مصر تختتم أسبوعاً كرنفالياً إحياءً لتراثها الإنساني

40 فعالية تضمنت احتفالات فنية وعروضاً حية لأرباب الحرف اليدوية

جانب من معروضات مهرجان التراث المصري الثاني في متحف النسيج
جانب من معروضات مهرجان التراث المصري الثاني في متحف النسيج
TT

مصر تختتم أسبوعاً كرنفالياً إحياءً لتراثها الإنساني

جانب من معروضات مهرجان التراث المصري الثاني في متحف النسيج
جانب من معروضات مهرجان التراث المصري الثاني في متحف النسيج

بعد أنشطة حافلة قوامها الفن والتراث، اختتمت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارتي الثقافة والآثار، أسبوعاً ثقافياً تواكب مع يوم التراث العالمي، حيث احتُفي خلاله بما لدى مصر من آثار وموروثات ومتاحف، وتراث إنساني ذي خصوصية، وهو ما تُرجم في 40 فعالية متنوعة احتضنتها مختلف الأقاليم والمحافظات، بشعار «مُتّحدون مع التراث».
من أبرز مظاهر الأسبوع الثقافي ما شهده متحف «النسيج المصري» الذي نظم احتفالية كُبرى تحت عنوان «مهرجان التراث المصري الثاني»، وهو الحدث الثقافي الأبرز الذي تقيمه وزارة الآثار، بهدف الحفاظ على الحرف والفنون التراثية.
وقال الدكتور أشرف أبو اليزيد، مدير عام متحف النسيج لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الاحتفالية شارك بها أكثر من 50 عارضاً من أرباب الحرف التراثية؛ حيث مارسوا حرفهم وصناعة منتجاتهم أمام الجمهور، في عرض حي بشارع المُعز، بهدف تشجيع هذه الحرف على الاستمرار، وإلقاء الضوء عليها للاهتمام بها. وأشار إلى أنّه من بين هذه الحرف: الأرابيسك، وتكفيت النحاس، والزجاج المعشق، والمشكاوات، والرسم على البردي، والخيامية، والسيرما، والخزف، والفخار، والطرابيش، والسجاد اليدوي، والصدف، ومنتجات الخوص، وصناعة ورق البردي، وغيرها من الحرف.
وأوضح مدير المتحف أنّ المهرجان ضمّ عدداً من الفقرات الفنية التراثية، مثل عروض التنورة، والمزمار، والفن الشعبي، كما أقيمت على هامشه ندوة تثقيفية، توضح مدى إمكانية مساهمة الحرف التراثية في تنمية الاقتصاد الوطني، ومعرض لكتب الآثار.
من المظاهر الاحتفالية الأخرى، فتح أبواب جميع المتاحف الأثرية المفتوحة للزيارة مجاناً للمصريين والعرب، كما فتحت مختلف المواقع الأثرية المسجلة على قائمة التراث العالمي مجاناً للطلاب المصريين.
وتضم مصر 7 مواقع متنوعة مسجلة على قائمة التراث العالمي، وهي دير أبو مينا بالإسكندرية، والقاهرة التاريخية، وجبانة منف (من أبو رواش إلى دهشور)، وآثار النوبة (من فيلة إلى أبو سمبل)، وطيبة القديمة (الأقصر)، وسانت كاترين، بالإضافة إلى وادي الحيتان كموقع للتراث الطبيعي.
واستكمالاً للحملة التي أطلقتها الوزارة مع اليونيسكو في عام 2015، لنشر الوعي الأثري والثقافي بين أفراد المجتمع، نُظّمت برامج توعوية ترفيهية كثيرة، للتركيز على أهمية التراث الثقافي والحضاري المصري. وفي إطار ذلك، شهد شارع المعز أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، عدداً من ورش الرّسم والتصوير على مدار أسبوع.
وفي منطقة آثار الهرم، نُظّمت ورش للحكي، وورش حفائر لطلبة المدارس، ونُظّمت جولات إرشادية في المتحف المفتوح بمنطقة ميت رهينة، كما قدمت عروض السيرة الهلالية والتحطيب بمتحف الأبنودي بمحافظة قنا، بالإضافة إلى ورش فنية تراثية بمركز محمود سعيد، ومتاحف: أحمد شوقي، والفنون الجميلة بالإسكندرية، ومتحف الزعيم جمال عبد الناصر، وسلسلة متنوعة من الورش المرتبطة بالحرف التراثية المختلفة، بمتحف رشيد الوطني.
وتحت شعار «ع القهوة»، استضاف متحف «قصر الأمير محمد علي» احتفالية قُدمت فيها مجموعة من العروض والأنشطة المختلفة، للتعرف من خلالها على تراث القهوة العربية كقيمة تراثية عربية.
وقال الدكتور ولاء بدوي، مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الفعاليات تضمنت عرض قطعتين أثريتين من مقتنيات المتحف، وهما سلاح القهوة، والسبرتاية الخاصة بالأمير محمد علي توفيق، كما شملت الاحتفالية توزيع ساقٍ عربي وآخر تركي القهوة على الحضور، إلى جانب الحديث عن القهوة، وأنواعها، وتاريخها، وكيفية زراعتها، وارتباطها الوثيق بالتراث العربي، واعتبارها جزءاً من هويته، وتناول القصص والحواديت والأمثال الشعبية التي يحكيها التراث.
بدوره شارك صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة، في الاحتفال بيوم التراث العالمي بمعرض «أيادٍ مصرية»، بدار الأوبرا، الذي ضمّ منتجات تراثية لعدد من محافظات مصر، مثل الوادي الجديد، والفيوم، وجنوب سيناء، والعريش، وسوهاج، وأسوان، وحلايب وشلاتين، بالإضافة لمنتجات مركز الفسطاط للحرف التقليدية والمنتجات التراثية من قطاع الفنون التشكيلية. كما أقيم على هامش المعرض عدد من العروض الفنية الشعبية والاستعراضية.
وفي منطقة وسط القاهرة، نظم الجهاز القومي للتنسيق الحضاري عدة احتفالات، من ضمنها «كرنفال شارع الألفي للفنون التراثية»، الذي شمل عروضاً فنية للفرق التراثية، ومشاركة موسيقيين وتشكيليين، في الشارع الذي انتهت اللجنة من أعمال تطويره خلال الشهور الماضية.
أمّا في الأقصر (جنوب مصر)، فشملت فعاليات الأسبوع التراثي جولة في معبد الكرنك، وجولة في طريق الكباش، واحتفالية خاصة بمناسبة اكتمال ترميم تمثال الملك رمسيس الثاني في معبد الأقصر، وافتتاح عرض جديد لبعض قاعات متحف الأقصر، بعد نقل القطع الخاصة بالملك توت عنخ آمون للمتحف المصري الكبير.



من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)

تكبُر أحلام الشاب اللبناني المهندس هشام الحسامي يوماً بعد يوم، فلا يتعب من اللحاق بها واقتناص الفرص ليُحقّقها. منذ نحو العام، أطلق إنجازه الأول في عالم التكنولوجيا، فقدّم سيارة «ليرة» الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، لتكون المنتج النموذج لتأكيد قدرة اللبناني على الابتكار.

اليوم، يُطوّر قدراته مرّة أخرى، ويُقدّم أول تاكسي طائرة، «سكاي ليرة»، من صنع محلّي؛ تأتي ضمن سلسلة «ليرة» ومزوَّدة بـ8 محرّكات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أول طائرة من نوعها في العالم العربي مصنوعة محلّياً. فمعظم طائرات التاكسي في الإمارات العربية وغيرها، تُستَورد من الصين. رغبتُ من خلالها التأكيد على إبداعات اللبناني رغم الأزمات المتلاحقة، وآخرها الحرب».

يتمتّع هذا الابتكار بجميع شروط الأمان والسلامة العامة (هشام الحسامي)

أجرى الحسامي دراسات وبحوثاً ليطّلع بشكل وافٍ على كيفية ابتكار الطائرة التاكسي: «بحثتُ بدقّة وكوّنتُ فكرة كاملة عن هذا النوع من المركبات. خزّنتُ المعلومات لأطبّقها على ابتكاري المحلّي. واستطعتُ أن أقدّمها بأفضل جودة تُضاهي بمواصفاتها أي تاكسي طائرة في العالم».

صمّم ابتكاره ونفَّذه بمفرده: «موّلتها بنفسي، وهي تسير بسرعة 130 كيلومتراً في الساعة، كما تستطيع قَطْع مسافة 40 كيلومتراً من دون توقُّف».

يهدف ابتكاره إلى خلق مجال صناعي جديد في لبنان (هشام الحسامي)

لا يخاطر هشام الحسامي في إنجازه هذا، ويعدُّه آمناً مائة في المائة، مع مراعاته شروط السلامة العامة.

ويوضح: «حتى لو أُصيب أحد محرّكاتها بعطل طارئ، فإنها قادرة على إكمال طريقها مع المحرّكات الـ7 الأخرى. كما أنّ ميزتها تكمُن في قدرتها على الطيران بـ4 من هذه المحرّكات».

ولكن مَن هو المؤهَّل لقيادتها؟ يردّ: «قيادتها بسيطة وسهلة، ويستطيع أيٌّ كان القيام بهذه المَهمَّة. الأمر لا يقتصر على قبطان طائرة متخصّص، ويمكن لهذا الشخص أن يتعلّم كيفية قيادتها بدقائق».

يحاول هشام الحسامي اليوم تعزيز ابتكاره هذا بآخر يستطيع الطيران على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»: «سيكون أكثر تطوّراً من نوع (الأوتونومايس)، فيسهُل بذلك طيرانها نحو الموقع المرغوب في التوجُّه إليه مباشرة».

صورة لطائرة تاكسي أكثر تطوّراً ينوي تصميمها (هشام الحسامي)

صمّم المهندس اللبناني الطائرة التاكسي كي تتّسع لشخص واحد. ويوضح: «إنها نموذج أولي سيطرأ عليه التطوُّر لاحقاً. إمكاناتي المادية لم تسمح بالمزيد».

من المُنتَظر أن يعقد الحسامي اجتماعاً قريباً مع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، جورج بوشيكيان، للتشاور في إمكان الترويج لهذا الابتكار، وعمّا إذا كانت ثمة فرصة لتسييره ضمن ترتيبات معيّنة تُشرف عليها الدولة؛ علماً بأنّ الطائرة التاكسي ستُطلَق مع بداية عام 2025.

أطلق هشام الحسامي عليها تسمية «سكاي ليرة»، أسوةً بسيارة «ليرة»، وأرفقها بصورة العلم اللبناني للإشارة إلى منشئها الأصلي: «إنها صناعة لبنانية بامتياز، فكان من البديهي أن أرفقها بالعَلَم».

وهل يتوقّع إقبال اللبنانيين على استخدامها؟ يجيب: «الوضع استثنائي، ومشروعات من هذا النوع تتطلّب دراسات وتخصيصَ خطّ طيران لتُحلِّق من خلاله؛ وهو أمر يبدو تطبيقه صعباً حالياً في لبنان. نصبو إلى لفت النظر لصناعتها وبيعها لدول أخرى. بذلك نستطيع الاستثمار في المشروع، وبالتالي رَفْع مداخيلنا وأرباحنا بكوننا دولة لبنانية»، مؤكداً: «من خلال هذا الابتكار، يمكن للبنان أن ينافس نوعَها عينه الرائج في العالم. فكلفة صناعتها تتراوح بين 250 و300 ألف دولار عالمياً، أما في لبنان، وبسبب محلّية صناعتها وتجميع قطعها، فكلفتها أقل. نستطيع بيعها بأسعار لا تزيد على 150 ألف دولار».

المواد الأولية لصناعة «الطائرة التاكسي» مؤمَّنة في لبنان. وحدها القطع الإلكترونية اللازمة تُستَورد من الخارج: «بذلك يكون بمقدورنا تصدير التكنولوجيا الخاصة بنا».