يتوقع الخبراء الألمان أن يتسبب الإقبال القوي على السيارات الكهربائية في الحد من أسعار النفط خلال العقود القادمة، لكن هذه الصيحة الجديدة في عالم النقل سيكون لها تأثيرات أخرى على أسواق المواد الأولية.
فالمعادن التي تدخل في صناعة هذا النوع من السيارات، مثل الليثيوم الذي يُعرف عالميا باسم الذهب الأبيض، تُظهر في الوقت الراهن بوادر تحول تثير قلقا بالنسبة للكثير من خبراء أوروبا.
وينوه الخبراء الألمان في برلين بأن تلك المواد التي ستغذي هذه السيارات وغيرها من الأجهزة، وعلى رأسها معدنا الليثيوم والكوبالت، أصبحت مصدر قلق للشركات الألمانية لأن كمياتها المنتجة في العالم محدودة، مما ينذر بارتفاع أسعارها بشكل كبير خلال الأعوام القادمة.
والقلق بدأ يزداد بعد تراجع حجم مخزون الليثيوم والكوبالت منذ بداية العام. لكن ولحسن الحظ ما يزال عدد العربات الكهربائية التي تتحرك على الطرق الأوروبية متواضعا إلا أنه مهيأ للنمو تدريجيا.
ويتطلع المضاربون الدوليون باهتمام إلى الأرباح الناجمة عن الانخراط في تجارة الليثيوم والكوبالت. لذا تباشر بعض صناديق الاستثمار تسليط قوتها الشرائية على المادتين، علما بأن أسعارهما قفزت ثلاثة أضعاف في العامين الأخيرين، وبصورة موازية تضاعفت عروض البيع بسرعة البرق.
وتقول ليا ماريا بيغلر، خبيرة المعادن، إن شركات التعدين استيقظت من نومها بعد سنوات عدة من أزمات حادة كي تعود لتستثمر في معادن مثل الليثيوم والكوبالت لم يكن لها معنى تجاري في العالم من قبل. ويبدو أن المجهود الذي وضعته لإنعاش أعمال الليثيوم والكوبالت بدأت ثماره تظهر على السطح لناحية الأرباح والرسملة.
وتضيف بأن شركات عالمية منتجة لمعدن الليثيوم كما «سوسييداد كويميكا ومينيرا» التشيلية و«إف إم سي» و«البيمارلي» الأميركيتين و«أوروكوبر» الأسترالية نجحت في مضاعفة قيمتها في البورصات خلال العام الفائت. وقامت شركة «غانفنغ ليثيوم» الصينية بإدراج أسهمها في بورصة هونغ كونغ بهدف حصد مليار دولار من المستثمرين الدوليين. أما شركة «غلينكور» السويسرية المعروفة في صناعة المواد الأولية والتجارة بها والتي تعتبر بين عمالقة استخراج الكوبالت من جوف الأرض فحققت عائدات تاريخية في نهاية العام الفائت. وتختم ليا ماريا بيغلر القول: «تخطت بعض الشركات الحدود التجارية الروتينية من أجل الاستثمار مباشرة في شركات التعدين. فعلى سبيل المثال اشترت شركة «غرابت وول موتورز» الصينية 3.5 في المائة من أسهم شركة «بيلبارا مينيرالز» الأسترالية المتخصصة في الليثيوم والتي تريد مضاعفة قدراتها الإنتاجية. كما اشترت شركة «تويوتا موتورز» اليابانية عن طريق فرعها الاستثماري «»تويوتا تسوشو» 15 في المائة من أسهم شركة «أوروكوبر» الأسترالية التي تخطط لتوسيع عملياتها الإنتاجية في الأرجنتين.
في سياق متصل يشير الخبير «رالف شرودر» إلى أن الشركات الألمانية وضعت أمامها خططا احتياطية لمواجهة أي مفاجأة مستقبلية في الإمدادات المعدنية. وستوقّع شركة «بي إم دبليو» عن قريب عقودا لشراء الكوبالت والليثيوم طوال الأعوام الخمسة القادمة. أما شركة «فولكسفاغن» التي أعلنت في أعقاب فضيحة «ديزل غايت» عن استثمارات هامة في العربات الكهربائية فتنوي التوقيع على عقود إجماليها 20 مليار يورو لضمان إمدادات كافية من البطاريات.
مع ذلك يقول الخبير، رغم الحماس الشعبي إزاء السيارات الكهربائية إلا أن انتشارها العالمي يبقى محدودا بسبب أسعارها المرتفعة وأدائها الذي لا يمكن مقارنته بأداء السيارات العاملة بالبنزين والديزل والتواجد المتواضع لمحطات إعادة شحنها الكهربائي على الطرقات السريعة.
ويختتم «يصل إجمالي السيارات الكهربائية حول العالم إلى نحو مليونين تستضيف الصين نصفها. أما الباقي فهو موزع بين أوروبا وآسيا مع غياب شبه تام لهذه السيارات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وفي الوقت الراهن تحتل السيارات الكهربائية 2 في المائة من إجمالي مبيعات السيارات حول العالم. أما ما يسير منها على الطرقات العالمية فهو لا يتخطى 0.2 في المائة من إجمالي العربات الرياضية والتقليدية. ولا شك في أن مبيعات السيارات الكهربائية ستنتعش تدريجيا بفضل الحوافز التي تقدمها عدة حكومات غربية، فضلا عن السياسات البيئية التي تحارب التلوث الهوائي. كما أن التطور التكنولوجي يعد من جهة بتخفيض أسعار السيارات الكهربائية، مع التركيز الواضح من جهة أخرى على رفع أدائها على الطرقات».
السيارات الكهربائية تزيد من الاهتمام بمعادن أولية مهمشة
السيارات الكهربائية تزيد من الاهتمام بمعادن أولية مهمشة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة