«القوات» يتصدى لمحاولات دفعه باتجاه صفوف المعارضة

علاقته مع «الوطني الحر» في أسوأ أحوالها

احتفالات أنصار «القوات اللبنانية» بفوزهم في الانتخابات الأخيرة (موقع القوات)
احتفالات أنصار «القوات اللبنانية» بفوزهم في الانتخابات الأخيرة (موقع القوات)
TT

«القوات» يتصدى لمحاولات دفعه باتجاه صفوف المعارضة

احتفالات أنصار «القوات اللبنانية» بفوزهم في الانتخابات الأخيرة (موقع القوات)
احتفالات أنصار «القوات اللبنانية» بفوزهم في الانتخابات الأخيرة (موقع القوات)

لا يمنع استعداد مختلف القوى السياسية للجلسة النيابية المرتقبة مطلع الأسبوع المقبل لانتخاب رئيس جديد للبرلمان اللبناني، من تركيز اهتمامها في الوقت الضائع على الاستحقاق الذي سيلي والمتمثل بتسمية رئيس يكلف تشكيل الحكومة. وقد انطلقت النقاشات الحزبية الداخلية لحسم عدد الحقائب الوزارية التي سيطالب بها كل فريق وتحديد نوعيتها، وإن كانت هذه العملية تتم بالمرحلة الراهنة بكثير من التكتم، حرصاً من كل طرف على عدم إحراق أوراقه التي سيضعها على الطاولة مع انطلاق مشاورات التأليف.
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة تلميحات، إلى أن أكثر من طرف، وبخاصة «التيار الوطني الحر»، حول إمكانية ذهاب حزب «القوات اللبنانية» إلى صفوف المعارضة، وهو ما عبّر عنه بوضوح النائب المنتخب إيلي الفرزلي عضو تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، بقوله، إنه «إذا لم يتفق رئيس حزب القوات سمير جعجع مع الحريري في حال تكليفه بتشكيل الحكومة، فليسم غيره وليحضّر نفسه للمعارضة، لأن الديمقراطية البرلمانية تحتاج لمعارضة، فالمجلس هو أمّ المؤسسات ودوره تشريعي ورقابي وفي كل البلدان المؤسسات الرقابية تتبع المجلس النيابي وليس للحكومة كما في لبنان».
ولا يبدو حزب «القوات» مستعداً، على الإطلاق، للانضمام إلى المعارضة، خاصة بعدما ضاعف تقريبا عدد كتلته النيابية فباتت تضم 15 نائبا بعدما كانت تقتصر في برلمان 2008 على 8 نواب. وهو ما عبّر عنه رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور بوضوح، متحدثاً عن «شعور برغبة أكثر من طرف بألا يكون حزب (القوات) ممثلا في الحكومة المقبلة، باعتباره قوة إصلاحية تتمسك بالدستور والقوانين فيما الكثير من الفرقاء يفضلون تسيير الأمور على الطريقة اللبنانية في مجلس الوزراء»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «محاولات تحجيم (القوات) بدأت في مرحلة صياغة التحالفات الانتخابية بحيث كانت الضغوط تمارس للحد من عدد نوابنا سعيا لإحراجنا تمهيدا لإخراجنا، لكن الأمور انقلبت عليهم بعدما استحوذنا على كتلة نيابية من 15 نائبا وبتنا من الكتل الرئيسية في البرلمان الجديد التي لا يمكن القفز فوقها».
واعتبر جبور أنه «لا مصلحة لأحد في المرحلة الراهنة باستبعاد (القوات)، وبخاصة (العهد) الذي يرأسه العماد ميشال عون، باعتبارنا نشكل الحاضنة السياسية التي أوصلته إلى سدة الرئاسة والتي تحرص على إنجاح عهده»، وأضاف: «أما ملاحظاتنا سواء في مجلس الوزراء أو في أكثر من محطة، فتهدف أولا لخدمة العهد»، مشدداً على تمسك «القوات» بالانضمام إلى الحكومة الجديدة «على أن نعزز وضعيتنا الوزارية الحالية بهدف استكمال تنفيذ مشروعنا السياسي الذي يقوم بشكل أساسي على تحقيق مزيد من حضور الدولة، تثبيت سياسة النأي بالنفس ومواصلة مكافحة الفساد».
وكانت العلاقة بين «القوات» و«الوطني الحر» الذين وقّعا تفاهما سياسيا عُرف بتفاهم معراب في عام 2016 وشكّل مدخلا أساسيا لانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، تدهورت على خلفية تصويب وزراء «القوات» على أداء وزراء «الوطني الحر» وبخاصة وزير الطاقة، ووصلت إلى حد السجال السياسي عشية الانتخابات بعدما قرر الفريقان خوض المعركة على لوائح متواجهة في كل الدوائر. وكان رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل قد توجه إلى رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، عشية الانتخابات، بالقول: «يا سمير عليك أن توقف رمي رصاص الاغتيال السياسي علينا فهذا أيضا شكل من أشكال الجريمة». مما استدعى ردودا قواتية عنيفة. وتجدد السجال مؤخرا مع تصويب باسيل سهامه، في المهرجان الذي أقامه «التيار» نهاية الأسبوع احتفالاً بنتائج الانتخابات النيابية، في اتجاه جعجع مجددا، من دون أن يسميه، إذ قال: «إننا نشعر بالفرح لأن (خينا) كبر، ولكن عليه أن يعرف أن يعدّ النواب داخل الكتل، وأن يصرف النظر عن محاولة تحجيمنا. نحن انتصرنا لأننا حصدنا مرتين أكثر في عدد النواب، ومرتين أكثر في عدد الأصوات في كل لبنان». وأضاف: «نقول لمن لا يعرف عدد النواب والأصوات، كيف تريدنا أن نعطيك وزارة كوزارة الطاقة، يوجد فيها عدّ وحسابات، ولا تعرف حتى أن تعدّ أعداد النازحين السوريين؟».
وفيما وصف جبور العلاقة مع «الوطني الحر» وبالتحديد مع الوزير باسيل، بـ«المتردية جدا»، وبأنها لا يمكن أن تكون أسوأ مما هي عليه، أكد مصدر نيابي في التيار، أن باسيل لا يسعى لاستبعاد «القوات» عن الحكومة وأن هذا القرار تتخذه القيادة القواتية، مشددا في الوقت عينه على أن ذلك لا يعني الرضوخ لفكرة حصولهم على عدد من المقاعد الوزارية يساوي عدد المقاعد التي سيتولاها وزراء تكتل «لبنان القوي»، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «كيف تحصل كتلة نيابية من 15 نائبا على نفس الحصة الوزارية ككتلة تضم 29 نائبا!» وكان جعجع قد كشف مؤخرا أن تفاهم معراب نص على أن تتساوى حصة التيار والقوات في الحكومة طوال فترة العهد بغض النظر عن التمثيل النيابي، لافتا إلى وجود محاولة للالتفاف على الموضوع لتكبير حصة التيار عبر القول إن وزراء رئيس الجمهورية ليسوا ضمنها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».