غابة سونداربانس... أكبر دلتا وغابة لأشجار المنغروف

يعيش فيها 400 نمر وتعتبرها مئات التماسيح مملكتها الخاصة

غابة سونداربانس... أكبر دلتا وغابة لأشجار المنغروف
TT

غابة سونداربانس... أكبر دلتا وغابة لأشجار المنغروف

غابة سونداربانس... أكبر دلتا وغابة لأشجار المنغروف

إذا كنت ممن يضعون المزارات الغريبة والمثيرة ضمن برامجهم السياحية، فعليك أن تضع ضمن برنامجك غابات الهند، تحديداً محمية أشجار المنغروف الاستوائية، عوض أن تقتصر على تاج محل وراجستان أو جولات غوا وكارلا، وما شابهها من المناطق السياحية. ونظراً لتزايد الاهتمام بالسياحة التي تتضمن نشاطات جديدة ووجهات غريبة، يجري حالياً تنظيم رحلات نهرية كل شهر على متن قوارب تتوفر كل إمكانية المبيت فيها. من أهم مناطق الجذب في هذا المجال غابة سونداربانس، التي تتنفس هواءً نقياً بفضل أشجارها الوارفة، ويعيش فيها نحو 400 نمر. فهي تعد أكبر تجمع للنمور في العالم. لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذه المخلوقات المهيبة ليست أليفة، بل تأكل لحوم البشر على عكس غيرها في أماكن أخرى. لهذا ليس غريباً أنه يتعين على السياح الحصول على تصريح لدخول محمية «سونداربانس تايغر رسيرف» للنمور، والتقيد ببعض الشروط التي تضمن سلامتهم. هناك أيضاً تماسيح الماء المالح التي تسكن سونداربانس، وهي معروفة بكونها الأكبر وأكثر الثدييات وحشية على الأرض شأن تماسيح النيل.
ألا ينطوي ذلك على قدر كبير من الإثارة، ويجعلك تشعر بالقشعريرة؟ إذا كان هذا هو المطلوب، فعليك برحلة في نهر سونداربانس، وتأكد أنها من الرحلات التي ستبقى في الذاكرة طيلة حياتك. ستستكشف فيها التنوع البيولوجي لمحمية «سونداربانس تايغر» الطبيعية، وستسير وسط غابة المنغروف الاستوائية، لترى القرويين وهم يقشرون الذرة، ويجمعون العسل، ويصيدون الأسماك، وغيرها من الحرف السائدة في المنطقة، التي تعد جزءاً من حياة القرية.
وإذا كنت محظوظاً ستشاهد بعض التماسيح تتمدد تحت الشمس في كسل لذيذ. يمكنك أيضاً زيارة بعض الجزر النهرية لمشاهدة مختلف الكائنات الحية بغابات أشجار المنغروف بكل ما فيها من طيور وحيوانات. جمال المكان وتفرده يكمن أيضاً في أنه من المزارات النادرة التي تجد فيها نموراً وأبراجاً عالية للمراقبة تطل على الغابة بدلاً من الملاهي الليلية، وهذا وحده سيجعلك تلتحم مع العالم الطبيعي بشكل غير تقليدي.
قبل أن تبدأ الرحلة، لا بأس من فهم طبيعة المكان، لا سيما طبيعة غابة سونداربانس، التي تقع في أقصى دلتا خليج البنغال. فهي غابة من المستنقعات تتخللها ممرات مائية وخلجان وقنوات، علماً بأن مشاهدة النمور ترتبط بتوقيت المد والجزر، حيث يحدث هنا حالتا مد وجزر كل يوم، ويتغير شكلها بصفة يومية.
وتضم المنطقة أكبر خليج في العالم يضم غابة منغروف على مساحة 10.200 كم تمتد بين دولتي الهند وبنغلاديش، وقد أُدرجت على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. وتبحر رحلات «سونداربانس كروز» النهرية في الخليج الواسع الذي تكون نتيجة لالتحام ثلاثة أنهار شهيرة هي بادما وبرامبوترا وومغنا.
وتتميز المنطقة المحيطة عموماً بغناها بالأنهار المتعرجة وأشجار المنغروف الكثيفة التي يصعب اختراقها، والتي اشتقت الغابة اسمها منها.
- كلكاتا هي أقرب مطار وبوابة للمحمية. ويمكن الوصول إلى «كانينغ تاون»، مقر «محمية سونداربانس» عبر الطريق البرية أو بالقطار من مدينة كلكاتا. كما يمكن ركوب سيارة تصل بك إلى رصيف القوارب في مناطق سنخالي ودمخالي وجودخالي إذا كانت النية القيام برحلة نهرية. ورغم عدم صعوبة القيام برحلة بمفردك، فمن الأفضل القيام برحلة جماعية للاستفادة من خبرة المنظمين الذين سيتولون الكثير من المهمات، منها إصدار التصاريح وحجز المراكب وحجز أماكن الإقامة والأكل.
تفاصيل الرحلة: بعد أقل من 15 دقيقة من بدء الرحلة النهرية، وعندما يقترب القارب من قلب غابة سونداربانس، يفهم السائح سبب اعتبارها أكبر دلتا وغابة لأشجار المنغروف في العالم، لأنك ستلاحظ اتساع النهر في بعض الأماكن لدرجة تعتقد فيها بأنه بحر. وكثيراً ما سيدخل القارب قناة مائية ضيقة كون القنوات المائية الكثير هنا تشكل ممرات للقوارب.
طوال الرحلة ستلاحظ أيضاً أشجار المنغروف الكثيفة، التي تُظلل بعض القرى الواقعة وسط الغابة. وأينما اتجهت عيناك تجد الخضرة ويغمرك شعور بمدى نظافة الهواء في المنطقة.
لكن قبل السفر، لا بأس أيضاً من الاطلاع على كتيبات السفر الخاصة بغابة سونداربانس. فهي غنية بالمعلومات عن كل شيء يمكن أن تقوم به فيها، بدءاً من مُتعة مشاهدة المناظر البانورامية عبر أبراج المراقبة تُمكن من مشاهدة نمور البنغال الملكية، إلى الاستمتاع بمراقبة أنواع نادرة من الطيور المزركشة بألوان متعددة، وعدد من تماسيح المياه المالحة المستلقية تحت الشمس. تبدو في البداية، وكأنها بقع طينية طافية وسط الماء، لكن اندفاع القوارب يجعلها تتحرك لتكتشف أنك أمام منظر نادر لا يتكرر في أي مكان آخر.


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
TT

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.

قال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها، كاشفاً عن أن الهيئة تقوم بتجهيز عدد من المواقع الجديدة لتكون وجهة سياحة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف (أم جرسان) وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة (غرب المملكة)، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف «أبو الوعول» الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.

ينتشر في السعودية أكثر من 150 كهفاً يترقب أن تكون وجهات سياحية (هيئة المساحة)

وأضاف: «على مدار الـ25 عاماً الماضية كان التركيز على الدرع العربي، أما الآن فالتركيز على 4 محاور رئيسة تتمثل في الاستثمار في كفاءات الجيولوجيين السعوديين، ومسح ما تبقى من مواقع الغطاء الرسوبي والبحر الأحمر، كذلك زيادة رفع المعلومات عن المخاطر الجيولوجية التي تحيط بالسعودية لمعرفة التعامل معها، مع استخدام التقنيات المختلفة لربط المعلومات الجيولوجية وإخراج قيمة مضافة منها واستخدامها في شتى الجهات».

وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تبعات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.

فوهة الوعبة من أكبر الفوهات ويتجاوز عمرها المليون عام (هيئة المساحة)

وتحتوي هذه الاكتشافات على «خسف عينونة» بشمال غربي المملكة، و«تلة السعدان» شمال الجموم، و«فيضة الضبطية» في المنطقة الشرقية، و«طعس الغضا»، و«البحيرة الوسطى» جنوب غربي النفوذ الكبير، و«جبال طويق»، و«فيضة الرشاشية» في شمال المملكة. هذا بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.

وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً».

ويأتي عرض موقعي «فوهة الوعبة»، و«جبل القدر» على وزارة الاستثمار، لأهميتهما. فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

جبل القدر من أحد أهم الاكتشافات الجيولوجية (واس)

في المقابل تغوص «فوهة الوعبة» في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.