقال بيان للمحكمة إن المادة 76 من الدستور نصت على أن يكلّف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال 15 يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
وأكدت المحكمة أنه «لا يوجد مانع دستوري لتشكيل القائمة الفائزة بالانتخابات الوزارة إذا بقيت هي الكتلة الأكبر ودخلت مجلس النواب وأصبح الفائزون فيها نواباً وبعدد يفوق نواب بقية الكتل حيث تتحول عند ذاك إلى الكتلة الأكثر عدداً»، لكن «إرادة المشرع الدستوري لم تكن متجهة إلى منح القائمة الانتخابية حق تشكيل الحكومة بمجرد فوزها عددياً في الانتخابات».
وأوضح البيان أن «المحكمة الاتحادية العليا وضعت ضابطاً بخصوص الكتلة النيابية الأكثر عدداً بأنها التي تتشكل في الجلسة الأولى لمجلس النواب التي تنعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وتسجل هذه الكتلة رسمياً بأنها الأكثر عدداً، وهذا يعالج موضوع في غاية الأهمية، فلا يمكن لكتلة ما الادعاء بأنها تحمل هذه الصفة لمجرد الإعلان في وسائل الإعلام، إنما توثيق ذلك رسمياً في مجلس النواب».
وفي هذا السياق، يقول الخبير القانوني جمال الأسدي لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك اتجاهين مهمين في بيان المحكمة الاتحادية، وهما أن الكتلة الأكبر من تسجل نفسها أمام رئيس السن وليس المنتخب، وثانياً أنه لا يجوز للوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة إيراد أسمائهم كأعضاء مجلس النواب في الكتلة النيابية الأكثر عدداً، ومن ضمنهم رئيس مجلس الوزراء والمحافظين وغيرهم من أصحاب الدرجات التنفيذية، إلا في حال اعتبارهم مستقيلين من وظائفهم». وأضاف أنه «طبقاً لما كان عليه الأمر قبل هذا التفسير، فإن المفهوم ينسحب على الرئيس المنتخب وليس رئيس السن»، مشيراً إلى أن «الكتلة النيابية الأكبر ستُحسم قبل انتخاب رئيس مجلس النواب أو رئيس الجمهورية، وهذا بحد ذاته اتجاه صريح لحسم تشكيل الحكومة قبل مطلع يوليو (تموز) المقبل».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.