شكل العراقيون مفاجأة سياسية بإيصال قائمتين مناهضتين للتركيبة السياسية الحالية لتتقدما الانتخابات التشريعية، حسبما أظهرت نتائج جزئية، بفارق كبير عن رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يحظى بدعم دولي كبير، ويحسب له «النصر» على المتطرفين.
وهذه النتائج الجزئية الرسمية التي ظهرت ليل الأحد /الاثنين، لا تشمل تصويت القوات الأمنية والمغتربين والنازحين، الذين يمكنهم تغيير المعطيات بعد فرز أصواتهم.
هاتان القائمتان؛ الأولى بقيادة الزعيم الديني مقتدى الصدر والحزب الشيوعي، والثانية التي تضم فصائل الحشد الشعبي المقرب من إيران، تبنّتا في الماضي خطاباً معادياً لواشنطن، رغم قتالهما إلى جانب القوات الأميركية ضد تنظيم داعش.
وتأتي تلك المفاجأة في وقت تصاعد فيه التوتر بين واشنطن وطهران، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني. وفي عام 2014، كانت الدولتان متفقتين ضمنياً على العبادي رئيساً للحكومة بعد إطاحة نوري المالكي، الذي يأمل بالعودة إلى السلطة.
وحل تحالف «سائرون» الذي يجمع الصدر والحزب الشيوعي على أساس مكافحة الفساد، في المرتبة الأولى في 6 محافظات من أصل 18، وثانياً في 4 أخرى إثر الانتخابات التي جرت السبت.
وأكدت المرشحة عن «سائرون» جبرة الطائي أن «انتصار (سائرون) ليس صدفة، بل جاء لرفض الفساد والفاسدين» من الطبقة السياسية التي لم تتغير منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
أما تحالف «الفتح» الذي يضم فصائل الحشد الشعبي التي لعبت دوراً حاسماً في دعم القوات الأمنية لدحر تنظيم داعش، فحل أولاً في 4 محافظات، وثانياً في 8 أخرى.
وحل العبادي، المدعوم من التحالف الدولي، خلف «الفتح» و«سائرون» في جميع المحافظات ما عدا نينوى، وكبرى مدنها الموصل التي أعلن العبادي «تحريرها» في يوليو (تموز) الماضي.
وفي وقت سابق، لفت كثير من المسؤولين السياسيين إلى أن العبادي سيحتل المرتبة الأولى بنحو 60 مقعداً في البرلمان.
ومع ذلك، يمكن لتلك الأرقام أن تتغير، إذ إن تعداد الأصوات لا يشمل أصوات نحو 700 ألف عنصر من القوات الأمنية العراقية، إضافة إلى أصوات نحو مليون مغترب عراقي.
وفي إطار نظام وضع لمنع الهيمنة المطلق لأي حزب على السلطة، يمكن للعبادي تشكيل ائتلاف حكومي يضمن له ولاية ثانية.
وخلال الحملة الانتخابية، لمح العبادي والصدر إلى إمكانية التحالف، في حين تلاشى أي اتفاق ممكن بين العبادي والعامري في أقل من 24 ساعة.
وبذلك، وجه الناخبون العراقيون صفعة قوية إلى الطبقة السياسية المهيمنة على السلطة منذ 15 عاماً، من خلال عزوف غير مسبوق عن المشاركة بالانتخابات التشريعية.
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 44.52 في المائة، وهي الأدنى منذ بدء الانتخابات متعددة الأحزاب في عام 2005.
من جهته، أكد المتحدث الإعلامي باسم مكتب زعيم ائتلاف دولة القانون، هشام الركابي اليوم (الاثنين)، أن الائتلاف قد تقدم بشكوى إلى المفوضية العليا للانتخابات بشأن النتائج، مبيناً أنها لم تكن وفق تصوراتهم.
وقال الركابي في تصريح صحافي له، إن «نتائج الانتخابات لم تكن وفق تصوراتنا، لأن شعبية دولة القانون وحضورها الجماهيري أكبر من هذا المستوى».
وأرجع ذلك إلى «حدوث خروق في العملية الانتخابية، وعمليات تهديد ووعيد للناخب العراقي، والضغط على خياراته. إضافة إلى العزوف عن الانتخابات في شرائح المجتمع العراقي»، على حد قوله. وأضاف: «قدمنا شكاوى إلى المفوضية العليا، وقمنا بإشعار الأمم المتحدة بالخروقات التي حصلت»، مشيراً إلى أن «ميثاق الشرف الذي وقعت عليه جميع القوى السياسية هناك من خرقه».
من جهته، اتهم رئيس كتلة التغيير البرلمانية النائب أمين بكر مفوضية الانتخابات بالتواطؤ مع الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان للتآمر على الشعب العراقي وسرقة أصوات الناخبين، مشيراً إلى أنه تم التلاعب بأجهزة العد والفرز وبالبرنامج الخاص بها، وقد بدأت تعطي نتائج مخزونة فيها بشكل مسبق خارج الواقع والحقيقة.
وقال بكر في بيان صحافي: «لدينا معلومات مؤكدة عن حادثة حصلت بأحد مراكز الاقتراع في السليمانية، حيث أظهر جهاز العد والفرز حصول الاتحاد الوطني الكردستاني في أحد الصناديق على 147 صوتاً، لكن وبالعد اليدوي وصل عدد أصوات المقترعين للاتحاد إلى 46 صوتاً فقط».
واتهم بكر المفوضية بأنها غضت البصر عن هذه الخروقات، ونوّه بأنها ما زالت تغض النظر عن خروقات أخرى، وتسعى لإعلان النتائج بشكل سريع من أجل إخفاء التحايل والتلاعب، حسب ما قال. وشدد على أن ما جرى سيؤثر في العملية السياسية ومصيرها بالمرحلة المقبلة، وينذر بصراعات لن تحمد عقباها إذا لم يتم إلغاء نتائج الانتخابات في الإقليم وإعادتها من جديد. وأشار قائلاً: «من غير المعقول أن يحصل حزب مرفوض مثل الديمقراطي الكردستاني على مراكز متقدمة في محافظة الموصل، مع أنه لا يملك وجوداً شعبياً فيها، كما أنه كان السبب في خلق الفوضى والصراعات بين المحافظة وإقليم كردستان».
وأكد بكر، أنهم يرفضون نتائج الانتخابات جملة وتفصيلاً.
وبعد يوم من إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد التي شابها كثير من الأحداث والغموض في عموم العراق، استجابت مفوضية الانتخابات للقوائم الانتخابية التي طالبت بالفرز اليدوي.
وأفاد مصدر في المفوضية العليا للانتخابات طلب عدم الكشف عن اسمه، بأن المفوضية قررت استخدام آلية العد والفرز اليدوي في عشرات المحطات الانتخابية بالعاصمة بغداد. وأضاف أن ذلك جاء بعد تقدم عدد من القوائم الانتخابية بشكوى للمفوضية من وجود حالات تزوير وعطل في أجهزة التصويت الإلكترونية أثناء عملية الانتخابات يوم الأحد.
النتائج الجزئية تشير لتقدم الصدر و«الحشد» على العبادي بالانتخابات العراقية
طعون واتهامات للمفوضية العليا للانتخابات
النتائج الجزئية تشير لتقدم الصدر و«الحشد» على العبادي بالانتخابات العراقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة