يوم دامٍ في غزة واستعدادات لمسيرات جديدة اليوم

عشرات القتلى ومئات الجرحى وغارات إسرائيلية على القطاع

قنابل الغاز المسيل للدموع تنهمر على المحتجين الفلسطينيين شرق جباليا بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
قنابل الغاز المسيل للدموع تنهمر على المحتجين الفلسطينيين شرق جباليا بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

يوم دامٍ في غزة واستعدادات لمسيرات جديدة اليوم

قنابل الغاز المسيل للدموع تنهمر على المحتجين الفلسطينيين شرق جباليا بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
قنابل الغاز المسيل للدموع تنهمر على المحتجين الفلسطينيين شرق جباليا بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

أعلنت مصادر، أمس، أن الجنود الإسرائيليين قتلوا ما لا يقل عن 52 فلسطينياً، وأصابوا الآلاف في يوم دامٍ من المواجهات، خلال قمع مسيرات غاضبة اندلعت في الأراضي الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة، رفضاً لخطوة أميركا نقل سفارتها إلى مدينة القدس. ويُتوقع أن يشهد اليوم الثلاثاء مسيرات جديدة يتم التحضير لها في القطاع وبقية المناطق الفلسطينية، وسط مخاوف من سقوط مزيد من الضحايا.
وسقط جميع الضحايا أمس في قطاع غزة وحده، إذ شهد مسيرات وُصفت بأنها الأعنف والأكبر منذ فترة طويلة، وشارك فيها أكثر من 50 ألف فلسطيني تواجهوا مع جنود الاحتلال على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع. وإضافة إلى قتل قوات الاحتلال 52 متظاهراً، بحسب تقديرات فلسطينية، أفيد بأن قرابة 2500 فلسطيني آخرين أصيبوا خلال المواجهات، بينهم أكثر من 1114 بالرصاص الحي. ومن بين هؤلاء عشرات في حالات حرجة جراء إصابتهم برصاص متفجر، بحسب ما قال ناشطون ومصادر طبية في غزة.
ومن بين الضحايا القتلى نحو 7 من الأطفال، فيما لم يسجل وقوع قتلى في صفوف السيدات اللواتي شاركن بكثافة في المسيرات الحدودية. وأصيب 200 طفل في الإجمال، بالإضافة إلى 78 سيدة، إحداهن في حالة حرجة جداً جراء إصابتها بطلق ناري في الرأس شرق منطقة جحر الديك (وسط قطاع غزة الشرقي).
وبسبب الأعداد الكبيرة للضحايا، تم تشييع عدد منهم على الفور. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن هذا العدد الكبير من الضحايا سقط نتيجة الاضطرابات التي لم تشهد لها الحدود مثيلاً منذ بدء المظاهرات بذكرى «يوم الأرض» في 30 مارس (آذار) الماضي، متهماً حركة حماس بمحاولة استغلال المسيرات من أجل تنفيذ هجمات ضد قوات الجيش وتنفيذ عمليات خطف. وذكر أن الجيش قتل ثلاثة فلسطينيين حاولوا وضع عبوة ناسفة عند الحدود الشرقية لمدينة رفح، وأنه قصف بالدبابات والطائرات مواقع لـ«حماس»، رداً على تصعيد محاولات اجتياز الحدود من قبل المتظاهرين للإضرار بـ«البنية الأمنية» للاحتلال. وأشار إلى أن جندياً أُصيب بجروح طفيفة جراء إصابته بحجر في رأسه عند حدود شمال قطاع غزة.
وقصفت الطائرات الحربية أربعة مواقع تابعة لـ«كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في مدينة غزة وشمال القطاع، دون ورود أنباء عن وقوع إصابات، فيما هدد الجيش الإسرائيلي بقصف مواقع في عمق غزة رداً على محاولات اقتحام السياج.
ونجح عدد من الشبان خلال المسيرات في اجتياز الجدار الأمني وإشعال النيران في الأحراش الزراعية الإسرائيلية المحاذية للقطاع، فيما أطلق شبان طائرات ورقية حارقة تجاه مستوطنات غلاف غزة، ما أدى إلى اندلاع حرائق فيها تمكنت طواقم الإطفاء الإسرائيلية من السيطرة عليها.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إن الاحتلال تعمّد استهداف المتظاهرين بالرصاص الحي المتفجر، مشيرة إلى أنها استنفرت طواقمها من أجل تقديم العلاج للأعداد الكبيرة من الجرحى، ما دفعها إلى وضع خيام في ساحات المستشفيات لاستقبال الأعداد المهولة من المصابين.
وقالت سهير زقوت، الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن مستشفيات غزة على حافة الانهيار، مشيرة إلى أن مستشفى الشفاء وحده يتعامل مع أكثر 400 جريح وهذا لا يمكن أن يستمر.
وقالت منظمة العفو الدولية، من جهتها، إن سفك الدماء على الحدود بين غزة وإسرائيل هو «انتهاك مشين» لحقوق الإنسان، مضيفة في تغريدة لها عبر حسابها على «تويتر»: «نحن نشهد انتهاكاً مشيناً للقانون الدولي وحقوق الإنسان في غزة... يجب وقف ذلك فوراً».
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية اعتبار اليوم الثلاثاء يوم إضراب شامل في كافة الأراضي الفلسطينية، حداداً على أرواح ضحايا غزة، داعية إلى الاستمرار في الفعاليات للتأكيد على التمسك بحق اللاجئين، ورفض محاولات «تصفية القضية الفلسطينية».
وفي الضفة الغربية، أصيب العشرات من المواطنين، غالبيتهم جراء استنشاقهم الدخان، خلال مسيرات شهدتها محافظات عدة رفضاً لنقل السفارة الأميركية إلى القدس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».